عجائب و غرائب

ميشيل لوتيتو: الرجل الذي التهم طائرة بأكملها!!

إن الطعام هو واحد من أهم الأشياء التي يحتاجها الإنسان ليعيش. وهناك المئات، لا بل ألوف الأطعمة المختلفة والتي تظهر حسب الشعب وحسب مناخه ومصادره.

وبالطبع فإن الطعام يختلف على حسب الشخص وبيئته. فعلى سبيل المثال فإنه من النادر رؤية الصلصة الحارة على مائدة الأوروبيين، على العكس من ذلك فإنها أمر شائع بالهند فلا توجد طاولة طعام لا توضع فيها هذه الصلصة.

بالطبع يوجد استثناءات لبعض الأشخاص والذين طوروا عادات أكل غريبة. وأنا هنا لا أتحدث عن أصحاب المعدة الجبارة وعن أولئك الناس الذين يأكلون طعام يكفي لكتيبة من الجيش بوجبة واحدة دون أن يصابوا بشيء.

بل إني اتحدث عن أشخاص يأكلون أشياء غير قابلة للأكل. فمن منا لم يأكل شيئاً غربيا بحياته؟

منذ طفولتي وحتى هذه اللحظة فأنا لعشق طعم الحصى، كما وإني اعشق بذور الخوخ وطعمها اللوزي المر رغم معرفتي بخطورتها. كما وأعرف شخصاً يعشق أكل الحمص المطحون المتشحم العالق بإسفل مقلاة الفلافل.

وأنا متأكد أنك عزيزي القارئ تملك ذوقا غريباً بالطعام أو تعرف شخصاً بنفس الحالة. كما وأتوقع أنك تعرف ذاك الشخص بعائلتك والذي يملك جسدا غريباً ومعدة أغرب ويستطيع أكل كل شيء دون أن يصاب بعسر هضم أو سمنة.

حسناً إن مقالنا اليوم يتحدث عن ميشيل لوتيتو. رجل يملك معدة حديدة وشهية غير طبيعية للطعام. وحينما نقول غير طبيعية فأعني غير طبيعية بكل ما تحمله الكلمة من معنى.

إقرأ أيضا:بوب لازار : عالم عبقري أم محتال عبقري ؟

ميشيل لوتيتو أو مايكل لوتيتو هو رجل فرنسي ولد بشهر يونيو بالعام 1950 بمدينة غرونوبل بالجنوب الفرنسي. لم يكن ميشيل كأي طفل عادي حيث أنه مصاب بفرط الشهية. لقد كانت شهيته غير متوقفة بل ولعل الفرنسيين شبهوه بتارار الرجل الذي لا يشبع. لكن وعلى العكس من تارار فقد كان يستطيع أكل كل شيء….حرفياً كل شيء!

في عمر التاسعة كان ميشيل لوتيتو يشرب الماء من كأس زجاجي. ولأنه كان يشعر بالجوع كعادته عض الكوب وانكسر الزجاج، فما كان منه إلا أن أكل الزجاج! وبمجرد أن ابتلع أول قضمة من الزجاج فما كان منه إلا وإن استمر حتى انتهى وأكمل على بقية الكوب.

ميشيل لوتيتو يلتهم كوبا من الزجاج!
استمر ميشيل بأكل كوب الزجاج حتى أكمله!!

العجيب بالأمر أن الصبي لم يشعر بأي ألم! من المفترض أن معدته وأمعائه تتمزق نتيجة أكله للزجاج لكن وبكل بساطة لم يتأثر مما يعني أنه يملك قدرة خارقة.

حينما فحصه الأطباء اكتشفوا أن نظامه الهضمي غير طبيعي، حيث أن معدته أكبر من الحجم المعتاد كما أن جدرانها أثقل من باقي البشر. كما أن حمض الهيدروكلوريك الذي تنتجه أكثر حموضة مما يعني أنه أعلى تركيزاً من البشر العاديين كما أن أمعائه أقوى وأسمك بكثير من البشر العاديين.

يوما بعد يوم بدأت شهيته تزداد وتكبر معه لكن هذه الشهية لم تكن للطعام العادي بل للمعادن، البلاستيك والخشب والزجاج!

إن هذا العشق غريب للغاية، وحينما يلتقي العشق مع الاحترافية فستجد الشخص ذواقاً. البعض من الناس يعشقون الطعام ولديهم ذوق فيه لدرجة أنهم يذهبون لسوق الغنم ويختارون خروفاً ويقومون بذبحه وطبخه على حدا وأكله كاملاً خلال أسبوع أو اسبوعين.

وعلى نفس الحال فكان صديقنا ميشيل لوتيتو يذهب إلى سوق الدراجات الهوائية ويختار دراجة أعجبته ويذهب بها للمنزل ويفككها ويأكلها قطعة قطعة!

ميشيل لوتيتو يلتهم دراجة
كان ذواقا لدرجة أنه يلتهم الدراجات الهوائية!

أحياناً يحتاج إلى أسبوع لإنهاء الدراجة، وأحياناً يومين. وعلى حسب شهيته تقل وتزيد المدة.. ولكن وبالنسبة لحالته فإن شهيته تزداد يوما بعد يوم وهو لا يستطيع توفير المال لأجلها، فتخيل أن تشتري كل أسبوع دراجة هوائية جديدة لتشبع بها بطنك!

إقرأ أيضا: كايزر .. نجم الملاعب الذي لم يلعب مباراة ولم يسجل هدف واحد!

حينما وصل ميشيل لعمر السادسة عشر خطرت على بال ميشيل فكرة جهنمية تضمن له المال والطعام في آن واحد. فقد افتتح لنفسه عرضا مسرحيا ولقب نفسه ب “Monsieur Mangetout”. وهي كلمة تعني “السيد الذي يأكل كل شيء” وبدأ ببيع التذاكر له.

كان يحضر العرض الألوف من الناس يومياً وهم يرون الرجل ذو المعدة الحديدية يأكل اشياء من المستحيل على البشر العاديين أكلها. كما وانه أصبح حديث الصحافة والإعلام وأصبحت شركات التصوير واللنتاج تتسابق إلى عروضه لتصوريها وبيع حقوق نشرها.

خلال تلك العروض المثيرة أكل ميشيل الكثير من الأشياء، وإليك بعضا منها:

1- أكل 45 مفصل باب حديدي.

2- أكل 18 دراجة هوائية.

3- أكل 15 عربة تسوق بعضها كان عربات نقل ضخمة يستخدمها العمال.

4- أكل 7 تلفزيونات مع أسلاكها وإضافتها (من ضمنها الطاولات)

5- أكل 6 ثريات

6- قام بأكل سريرين بالحجم الزوجي.

7- قام بأكل زوج من الزلاجات الثلجية الخشبية.

8- قام بأكل كمبيوتر (مع الأخذ بالاعتبار أحجامها في ذلك الوقت)

9- قام بأكل سرير مائي زوجي بعد أن شرب المياه التي فيه (والتي تتراوح مابين 300-800 لتر)

10-قام بأكل تابوت من الحجم الكبير.

blank
يأكل كل شيء ولا يصاب بأذى!

ورغم أن كل هذه العروض المجنونة كانت تدر عليه المال إلا أنه لم ينس أن يتحف جمهوره. فلأن الفرنسيين يحبون المعكرونة والسباغيتي فقد قرر اتحافهم عن طريق أكل سلسلة حديدية طولها 500 متر خلال جلسة واحدة! لقد كان يمتصها كما يمتص السباغيتي!

إقرأ أيضا: سلسلة تشوهات خلقية غريبة (2) – على منصات السيرك

وخلال العام 1959-1997 أكل ميشيل تسعة أطنان من المعدن، بمعدل 650 غرام يومياً! وهذه الكمية من المعادن قاتلة بالنسبة لإنسان طبيعي، بل وحتى لو كان الشخص قوياً فإن هذه الكمية لا بد أن تتسبب بجروح قوية أو على الأقل عسر هضم إلا أن ميشيل لم يشعر بأي شيء إطلاقا!

طبعا هذه كمية المعدن التي يتناولها يومياً، هذا عدا الخشب، المطاط، البلاستيك، الزجاج والذي كان ضمن غذائه اليومي.

لكن الأمر لم يتوقف هنا، حيث أن ميشيل قد قرر تجربة طعم الطائرات! فقام بشراء طائرة Cessna 150 البالغ وزنها 447 كيلوغرام والتي يبدأ سعرها من 33 ألف دولار ويصل إلى 80 ألف، لكنه لم يركبها حيث أنه ذهب للمطار مع طبق الطعام وشوكته المفضلة وبدأ بأكلها!

blank
ذهب للمطار ومع عدته المفضلة وبدأ بأكل الطائرة التي اشتراها خصيصا لذلك!

لقد كانت هذه أغلى وجبة قام ميشيل توليتو بشرائها حتى هذه اللحظة. كما وأنه أحضر فريقاً مختصا من المهندسين لتفكيك الطائرة إلى قطع قابلة للأكل. واحتاج إلى سنتين لإنهاء هذه الوجبة الدسمة وقد أكل كل جزء منها بلا أي استثناء.

خلال كل وجباته كان يملك عدته الخاصة بالطعام، والتي على عكس باقي البشر كانت تتكون من مقص ومنشار ومطرقة لقطع وتكسير قطع الحديد والخشب الضخمة إلى قطع قابلة للأكل بالنسبة له.

مع العلم أنه لم يكن يَقطع المسامير الحديدة والفولاذية صغيرة الحجم بل كان يتناولها مباشرة بدون تقطيع. كما أن عدة الطبخ لا بد أن تحتوي زيتاً، فأي ذواق لا يملك زيتاً في عدته؟

حسناً أن الزيت الذي كان يضيفه لأجل إضفاء طعم للطعام لم يكن زيت الزيتون، أو زيت الذرة او زيت دوار الشمس. إنما زيوت المعادن الكيميائية المصنعة من النفط!

ورغم تحذير الأطباء له أن هذه الزيوت سامة، كما وأنها مسبب قوي للسرطان إلا أن صديقنا لم يأبه للتحذيرات المتكررة وكان يملك منها أنواعاً مختلفة حسب الوجبة التي يتناولها كما كان يخلطها مع الماء ومع شحوم السيارات!

blank
إقرأ أيضا: بلانش : المرأة التي روعت باريس

وبعد كل ما أكله قامت موسوعة غينيس بمنحه جائزة غينيس لأكله أكبر كمية من المواد الغير قابلة للأكل.

استلم ميشيل جائزته بكل فخر وسرور، ثم قام بأكلها كذلك. لم يسلم منه أي شيء بما في ذلك جائزته.

مع العلم أنه وبمجرد أن بدأ عرضه لم يكن ميشيل لوتيتو يأكل اي شيء عادي إلا نادراً، نادراً ما يأكل الخبز أو اللحم أو أي طعام يأكله البشر العاديون وفي الواقع لم يكن يحب الطعام العادي.

ولمدة 4 أعوام متواصلة لم يدخل أي شيء طبيعي إلى معدته، فقبل سنتين من بدئه بأكل طائرته الخاصة توقف عن أكل الطعام العادي. تلك الوليمة استمرت عامين مما جعله يعيش أربعة أعوام دون أكل الطعام العادي!

الغريب بالأمر أن ميشيل لم يسبق له أن غص بطعامه ولو لمرة واحدة. كما أن نظامه الإخراجي كان سليماً وقوياً لدرجة أنه كان يخرج بعض القطع بشكل كامل دون أن يحدث له نزيف بالشرج أو الأمعاء!

ميشيل لوتيتو في صورة لموسوعة غينيس
ميشيل لوتيتو في صورة استعراضية لموسوعة غينيس

وبعد سنين طويلة من أكله لأطنان من المعادن والخشب والزجاج والمطاط وشربه مئات اللترات من الزيوت النفطية الكيميائية توفي ميشيل بالعام 2007 بعمر 57 عام.

قبل وفاته قدرت بعض المصادر ثروته ما بين 1-5 مليون دولار أمريكي. كما أن وفاته كانت لأسباب طبيعية ولا تتعلق بنظامه الغذائي.

دفن ميشيل لوتيتو في مقبرة القديس روك الموجودة بمسقط رأسه ولا يزال حتى اليوم أسطورة في مدينته، الرجل الذي يأكل كل شيء وأي شيء ولا يشبع.

ملاحظة : جميع حقوق المقال محفوظة لموقع كابوس . لا يحق لأي شخص كان النقل الحرفي أو المرئي للمقال المنشور دون إذن مكتوب من إدارة الموقع . وتترتب المسائلة القانونية المنصوص عليها على كل مخالف للتنبيه المذكور .

المصدر
WikipediaSnopes.com

آريو

-كاتب من سوريا - الكاتب الأفضل في كابوس لشهر اغسطس 2022
guest
34 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى