تجارب ومواقف غريبة

نظرات مريبة

بقلم : عابـ الزمان ـر – الإمارات العربية والمتحدة
للتواصل : [email protected]

نظرات مريبة
  تحولت كلياً لحيوان ضخم اشعر

كانت زميلتي في غرفتها لا تستقبل المعزين تاركة هذا الدور على بناتها ، وبحكم اني زميلتها المقربة فقد دخلتُ عليها وجلستُ اسمع إليها .. مواسيه لجرحها الغير مندمل .. كانت تنظر للسماء تارة وتنظر للأرض تارة اخرى وهي تدعو باكيه وتقول : يالله صبرني . اطلتُ الجلوس معها واوضحتُ بأن الموت حق ، وأن كلنا سنسلك هذا الطريق وأن ابنتها الصغيرة عصفورة في الجنة – بإذن الله – .
نظرت إلي مطولاً وقالت وهي تحاول منع بكاءها : كلامك جميل ويبعث بالأمل وانا مؤمنة بأن ابنتي في خير مكان الآن ، ولكن ما يفجع قلبي هو ما سأحكيه لك، قالت لي :

كما تعلمين بأن أبنتي لا تتجاوز العاشرة من عمرها ، كانت جميلة جدًا كثيرة الحركة ومتفاعلة مع الجميع لا تخجل من الغرباء ، بحكم اقامتنا في قرية صغيرة منعزلة بين الأودية والجبال كان واجب الضيافة للمسافرين والغرباء شيئًا من عاداتنا وتقاليدنا نقوم به وبكل اعتزاز ، وحيث كانت ابنتي لها دور في هذا كانت تستقبل الضيوف الذين يزورننا وتستلطفهم وتقوم بسألهم عن أحوالهم وتقديم الضايفة لهم بشكل لائق ، وكنتُ دائمًا اسمع منهم بأن هذه البنت لها شأن في المستقبل ، كنتُ فخورةً بها وبما تفعل ، إلى أن جاء ذلك اليوم المشئوم..
جاءت زائرة كانت عجوزةٌ كبيرةٌ في السن تجاوزت الخمسين من العمر جلستُ معها وكانت ابنتي تتردد عليها وتقوم على حاجتها ، فكانت تطيل النظر إليها وهي تبتسم ، ولا تنفك ان تقول كلما قدمت ابنتي شيىءٌ من الضيافة لها : ما اجملكِ والطفكِ .. ما رأيكِ أن تأتي معي؟. كنتُ ارى سؤالها بهذه الطريقة المكررة هو من باب الإستلطاف والمداعبة ، إلا أني لم أعلم أن ما يجري وراء تلك الإبتسامه وتلك النظرات من خبث ورعب.

دام على زيارة تلك العجوز فترة وتبينتُ بأنها كانت تسكن الجبل مع ابنها حيث كان ابنها يعمل في سلك التدريس خارج القرية كانت تقضي معظم الوقت في القرية تزور القاطنين فيها ، وكانت تزداد غرابة شيئًا فشيئا كل يوم.

وحدث مرة اني تركتُ العجوزة مع ابنتي لأتفقد أمرًا في المطبخ ، وعند عودتي دهشتُ بطريقة تصرف تلك المرأة العجوز حيث كانت تتحسس مواضع جسد ابنتي بشكل مقزز ، صرختُ في ابنتي الصغير طالبة منها الذهاب إلى غرفتها للعب ، تضايقت السيدة العجوز مما قمت به ولا اخفيكم بأضطربها المريب وخوفها الشديد حين شاهدتها تقوم بفعلتها المشينة ، فكل ما دار في عقلي هو انها متحرشه شاذه بالاطفال.

مع هذا الوضع إلا أنها لا تنفك أن تزوني ، وكانت تلك الزيارات تكثر في الاونه الاخيره ، كانت تبقى واقفة خارج المنزل تنتظر خروج ابنتي للعب ، وكانت لا تفعل شيئا سوى انها تقف بعيدًا تنظر إليها وبتلك النظرات الخبيثة ، حتى قمنا أنا وزوجي بطردها وتهديدها وأن تبتعد عن منزلنا .

بعد يومين أصيبت ابنتي بالحمى ، فكانت طريحة الفراش لا تتحرك تتأوه تارة وتبكي تارة اخرى ، اخذنها لعدة مستشفيات قريبة من القرية ، فكانت نتيجة الفحص واحدة لا إختلاف فيه .. ليست مريضة .. نعم اجتمع كل الاطبة على انها في صحة جيدة وأنها تتمارض ، والغريب في الأمر حيث ما أن نغادر المنزل تتغير صحتها من مريضةٍ تكاد تتحرك أو تتكلم إلى فتاة حيوية نشيطة ، فقررنا التالي بأنها مصابة بعين حاسدة (سهم شيطان) وتحتاج إلى شيخ يقرأ عليها – رقية شرعية – 
وفي اليوم التالي دخلتُ أجهز ابنتي لمقابلة الشيخ فكانت هامدة باردة لا تتحرك حاولت ايقاظها ولكن دون جدوى لقد فارقت الحياة ، وتم دفن صغيرتي في مقبرة القرية بنفس اليوم .

بعد أول يوم لفقد ابنتي الصغيرة ، رأيت في المنام كأني اشاهد مقبرة القرية من مكان مرتفع ورأيت في ذلك الظلام الحالك شخص يتحرك من بين مشاهد المقابر ويتجه إلى احداها ، كانت تلك المرأة العجوز حيث كأنت تحفر القبر بيدها العاريتان وتصدر أصوات غريبة من فمها وكأنها تلهث وتزمجر. وانا اشاهد لاحظت ان وجهها كوجه كلب وأدركت بأنها تحفر قبر ابنتي ، وددتُ ان اصرخ بها وازجرها إلى اني كنت اشاهدها وهي تحفر بسرعة وكانت قد تحولت كلياً لحيوان ضخم اشعر شبيه بالكلب..
استيقظت مفزوعة وايقظت زوجي وحدثته بالخبر وقال بأنه مجرد حلم وأنه في الغد سيسأل إمام المسجد بتفسير الحُلم.

بعد صلاة الفجر عاد زوجي إلى البيت متأخرًا ليس كعادته فقد كنتُ انتظره وأنا اعد له قهوته كالعادة ، دخل متجهمًا يعلو وجهه الغضب والحيرة وهو يجلس بجواري ويقول لي بصوته الحزين بأن ابنتنا اختفت من المقبرة .

استغربت الخبر الذي سمعته من زوجي ، قال بأنه اتجه بعد الصلاة الفجر إلى الامام وسأله تأويل الحلم الذي رأيته فكان إلا من الامام انه اخذني مسرعًا إلى مقبرة القرية وهو يقول : بأن التفسير الوحيد هو انه قد تم نبش وحفر القبر ، فأسرعنا واستأذنا حارس المقبرة والذي بدوره قادنا إلى القبر فكانت الفاجعة، حيث أن القبر قد تم العبث به وتبين ايضًا وجود دماء متناثرة حول المكان وقام زوجي بأبلاغ رجال الامن بذلك وطلب فتح القبر.

كان خبر القبر بأنه فارغ مصيبة عظيمة على قلبي نعم فقد تم نشل وسرقة جثمان ابنتي والغريب في الأمر هو ما قالوه في قسم تحليل الأدلة بخصوص حفر القبر والدماء المتناثره إلا انهم ينفون ذلك الاحتمال وهو مستبعد ، حيث تبين بأن القبر قد تم نبشه من حيوان ضخم وذلك من اثار مخالبه وطريقة حفره.

تاريخ النشر : 2018-10-03

guest
47 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى