غرائب العشق والغرام

نيكروفيليا (4) .. نساء تعشق الجثث !!‏

بقلم : اياد العطار
[email protected]

الرجال مهووسون بالطعام والجنس، يؤمن البعض – خصوصا النساء – بأن هذه حقيقة لا مراء فيها، فعند كل حدث مرتبط بهذين المجالين تجد معاشر الرجال دوما في الطليعة! .. لكن هذه ليست الحقيقة كاملة، على الأقل فيما يتعلق بالجنس. فبالتأكيد هناك اختلاف جذري بين الرجال والنساء من ناحية التكوين والمشاعر والأحاسيس، لكن هناك أيضا من يجادل في أن القيود التي يفرضها المجتمع على المرأة هي التي تلعب دورا كبيرا ومهما في تقييد حريتها الجنسية، ولولا هذه القيود، أي لو أتيح للمرأة نفس القدر من الحرية المتاحة للرجل لما ترددت هي الأخرى في الانغماس حد الثمالة في عالم الملذات الحسية .. وطبقا لهذا الرأي، فأن حقيقة أن معظم ممارسي النيكروفيليا هم من الرجال تعود بصورة أساسية إلى أنهم يشكلون الغالبية العظمى من العاملين في المجالات الجنائزية، وان ندرة عمل المرأة في هذا المجال هو الذي جعل الممارسة تكاد تقتصر على الرجال.

أما البحوث الأكاديمية التي خاضت في النيكروفيليا فهي تنظر إليها على أنها مرض واضطراب نفسي لا علاقة له من قريب أو بعيد بالهوس الجنسي. هذه البحوث خلصت إلى أن تسعين في المائة من الممارسين هم من الرجال، فيما ينحصر انجذاب النساء للجثث في نطاق ضيق جدا، وان هذا الانجذاب غالبا ما يكون من النوع الخيالي أو الفانتازي، أي تخيل الممارسة من دون الإقدام عليها. لهذا السبب فأن معظم الحوادث التي يمكن أن تصنف ضمن نطاق النيكروفيليا والتي نقرأ عنها من حين لأخر في وسائل الإعلام تكاد تكون مقصورة على الرجال، لكن هذا لا يعني طبعا عدم وجود حالات موثقة لنساء أقدمن على الممارسة، وقد تكون أشهرهن وأبعدهن صيتا في هذا المجال هي الأمريكية كارين غرينلي (Karen Greenlee ).

قصة كارين غاية في الغرابة، ففي احد أيام عام 1979 كانت الفتاة الشابة التي تعمل بدار جنائز في كاليفورنيا تقود عربة الموتى باتجاه المقبرة من اجل تسليم جثمان رجل ثلاثيني مات حديثا، كانت والدة الميت الثكلى وأفراد عائلته ينتظرون بعيون دامعة بجوار القبر المعد للدفن ليواروا فقيدهم الثرى .. انتظروا طويلا .. لكن لا اثر لعربة الموتى .. اتصلوا بدار الجنائز الذي قامت بتهيئة الجثة للدفن متسائلين عن سبب عدم وصول التابوت، لكن العاملين هناك اخبروهم بأن سيارة نقل الموتى غادرت مع التابوت منذ عدة ساعات وكان من المفروض أن تصل إلى المقبرة منذ زمن بعيد.

ماذا جرى لعربة الموتى ؟ تسأل الجميع بحيرة .. حل المساء ولم يظهر لها أي اثر، فاضطر الجميع لمغادرة المقبرة لأنهم يأسوا تماما من وصول تابوت الرجل الذي اجتمعوا لدفنه.

عائلة الميت تقدمت بشكوى إلى الشرطة تطالب فيها باستعادة جثة فقيدهم، لذلك توجه المحققون إلى دار الجنائز لمعرفة ملابسات الحادث، وقد اخبرهم العاملون هناك بأن إحدى العاملات في الدار وتدعى كارين غرينلي غادرت صباحا وهي تقود سيارة نقل الموتى بمفردها متوجهة صوب مقبرة المدينة لتسليم التابوت وقد كان من المفروض أن تصل إلى هناك خلال اقل من نصف ساعة، لكن كارين والسيارة اختفيا تماما ولا احد يعلم مصيرهما.

بعد يومين على اختفاء الجثة عثرت الشرطة على عربة الموتى متوقفة عند مدخل احد المنازل التي لا تبعد عن دار الجنائز سوى بضعة شوارع .. طرقوا الباب طويلا من دون أن يجيبهم احد، وفي النهاية قاموا باقتحام المنزل ليعثروا في احد غرفه على ما لا يخطر على بال أو خيال .. كانت كارين غرينلي تستلقي عارية تماما داخل التابوت المفقود إلى جوار جثة الرجل الميت والتي كانت عارية تماما هي الأخرى!. كانت كارين فاقدة للوعي تقريبا أثر تناولها لجرعة زائدة من الكودين (Codeine ) – مسكن للألم ودواء للسعال ومضاد للإسهال – والى جوارها داخل التابوت عثرت الشرطة على رسالة طويلة كتبتها كارين على أربعة صفحات اعترفت خلالها بممارستها للجنس مع جثث أكثر من عشرين رجلا خلال عملها في دار الجنائز، كما أبدت ندمها على نزواتها الجنسية الشاذة تلك وكتبت تقول : “لماذا أفعل هذا ؟ لماذا ؟ لماذا ؟ خوفا من الحب، من الدخول في علاقة؟. لا يوجد عشق مؤلم كهذا .. أنا فأر مشرحة. هذا هو جحري، وربما يكون قبري”.

ألقت الشرطة القبض على كارين، ولأن قوانين ولاية كاليفورنيا خالية تماما من عقوبة خاصة بجرم النيكروفيليا، لذلك اقتصرت تهمة كارين على سرقة عربة الموتى والجثة التي كانت بداخلها، وتم الحكم عليها بالسجن لمدة 11 يوما فقط مع دفع غرامة قدرها 255 دولار، وكذلك أوصى القاضي بإخضاعها للمعاينة الطبية لمتابعة حالتها النفسية لمدة عامين. كما تم طردها من العمل في دار الجنائز.

في السنوات التالية للحادثة تأقلمت كارين مع ميولها الجنسية ولم تعد نادمة على ما اقترفته ولا خجلة من التحدث علنا عن انجذابها نحو الجثث، لقد أخبرت الجميع بأن ندمها حول ميولها الجنسية كان سببه ضغط المجتمع وليس وليد مشاعرها وأفكارها الحقيقية، وبهذا الصدد صرحت لإحدى الصحف قائلة : “عندما كتبت تلك الرسالة كنت لا أزال أنصت إلى ما يقوله المجتمع. الجميع قالوا بان النيكروفيليا خطأ، لذا اعتقدت بأن ما أقوم به خاطئ. لكن كلما حاول الناس إقناعي بأني كنت مجنونة كلما أصبحت أكثر اقتناعا برغباتي وميولي”.

في ثمانينات القرن المنصرم أجرى الصحفي جيم مورتن مقابلة طويلة مع كارين غرينلي، ولطرافتها وغرابتها ارتأينا عزيزي القاري أن نترجم لك مقتطفات قصيرة منها :

– الجميع هاجموني، الصحافة كانت الأسوأ، حتى اليوم أنا امقت الصحفيين .. لقد قارنوني بمصاصي الدماء!.

– أحد إخوتي قاطعني تماما ورفض التكلم معي لفترة طويلة، وحتى حين تصالحنا لاحقا كان يشعر بعدم الراحة عند تواجدي معه في نفس المكان.

– أخي الأخر كان داعما ووقف إلى جانبي، لكن حتى هذا سألني باستغراب “كيف فعلت ذلك؟”.

– قبل محاكمتي كان لدي حبيب وقد علم بما فعلت، لقد جن جنونه .. صفعني وقال لي بأني لست امرأة وطردني طالبا مني الذهاب لمجامعة جثث الموتى! لقد تعجبت كيف عرف بالأمر، الظاهر إن العديد من الناس كانوا يعرفون وأنا لا ادري.

– بالنسبة للرجال، كانوا دائما يعتقدون بأني انجذب للجثث لأني امرأة صعبة المراس، واني إذا ذهبت معهم إلى الفراش فأنهم سيجعلونني أغير رأيي. لقد صادفت الكثير من هؤلاء، بعضهم كان يأتي إلي لهذا السبب فقط.

– أنا لا أمانع من إخبار الناس كيف أقوم بذلك، لكن أي شخص خبير بالجنس لن يطرح سؤالا كهذا. فلدى الناس اعتقاد خاطئ بأن الوصول إلى الإشباع يتطلب اتصالا جنسيا كاملا. وهذا هراء!. اشد أجزاء جسد المرأة حساسية تقع في المقدمة وللوصول  إلى الإشباع يجب لهذه الأجزاء أن تستثار فقط.

– بالتأكيد، أجد رائحة الموت مثيرة جنسيا بشكل لا يقاوم، يمكن أن تحصل على أجساد كانت طافية في الخليج لأسبوعين، أو لضحايا الحرائق، وهذا النوع لا يثيرني كثيرا، لكن الجثة الحديثة المعطرة والمغسولة شيء أخر.

– هناك أيضا انجذاب نحو الدم، حين تكون جالسا أعلى الجثة يحدث أحيانا أن يخرج الدم من فم الميت بينما تمارس الحب معه .. اعتقد بأنك يجب أن تمارسه لتعرف كم هو ممتع!.

– افتقد العمل في مجال الجنائز بشدة، أجد متعة كبيرة في تغسيل وتحنيط جثث الموتى، طبعا باستثناء البدناء، الأجساد التي اكره التعامل معها بشدة هي للأشخاص البدينين، خصوصا إذا كان يجب تشريحهم، لأن أحشائهم وأمعائهم ستنزلق وتتناثر على الأرضية وتبا … كل ذلك الشحم المائع. ييييييييع!.

– في إحدى المرات كنت مع جثة فوق الطاولة استذكر الأوقات الخوالي! فجأة أحسست بأن هناك شخصا ما بقربي، ثم سمعت وقع أقدام أشخاص يتقدمون عبر الممر، قفزت بهدوء من فوق الطاولة واعدت الغطاء فوق الجثة بسرعة. كانت ملابسي غير مرتبة، وهناك دماء على جسدي .. كانت جثة جرى تشريحها حديثا!، كان هناك تابوت اختبأت خلفه، لكن كان لازال بإمكانهم رؤية أقدامي، كانا رجلا وامرأة، وقفوا هناك يصرخون : “من أنت ؟ وماذا تفعلين هنا ؟”. قال الرجل للمرأة “اذهبي واجلبي السلاح واتصلي بالشرطة وأنا سأنتظر هنا”. لقد علمت حينها بأن لدي فرصة واحدة فقط للفرار، لذلك اندفعت من خلالهم كالبرق وهربت.

– النيكروفيليا منتشرة أكثر مما يتخيله الناس، لكن دور الجنائز تتكتم على الأمر ولا تتحدث عنه.

نيكروفيليا (4) .. نساء تعشق الجثث !!‏
ليلاه ويندل .. عاشقة جثث حقيقية

كارين غرينلي لم تكن الوحيدة التي اشتهرت بحبها للجثث من بين النساء، فهناك امرأة أخرى شاركتها نفس العشق والغرام لأجساد الموتى المتعفنة! .. إنها ليلا ويندل (Leilah Wendell ) القائمة على “بيت الموتى” في نيو اورليانز .. وعلى العكس من كارين، فأن ليلا لم تخجل من ميولها ومشاعرها، لكنها كانت تفضل إطلاق تسمية “نيكرومانتك” بدلا من نيكروفيليا على علاقتها مع الجثث، أي أنها علاقة رومانسية أكثر مما هي جنسية!.

طبقا لليلا، فأن الهدف من النيكرومانتك هو التواصل مع طاقة معينة هي طاقة الموت أو طاقة التحول – من الشكل المادي إلى الشكل الروحي – ، ولتحقيق الارتباط فأن الإنسان بحاجة إلى أداء طقوس معينة لو أحسن تطبيقها بحذافيرها فأنه قد يمتلك القدرة على التواصل عبر الوعي والإدراك مع ملك الموت –عزرائيل – ، ولكي يحدث هذا بصورة صحيحة فعلى الإنسان أن يعثر على ضريح أو مدفن، وان يحضر معه بعض الأشياء الضرورية لأحياء الطقوس، مثل بعض الشموع وكمية من الحليب مع سكين حادة. 

ليلا تؤمن بأن الناس لديهم فكرة خاطئة ونظرة مشوهة نحو النيكروفيليا، لذلك هي تريدهم أن يدركوا بأن الانجذاب نحو الجثث معناه حب الموت بحد ذاته، ولا يوجد شيء خاطئ في هذا ! فالناس الذين يعشقون الموتى لم يجبرهم احد على ذلك وإنما هم من اختاروا هذا الارتباط والحب وفضلوه على مشاركة المشاعر مع الإحياء. فالنكيروفيليا هي السبيل والطريق التي يمكن للشخص أن يسلكها لتحقيق ارتباط وصداقة وثيقة مع الموت.

هواية ليلا الحقيقية هي نبش الجثث من اجل إعادة دفنها مرة أخرى، ويشاركها هذا الهوى زميل لها يدعى جون، لقد كونا معا فريقا أطلقا عليه اسم “الباعثون”.

في إحدى الليالي حضر جون إلى منزلها حاملا معه كيسا كبيرا مربوط بعناية بواسطة شريط احمر اللون .. جون وضع الكيس – الذي بدا أشبه بعلب الهدايا – فوق سجادتها وطلب منها بحزم أن لا تفتحه، لكن جون على ما يبدو فاته بأن إخبار أي امرأة بعدم الاقتراب من شيء ما، إنما هو بمثابة دعوة ملحة ولا تقاوم لفتحه ومعرفة ما يحتويه، وهو بالضبط ما فعلته ليلا ما أن دخل جون إلى الحمام لبرهة، لقد أحست بأن الكيس يحتوي شيئا استثنائيا .. وقد صدق حدسها، فما أن فتحت الرباط الأحمر حتى هوت بين قدميها جثة متيبسة يبدو أن جون كان قد نبشها تلك الليلة من المقبرة. ولأن نبش القبور غير قانوني ويعاقب عليه القانون فأن ممارسي النيكروفيليا يتكتمون كليا على نشاطاتهم الليلية في المقابر، لكن هذه المرة اسقط بيد جون، ولم يكن هناك خيار أمامه إلا تقاسم غنيمته “الثمينة” مع ليلا، فعرض عليها الاحتفاظ بالجثة لنفسها لأربعة أيام مقابل سكوتها .. ليلا وافقت على العرض فورا فسحبت الجثة إلى غرفتها وصنعت لها قناع الموت ثم أخذتها إلى أحضانها وتقاسمت معها السرير لعدة ليال !!.

تابع السلسة :

guest
106 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى