أدب الرعب والعام

هبة

بقلم : سامي عمر النجار – الأردن
للتواصل : [email protected]

كانت طفلة ضائعة تائهة بينها وبين الموت ساعات

 

جمع بيننا قبر زوجتي ، كانت في حالة مزرية للغاية ، ملطخة بالدماء والطين ، كانت طفلة ضائعة تائهة بينها وبين الموت ساعات ، لم تكن تريد إلا أن تُعاد طفولتها.

1

بتول ، لماذا تبكين ؟

بتول ، أجيبيني ! بتول، أرجوك توقفي عن البكاء، ستحطمين قلبي هكذا ، توقفي أرجوك بتوووول.

استيقظتُ من نومي وأنا أصرخ باسمها ، أضأت النور ونظرت إلى سريري ، لم تكن بجانبي ، بكيت من أعماق قلبي ، بكيت كثيراً ككل ليلة ، ما زلت لا أصدق أنها ماتت، لا أتخيل أن الموت سلبها مني ، لماذا ماتت ؟ لماذا هي ؟ لو أنها تعود ، أريد عناقها ، أريد ضمها واستنشاق رائحتها ، لو أنها تعود ليوم واحد فقط ، يوم واحد !.

ماتت زوجتي منذ خمسة أعوام ، و في كل ليلة يهاجمني الحنين إليها ، في كل ليلة تمزقني الذكريات و تحطمني ، ربما تنام عيناي ولكن روحي تبقى مشتعلة متلهفة  للقائها ، موتها المفاجئ كان صدمة لي ، كانت في أحضاني تئن و تبكي من وجعها والآن..

الآن أصبحت رجلاً وحيداً ، رجل ينهشه الماضي ، يتغلغل إلى روحه ويسحقها.

كانت زوجتي بتول الروح التي تحييني ولكن بعد أن هزمها السرطان اللعين و خطفها الموت أصبحت جثة بلا روح ، جثة تمشي بلا هدف تنتظر موتها كل لحظة، هكذا كانت حياتي بعد وفاتها.

2

من عاداتي البائسة بعد وفاة بتول أنني كل شهر أختار يوماً بشكل عشوائي وأقضي ليلة كاملة عند قبر زوجتي ، أحدثها عن كل شيء ، عن عملي و أصدقائي ، عن العجوز حارس المقبرة  الذي كلما رأني أخذ يحدثني عن عقوق أولاده ، أحدثها أيضاً عن حبي لها ولهفتي للحاق بها ، و في بعض الأحيان أجلب كتاباً من كتبها وأظل أقرأ لها حتى الصباح.

خرجت من بيتي الساعة التاسعة مساء وتوجهت إلى مقبرة المدينة ، كانت السماء تمطر بشدة  لذلك كنت أريد الذهاب لأقول لها أحبك ، فقط كنت أريد أن أقول لها أنني ما زلت أُحبها.

وصلت المقبرة الساعة العاشرة والربع ، كان الحارس ينظر لي وهو يبتسم ، أخرج رأسه من النافذة الصغيرة و قال :

أستاذ إحسان ، تعال لتحتمي من المطر .

خرجت من السيارة و ركضتُ باتجاه غرفة الحارس الصغيرة.

-أستاذ إحسان ، اشتقت لك ، كيف حالك ؟

تمام ، ما زلت حي أرزق ، لم أمت بعد.

– ربنا يرحمها ، يا أستاذ إحسان كل من عليها فان ، وَكِلْ أمرك لله.

– والنعم بالله ، كيف حالك أنت؟

-الحمد لله ، نعمة وفضل ، ما رأيك ببعض الشاي؟

شكراً يا حج محمود ، حَضِّر أنت الشاي وسأراها بسرعة وأعود.

تركت الحارس ليحضر الشاي ودخلت المقبرة، وحينما اقتربت من قبر بتول ، كانت تلك الفتاة ممدة على قبرها.

لأول وهلة ظننتها خيالاً ، ولكني حينما اقتربت منها تأكدت من أنها فتاة ، كانت ملطخة بالدماء والطين.

حملتها و أنا أسمع أنينها ، خرجت مُسرعاً وأنا أُنادي على الحارس ، و حينما رآني أخذ يبسمل و يحوقل  ثم قال :

-كيف دخلت إلى هنا ؟

سأخذها للمشفى يا عم محمود.

– هناك عيادة قريبة من هنا ، خذها للعيادة فهي أقرب من المشفى.

وضعت الفتاة في سيارتي وانطلقت مسرعاً نحو العيادة الطبية.

بعدما عاينها الطبيب خرج وقال لي :

اطمئن ، حالتها الآن مستقرة ، جرح بسيط في الجبين وقد قمت بخياطته ، كل ما تحتاجه الآن الأكل و الراحة.

ثم اتبع كلامه وهو ينظر لي وكأنه يعاتبني :

الفتاة ما زالت صغيرة ، تحتاج إلى الاهتمام والغذاء والراحة ، الراحة التامة يا سيد.

أخرجت المال وقدمته للطبيب.

خرجت الفتاة من الغرفة برفقة الممرضة التي كانت تنظر لي وكأنها تنظر إلى وحش مفترس ، اقتربت الفتاة مني وأمسكت بيدي.

ابتسم الطبيب وقال :

يمكنك أخذ زوجتك والذهاب ، و لكن لا تنسى أن تحضرها لي بعد أسبوعين حتى نطمئن على جرح جبينها.

– عفواً ، ولكن هذه الفت…

شدتني الفتاة للخارج وهي تقول لي : هيا يا زوجي.

3

– لماذا قلتِ للطبيب أنك زوجتي؟

سأقول لك فيما بعد.

– ما أسمكِ يا فتاة ؟

– أسمي هبة.

– حسناً يا هبة ، هيا أركبي السيارة سأوصلك إلى منزلك.

اممم ، لا أملك منزلاً ، أرجو منك أن تستضيفني في منزلك وسأُعطيك ما تريد، أرجوك..

كنت مذهولاً من هذه الفتاة ، كنت أشعر بالشفقة نحوها ولكني شعرت بالخطر أيضاً ، انتابني شعور بأن نهايتي ستكون على يد هذه الفتاة.

ركبنا السيارة وانطلقنا نحو منزلي ، كنت أنظر لها كل حين، ملابسها المملوءة بالطين والدماء، رائحتها الغريبة ، كل شيء في هذه الفتاة يثير الشفقة ولكنه بذات الوقت يثير الريبة.

– كم عمرك يا هبة ؟

– الشهر القادم سأكون في الثامنة عشرة.

أوقفت السيارة فجأة ، قلت لها بغضب :

– أيتها الحمقاء، ماذا لو أوقفتنا الشرطة في الطريق ؟.

لا تخف، أنا محظوظة جداً ، لن يوقفنا أحد ، ثم قهقهت ضاحكة.

استفزتني ضحكتها و برودها ، قلت لها :

لن أتحرك من مكاني إلا إذا قلت لي ، طفلة مثلك ماذا تفعل في المقبرة ؟ أين أهلك ؟ هل أنت هاربة؟

ابتسمت وقالت لي :

أرجوك، أشعر بالبرد والجوع والتعب ، أعدك أنني سأقول لك كل شيء حينما نصل إلى بيتك ، أنا الآن متعبة ، أرجوك ساعدني يا ..، بالمناسبة ما اسمك ؟

تنهدت بغضب وقلت لها :

حسناً ، حينما نصل ستقولين لي كل شيء.

ضحكت بعفوية وقالت : شكراً لك.

– بالمناسبة أسمي إحسان.

تعمدت سلوك طرق ملتوية مبتعداً عن أي كمين للشرطة ، وصلت المنزل الساعة الواحدة بعد منتصف الليل ، كانت هبة تغط في نوم عميق ، أيقظتها وقلت لها :

وصلنا ، هيا بنا.

حينما دخلنا الشقة قلت لها :

– هناك الحمام، يمكنك الاستحمام، سأحضر العشاء ، انتبهي لجرح جبينك، لا يجب أن يمسه الماء.

فعلا أنا بحاجة لحمام ساخن.

توجهت هبة إلى الحمام بينما دخلت غرفة نومي وبدلت ملابسي ثم توجهت إلى المطبخ لتحضير بعض الطعام.

4

جلست في الصالة انتظر خروجها وقد حضرت بعض الطعام ، خرجت هبة من الحمام وحينما رأيتها أخذتني الدهشة ، كان جسدها مغطى بالكدمات.

– أسفة ، لم أجد شيئاً أرتديه.

أيتها الحمقاء كان بإمكانك أن تناديني لأحضر لك شيئاً ترتديه، لا أن تخرجي عارية.

بسرعة توجهت إلى غرفة النوم وأحضرت لها فستاناً من فساتين بتول.

– خذي أرتدي هذا.

– حسناً ، لا بأس ، لا داعي لكل هذا الغضب.

شعرت وقتها أن هذه الفتاة مومس ، هذه الجرأة لا تكون إلا في فتاة تعمل مومساً ، و لكن ما حيرني هو عمرها الصغير، تبدو في السادسة عشر من عمرها.

أخذنا نأكل الطعام دون أن نتكلم في شيء، كانت تأكل بنهم ، كانت بالفعل جائعة.

عندما أنهينا الطعام قلت لها : والأن ما قصتك ؟

أجابت وهي تتثاءب :

أريد النوم أنا متعبة ، غداً سأقول لك كل شيء.

كل ما أريده هو أن تنتهي هذه الليلة وأن تغادر الفتاة في الصباح ، قصتها لم تكن تهمني ، لم يكن لدي الفضول لأستمع لها ، هذه الفتاة ليست إلا مومس صغيرة، أنا متأكد أنها كانت تبحث عن زبون ما ، لو وجدتها في الشارع لن أكترث لأمرها ولكنني وجدتها عند قبر بتول ولأجل بتول وشفقة مني أويتها لهذه الليلة.

– يمكنك النوم على هذه الأريكة ، سأحضر لك غطاء و وسادة.

ماذا كنت تفعل هناك في الليل ؟ هل تسرق الجثث؟

– لا ، لم أكن أسرق الجثث ، كنت أزور قبر زوجتي.

– ماذا كنتِ أنتِ تفعلين ؟

سأجيبك غداً ، أعدك.

تركتها نائمة على الأريكة وذهبت إلى غرفة نومي، لم أنم و لكني تمددت على السرير.

تبعتني هبة إلى غرفة نومي واستلقت بجانبي وهي تقول :

أنا أخاف الوحدة ، أرجوك دعني أنم بجانبك واحتضنتني.

كنت أَستطيع منعها ، كنت أَستطيع صفعها وضربها ، كنت أَستطيع إبعادها عني، ولكني لم أفعل ذلك ، ربما للهفتي الشديدة لحَضْنِ أحدهم ، هي لم تكن بحاجة لي مثلما كنت بحاجة لها ، كنت بحاجة لعناق أحدهم ، عناقها لي جعلني أشعر بالسكينة والاطمئنان ، جعلني أنام كالطفل في حُضنِ أمه.

استيقظت الساعة العاشرة صباحاً ، لم أنم بعمق منذ وفاة زوجتي بتول ، كنت أشعر براحة وسكينة غريبة ، دخلت هبة وهي تقول :

صباح الخير ، أنت البارحة حضرت العشاء وأنا اليوم حضرت لك الفطور.

بعدما أنهينا فطورنا قلت لها :

-عَليكِ أن تُغادري يا هبة ، سأعطيك بعض المال لتتدبري أمرك ، و لكن قبل هذا أريد أن تفي بوعدك لي !.

حسناً ، سأخبرك بقصتي.

5

أنا أعيش مع أبي وأمي في بيت صغير ، لم أدخل المدرسة مطلقاً، لا أعرف القراءة ولا الكتابة ، لا أعلم شيئاً عن الأرقام ، كنت منذ صغري خادمة في المنزل ، أبي يجلب أصدقاءه للعب القمار وشرب الخمر والحشيش، حتى أمي كانت تسهر معهم وتشرب معهم ، حتى أنها في بعض الأحيان تنام معهم.

عندما يخسر أبي ماله ، تقوم أمي بإغراء الرابح لتنام معه وتُرجع بعض المال الذي خسره أبي ، كل ذلك كان يحدث أمام عيناي.

حينما بلغت الثانية عشر من عمري ، اقترح أبي على أمي أن يستثمرني ، رفضت أمي في البداية و لكنه أغراها بالمال الذي سيكسبانه من تأجيري.

أجل يا إحسان ، استثمرني والداي وصرت المومس الصغيرة ، كنت كقطعة الملابس ، لا ، كنت قطعة من الخردة أتنقل من حضن لآخر.

كانت البداية مع أبي وفعلتها معه أمام أمي ، كنت أُنفذ أوامرها، كانت تعلمني المهارة في إمتاع الرجل، وأول رجل كان أبي.

بعدها صرت أتنقل بين أحضان الرجال، وفي بعض الأحيان ينام معي أكثر من رجل ، وهناك من يحب الضرب أثناء المعاشرة ، ما زال جسدي يحمل أثار الضرب، لذلك عندما رأى الطبيب الكدمات سألني عنها، فقلت له مضطرة أنك زوجي وأنك تحب العنف ، أسفة.

أعلم أن هذه الممارسات شيطانية ، الحيوانات لا تفعل مثل هذا ، أعلم أن بعض البشر أسوأ من الحيوانات ، ولكني عشت هكذا ، لا أَعلم شيئاً في هذه الحياة سوى إمتاع الرجال ، كنت ماهرة للغاية .

عندما بلغت الخامسة عشر اشتراني أحد الأغنياء بمبلغ كبير قدمه لأبي ، والعقد الذي بينهما زواج صوري " زواج عرفي"، سافرت معه وهناك قدمني لامرأة جميلة في الأربعين من عمرها والتي كانت مسؤولة عن البنات أمثالي ، كنا إحدى عشر فتاة ، كلهن من دول مختلفة ، عملنا هو ترفيه الرجال ، وهناك تعرفت على فتاة تُدعى سارة، كانت طالبة في الجامعة وتعمل معنا ، علمتني القراءة والكتابة ، علمتني التمرد وكسر القيود، كانت سارة تعلم أن هذا الأمر حرام ، ولكنها كانت تمارسه لكسب المال السريع ، كانت تقول لي أنها ليست مرغمة على هذا العمل وإنما هو من اختيارها ! كانت غريبة جداً ، لم تكن تؤمن بشيء سوى المال ، كانت تَعبد المال ، تعلمت منها الكثير ، لم تستمر صداقتنا أكثر من سنة واحدة، فقد قَتَلها أحد الزبائن الساديين.

حينما تسرب خبر مقتلها إلينا شعرنا بالخوف ، و بعد أسبوع واحد من تلك الحادثة قرر ذلك المستثمر أن ترجع كل فتاة إلى عائلتها ، و لكن لم يكن السبب مقتل سارة وإنما إصابة جميع الفتيات بما فيهن أنا بالإيدز.

كيف علموا ذلك ، لا أعلم !.

ولكنهم قالوا لنا أننا مصابات بالإيدز وعلينا المغادرة فوراً.

عدت لأحضان أمي وأبي ، لأسيادي ، عدت لهم وأنا أملك عقلاً يفكر ومرضاً يَقتُل..

فكرت في نقل المرض لأبي ولكني تراجعت عن ذلك ، تركت البيت ، صرت أتنقل بين المقابر ، اتخذت من الأموات أصدقاء لي ، واتخذت من المقابر سكناً لي.

عند طلوع الشمس أمشي في الشارع وأتسول قوت يومي وعند المغيب أختار المقبرة القريبة مني وأتسلل إلى داخلها لأنام.

البارحة وبسبب تعبي ، حينما تسللت إلى المقبرة وقفزت، انزلقت قدمي ووقعت على رأسي، لم أشعر بالألم، ولم أبالي ، اخترت قبراً ونمت ، ولحسن حظي كان القبر لزوجتك.

6

كانت الدهشة والفضول والشفقة والغضب يملأ قلبي ، مشاعري مختلطة ومتناقضة ، كنت أشعر بالشفقة على هذه الطفلة وفي ذات الوقت كنت أريد تحطيمها، يا ربي ! .

حمدت الله في سري أنني لم أضعف أمام هذه الطفلة ، كنت الآن في عداد الموتى، و لكن الله تغمدني برحمته وأنقذني.

– شكراً لك على استضافتي هذه الليلة وصدقني لو كنت تريد النوم معي لكنت منعتك وأخبرتك بمرضي، فرجل نبيل مثلك لا بد أن يبقى على قيد الحياة.

– إلى أين ستذهبين ؟

-لا أعلم ، سأبحث عن مقبرة تأويني.

فكرت كثيراً ، لا يمكنني تركها معي ولا يمكنني تركها تغادر، كنت أشعر بالأبوة تجاهها، إنها طفلة لا تعلم كيف تتدبر أمورها ، كنت أنظر لها ، لابتسامتها البريئة ، لعيونها التي تحوي حزن الكون ، كان علي أن أُعيد لها طفولتها قبل أن يسلبها الموت، كانت بحاجة لمن يساندها ويساعدها، كانت بحاجة لمن يَحتويها.

– لا تذهبي ، ستعيشين معي ، سأتدبر الأمر ، سأصلح كل شيء.

قفزت من مكانها وعانقتني بقوة وهي تضحك.

7

لم تمت هبة ، ولا أعلم شيئاً عنها..

ففي ذلك اليوم خرجت لأشتري لها ملابس تناسبها وحينما عدت لم أجدها ، اختفت، سرقت مجوهرات زوجتي بتول واختفت.

هل قصتها حقيقية ؟ لا أعلم ،

ربما كانت الفتاة كاذبة و ربما كانت صادقة ، ربما كانت حاقدة على هذا العالم وتريد أن يصاب الجميع بمرضها، تريد الموت للجميع، و ربما كانت مجرد محتالة صغيرة.

لم أندم لمساعدتها ، لم أندم لأنني شعرت بالشفقة اتجاهها، لم أندم لأنني أردت احتواءها.

فهي طفلة سُرقت طفولتها ، لا يمكنني لومها على شيء ، البعض سيراها مظلومة والبعض سيراها ظالمة، ولكن بالنهاية هي مجرد فتاة جُردت من طفولتها وسرقت حياتها ،  لذلك دائماً أرجو لها كل خير.

"الأرض تدور والحياة تستمر، مهما كان ما فقدناه "

تزوجت بعد هذه الحادثة بامرأة عوضتني أيام الوحدة التي عشتها و رزقني الله بفتاتين جميلتين كأُمهما ، أسميت الكبيرة بتول والصغيرة هبة.

انتهت…

تاريخ النشر : 2018-10-04

guest
27 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى