تجارب من واقع الحياة

هل الإعاقة أثم ؟ مذكرات معاق

بقلم : اسيل المتناقضة – المملكة العربية السعودية

أنا أتقبل ذلك بصدر رحب ، لكنني أتسأل كيف يرى الأنسان الطبيعي الأشياء ؟
أنا أتقبل ذلك بصدر رحب ، لكنني أتسأل كيف يرى الأنسان الطبيعي الأشياء ؟

مرحبًا أصدقائي .. أنا فتاة أدعى اسيل عمري 14 أو 15 تقريبآ ، اليوم قررت التحدث عن مواقف حصلت لي بسبب كوني معاقة اممم (اشعر بالغرابة بسبب أنها المرة الأولى التي أصف فيها نفسي بهذه الطريقة)
 
اممم حسنا أنا عوراء اي أستطيع النظر بعيني اليسرى فقط أما عيني اليمنى اوه هل لدي عين يمنى من الأساس؟ على اي حال عندما ولدت كنت كأي طفل عادي لكن عندما كان عمري 9 شهور انقلب عالمي بالكامل بسبب أنني فقدت عيني – لا أعلم السبب الحقيقي لذلك سألت أمي قالت أن هذا حصل لي بسبب الحسد- المهم سأتكلم عن مواقف حصلت لي بفترات عشوائية لذا آسفة على جعل رأسك مصاب بالصداع ..
 
عندما كنت صغيرة كنت أتجول بالشوارع كأي طفل عادي لكن كلما أمر على أحد يقولون لي من هذا المكلام :
– ايتها العوراء!
-لماذا عيناك غريبتان واحدة كبيرة و واحدة صغيرة؟
-هل اتستطيعين رؤيتي؟
-لماذا تصتدمين بالحائط كثيرًا ؟ هل بسبب انك غبية ام انك لا ترين؟
-انت عمياء!
 
في ذلك الوقت كنت جاهلة كأي طفل عادي بريء فكنت انظر للذين يلقبوني بهذا الشكل بإستغراب متسائلة ما معنى عوراء؟ لماذا الجميع يقول أنني عمياء رغم أنني أستطيع الرؤية؟ اين هي عيني الأخرى؟ هل رموها بالقمامة؟
كيف يرى الناس العادين بأعينهم؟ 
 
أنا فضولية هل رؤيتهم للألوان مختلفة عن رؤيتي لها؟
و عندما كبرت صدمت للحقيقة القاسية بأنني مختلفة عن الآخرين بسبب أن المعلمات يقمن بمعاملتي بطريقة خاصة
مثلا عندما يكون لدينا إختبار أتحمس جدًا فكنت و مازلت طفلة تحب المديح ، لذا عندما أجلس لطاولتي بشكل مستقيم مستقبلة ورقة إمتحاني بشوق يخيب أملي حينما تعطي المعلمة ورقتي لطالبة أخرى و تقول أنها يجب أن تحل هذه الورقة و تكتب إسمي أنا عليها ، شعرت بالصدمة! لماذا؟ أنا أيضا أريد أن أجرى الإمتحان هذه ورقتي أنا!
 
ترتيب صفي هي طريقة المجموعات اي مجموعة من الطلاب يتشاركون بمجموعات منتشرة بأنحاء الفصل
بأستثنائي فأنا دائما ما أجلس أمام المعلمة مباشرة لذا أنا أجلس وحدي ، علما أن هذا كان فقط بالبتدائية أما الآن لا .
 
و حينما أكون بالطابور الصباحي أسمع همسا خلفي 
لقد كانا فتاتان من نفس فصلي و كان حوارهما كالآتي :
فتاة 1 : هي لم لا تقفين بجانبها؟
فتاة 2 : لماذا؟ لا اريد!
فتاة 1 : انها مسكينة و لا أحد بجانبها.
 
و في النهاية تقف زميلتي بجواري على مضض 
أشعر بالذل بهذا النوع من المواقف، و في أحد المرات عندما وافقت المعلمة أن أشارك بالإذاعة الصباحية شعرت بالإثارة
لكن ما حطمني أنني سمعت المعلمة تقول لزميلة لي : إذا تأخرت اسيل سوف تأخذين مكانها ، في ذلك الوقت تحطم قلبي لأشلاء 
قد يبدو الأمر عاديا لكم و تقولون أن المعلمة تأخذ احتياطات في حال حدوث مشكلة ما لكن لماذا المعلمة أخذت احتياطات لي أنا فقط و لا أحد غيري؟! لماذا أنا فقط فقط لماذا؟
هل لأنني معاقة و تخاف المعلمة أن أسبب لها الإحراج أمام المعلمات الأخريات؟
لا تقلقوا يا أصدقاء فأنا رغم حزني استيقظت مبكرًا و ذهبت للمدرسة و بالكاد استطعت الوصول 
عندما وصلت كانت المعلمة مستعدة لأن تجعل الفتاة الإحتياطية بمكاني و حينما أتيت بدت المعلمة كما لو أن البرق صعقها! و كانت تنظر لي بصدمة!
 
وموقف آخر عندما كنت أغسل يدي سمعت ابن عمي و أخي الصغير يتهامسان شعرت بالفضول و سألت عن ماذا كانا يتحدثان؟ وعرفت أن ابن عمي كان يقول أني عوراء ، أمي كانت غاضبة لأنها تظن أنني حزينة لكنني لم أهتم لأنني أعتدت ذلك مهما قالوا فهي الحقيقة و أنا أتقبل ذلك بصدر رحب .
 
لكنني أحيانا اتسأل كيف يرى الإنسان الطبيعي الأشياء ؟
اممم إذا كنت أمام شخص هل سترى ذلك الشخص اثنين ام أن العين اليمنى تكمل العين اليسرى؟
 
و في أحد الأيام أحضرت أمي مرآة لي كنت سعيدة بذلك لكن أختي الكبرى أرادت استخدامها لكني قلت لها أن المرآة ملكي لوحدي ،أنا أنانية صحيح؟ لكن أنا من طلب من أمي شرأها لذا هي ملكي، بعد ذلك بفترة وجدت المرآة موضوعة في غرفتنا لقد وضعتها أختي! كنت غاضبة جدا بسبب انها لم تستأذن مني لذا اخذتها و حينما أردت إخراجها من الغرفة  شتمتني أختي بإن الله لن يشفيني و أنا بهذه الأنانية، أنا فقط ضحكت بسخرية قائلة(بالطبع لن يشفيني حتى لو توسلت مئة مرة سأبقى هكذا للأبد حتى مماتي)بعد ذلك سمعتها تقول : أتمنى أن الله لا يشفيك، لقد حزنت جدا لقد قلت (بالطبع هو لن يفعل) كنت اخفض رأسي بينما أقول ذلك لا أريدها أن تنظر لعيني و تجد بعض الدموع فيها أنا أعلم ذلك لن أشفى أبدا و لن يشعر أحد بمعاناتي او أفكاري بهذا الخصوص .
 
و هناك مرة لا أتذكرها حقا لقد ضربت أخي الصغير بهاتفي الكبير بعد ذلك قام أبي بضربي بعدها مباشرة ضربتني أمي قائلين أنني عوراء مرددين هذه الكلمات القاسية مرارا و تكرارا 
قالوا أنني (عمياء)قالوا أنني (عوراء )قالوا (الله يأخذك) لن انسى هذه الكلمات طول حياتي.. 
 
و في بعض الأحيان يقولون أنه أن أصبحت عمياء سوف يرسلونني لمستشفى المعاقين كلما قالوا ذلك أكثر كلما هلوست أكثر لدرجة أنني أتخيل كيف ستكون حياتي في المشفى؟ 
و هل سيأتون لزيارتي؟  
الاجابه هي لا!
 
شعرت بمرارة أنا حقا حقا أريد قول كل شيء لأي شخص كان لكن أنا خائفة أن ذلك الشخص سوف يسخر مني و يقول أنني فقط متعجرفة و أنانية تفكر بالمبالغة حسنا حتى عائلتي لم تشعر بي إذا من سيفعل حتى الأصدقاء لا أعرف أن كان لي واحد على الأقل حياتي كلها سأبقى وحيدة فيها أنا الآن أكتب هذه الكلمات وحدي أفكر بأفكار كثيرة لا يستطيع أحد معرفتها قد يبدو الأمر مثيرا للسخرية و طفولي لكن أنا حقا أشعر بالوحدة حتى إذا تكلمت عن شيء أحبه فسيتجاهلني الجميع، في الحقيقة أنا لا أستطع إغلاق فمي أريد من الجميع أن يعرفوا ماضي ما الذي عانيته ما الذي سببوه لي من أذى، أريد الصراخ 
لكنني أكتم ذلك أريد من الجميع أن يعرف ماضيي و ان يواسوني و يقولون لابأس نحن معكي نحن نتفهمك 
لكن لا أحد يقول ذلك.. لا أحد 
 
 أعرف أني أبدو مثل شخص منافق لذا يمكنك تجاهل تعليقي فأنا لا اعرفكم و أنتم لا تعوفوني لذا أريد التنفيس عن مشاعري قليلا
أنا أشعر بالوحدة
أشعر بالاختناق 
أنا أخاف من الموت
أخاف الوحدة 
أخاف الظلام.. 
 
ودائما حينما أتذكر تلك المواقف أحيانا أبكي لوحدي في سريري او أصمت فقط كما لو أني روبوت ليس له مشاعر 
أنا أحب عائلتي حقا فقط كنا نمر بالأوقات العصيبة معا و هم دائما يشترون الطعام الذي أحبه جدا
لكنني لا أستطيع نسيان ذلك الوقت حينما قاما بضربي و قول تلك الكلمة لي، أريد أخبارهم بكل شيء رغم ذلك لا أستطيع أشعر أنهم سيشعرون بالسوء فأنا أحب عائلتي ماذا أفعل  
لا أستطيع أن أنسى ذلك لا أستطيع مسامحتهم رغم حبي لهم، 
 لكن لا بأس لقد اعتدت على الوحدة ولا أريد شفقة أنا دائما أتذكر كلام قاسي قيل لي في طفولتي من قبل الناس المهمين بالنسبة لي لقد اعتقدوا أنني نسيت لكنني لن أنسى ابدا ابدا، 
 
و أيضا حينما أذهب للمستشفى أشعر بالخوف من مقابلة أي طبيب لأنهم يقومون بوضع الضوء القوي على عيني الغير مصابة و يقولون انظري يمين يسار فوق و هم يضعون الضوء في عيني، انه مؤلم جدًا لدرجة أنني أريد الصراخ على هذا الطبيب المجنون!
لابد أن الجميع عندما يرون الضوء من بعيد سوف يتألمون اليس كذلك؟ إذا ما بالك برؤبتة من قريب!
 
ليس هذا وحسب بل عندما يقيسون نظري من خلال وضع حرف m بشاشة مضيئة تبعد مسافة بعيدة عني و كل ما يسألني الطبيبة أين هي الفتحة مثلا هذا الحرف M من اين هي فتحتة ؟سوف تقول ان الفتحة موجودة بالأسفل و يجعلون فتحة حرف m احيانا مفتوحة فوق و احيانا تحت و كلما اجبت عن سؤال سواء كان خاطىء ام صحيح يتقلص الحرف M ليعرفوا مدى تحسن نظري 
أتمنى أن الفكرة قد وصلت… 
 
ملاحظة :

– لا أريد شفقة ، أريد معرفة إن كان هناك شخص مثلي.
– هل يمكنكم إرفاق صوره عن كيف يرى الأنسان الطبيعي من عينيه ؟.
– أرجو عدم قول كلمات مسيئة لي فقد عانيت ما يكفي.
– والداي لطيفان و يقومان بشراء أي شيء لي إن سنحت لهما الفرصة.
و شكراً.

تاريخ النشر : 2021-04-01

guest
126 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى