أدب الرعب والعام

هل هي الحقيقة ؟

بقلم : جمال – سوريا

دخل الحمام ..ثانية..اثنتان كانتا تكفي حتى يخرج مذعورا .. مرعوباً كأنما يطارده شبح..

كثير من الأحيان وفي لحظات مجنونة نسرح بعقولنا نحو دهاليز غريبة .. نعانق شيئاً من الواقع ونترك الباقي لنسج خيالنا …يحيكه حيث يشاء ..
تبدأ القصة في إحدى مقاطعات دولة ما في هذا العالم الغريب..
منزل متواضع يتربع على طرف قرية مفعمة بالحياة ..ولا تعتقد -عزيزي القارئ- أن الحياة هي فقط الوداعة والطيبة و الأمان و…و…و.. لا ، لأننا إن تكلمنا عنها وحدها سنتحدث حينها عن “الطوباوبية”
هي ، أقصد الحياة ، خليط بين هذا و ذاك ، أعني خير و شر..
فستفقد الحياة روحها حين يسيطر الخير فقط ..و ستفقدها أيضاً حين يسيطر الشر ، هذه وجهة نظري..

أووه..لا ..لا..لا يبدو أنني خرجت عن المسار وانحرفت إلى “فلسفة” أواسي بها الحياة…

المعذرة .. لنعد إلى ذلك المنزل

نعم منزل متواضع على طرف قرية مفعمة بالحياة ..شكل على خصره حديقة_ بالأسم فقط _ لأنها لم تكن سوى أرض جرداء لا ترى بها إلا عجلة مرمية هنا ومنشار قديم معلق على تلك الشجرة المتحطبة .. وفي تلك الزاوية محرك قديم صدئ اتخذته العناكب مرتعاً لنسج خيوطها .. و فيما يخص ذلك الشيء هناك.. فهو..فهو..فهو شيء ما لم أعرف ما هو.
يحيط بالمنزل سور خشبي متهالك تركت دابة الخشب فيه بصمة لا بأس بها ..
يبدوا أننا نصِف منزلاً مهجوراً منذ مدة بعيدة .. أو منزل سيد عجوز مهمل لا يكترث لشيء في هذه الحياة إلا لتمضية أيامه الأخيرة فيها..
ولكن بعيداً عن هذا اللف والدوران أقول لكم لا هذا و لا ذاك
إنه منزل مخترع.. نعم مخترع.. ولندخل إلى صلب قصتنا من قبو منزله..

**

– ها قد انتهيت..وأخيراً الآلة التي عملت طويلاً من أجلها..آمل أن تعمل..
– مياو..مياو..
– قطي العزيز..أرجوك اهدأ قليلاً..فقط حتى ألملم ذيول هذه الآلة..أووه نسيت إطعامك..لابد أنك جائع..لم أقدم لك شيئاً منذ الصباح..تعال..تعال
– مياوو..مياوو
– خذ هذا طعامك ..سامحني أرجوك ، أهملتك اليوم لكنك تعلم إن نجحت هذه الآلة ستكسر الدنيا.. هيا كل ريثما أتفقد مساعدي الغبي.. لا أدري كيف قبلت أن يكون مساعداً لي ..

خلع مخترعنا نظارته وركنها جانباً ثم أخذ نفساً عميقاً وهو يفرك عينيه المتعبتين :
– هانولد..هانولد..أين أنت يا مساعدي. أين ذهب هذا الغبي

– أنا هنا يا زعيم..

– ألن يكف عن مناداتي بهذ اللقب..هل يعتقدني (الكابوني) ..أم متزعم عائلة (ياكوزا) … على كل حال هو في المطبخ..يا إلهي ألا يمل من الطعام..
ها أنت ذا …تأكل مجدداً

– هانولد وفمه ممتلئ : تعلم يا زعيم أنه يجب أن أكون بكامل قواي العقلية والجسدية حتى أقدم كل ما لدي لنجاح اختراعاتك العظيمة.. وحتى أستطيع استيعاب أكبر قدر من معرفتك وخبرتك .

– أووه نعم ، كفى ..كفى ..فهمت..هيا اتبعني واترك لي شيئاً أرجوك..وكف عن مناداتي بالزعيم..اسمي هاري يا أخي

– حاضر يا زعيم..أقصد هاري ، اسبقني سأغسل يداي و ألحق بك..

**

عاد مخترعنا أدراجه إلى القبو ، التقط نظارته وهم بوضع اللمسات الأخيرة على آلته :
– هانولد أعطني المفتاح 5
-تفضل يا زعي…أقصد هاري
-هانولد ركز أرجوك ، هذا 4 وليس 5
-حقاً !! تفضل هذا 5 اسف ..

هاري وهو يشد أحد البراغي : ها قد انتهينا أخيراً ، آمل أن ننجح ..

– أستاذي أعتذر..ولكن ما الذي انتهيت منه لتوك
-رغم أني شرحتها لك ألف مرة..لكن سأكررها ..هذه آلة نقل المحتوى ..تخيل مثلاً أنك تأكل تفاحة بطيخية أو بطيخة تفاحية..سيكون هذا رائعاً
بمعنى أدق أنك تضع تفاحة هنا في هذه الكفة وبطيخة في الكفة المقابلة ..تضغط الزر..وتبرم بالمفتاح..وهووب يصبح لدينا تفاحة بالشكل الخارجي ..لكن في الداخل بطيخة والعكس صحيح..

-أووه..نعم ..تفاح مبطخ و..يا لك من عبقري.. لنجربها..

-نعم نجربها لكن هل تركت شيئاً نجرب به ؟ على العموم تأخر الوقت كثيراً ، وضب العدة وتوجه إلى غرفتك..

-وهذا القط الغبي أأتركه هنا ؟

-لا تنعت قطي بهذه الألفاظ فهمت ..سآخذه معي ..انهي عملك وإلى النوم مباشرة..

استلق هاري على سريره وعيناه تتأملان الغرفة وزواياها :
آآه..آمل أن تعمل..مال وثراء..ونساء..وشهرة…رائع..يا للعلم
سأتخلص من هذا المنزل القذر..أعيش في أفخر الأماكن..

قطع أفكاره تثاؤبة عابرة..ثم تابع :
غداً..غداً..تصبح على خير يا هاري..تصبح على خير

غط هاري في نوم عميق ممزوج بنشوة ما ذكره من رغد الحياة..

***

صباحاً ..

استيقظ هاري باكراً على غير العادة ..نظر إلى ساعته التي احتلت سطح المنضدة بجانبه منذ زمن طويل
– أيتها الساعة الغبية كل يوم تكادين أن تثقبي أذناي تصرخين بلا رحمة بدون تعب أو هوادة ، لكن اليوم بالتحديد قررتِ ألا تعملي .. لحسن الحظ إنني استيقظت وحدي..

ثم وثب من السرير :

ماذا الآن..نعم إلى السوق ..

ها هو الحذاء ..ها هي النقود..هنا مفاتيح السيارة…كله تمام..
؛ هانولد..هانولد..أنا ذاهب إلى السوق..سأشتري الفاكهة لأجل تجربة الآلة..هل أنت ذاهب معي ؟؟ .. هانولد.. هانولد… اووف.. ومن أين له أن يسمعني..من المؤكد أنه مازال في خضم نومه..

استقل مخترعنا سيارته ، غادر بها إلى السوق..

ترى ما سر هذا التجمع هناك.. لازال الوقت باكراً ..لنر إذاً ..
– مرحباً روي ..أرى الجمعة كلها هنا ما الأمر؟؟
-أهلا هاري ..جريمة قتل شنيعة جداً
-جريمة قتل !! حدث جديد في هذه القرية..ترى من هو سعيد الحظ
-ابن العمدة..تصور..لم يجدوا منه سوى رأسه..

-على رسلك يا أخي ..هل تعي ما تقول ؟!

– بالطبع..لا بأس بيني وبينك..لم ولن أحزن عليه ، كل ما في الأمر أننا فقدنا أحد الشرذمة

هاري متفكراً في كلامه: نعم..نعم..ربما .. إلى اللقاء..

**

يا لذلك المصير الأسود الذي لحق به.. وقع في شر أعماله.. الجميع يعرف تحركاته المشبوهة تحت مظلة والده..فاليكن في الطريق إلى الجحيم..
أين الفاكهة إذاً ..
ها هنا ..كيف الحال عم تشارلز..؟؟
– أهلا هاري تفضل

-هذا ما سأفعله دقيقتان لأركن السيارة جانباً …
هيا..نعم هنا .. جيد

– كيف حالك يا عم ؟؟

-بخير ..كنت أتساءل متى ستغير هذه الخردة التي تمتطيها

– تقصد السيارة.. قريباً جداً ، بل جداً جداً
أرجوك ضع لي بعض الفاكهة ، أنا على عجلة من أمري..نعم هذه ..هذا يكفي . هذا يكفي..
تفضل النقود..أشكرك ، أشكرك يا عم.. إلى اللقاء..

**

أفل مخترعنا إلى المنزل بعد أن فرغ من عمله بالسوق..

– هانولد..هانولد..لقد عدت..لا تقل لي أنك ما زلت نائماً !! الحق بي أنا في القبو سأجرب الآلة
بسرعة..
يا لمساعدي العظيم..ما هو الشيء الذي ارتكبته حتى بليت بهذه اللعنة..
حسنا هذه هنا..هذه هناك..راائع الزر..تمام..المفتاح..أين هو؟؟
أين وضعه ذلك الغبي..هانولد استيقظ يا أخي …لا بد أن يكون هنا….لا…أين وضعه ذلك الكسول الساقط..أوووه..اكتفيت منك أيها الكسول ، قادم إليك لأسحبك من شعرك..

اقتحم هاري غرفة “مساعده” ، كانت خالية تماماً مما زاد غضبه :

– لا تقل لي أنك عدت لعادتك اللعينة في الحديقة اللعينة .. قادم إليك ..يا إلهي ليس موجوداً في الحديقة.. هانولد.. هانولد.. بحق ال.. فليعطني المفتاح وليذهب بعدها للجحيم
.. لالا لن يفيد هذا الغضب.. لا تعكر صفو يومك بشخص تافه لا يستحق..هيا..اهدأ شهيق ..أووف نعم هذا أفضل..

– ميياو..مياوو

– أهلاً قطي هل تعلم أين هو ذلك الأبله..لا لا اهدأ ..تباً ماذا دهاك.. اللعنة قطي م..تبدو غريب الأطوار اليوم ..هل آذاك هانولد ؟؟..هل رأيت قطة حسناء ؟؟
تعال تعال..ابق هنا سأجد هانولد و بعدها أعود إليك..
يا إلهي أريد المفتاح فقط .. سيروو..سيروو.
لا يا هاري..سيروو القط بحق ال..هانولد..هانوولد .سأجدك ولو اضطررت للبحث عنك في المريخ..

**

ها قد حل المساء..ولم أجد شيئاً ..أين اختفى..هل يعقل أنه تبخر..لا لا أعتقد هذا لأن شخصاً مثله يحتاج إلى ألف درجة حتى ينصهر.. فكيف التبخر إذاً ..لا هاري..كن واقعياً ألف ماذا إذا قلنا أنه على سبيل الجدل يحتاج إلى ألف .. اهمم ..فيكون.. لحظة..ما لي أنا وما سيكون ! أريد المفتاح و ليحترق في درجة التجمد…أووه .. سيروو ، نسيت إطعامه.. هل علي البحث عنه أيضاً ؟؟

سيرو..لكن ما كل هذا …هل أنت من افتعلت كل هذه الفوضى أيها الشقي..مهلاً مهلاً..هل أنت خائف؟؟ ..اهدأ أرجوك ..أنا معك لا تخف..هيا هذا طعامك كل..لكن ما الأمر .. لقد خدشتني أيها ال..سأذهب لأعقم جرحي..انتظر..هل سمعت هذا. !! صوت الباب لا بد أنه قد عاد ..المفتاح ..المفتاح
هانولد ..هل ذهب إلى غرفته ؟؟..ما الذي يدبره هذا الأحمق..هاااانولد
أووو ماهذا القرف ..إقياء..؟!! اللعنة
هانولد..هل أنت مريض أجبني أنا متأكد أني سمعت صوت الباب …
لكن ماهذا ذلك التنقيط البغيض الذي أكره سماعه..كم مرة نبهته بإحكام إغلاق الصنبور بعد أن يستخدمه.. إلى الحمام إذاً

مهلاً مهلاً مهلاً.. يا لذاكرتي.. لقد استأصلت جميع الصنابير وألغيت الحمام ونقلته إلى الخارج ..ما هذا التنقيط إذاً ؟؟
هانولد هل أنت بالداخل ؟؟!!
سأدخل إذاً ..بما أنك لا تجيب..سأدخل..ارتد ملابسك إن كنت عارياً..حسناً..واحد ..إثنان..ثلاثة

دخل الحمام ..ثانية..اثنتان كانتا تكفي حتى يخرج مذعورا .. مرعوباً كأنما يطارده شبح.. يهرول على غير هدى..كأنه رأى الشيطان..بل لو أنه رآه لما ذعر ذلك الذعر .. يصرخ :
هانولد..الباب..المخرج…يرتطم في الجدار ثم يتابع ..يتعثر في ظله ثم يتابع.. باحثاً عن باب المنزل .
أين كان الباب ..اظهر ايها الساقط اللعين..لا ..لا النجدة ساعدوني ، تباً لهذه الليلة الملعونة.. ماذا أفعل أين البااب ؟

هنا..نعم ..لا لا إنها غرفة هانولد..ها أنت ذا أيها اللعين أين كنت مختفياً ..؟؟ اهرب ..اهرب ..بسرعة ..فوق..جثة..الحمام..تنقط..الحق بي بسرعة.

بعد ثوانٍ من الجري التفت مخترعنا وراءه .. تلك الالتفاتة المعهودة التي لا إرادياً تفرض نفسها على الهارب..:
-هانولد..لكن بحق السماء أين أنت..لم لم يلحق هذا المعتوه بي..لن أعود ادراجي حتى لو…كفى أيها الضمير البغيض حسناً كفى..كفى.. سأعود..ذلك الأحمق سيكون سبب هلاكي..أقسم ..أقسم.. أقسم ..

ها قد عت إليك أيها الأحمق..ألم أقل لك الح…!!
هانولد؟؟ ..أين أنت.. !
هل تختبئ في الخزانة ؟
هانولد..تباً ، النافذة مفتوحة هل خرج منها ؟؟ ..ما هذه الليلة الملعونة.. تباً ما تلك الحفر في الحديقة.. أقسم أنها لم تكن موجودة صباحاً عندما دخلت.. هل الأشباح تعم المكان.. لماذا أنا..وتلك الجثة فوق..يا إلهي سيغمى علي..تلفت أعصابي..ألا يوجد معجزة تريحني من هذه المعاناة…

هانولد ..أين كنت يا أحمق .. هاليلويا .. هيا بسرعة..أجزم أن في المنزل قاتل رهيب هيا لنهرب بسرعة.. هانولد..؟ مابك..؟ ..لمَ تنظر إلي هكذا ..أنت تخيفني يا أخي..هل تعتقد أن هذه الابتسامة المخيفة ضرورية الآن..أوو لا لا لا ما هذا الشيء الأحمر على أسنانك..فهمت..مقلب سخيف من مقالبك السخيفة..صحيح.. لا تقترب أكثر..سأضربك بالمزهرية.. اعتقني أرجوك..اثبت مكا…

كانت تلك الكلمات آخر ما تفوه به هاري قبل أن تسود عيناه تلك الضبابية التي تتلاشى تدريجياً لتكشف له عن محيطه بعد أن يتلقى صدمة.. تفقده الوعي مؤقتاً :
اخخ..رأسي.. فلتحترق في الجحيم يا مساعدي…اخخ..ماذا الآن ؟ هل سأجد أمي تحولت إلى وحش أيضاً..
م..م..ما هذا القرف..لم أتمنى يوماً أن أكون داخل حمام قذر..أسبح في بركة دم.. أما جثة بلا رأس..نهاية تحفة …
كم أنا محظوظ..

(يدخل هانولد) ..

هاري صارخاً :
أراك قد عدت أيها القاتل السادي الساقط..لك..ما.. جثة أخرى يا وغد.. كف عن هذه الابتسامة… اللعينة..لماذا تقتل أيها الوحش..أين رؤوسهم..كف عن الابتسام وتكلم..لا لا تقترب مني أيها القذر ..ماذا تفعل يا لعيين.. هل تعتقد أن مسح وجهي بالدماء أمر مسل ..ابتعد..ابتعد .. اقتلني و أرحني أرجوك..

علت صرخات هانولد ..صرخات ضاحكة..تكشف عن أسنانه الحمراء التي تعشقت بدم الجثث المعلقة أمامه..ثم خرج..

تباً لك ..علي أن أهرب..لكن كيف..اللعين أحكم إغلاق الباب ولا نوافذ ، فقد أغلقتها عندما ألغيت الحمام..
يبدو أنني قد أصبت.. لا إنها خدشة سيروو..ترى أين هو الآن ؟؟ ..سيروو ساعدني..هل تسمعني سيرو..
أووه يا لحماقتي.. هل طلبت النجدة للتو من حيوان ؟؟..فكر هاري فكر..تباً ..لا شيء ..لا شيء ..

**

مللت هذا الانتظار.. و ماذا أنتظر.. الموت ومن ثم التعليق بجانب أحد اصحاب السعادة أمامي..وبلا رأس..راائع
ترى ما هي الخطيئة التي ارتكبتها حتى أحاسب هذا الحساب الشنيع.. حفر و جثث وممن ؟!! – مساعدي – الذي طالما ظننت أنه أحمق غبي..اللعنة..كم كنت مغبون..لكن الآن فهمت ..بعد فوات الأوان..تلك السافلة..كانت تعلم بمشروعي الجديد.. لصنع الآلة فدسته عندي حتى أكملتها ، وعندما علمت -سموها- بذلك هذا ما حصل لي..بعد أن يجدوا الجثث في منزلي سيعانق رقبتي ذلك الحبل الغليظ.. وستودع قدماي ذلك الكرسي الصغير.. هووب
تلك المشعوذة الداعـ.. اووف..الجميع كان يعلم ذلك ..الجميع كان يتحاشى التعامل معها..إلا أنا..وها هي أشباحها وأرواحها تقودني إلى حتفي..

نعم..ها هي أصوات أقدامه..إنه قادم..إلهي ساعدني..لم يعد بمقدوري التحمل..هذا الصوت الذي لا يشبه أي صوت..سمعته من قبل..وقعات خطواته..وقعات الموت..نعم إنها كذلك..صوت الموت..لم أكن أعتقد أنه مخيف وشنيع لهذا الحد..
لكن أعدك أيها السافل إن لم يكن هناك خيار إلا الموت..فلن أموت وحدي ..أعدك ..

(يدخل هانولد)

هاري..منهاراً : جثتان أخريتان يا وغد ..لم تضعهم أمامي .. أيها الوحش..تكلم هانولد تكلم..

عانى هانولد وهو يلفظ كلماته..ثم نطقها بلهجة شبه مفهومة..
– باق واحدة فقط..وكف عن هذه المهزلة ..أنت تشبه الفتيات الصغار.
ههههههه..لا أعرف كيف أقول لك هذا..اصمت فقط

-حسناً..طالما أنك أردت هذا ..خذ هذه..أيها السافل..وارقد في الجحيم..آمل أن تفي هذه الضربة بالغرض

إلى أين الآن..نعم ..غرفتي ..غرفتي..بسرعة..هاري ..هيا ..أين كانت ..اللعنة ..أرجوك ذاكرتي أنجديني وسط هذا التشتت..هنا..هنا..هيا ، هيا،هيا..الخزانة..أين هي. أين أنت.. يا إلهي ..هاليلوليا..هاليلوليا..ها أنت..أرجو أنك لازلت تعمل أيها المسدس الهرم…رائع..ماذا الآن؟؟..اهرب ..نعم..اهرب..

قفز هاري من النافذة نحو الحديقة قدماه تكاد أن تضربا في رأسه..لشدة خوفه..وبنظرة سريعة ألقاها للخلف..:

تباً إنه يلحق بي..كيف تعلم القفز على الجدران لم أعهده سوى أبله معتوه..آمل أن…..

توقف هاري فجأة بجانب..شيء أجبره على التوقف.. شيء ما ترغب بالحياة لأجله ولكن..

– لماذا..لماذا قتلت هؤلاء..ما ذنب هذه الرؤوس حتى تعلق هنا….أجبني هانولد ..أجبني..

– أنتم البشر وعواطفكم البلهاء …ههههه

-(هاري صارخاً): نحن البشر؟؟ إذاً من أنت..مم تتركب..؟؟ من أعطاك الصلاحيات لتذبح هؤلاء..تفصل عنهم رؤوسهم وتصفها أمام كل حفرة من حفرك الملعونة..ما الفائدة من كل هذا..عدا أنك لم تقتلني حتى الآن لماذا؟

– أنت أحمق غبي..تصرخ و تبكي..بدل أن تكون .. منتشياً سعيداً..!

– أي سعادة هذه..وعلى وجهي و يدي دم أبرياء .. أخبرني هانولد ..كيف؟؟

– لست هانولد يا غبي..أنا قطك..سيروو..القط اللطيف الوديع..أنا هو..
لا..لا داعي لأن تجحظ عيناك هكذا وترتعب كل هذا الرعب..
أتذكر تلك الليلة..قط..رضيع..جريح..مرمي بجانب أحد حاويات القمامة..ينتظر ساعة موته فقط..وفجأة..يد التقطته..داوته..أطعمته..كنت صاحب تلك اليد هاري..و أنا كنت ذلك القط..طوال حياتي معك لم تؤذني..لم تشتمني..كنت كأني ابنك الآدمي..وكنت عاجزاً عن فعل أي شيء ..إلى أن جاءت تلك الليلة..تسلل مساعدك الغبي إلى غرفتك و إلى القبو مباشرةً .. وضعني في كفة..وأخذ مكانه في الأخرى..ضغطة زر..دوران مفتاح..وبوووم….لم أدر ما حدث لي بالفعل..هل تبادلنا الأجسام..أم العقول..أم الارواح..لا أدري ..

أهنئك يا مخترعي العظيم آلتك تعمل..هههههه..بعدها أيقنت أني تحررت من ذلك الجسد الضعيف..تحررت..نعم هذا هو التعبير الأفضل..بدأت أتقيأ..و…و…و… لكن سرعان ما اعتدت الأمر…و بمجرد إدراكي لذلك..قررت الانتقام..

– انتقام؟؟ هل كل ما قدمته لك يستوجب انتقام ؟؟

– انتقمت لك هاري..كنت دائماً تتركني معهم..لم يعلموا أنني سأتحرر يوماً..
هذا رأس أخيك الذي لم يرد إلا تنفيذ مشروعه العظيم..مكان منزلك..

وهناك رأس حبيبتك..التي أغدقت عليك شلالات الحب… وعندما كنت تذهب لتحضر المال الذي تطلبه.. كانت تعاجل عشيقها بقبلة هاتفية..
ذاك رأس صديقك..الذي سرق لك مخططات رائعة لاختراعات رائعة..وأنت بغبائك كنت تظن أنها..(ضاعت)
أما مساعدك لم أنو قتله…لكنه على الأغلب سكن جسدي و أنا قررت التخلص من ذلك الجسد إلى الأبد.. فقتلت جسدي …

– لا لا أصدقك أنت تكذب..

– إنها الحقيقة ..كنت أضع الجثث أمامك حتى ترسخ جثثهم وهي مرمية مقابل ناظريك..فتشفي غليلك لذكراهم …اووه قبل أن أنسى..أنا من قتل ابن العمدة.. أليس هو من جاءك مهدداً بإجلاءك عن القرية إن لم توقف اختراعاتك..ولعلمك هو لم يكن إلا عشيق حبيبتك ….ولكن كنت جائعاً ..سامحني التهمت جثته..

-لا لن أسامحك أبداً..ربما هم كانوا مذنبين..لكن لم أكن لأقبل أن يعاقبوا بهذه الطريقة..

-لكن أنا انتقمت لك..

-لم أرد هذا… هل تعتقد أن الكلب إذا عضني سأعضه..؟؟

– هذه مفاهيم بشرية خاطئة…

-لا هذا ما يميزنا عنكم..أتعتقد أنك أسديت لي معروفاً ..لست بنظري سوى قاتل لعين..

-لا تجبرني على فعل شيء لم أرد فعله هاري

-(هاري وهو يسحب مسدسه) :
لا لن أجبرك لأنك لن تعيش طويلاً …

انقض هانولد..أقصد القط على هاري..الذي صوب مسدسه باتجاهه..قاب قوسين أو أدنى من ضغطة الزناد..وفجأة..

**

علا صراخ هاري:..النجدة ،أنقذوني..أرجوكم..

-ما الأمر يا زعيم..؟؟

-القط..أم هانولد..أم من..اخرج أيها القط هياا..

-يبدو أنك حظيت بكابوس مرعب..مسكيين..

– كابوس!!معقول..أووف..تلك الليلة الملعونة..القط والحفر…ولا شيء في الحديقة أيضاً ..كله طبيعي..ههه..بالفعل كان كابوس..
– هيا يا زعيم ألن نذهب للسوق..لشراء الفاكهة من أجل الآلة..؟

-آآآ..ماذا..بلى..بلى..اسبقني إلى السيارة..

-حاضر زعيم..

-نعم تعجبني هذه زعيم…ههه كابوس..اووف..لنرى إذاً ..ها هو الحذاء..النقود..مفتاح السيارة…رااائع..ههه كابوس..إلى السوق إذاً…لكن مهلاً ..يدي مخدوشة..إنها تنزف..لا..لا..لا..لااااااااااااااا

ملحوظة : يدي ليست مخدوشة لكن حاولت أن أقلد نهايات أفلام الرعب..سامحوني..

لكن هل ما رأيته قد يكون صحيحاً
هل هي الحقيقة ؟..

تاريخ النشر : 2018-07-05

جمال

مهندس نظم قدرة كهربائية وكاتب ومعلق صوتي - للتواصل عبر البريد الالكتروني : [email protected] عبر تلغرام ؛ https://t.me/Jamsyr ايضاً من خلال صفحتي على فيسبوك أو انستغرام ادناه :
guest
66 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى