تجارب من واقع الحياة

هموم وضغوط

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أصدقائي رواد موقع كابوس جئت اليوم لأفضفض لكم وأفرغ ما يثير همي، لقد تحملت أمورا فوق طاقتي. وبسببها غابت ابتسامتي لأنني لم أعد أتحمل  الابتسام مع كل هذا الحطام و الجروح والهموم التي بداخلي.

بداية من أهلي.. أنا في مرحلة المراهقة، وبعد تفكير وجدت نفسي مقيدة من طرف أهلي.. إدعاءا بأنهم في الحقيقة لا يريدون إلا مصلحتي، إلا أنني سئمت منهم ومن تشددهم ذاك.

تلك الأرقام المسمى بال(الدرجات).. هي من تحدد سعادتهم ومن تحدد ذكائنا ! تلك الدرجات التي لم نأخذها إلا من كتب و شروحات المدرسات من دون أن نعرف أهميتها، درسناها كما لو أنها شيء ليس ذو أهمية بسبب جهلنا بذلك، وإن عرفنا أهميتها.. فإننا لا نفكر سوى بالتخلص من ذلك الجدول الذي يأخذ كل طاقاتنا لأجل أرقام تكتب على الورقة لتحدد مستوانا الدراسي، والذي يراه البعض – الأهل – مستوى ذكاء لا أكثر.

و تلك الدروس المعادة نفسها كل عام.. والتي درسها قبلنا عدة طلبة في مراحل وأزمنة سابقة.. وكذلك حصلوا على نفس الدرجات – أي سنكون نفس تفكيرهم ووعيهم المنخفض !

و ذلك الجدول الذي لا يسمح لنا لا براحة، ولا سعادة.. كل ما علينا فعله هو  أن نجتهد ونستنفذ كل طاقاتنا لأجل حفظ وفهم مواد صعبة.. يستطيع الناس فهمها وحفظها من خلال الأفعال و الأدوات – لا الكلام والكلمات !

إقرأ أيضا : غارقة في الهموم

وي نفس الوقت يريدون منا أن نلتزم بزي ممل، ونجلس بأدب في مقاعد خشبية لمدة ساعة و 40 دقيقة ! و كل هذا أن لا نبستم ولا نلتفت.. فقط تركيز على المدرسة أو الأستاذ ! حسناً، و ماذا بعد ؟في يوم القيامة هل سيسألونا عن الجغرافيا؟ هل سيعطوننا معادلة لنحلها لأجل دخول الجنة ؟.. كلا ، كل ما سيحدث في يوم القيامة هو السؤال عن الصلاة، وسوف نقرأ كتابنا ليرى كل منا أعماله.. إذا كانت صالحة أو عكس ذلك.

لماذا لا يعلموننا الأخلاق وحفظ القرآن الذي يفيدنا في الدنيا و الآخرة، بدلاً من تلك المواد الصعبة التي تأخذ كل طاقاتنا، وفي النهاية لا نحصل لا على الإجابة على تساؤلاتنا.. ولا على أجر ليوم القيامة.

كنت أمر طوال السنوات الماضية – منذ إنتهاء طفولتي – بضغوطات وتعب و أمور فوق طاقتي.. أصبحت باردة، مكتئبة، مملة، حزينة، كسولة، هادئة، لا أطيق أمور الأطفال والتصرفات الطفولية.. و لا أهتم بما تهتم به الفتيات في مثل عمري. كان إهتمامي الوحيد هو قراءة الكتب و الروايات، وطلب العلم، وتعلم اللغات.. وكل ما يفيدني و يخرجني من الواقع المؤلم، و ربما يصنع فرص لي.

لكن هيهات هنالك من يصحح كلماتي باللغة الفرنسية
بأسلوب يقول لي : لا تتعلمي الفرنسية.. فأنتِ حتى الكلمات باللهجة الأم لا تعرفين لفظها ! نعم أعاني من نطق بعض الحروف.. مما يؤثر على مخارج الكلمات، لكن من يستطيع التحدث بوضوح و ينطق بالطريقة الصحيحة و هو صامت؟ إذا تحدث بشيء ما تحدثوا بنيابه عنه؟ و مع هذا يقولون لي أنتِ قارئة كتب.. كيف لا تستطيعين التحدث بوضوح؟، و عرض الأفكار ومناقشتها وأنا إذا تحدثت فكأنني أتحدث مع الحائط لا مع البشر؟

كان الطبخ من اهتماماتي.. بالأخص المعجنات والكيك، لكن معروف أنه من يطبخ يجب أن لا يكون غاضبا أو حزينا.. وإلا فستكون الأكلة التي طبخها غير لذيذة. وأنا حين أبدأ بالطبخ لا يتحدثون معي سوى عن المواقف السيئة، و يزعجونني بمزاحهم الثقيل، وهم يعرفون أنني لا أتحمل ذلك؟!.

إقرأ أيضا : الحياة اتعبتني

والكل يرغب بالإستيقاظ صباحاً، وأنا اعيش بين أخوات اثنتين في نفس الغرفة وفي بيت جدي الذي  تعيش فيه ثلاثة عائلات. والمنزل ليس قصرا لكي آخذ حريتي به!

قولوا لي كيف أستيقظ بالصباح الباكر، و يجب أن لا أصدر همسا؟ كيف أطبخ طعاما لذيذا و أنتم تزعجونني؟ كيف اقرأ وأستفيد من الكتب والروايات وأنتم ترغبون بنتائج سريعة؟

ألم يعلموا أن قراءة الكتب مثل تناول تمرة.. لا تظهر فائدتها إلا بالإستمرار بأكلها بعد مدة طويلة؟! كيف يكون لي روتين صحي، ومن حولي أناس كسولين ولا يأكلون سوى ما فيه الكاربوهيدرات و السكريات؟

كل واحد من أهلي يريدني بالشخصية التي يفكر بها، وكل واحد شخصيته غير الأخرى. وإذا كنت بالشخصية التي تريدها أمي.. تحدثوا عني و قالوا أنني كذا و كذا. وبالشخصية التي يريدها أبي قالوا كذا وكذا. كيف لي أن لا أهتم بكلام الناس؟ و أنا منذ بلوغي يقولون لي لا تفعلي هذا لكي لا يقولوا عنكِ كذا !. و كيف لي أن أطيع والدي طاعة عمياء وأنا أتعرض منذ صغري للضرب، والطرد، والصياح.. بسبب عدم طاعتي لهما في أبسط الأمور !

كيف لي أن أصمت عندما أكون بين الضيوف، وأن لا أتدخل بكلام معهم؟ و كلما أحاول التحدث مع أحد في مثل عمري يأتي شخص آخر من أهلي ويتحدث مكاني بحيث أكون كقطعة الأثاث بينهم. وبعد كل هذا يريدون مني أن أتحدث للتسلية، وأن أتحدث بوضوح و هدوء. كيف لي أن أضحك و ألعب مع الأطفال وهم يقولون لي بأنني كبرت على التصرفات الطفولية؟ كيف لي أن أبتسم و أفرح عند خروجي للتنزه وهم أنهوا وأفرغوا أعصابهم و نفسيتهم علي؟

إقرأ أيضا : ضغوط من كل الجهات

كيف لي أن أبتسم وأنا محطمة منهم؟ كيف لي أن أنجح وهم لا يدعمونني؟ كيف لي أن أعيش حياتي وهم من جعلوني أفقد متعة الحياة؟ لم يتبق إلا أن يجعلوني كافرة وهم يأمرونني بالحجاب ! . ألا تتوقعون من فتاة غير عاطفية وكئيبة جداً.. أنها قريبة من الانتحار؟.

أنا قررت أن  أفضفض بعدما تذوقت لأول مرة جمال الحياة ولذة المرح وبعد أن انفتح قلبي للمشاعر اللطيفة الدافئة. ورأيت كم من الجميل أن يكون القلب مفتوحا.. ويستقبل كل هذا الكم من الفرح و السعادة في وقت قصير.. كان هذا مع صديقاتي اللاتي فتحن قلبي للحياة بعد جمود و جدية كبيرة مني.

لكن الذين يدعون بأنهم يرغبون بمصلحتي عادوا وجرحوا قلبي، ونثروا كل ذرة سعادة و حب من قلبي بعد عصياني لهم لمرة واحد فقط.. لأجل ساعتين قضيتها مع صديقاتي في آخر يوم من دوامي. كانوا غير موافقين على خروجي، تجنبا لكلام الناس.. ولكي لا يقولوا على بنت فلان كذا، و فعلت مع صديقاتها كذا في المكان كذا!

أيقنت أن الجمود والسكوت الذين كنت عليهما قبل أن أفتح قلبي أفضل لي من أن أفرح لساعتين من أصل عدة سنوات ! كم مرة دعوت بأن يهدي الله أمي وأبي، ودعوت بالرحمة والجنة والخير لهما. وبأن أكون البنت مثالية لكن الآن أشعر بأنني كرهتهما، و كل ما أرغب به هو الهروب، أو ربما سيكون الإنتحار أرحم لي من الهروب.. لكن كلاهما لا يرضي الله.

فكل ما لدي هو الصبر على هذه الهموم والضغوط، وتقبل السلبية والأذى الذي أتلقاه منهم. وأسأل الله أن لا يضع أحدكم بمكاني ووضعي الميؤوس منه.

التجربة بقلم : فاقدة الأمل – العراق

المزيد من المواضيع المرعبة والمثيرة؟ أنقر هنا
guest
7 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى