تجارب ومواقف غريبة

هوام الليل

بقلم : إيمان ايمي – السودان

وحين أصر ان يرى وجهها وقف امامها وليته لم يفعل

لطالما حذرت ابن اختي من التسكع مع اصدقاءه ليلا والعودة بعد منتصف الليل ..خاصة وان منطقتهم مليئة بمجاري السيول التي تجف بعد الخريف وتصبح ملاذا للصوص والمجرمين..ولطالما سخر من قلقي وتشدق بشجاعته وقوته مظهرا عضلاته المفتولة وأنه لا يوجد لص بامكانه ان يغلبه,,وحين اخبره ان الليل يخبئ هوام لا يهمها قوة الجسد يضحك ويقول الاشباح مكانها فقط داخل موقعك الكابوسي يا خالتو !.

الشاب في سنته الجامعية الثانية حفظه الله..قبل عدة اشهر كان مع شباب الحي يتسامرون كالعادة علي ناصية شارعهم يجلسون علي مصطبة عالية يحيطهم الظلام الا من بعض الانوار الضعيفة المتباعدة ..كان اهل الحي قد ناموا وسكن الكون.. فقط هم,, وكلاب جارهم الشرسة التي يطلقها بعد انقطاع المارة وخلو الشوارع ..لاح لهم من بعيد شبح قادم نحوهم من جهة الغرب ولم يتبينوا انها فتاة الا بعد ان وصلتهم وانحرفت يمينا في شارع الكلاب..

يقول ابن اختي : علمنا انها غريبة عن الحي حالما انعطفت في هذا الشارع وتوقعنا انها ستعود راكضة أو ستصرخ طلبا للنجدة حين تهاجمها الكلاب التي كانت هادئة حتي هذه اللحظة..وفعلا هاجت الكلاب واخذت تحيط بها وتنبح عليها وهي في سيرها أدارت وجهها ناحيتهم واصدرت صوتا يحاكي الزئير فخافت الكلاب وركضوا مبتعدين عنها في رعب! وواصلت سيرها .

يقول: حقيقة شعرنا باستفزاز رهيب.. نحن شباب الحي أضطررنا مرارا لدخول منازلنا من الشوارع الخلفية بسبب هذه الكلاب الشرسة وهذه الغريبة تخيفهم ؟ فأصر ان يلحق بها ليعرف من هي وماذا تريد خاصة انها بعد ان اخافت الكلاب انعطفت عائدة نحو الغرب بالشارع التالي ولم يوافقه سوي شاب اخر اضخم منه واكثر قوة, اما باقي الشباب فتندروا بأنهم لن يلحقوا بفتاة ارعبت الكلاب التي ترعبهم..

سار الشابان خلف الفتاة اولا بحذر ومن علي البعد فلاحظا انها تسير بلا هدي وكانت كأنها تتخير الشوارع المظلمة لتسير فيها وتعود من شارع اخر لنفس الاتجاه فحثا سيرهم خلفها وناداها الشاب الاضخم : هيي يا بنت..توقفي.

لم تلتفت نحوهم وواصلت سيرها فأسرعا اكثر للحاق بها وحين اقتربا منها أحس ابن اختي فجأة ان قواه خارت وانفاسه ثقلت وانتصب شعر رأسه وجسده وبالكاد حرك يده وأمسك ساعد صاحبه . أخبره ان يعودا لأنه يحس بشيء غريب,, رفض صديقه العودة وقال له عد انت وانا سأصل لأخرها..

حمل ابن اختي جسده حملا لأقرب ماسورة ماء عند دكانة قريبة منه وغسل وجهه وشعره وهو يتساءل ما هذا ؟ماذا حدث لي؟ .. حينها سمع ضجة بقية الشباب الذين لحقوا بهم بعد ان تشجعوا وربما حب الاستطلاع هو ما حركهم,, اخبرهم ان الشاب الأخر مازال يطارد الفتاة فاتصلوا بجواله عدة مرات ولا جواب,, قرروا الانتشار في الشوارع القريبة والنداء والاتصال وفجأة رأوه يركض مقبلا وهو يضئ كشاف الجوال فوق رأسه ويهذي فأخذوه لبيته وقرأ والده الشيخ عليه القران .. ثم هدأ وعاد لرشده واكمل القصة.. يقول اقتربت منها ولم تتوقف ابد رغم اني عرضت عليها المساعدة فقط كانت تقول : أذهب من هنا, من الافضل ان تعود ادراجك,, اتركني وشأني .

وحين أصر ان يرى وجهها وقف امامها وليته لم يفعل,, كان وجهها وجه كلب بالكامل ابيض رغم سواد بشرتها وعيناها حمراوان متقدتان.. قالت له شيئا من شدة فزعه لم يستوعبه وكأنه اصيب بالصمم فقط اطلق ساقيه للريح وظن انها خلفه وتذكر خوفها من الاضاءة فأشعل كشاف جواله فقط هذا ما يذكره..

تفقد اصدقاءه جواله فوجدوا ثمانية عشر مكالمة فائتة منهم وهو يقول لم اسمع جوالي يرن مطلقا..

برأيكم ما هذا الشيء وما غرضه من التجوال ؟ …

هذه التجربة حقيقية واشخاصها حقيقيون وتجولت في هذه الشوارع كثيرا الا انني لم اصورها لكم .

ملحوظة:: لم اقص هذه التجربة في وقتها مراعاة لحالة الشابين النفسية ولكن ابن اختي هذا عاد من جديد لرفع الحديد والسهر فنشرتها ليتذكر احداث لم يجد لها مبرر ابدا وليتذكر أن الليل خلق لحياة هوام غيرنا نحن البشر .

تاريخ النشر : 2015-09-12

guest
18 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى