تجارب من واقع الحياة

وجع في قلبي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أنا هيفاء كنت قد شاركتكم سابقا بتجربتين هما هذه قصتي وأخي يضيع مني وسعدت بتعليقاتكم المشجعة والجميلة.. أما اليوم فجئتكم أحمل وجعا لا يضاهيه وجع، جئتكم أحمل أملا مفقودا وحزنا وخيبة..

كما أخبرتكم مسبقا فأنا تحملت مسؤولية عائلة بأكملها بعد طلاق أمي منذ عشرين سنة، ثم زوجة أبي منذ أكثر من عقد ثم وفاة والدي قبل عامين ونصف وتلك كانت قاصمة الظهر..

رأيت في حياتي الكثير وعشت الكثير وتحملت الكثير.. أعصابي تلفت من كثرة الضغوطات والآلام والوجع، اثنان وثلاثون سنة من حياتي قضيتها أقدم وأعطي وأهب دون أن أطلب شيئا، تارة باسم العطاء وأخرى باسم الخوف ذلك الذي عشش في كياني فحطم كل ذرة مني..

قبل سنوات قليلة وكأي فتاة وإن أقيمت حولها بروج مشيدة دق هذا الأحمق الذي بين ضلوعي، كان شابا أقل ما يقال عنه أنه نبيل.. شيء ندر وجوده في زمن المادية والمصالح، وهنا سأقول شيئا سيؤنبني الكثير لأجله لذا فرجاء تجاوزوا هذه النقطة، أجل تواصلت معه رغم كل ما كان يحيطني من خوف وأعين ترقبني لكني فعلتها..

إقرأ أيضا : وجع الخيانة

لحوالي السنة بقينا كذلك دون أي وعد منه بزواج .. وذلك ليس بل لأنه لا يريد بل لأن ظروفه المادية كانت في الحضيض.. عامل يومي، يعيش وحده في سكن بسيط ويصرف على نفسه. كان لا يريد ربطي به وهو لا يعرف متى يكون جاهزا، خاف تأنيب ضميره .. وهنا أنا رأيت أن تواصلنا على غير فائدة وبلحظة أخبرته أني سأقطع التواصل معه لأنه شيء غير جائز خاصة وأنه لا شيء جدي قريب.. لكن سأنتظره حتى تتحسن ظروفه ونأخذ خطوة جدية..

كان رده قاسيا نسيت تفاصيله لكن اتهمني بأني كنت أملأ فراغا عاطفيا لا غير، وأن الحب لا يكون هكذا.. ثم قال أنه إن وجد نفسه جاهزا يوما ولايظن ذلك سيأتي لي وإلى ذلك اليوم فوداعا..

وجع عظيم اجتاحني وقتها، كنت لا أقوى حتى على التنفس، بكيت كما لم أبك في حياتي، أرسلت له أوضح مقصدي ولكن بلا جدوى.. أغلق كل الأبواب في وجهي.. ولأيام دون أكل وشرب واكتئاب حطمني تماما بقيت كذلك حتى عدت للواقع وتقبلت الفراق شيئا فشيئا..

كعادتنا كبشر النسيان هو ما يجعلنا قادرين على التخطي والعيش، عشت لكن لم أتخط، اختفيت بحيث لا يجدني وصرت أراقبه على مواقع التواصل من بعيد.. وأعرف أخباره وأنه بخير..

إقرأ أيضا : وجع قلبي

هكذا إلى أن توفي وجع العمر والدي رحمه الله، بعدها بسنة أرسلت له رسالة أسأل عن حاله.. فرد علي بأنه مشتاق لي، أخبرته أني سأراسله لكني بعدها ولظروف غيرت رقم هاتفي، فاعتبرتها إشارة فلم أشأ أن أعيش الوجع والخوف مجددا ..

ولكن الحماقة أعيت من يداويها فعلا… رحت ونبشت هذه الأيام الجرح مجددا، كرد فعل لكل الأزمات والضغوطات النفسية الهائلة التي أعيشها، كانتقام للتعب والعجز والمشاكل التي أغوص فيها، ولأعطي نفسي فرصة أخيرة حتى لا أندم مستقبلا، راسلته مجددا..

قال أني تغيرت، وكأن روحي انطفأت، أنا لم أكن كذلك، لكن كان حديثي جديا بعيدا عن العواطف والمشاعر حتى أثبت على قرار معه.. كان لايزال كما هو وبنفس الظروف، ست سنوات تقريبا ولازال كما هو.. حاولت معه بشتى الطرق أن أقنعه أن يعطيني كلمة فقط ثم نبني على ذلك دون جدوى.. كان لا يريد تقييد نفسه بوعد.. ولايريد الزواج دون أن يكون جاهزا ولا يعرف متى فلربما لا يكون جاهزا مطلقا!! إذن على أي أساس سأحادثه؟

كنت قاسية أخبرته أن الأمر ليس للظروف فالإنسان يتحدى الظروف، الأمر أنه كان حرا ولا يريد أن يقيد.. أنه يخشى الالتزام ويخاف المسؤولية.. هذا عدا عن أنني لم أطلب منه شيئا .. كنت راضية قانعة بكل شيء وأن نبدأ من الصفر..

لم نصل لأي شيء وكان جدالا عقيما أنهيته وودعته .. كنت منهارة ومع ذلك مقتنعة أنه القرار الصحيح. كنت أحترق من الداخل.. أثرت مواجعي القديمة بيدي، وتمنيت لو لم أفعل..

إقرأ أيضا : ألم قلبي…

اكتشفت بعدها أنه أغلق كافة حساباته وجعلها خاصة بحيث كانت متاحة للعامة، ولا أدري أذلك انتقام مني أم حتى لا أتعلق بوهم وسراب كما فعلت السنوات الفارطة. لكن وجعا عميقا كان يأكلني حركني لأثأر، وأجد طريقة لأرسل رسالة قاسية للغاية تجعله يتألم كما أفعل، ختمتها بأنه لا يستحقني كما تقول أمي دائما أن لا أحد يستحقك، وأنه سيبقى وحيدا دائما كما كان، ولن يجد مثلي مطلقا.. قطعت أي فرصة للعودة من جديد.

الآن أنا كئيبة، كرهت كل شيء من حولي، نفسي وأسرتي التي رغم أنها دمرتني، لكن أعلم أنها ستضيع دوني. وتقاعست عن مسؤولياتي الكثيرة… في داخلي أدرك أن الله أراد لي شيئا أفضل، وأعلم أنه عسى أن تكرهوا شيئا وهو خير، ولعله أراد لي سبحانه ألا أتعذب مستقبلا كما تعذبت دائما .. كل هذا أنا موقنة منه لكن الألم كبير، كبير جدا أن تدرك أنك كنت ترهن نفسك لأجل سراب. هذا عدا عن أني أحببته حقا، أحببته من كل قلبي..

ملاحظة: الرجاء عدم الحكم عليه بالمتلاعب وغير ذلك، فهو ليس كذلك أبدا، هو يحمل مبدأ ورأيه واضح من البداية، أنا التي تعلقت بالأوهام وظننت أن الأيام ستغير شيئا.

التجربة بقلم : هيفاء

المزيد من المواضيع المرعبة والمثيرة؟ أنقر هنا

 

 

.

guest
36 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى