تجارب من واقع الحياة

و انقلب السحر على الساحر

بقلم : جهاد – الجزائر / فرنسا

لست مرتاحا لما فعلته و لكني مجبر و لا أعلم كيف أكفر عنه ؟

أخوتي رواد موقع كابوس الذي أتابعه منذ سنتين تقريبا و الذي وجدت فيه خير معين على غربتي و بعدي عن الوطن و الأهل ، فأصبح لي وطن و لو كان افتراضيا من وراء الشاشة .
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ..  

 أنا شاب في سن 28 ، انسدت في وجهي كل أبواب العيش الكريم ، رغم أني أحمل شهادة عليا و كنت من المجتهدين في دراستي ، و لكن اكتشفت بأنني لم أكن سوى مشروع عاطل بدرجة الماجستير للأسف ، فبعد تحصلي على درجتي العلمية ، طرقت كل الأبواب و كان كلها تقفل في وجهي بالمفتاح و أنتم أدرى بالسبب .

 لم أجد أمامي من حل سوى الهجرة إلى فرنسا كعدد كبير من رفاقي ، و بالفعل فقد قضيت شهورا طويلة أمام السفارة إلى أن حصلت أخيرا على إجازة دراسية محدودة ، فجمعت ما قدرت عليه من نقود و رحلت و كلي أمل في تحقيق ما لم أستطع تحقيقه في وطني .

 لكن واجهتني في بلد المهجر مشكلة أخرى ، صعوبة الحصول على عمل كريم ؛ لأن شهادتي لم تشفع لي كما أنه كان لابد لي أن أبدأ من الصفر إذا ما أردت العمل بشهادة جامعية ، فما كان مني سوى أن خضعت للأمر الواقع و عملت في محلات لمهاجرين عرب و مسلمين .

 لكن كان لابد لي من الحصول على إقامة تحميني من الترحيل و تضمن لي الحماية من استغلال أرباب العمل ، و قد حاولت طويلا أن أحصل على الإقامة متجنبا الطريقة الوحيدة التي كان الجميع يشير علي بها ؛ لأنها منافية لما تربيت عليه من قيم ، و لكن بعد طول المعاناة و انسداد الطرق ، خضعت و قبلت الحل الوحيد أمامي : الزواج الصوري من فتاة لديها الإقامة و الجنسية الفرنسية .

فارتبطت بفتاة عربية / فرنسية ، و هي صديقة لزوجة صديقي المقرب ، و فعلا تسوغنا منزلا بأحد الأحياء ذات الأغلبية العربية ، و كانت تقطنه وحدها و تتصل بي عندما تأتي الموظفة بدائرة الهجرة المكلفة بملفنا ، و ذلك لأن القانون الفرنسي بات متشددا فيما يخص هذه الزيجات المختلطة بهدف الحصول على الإقامة ، بينما كنت أسكن مع عدد من المهاجرين غير الشرعيين مثل حالتي .

بعد سنة و بعض أشهر على الزواج و زيارات فجائية كثيرة منحتني السلطات إقامة مؤقتة ، ثم بعد أشهر أخرى منحتني إقامة لعشر سنوات أخرى و الحمد لله ، و في هذه المدة كنت أعمل ليلا و نهارا و في وظيفتين أو ثلاثة يوميا حتى أوفر الراتب الشهري الذي اتفقت عليه مع الفتاة و أتمكن من دفع إيجار المنزل و مصاريفي اليومية .

في الحقيقة علي الاعتراف بأن الفتاة ، هي الأخرى كانت بحاجة للمال ؛ من أجل دراستها ؛ لأن والديها كانا مطلقين و والدها متهرب من القيام بأعبائها و مصاريفها هي و أمها و أختها ، و مع ذلك فقد كانت متسامحة معي في عديد المرات عندما كنت أواجه صعوبات في تأمين المال .

هذا هو ما أكبرته فيها ، ففي البداية كنت أحتقر نفسي و أحتقرها لأنها قامت بمثل هذا العقد الذي لا تقدم عليه النساء ، أو هكذا ظننت و لكني عندما تعرفت عليها أكثر و جدت بأنها مسكينة و مجبرة مثلي تماما، فمن أين لها بالمال لدفع مصاريف أهلها و دراستها و العيش بكرامة ؟

لقد وجدت فيها طيبة و صبرا و احتراما لم أقابله في كثير من النساء و الفتيات ، فطوال زواجنا الصوري لم تحدث منها أو مني تجاوزات رغم ما كنت أسمعه عن هذا الزواج سيئ السمعة ، لم تكن تهتم سوى لدراستها و عائلتها .

لن أنكر بأن الفتاة أعجبتني و لاقت من نفسي قبولا و احتراما ، و هو ما دفعني إلى التفكير فيها كزوجة حقيقية لا صوريا كما هو الحال الآن .

 خاصة و أنني قد سألت عن حكم الزواج الصوري ، و وجدت بأنه محرم و هو ما يحز في نفسي فأنا أريد أن أكفر عن ذنب هذا الزواج المحرم و تحويله إلى زواج حقيقي كي يبارك الله لي و لها ، لأننا للأسف أجبرنا على ذلك إجبارا، و لكن المشكلة بأنني لم أستطيع التحدث مع الفتاة أو أهلها كما أن الفتاة (24 سنة ) قد اتصلت بي لاتخاذ إجراءات الطلاق بالتراضي ، و هو ما منعني من التحدث معها .

لست مرتاحا لما فعلته و لكني مجبر و لا أعلم كيف أكفر عنه ؟  كما أنني أريد أيضا حماية الفتاة التي قد تضعها الظروف مرة أخرى أمام زواج صوري قد يؤذيها ، لأن بعض الشباب قد يقدم على أشياء مشينة خاصة عندما تكون الفتاة صغيرة مثلها .

أرجوكم أشيروا علي ماذا أفعل معها ؟؟

تاريخ النشر : 2016-03-30

guest
22 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى