تجارب من واقع الحياة

و لقد أتضح أنني المشكلة

بقلم : Glass – تونس

لم أعد أشعر بشيء و صرت اتصنع المشاعر

 مرحباً جميعاً أيها المساعدون، الرائعون ، في حال كنتم قد نسيتم من أكون أو لا تعرفون ، فأنا فتاة في ال16 من العمر و أنا أعاني من حالة نفسية اسمها الاضطراب الوجداني ثنائي القطبين ، و لكنها لم تعد كذلك لا أدري ، الأمر شديد التعقيد و لكنني سأحاول أن أصفه لكم كما يبدو لي ، في البداية علي أن أشكركم على نصائحكم ، أنا أقدر هذا كثيراً و يزعجني أنها لم تنفع معي و لكن شكراً جزيلاً.

حسناً مشكلتي هذه الأيام هي أنني لا أشعر ! كيف ؟ لا أدري و لكنني لم أعد أشعر بالمشاعر التي ينبغي علي الشعور بها كالحزن ، الغضب ، الهوس ، أنا لا أقول أنها معدومة و لكنها تتجه نحو العدم ، أعلم أنني سبق و مررت بفترة برود مشاعر طويلة و لكن الأمر أصبح أعمق الآن ، لم تعد تأتيني نوبات هوس حتى أصبح أتصنعها و هذا لا ينجح في غالب الأحيان ، و نوبات الاكتئاب التي كانت ترافقني كل يوم و ليلة أصبحت شبه معدومة ، حتى هي أصطنعها و هذا مضحك جداً و مقيت !

حسناً أريد أن أصارحكم ، فهذا حصل فقط بعد شجار بيني و أحد إخوتي لسبب تافه و أنا لست السبب ، و أنا لا أحاول تبرئة نفسي أو التبرير لها ، أنا حقاً تعرضت للظلم و الطعن كثيراً تلك الليلة ، بعد أن كان مزاجي في تحسن و استقرار ، إنه حقاً أسخف و أمقت شجار خضته مع أحدهم ، أعني هل سيخبرني أحدكم أنه يوم خاض شجاراً مع أحدهم و كان هذا الشخص قد ضربك و بعد أن يفعل هو ليس بوده أن يتركك بسلام تبكي ، بل سيستمر بمراقبتك بانتصار و أنت تحترق و يقول كل الهراء اللازم لإهانتك و إشعارك بالوهن و بانك لا تساوي شيئاً ؟  سيقول لك كم أنك ضعيف و أنا تبكي هكذا ! إنه حتى يسمح لنفسه بأن يبرر تصرفه على أنه المحق في ضربك و إهانتك أمام الجميع ، أعني الأشباح التي تقف مستمتعة بكوني في ذلك الموقف رغم أنني حاولت مساعدتهم و فرقت بينهم في شجاراهم و لم أتجرأ يوماً على محاكمتهم أو إخبارهم أنهم يستحقون ذلك لمجرد إساءة القول أو لا أعرف

 حسناً لقد نجح حقاً في جعلي ذليلة و عديمة القيمة بما فيه الكفاية هناك ، و أبكي و أحترق في كل مرة يهينني فيها لمجرد البكاء ، و بالطبع أمضيت كامل الليل في البكاء و دعوت إلى ألا أستفيق و لكن هذا لا يحصل دوماً ، كما لو أنني أخاف أن أتغيب يوماً عن الدراسة ، يكفي أنهم لاحظوا احمرار عيني و انتفاخهما و الله وحده يعلم كم كان قاسياً أن أدعي أنني سهرت على بحث أو أنني أعاني من نزلة برد

 أنا لا أقصد أن أطيل عليكم الكلام و إنما أردت فقط أن أعطيكم تفسيراً مقنعاً لكوني عديمة الإحساس ، من المفترض أن أمر بنوبات هوسي المعتادة أو أن أكتئب أو أن أغضب و لكن يبدو أنني فعلتهم كلهم بما يكفي في تلك الليلة ،  يبدو أنني لم أعد أعرف كيف أشعر بهذه المشاعر البسيطة التي تجعلني مني إنساناً ، إنه لأمر مؤلم و أنا لم أعد أشعر بالألم ، و إن فكرت لولهة أن هذا ربما رمز على التعافي فأنا أراه رمزاً على الدمار الذاتي

لقد قطعت علاقاتي الصوتية بكل أطراف العائلة ، أصبحت هادئة أكثر من الازم باردة لا أشعر بل أفكر و حسب ، أعتقد أنني سئمت نفس المشاعر التي تحدد دوري على سطح الأرض ، أعلم أنني أكرهها و لكن من دونها أنا لا أشعر كما لو أنني على قيد الحياة ، كل تلك المشاعر السلبية الهوسية التي كانت ترافقني طول الوقت لتجعلني بلا معنى و بلا حياة ، أنظر إلي الآن ، أنا بلا معنى بلا حياة ، لقد تحولت لأكون شبحاً يتنفس

 أنا لا أكتب إليكم هنا لأتحفكم بغرابة مشكلتي أو طلباً للمساعدة ، مساعدتكم الأولى كانت مؤثرة حقاً ، لقد حاولت أن أحسن علاقتي بخالقي و أنا لا زلت أعمل على ذلك ، أحاول أن أتجنب الشجار و لكن يبدو أنه يسعى إلي دائماً و أنا أقدر المساعدة جداً. أنا فقط أكتب لأحرر نفسي ، عقلي ، للفضفضة ، و أعتذر إن كان خطابي الطويل قد أزعجكم بلا جدوى و قد تبين أنني مشكلة كبيرة لها مدى طويلة ، أنا مشكلة أمي ، مشكلة أبي ، مشكلتي عائلتي التي لم تحاول يوماً أن تساعدني أو أن تفهم ما أعانيه كل يوم ، أنا الآن لست إلا مشكلة ، مشكلة مستعصية تستفز أمي كثيراً ، أنا مصدر إزعاجها دوماً ، أنا مصدر مشاكل الناس ، لذا و قبل أن أنصرف أود أن أعلم أنه ببقائي هكذا  صامتة لا أشعر بمرضي أو بأي مشاعر إنسانية غير البرود و القليل من الضيق و الخيبة ، إن كان هذا يعد مؤشراً على الخطر ، هل علي أن أفزع دون أن أعرف كيف ، أم هي مجرد مرحلة و ستمر ؟ .

تاريخ النشر : 2019-02-17

guest
16 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى