أدب الرعب والعام

48 ساعة

بقلم : عبد الرحمن خليل – مصر
للتواصل : [email protected]

48 ساعة
لقد توفيت زوجتي يا عصام .. مستعد لفعل أي شيء لأستعادتها ..

ينظر أسامة الى ساعته … يتقطع قلبه من الخوف و القلق … تبدو اللحظات طويلة مرهقه و هو ينظر الى باب غرفه العمليات التي تقبع ورائه زوجته المصابة … اسئلة الضابط الذي أمامه لا ترحمه .. يعرض عليه صورا لأشخاص يحتمل ان يكونوا هم الجناة ، و لكن اسامة في وادي آخر …لا يشغل باله غير زوجته .. فكل شيء حوله اخرس بلا صوت … إلا صوت الخوف الذي لا يتوقف عن الهمس داخله بأن الأسوأ سيحدث … ينفتح باب غرفه العمليات بعد انتظار طال طويلا .. ويظهر الطبيب و علي وجهه علامات الأسى و الحزن .. وكأنه يخبر اسامة بعينيه .. انه أصبح وحيدا في تلك الحياة ..

أسامة جحظت عيناه من هول الخبر .. فقد كانت كل ما يملك في الحياة … يستند على الحائط .. ثم يمسك رأسه ناظرا الى اللأعلى والدموع تملا عينيه … يحاول الضابط الذي يقف بجانبه ، أن يهدئه أو يواسيه ، لكن اسامة ما زال في مرحلة الصدمة … و بعد دقائق من التحديق في الحائط الذي أمامه يمسك بهاتفه المحمول ويطلب ذلك الرقم …

– الو

– من معي؟

– أنا اسامة يا دكتور إسماعيل

… صمت من الطرف الآخر ثم يقول : الدكتور إسماعيل قد توفي.

– ماذا تقول … انه كان أملي الوحيد .. فأنا الآن اقبل بعرضكم .. اقبل بلا شروط.

– هل أنت جاد .. اسمع يا اسامة أنا مساعد الدكتور إسماعيل الذي قابلته في ذلك اليوم ..و أنا منتظرك في اقرب وقت و لا تقلق كل شيء معد كما اتفق معك الدكتور إسماعيل …

– أنا في طريقي إليك

***

يغادر اسامة المشفى مسرعا و يتجه الى معمل الدكتور إسماعيل غير مبالي بنداء الضابط له بعدما أخذ اسامة صور المشتبه بهم منه … غير مبالي بأي شيء يركب سيارته نحو وجهته … الدموع ما زالت تغرق عينيه رغما عنه .. الشوارع تبدو بالأبيض و الأسود في عينيه … يرى وجهها في كل شيء حوله .. يسأل نفسه هل ممكن أن يتغير القدر … يتذكر أسامة الدكتور إسماعيل الذي كان قد قابله صدفه في المؤتمر العلمي السنوي .. فأسامة صحفي مجتهد في بداية حياته ، يبذل أقصى ما في وسعه ليوفر حياه كريمه له و لزوجته التي لم يمضي على زواجهما سوي عام واحد .. و قد أرسلته الجريدة التي يعمل بها في ذاك اليوم إلى ذلك المؤتمر .. وهناك تعرف على دكتور إسماعيل حافظ الذي بلغ من العمر أرذله و مع ذلك يقف بشموخ بين العلماء الآخرين .. ويتحدث بفخر عن انجاز حياته الذي سيغير العالم .. و لكنه لم يكشف عنه و عذره في ذلك أن اختراعه ما زال في مرحله التطوير ولكنه قارب على الانتهاء… أثار هذا الكلام غريزة الصحفي لدى أسامة و خطر له انه يمكن أن يحصل على سبق صحفي إذا علم ما هو هذا الاختراع … فأنتظر حتى انتهاء المؤتمر وأتجه كل إلى سيارته… ثم اقترب من الدكتور إسماعيل … ولكن ليس بصفة صحفي ولكن بصفته شخص عاشق للعلوم و الفيزياء .. و انه يقدر كل أعمال الدكتور إسماعيل وانه يتابعه منذ صغره وانه قدوته .. إلى آخر التملق الذي في الدنيا كله … ثم صرح بنيته في رؤية هذا الاختراع الذي سيغير العالم و قدم كل الوعود بأن ذلك سيكون سرا.. و لكن مساعد الدكتور في ذلك الوقت وهو يدعى عصام كان غير محبذا للفكرة تماما .. ولكن الدكتور كان قد أعجب بأسامة و كلامه المنمق … فوافق أن يأخذه إلى معمله ليريه..

امتلأ قلب أسامة بالحماس و الترقب .. برغم انه لم يقرأ يوما كتاب علميا و لا يعرف شيئا عن الفيزياء .. و لكن من منا لا يحب ان يشاهد اختراع سيغير العالم … و في الطريق سأله الدكتور اسماعيل قائلا : ماذا تعرف عن الزمن يا أسامة ؟ .

حاول أسامة أن تكون إجابته مختصرة حتى لا يكتشف احد هنا أن مقدار ما يعرفه عن العلم كمقدار ما يعرفه عن الشمس و هي أنها تنير الدنيا فقط !!! .

…. فبصوت خافت قال : الزمن هو كل ما نعيشه و سنعيشه و عايشناه ..

نظر إليه الدكتور إسماعيل وقال : إجابة حكيمة يا بني .. تخيل إن كان من الممكن أن يكون ما عشته ليس بماضي مطلق .. و ما تعيشه الآن ليس بواقع ثابت …

… التفت اسامة لمساعد الدكتور و هو يضحك وقال: كأفلام الخيال يا دكتور ..

فأدار الدكتور رأسه الى الطريق .. و قال : نعم كأفلام الخيال يا بني…ولم ينطق بكلمه أخرى طوال الطريق ..

وصلوا إلى المعمل أخيرا و دخلوا إلى ذلك المكان الذي يبدو لأسامة كأنه من المستقبل .. أجهزة غريبة في كل مكان و حوائط معدنية و نظام إضاءة متطور يظهر كل شيء بطريقة غريبة و جميلة … وهناك ذلك الشيء الذي يتوسط المعمل .. يبدو كأنه نجم الحفل .. من الواضح انه الاختراع العظيم الذي تحدث عنه الدكتور… عبارة عن غرفة زجاجية يخرج منها عدد مهول من الأسلاك و الدوائر الكهربائية .. تلتف حولها العديد من أجهزة الحاسوب الموصلة بها .. بجانيها العديد من المخدمات الالكترونية …نعم إنها تبدو كاختراع عجيب حقا .. قال الدكتور إسماعيل لأسامة بلهجة ساخرة : أراك و قد سحرتك حبيبتي ..

– نعم يا دكتور إنها مبهرة حقا و لكن .. ما هذه؟؟

– ببساطه يا بني و بدون تعقيدات … وبدون دخول في كلام جائز أن لا تفهمه .. فأنت في النهاية صحفي و لست بعالم ..

ينظر إليه أسامة بتعجب وقد فضح أمره .. لا يعلم ماذا يقول ، و لكن يسبقه الدكتور إسماعيل و يقول : ألا تظن يا بني بأن أحدا في سني و خبرتي و مكانتي لن يفرق بين مهووس العلم ومهووس الشهرة و النجاح ..

و لكن لا بأس .. فأن مرادك جاء إليك في أبهى شكل … فما تقبع أمامك هي .. آله تفريغ زمني و لحظي .. يمكنها نظريا أن تعود بالزمن للخلف في إطار مدته 48 ساعة .. أي يمكنك أن تعود إلى ما حدث قبل أن يحدث .. كما قلت أنت في السيارة كأفلام الخيال يا أسامة .

… تبدو علي أسامة علامات البلاهة و الغباء و هو يسمع ذلك الكلام الغريب .. يظن انه لو كتب ذلك في الجريدة لظن الناس انه مجنون أو يبتدع قصصا خرافية …

يقترب منه الدكتور إسماعيل و يقول : هل تعلم لماذا جئت بك إلى هنا حقا ؟؟ .. ببساطه يقبع أمامك هنا …اختراع أخذ عمر بأكمله .. وليد دراسات في غاية الأهمية و السرية و نتاج استثمارات قدرت بالملايين من مالي الخاص .. و لكن للأسف بلا جدوى فنحن لم نقم بتجربته حتى الآن ..

– و لما لا يا دكتور ؟ .

– مبدئيا .. يجب أن يكون عمر الشخص بين 25 و 40 عاما لأن الإشعاعات و تكنيك الجهاز نفسه تتطلب دورة دموية في هذا السن و لولا هذا الشرط لقمت بتجربته بنفسي …

ثانيا و الأهم لكي أكون صريح معك . نحن لا نعلم كيف ستجري الأمور .. بمعنى أن الشخص الذي سيكون محل التجربة أيا كان سوف يمضي على نفسه تعهد بأننا غير مسئولين عن أي شيء أو ضرر يحدث له .. وهذا يتضمن الوفاة أيضا أو الاختفاء مثلا .. و لكن لا تقلق يا أسامة .. فنظريا من المفترض أن يسير كل شيء كما خططت و لا يحدث أي ضرر أو أخطاء ..

… يصمت الدكتور لبرهة ثم ينظر لأسامة و يقول : أذن هل تريد أن تصبح البطل القادم والاسم الذي سيغير التاريخ وسيتحدث عنه الجميع …

– أنا .. هل تريدني أن أكون فأر تجاربك يا دكتور؟؟

– لا بل ستكون من الأسماء المحفورة في ذاكرة التاريخ … سيكون أسمك على كل لسان …

– في الحقيقة يا دكتور .. انه كلام جميل و لكنني أطالب بفرصة للتفكير .

– و أنا لن اضغط عليك يا بني .. و لكني يجب أن اطلب منك أن تعتبر كل ما رأيته و سمعته هنا سر كبير عميق و أمانة أرجو أن تحفظها ولا تخبر بها أحدا .. معك مهلة يومين يا أسامة وأنا في انتظار ردك …

غادر أسامه المعمل و هو يسأل نفسه أي مجنون هذا الذي سيلقي بنفسه في المجهول و يمضي على نفسه ذلك التعهد …أنهم حقا مخابيل .. ولم يتصور أسامة للحظة واحدة انه هو الذي سيذهب بقدميه للمجهول كما يفعل الآن… فالآن هو الذي يتجه إليهم بمحض أرادته و لكن ليس رغبة في الشهرة أو النجاح .. فقط رغبة في استعادة أغلى ما في حياته و هي زوجته التي فقدها …

وصل أسامه بسيارته الى المعمل و عينيه ما زالت لم تجف من الدموع … ليقابله عصام مساعد الدكتور إسماعيل ويقول  له : ماذا بك يا أسامة ؟ .

لقد توفيت زوجتي يا عصام .. منذ 46 ساعة تقريبا كنا في ورشه أثاث نتعاقد على أثاث لمنزلنا الجديد فكنت قد حصلت على علاوة نقدية و فاجأتها بذلك فأرادت أن نشتري أثاث جديد لمنزلنا .. فطالما كرهت ذلك الأثاث المستعمل الذي أخذته من بيت أهلي الذي كنا نملكه .. و كانت سعيدة فلقد انتظرت كثيرا ذلك اليوم .. فهي كانت لا تطلب الكثير .. كانت ذات أحلام بسيطة .. وبعد ذلك خرجنا لنسير أنا و هي في الشوارع فالهواء كان جميلا برائحة النسيم .. و كنت امسك بيديها .. وانظر إلى ابتسامتها الجميلة .. حين فجأة رأيت شخص يعدو في اتجاهنا بسرعة جعلت من الصعب تمييز ملامحه و هناك شخص ملثم يطارده و عندما اقترب منا الشخص الأول .. اخرج الملثم سلاحه وأطلق النيران … و … و زوجتي حينها سقطت على الأرض لا تتحرك .. فلقد أصابتها احد الرصاصات .. و أنا… أنا لم اعرف ماذا أفعل .. فنظرت أمامي فوجدت ذلك الملثم .. الذي لا يظهر منه شيء إلا عيناه .. رأيته ينظر إلي في عيني للحظات بدت كالساعات .. ثم هرب وأنا لم ألحقه لم أفعل أي شيء سوى أن امسك يدها و أقول لها أن كل شيء سيكون على ما يرام و ظللت اصرخ للنجدة .. ثم بعد ذلك 4 ساعات في غرفه العمليات و الشرطة تحقق معي في أوصاف الجاني .. ثم الطبيب يخرج و يخبرنا بوفاتها ..

يقول عصام بصوت يملؤه الشفقة : أنا لا اعلم ماذا أقول لك يا أسامة ؟ و لكنني علمت لماذا أنت هنا الآن .. و لكن يا للغرابة فاليوم الذي يأتي و يجلب معه من هو مستعد لتحقيق حلم الدكتور إسماعيل … يكون الدكتور إسماعيل نفسه ترك حلمه للأبد و رحل ..

– نعم .. بخصوص هذا فقد قلت لي في الهاتف انه توفى .. موته طبيعيه .. طبعا

– لا يا أسامة لقد قتل هو أيضا .. كل ما نعرفه أن شخصا ما هاجمه في المعمل و هو وحده ليلا وقتله ..

لقد طلبت ألف مرة من الدكتور أن يقوم بتركيب كاميرات للمراقبة و لكنه لم يوافق .. فأنه كان يعامل معمله كمصنع حربي .. ممنوع الاقتراب منه أو تصويره .. عموما و حتى لا نضيع الوقت .. أنت تقول أن الحادثة حدثت منذ مدة لم تتجاوز الـ 48 ساعة  ..أليس كذلك ؟

– نعم …

– إذن دعنا لا نضيع تلك النافذة و نبدأ الآن …

و يبدأ عصام في تحضير أسامة بإعطائه مزيج من السوائل لتهدئة الأعصاب و توصيل يديه بمجسات و وضع مجسات فضية على رأسه .. و أثناء التجهيز .. نظر عصام إلى عيني أسامة الخائفة و قال : انظر يا أسامة لا احد ولا أنا و لا الدكتور إسماعيل نفسه كان يعلم ماذا سيحدث للشخص في الغرفة الزجاجية .. و لكن نظريا .. من المفترض انك ستعود بجسدك 48 ساعة للماضي .. و علينا فقط تحديد المكان الذي ستعود إليه ..

أعطى أسامة لعصام عنوان ورشة الأثاث الذي كانوا فيها هو و زوجته .. وكانت خطة أسامة هي أن يعود هناك قبل الحادثة بساعة ليراقب الوضع و معه صور المشتبه بهم الذي أخذهم من الضابط و عند ظهور احد منهم سيقوم بأي إجراء لمنعه … خطة تبدو لا بأس بها .. و ليس هناك وقت للتفكير في أي أبعاد أو نتائج لها .. فأن مرت 48 ساعة على الحادثة أصبح الرجوع لا جدوى منه …وهكذا خطى أسامة نحو الغرفة الزجاجية .. أو بالأحرى خطى خطواته نحو المجهول … انغلقت أبواب الغرفة .. و هو ينظر من خلف الحاجز الزجاجي إلى عصام الذي يشير إليه و يبتسم .. و يقرب يديه من ذلك الزر الأسود .. و يضغطه …

يفتح عينيه ليجد انه فجأة في نصف الطريق .. و السيارات في اتجاهه تنطلق .. يحاول أن يتفاداها .. مفزوعا يصل إلى الرصيف .. محاولا أخذ أنفاسه .. و قلبه يدق بسرعة كبيرة و رؤيته مشوشة و هناك صفير حاد في اذنيه .. يحاول الهدوء و قد وضع يديه على ركبته و اثنى ظهره .. محاولا اخذ أنفاسه.. وبدأت الرؤية في الوضوح تدريجيا .. يقيم ظهره و ينظر أمامه ليجد تلك الورشة … ينظر مسرعا إلى ساعته .. يا الهي لقد نجح الأمر يقولها بصوت مرتفع .. لا يصدق ما حدث. فهو فعلا قد عاد في الزمن .. إنها معجزه بكل المقاييس … يخرج صور المشتبه بهم من جيبه و يبدأ في تفحص أوجه المارة بجانب الورشة … لم تمر دقائق حتى فتحت أبواب الورشة ليخرج منها هو وزوجته .. لا يصدق أسامة عينيه فهو يرى نفسه .. نعم يرى نفسه و زوجته يخرجان من الورشة وهم سعداء انه يتذكر تلك اللحظة .. و لكن ما يراه أسامة كثير على أي إنسان أن يحتمله فلقد تشوهت كل الحقائق في عينيه .. انه الجنون بعينه .. يتذكر تحذيرات عصام من أن يصنع أي تفاعل مع نفسه في الماضي حتى لا يخل بشيء في المستقبل .. فلا يجب أن يلفت أي انتباه .. ولا يجب أن تراه نسخته .. سحب عصام ذلك الوشاح من احد الباعة الجائلين و لف به وجهه .. و تتبع نسخته و زوجته و هو يتصفح و جوه المارة و يقارنها بالصور التي في يديه .. و اخيرا .. لدينا فائز .. شخص يشبه إلى حد كبير صورة من الصور التي مع أسامة .. يتتبعه أسامة من شارع لشارع .. و فجأة توقف الشخص وكأنه أحس بمن خلفه … ثم أسرع قليلا .. فأسرع أسامة .. ثم بدأ الشخص بالجري .. فانطلق خلفه أسامة .. وبدأت مطاردة بينهما انتهت .. بانقضاض أسامة عليه .. فأخرج الشخص مسدسه .. فلقد ظن أسامة واحدا من أعدائه أو من المخبرين فهناك مليون سبب يجعل أي مسجل خطر يفزع عندما يحاول احد الإمساك به … يحاول الشخص تصويب مسدسه نحو أسامه .. و لكن أسامة أمسك بيديه و قاومه بكل قوته .. ولكن الثاني استطاع أن يتملص منه بعدما وجه إليه ضربة في وجهه .. ترك مسدسه في يد أسامة بعدما أبى أن يتركه لقبضته. ثم قام بالهروب .. فقام أسامة و انطلق خلفه مرة اخرى .. لكن تلك المرة و السلاح في يده .. و ها هو يقترب من الشارع المعهود .. يرى نفسه و زوجته يسيران ممسكين بأيدي بعضهم و الهارب يتوجه إليهم مسرعا .. لا يفكر أسامة .. يصوب السلاح نحوه و يطلق النيران .. و إذا بالمستحيل يحدث .. لقد أصاب زوجته نعم هو .. لقد أصابها .. يقترب منها و لا يصدق ما حدث .. ينظر إلى نفسه أو نسخته .. ينظر إليه من خلف الوشاح الذي يغطي وجهه .. ينظر في عينيه مباشره .. ينظر إليه للحظات بدت كالساعات .. ثم قام بالهرب .. لا يعرف إلى أين و لكن إن كان هناك جواب لكل ما يحدث فسوف يكون في ذلك المعمل .. وفعلا يتوجه أسامة إليه .. يقفز من فوق السياج .. يتجه إلى الداخل .. و إذا بالدكتور إسماعيل يجلس معتكفا على الحاسوب .. ينقض أسامة عليه كالمجنون .. و يقول : ماذا فعلتم بي ؟ .. أنا لقد قتلتها بيدي .. كيف ؟ ..

… ينظر إليه الدكتور و قد ميزه .. يقول : أهدأ يا بني من قتل من ؟ …

– لن تفهم أيها الكهل اللعين .. فلقد أرسلني مساعدك من المستقبل لكي أنقذها و لكني قتلتها .. كل هذا بسبب تلك الآلة  .. سأدمرها .. سأحرقها

.. يتوجه باندفاع إلى الآلة محاولا تدميرها .. يحاول الدكتور منعه بالقوة وينتهي ذلك المشهد .. بأسامة يطلق رصاصته الثانية نحو الدكتور إسماعيل .. ثم يلوذ بالفرار لا يعلم لاين ولا يعلم لمن .. لا يعلم شيئا …

***

ينظر أسامة الى ساعته … يتقطع قلبه من الخوف و القلق … تبدو اللحظات طويلة مرهقه و هو ينظر الى باب غرفه العمليات التي تقبع ورائه زوجته المصابة … اسئلة الضابط الذي أمامه لا ترحمه .. يعرض عليه صورا لأشخاص يحتمل ان يكونوا هم الجناة ، و لكن اسامة في وادي آخر …لا يشغل باله غير زوجته .. فكل شيء حوله اخرس بلا صوت … إلا صوت الخوف الذي لا يتوقف عن الهمس داخله بأن الأسوأ سيحدث … ينفتح باب غرفه العمليات بعد انتظار طال طويلا .. ويظهر الطبيب و علي وجهه علامات الأسى و الحزن .. وكأنه يخبر اسامة بعينيه .. انه أصبح وحيدا في تلك الحياة ..

أسامة جحظت عيناه من هول الخبر .. فقد كانت كل ما يملك في الحياة … يستند على الحائط .. ثم يمسك رأسه ناظرا الى اللأعلى والدموع تملا عينيه … يحاول الضابط الذي يقف بجانبه ، أن يهدئه أو يواسيه ، لكن اسامة ما زال في مرحلة الصدمة … و بعد دقائق من التحديق في الحائط الذي أمامه يمسك بهاتفه المحمول ويطلب ذلك الرقم …

– الو

تاريخ النشر : 2015-07-09

guest
68 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى