منوعات

الغول شاركي آكل لحوم البشر والأرملة وابنتها

بقلم : عزيز العبيدي – تونس
للتواصل : [email protected]

الأم أوجست خيفة من هذا الرجل
الأم أوجست خيفة من هذا الرجل

كلنا في الطفولة رويت لنا قصص جعلتنا لا ننام الليل من شدة الرعب ، و أنا واحد من أولئك الذين حصل معهم هذا فأحببت أن أشارك معكم هذه القصة المرعبة التي روتها لي جدتي ولن أنساها طوال حياتي.

هذه القصة من أكثر القصص التي تأثرت بها و أنا صغير و هي تحكي قصة أرملة كانت تعيش في إحدى القرى و كانت لديها بنت شديدة الجمال وجمالها كان لعنة عليها وهو السبب في كل ما سيحصل لها ..

من شدة المشاكل والغيرة التي كانت نساء القرية يمارسنها على الأرملة و ابنتها قررت أن تسافر لمكان غير معلوم ، المهم أن تهاجر من هذه القرية اللعينة التي لا ترحم الضعيف ، قرية كلها حسد و بغض ، و طبعا كل هذه المشاكل بسبب جمال ابنتها ، لذلك قررت الأرملة السفر و أعدت العدة لذلك فملأت كيسا كبيرا من الخبز و في الثلث الأخير من الليل خرجت هي و ابنتها الجميلة مسرعتان هربا من تلك القرية اللعينة إلى مكان غير معلوم.

ظلت الارملة وابنتها تمشيان حتى ابتعدتا كثيرا عن القرية ، ثم جلست تستريح واخذت تفكر مع نفسها إلى أين سأذهب أنا و ابنتي؟ .. و ثمة شيء أرعب الأرملة كثيرا وهو أنهما منذ خروجهما من المنزل وطوال مسيرها لم تريا أي إنسان أو قرية أو منزل.

أوشكت الشمس على المغيب فقامت الأرملة و ابنتها تسرعان الخطى لعلهما تجدان قرية أو منزل لتقضيا فيه ليلتهما قبل حلول الظلام. لكن غابت الشمس و الحال هو نفسه لا قرية ولا منزل ولا إنسان .. أين الناس؟ .. وأين أنا ؟؟ ..تسائلت الارملة مع نفسها والخوف يعتصر قلبها.

كان الظلام حالك تلك الليلة ، القمر غرق بين السحب الكثيفة حتى انطمس نوره ، وصارت الأرملة تدعو الله أن تجد منزلا أو قرية تقضي فيها ليلتها هيا و ابنتها ، وبينما هما تسرعان فى ذلك الظلام و الجو المرعب رأت الأرملة و ابنتها نارا من بعيد فتنفست الصعداء واتجهت مسرعة صوبها حتى وصلت ، فإذا برجل ضخم غريب الأطوار يجلس متربعا حول تلك النار ، اقتربت منه الأرملة و ابنتها و طلبتا منه المساعدة و قصت عليه قصتهما ، فقال لها الرجل إتبعيني لدي كوخ قريب من هنا يمكنك قضاء هذه الليلة فيه.

الأم أوجست خيفة من هذا الرجل ، لم يكن شخصا عاديا ، وجهه قبيح ضخم جدا ، رائحته نتنة ، لكن ليس هناك أي حل آخر فلو قضت تلك الليلة في العراء لالتهمتهما الوحوش الضارية هي و ابنتها.

حين وصلوا الكوخ قال الرجل الغريب أنا سأظل في الخارج وتستطيعين أن تأخذي راحتك أنت و ابنتك في الكوخ ، فقالت له الأرملة : و أين ستنام أنت يا سيدي؟ ..
فضحك ضحكة شيطانية غريبة و قال لها : أنا لا أنام.
ثم خرج و هو يضحك ضحكة إنخلع لها قلب الأم من الرعب و لكنها تظاهرت بأنها على ما يرام كي لا تفزع ابنتها الجميلة.
وكانت الأبنة قد خارت قواها تريد النوم ، فإحتظنت الأرملة ابنتها و قالت لها بصوت حنون ناعم : نامي يا ابنتي.
و لكن الأم و رغم التعب قررت ألا تنام خوفا من هذا الرجل الغريب.

حل السكون لبرهة من الزمن ، فتسائلت الأرملة : أين ذهب هذا الرجل الغريب يا ترى؟
ثم إذ بصوت الفأس يسحق الحطب فطمأنت الأرملة نفسها و قالت أظن أن هذا الرجل الغريب يريد أن يشعل نار ، هذا عادي جدا ، النار لا بد منها في ليلة كهذه ، و لكن الأرملة قلبها خبيرها فقالت لنفسها هذا الرجل الغريب ليس عادي ويسكن وحيدا في هذا المكان الموحش وكلامه غريب ، ثم ماذا يعني أنه لا ينام ، وضحكته غريبة كأنه شيطان في صورة إنسان .. اااه يا الله أحمني أنا و أبنتي من كل شر.

ثم علا صوت غريب كأنه صوت سكاكين ، وكان يوجد في الكوخ كوة ، فقامت الأم بهدوء لتنظر من خلالها لما يحدث في الخارج و يا ليتها لم تنظر .. كانت هناك نار عظيمة تشتعل و قصعة كبيرة جدا لم تر في حياتها مثلها و سكاكين كثيرة بجميع أنواعها و الرجل الغريب كأنه يريد طبخ وليمة كبيرة من اللحم .. اللعنة أنه يتجه نحو الكوخ ، أسرعت الأرملة و احتضنت ابنتها و تظاهرت بأنها نائمة ، دخل الرجل الغريب الكوخ و نظر نحو الأرملة وابنتها نظرة شيطانية ثم اتجه نحو صندوق كبير و فتحه فإذا بريح نتنة تفوح في الكوخ ..

اللعنة كأنها رائحة جيف ، قالت الارملة لنفسها وهي تشاهد الرجل الغريب يأخذ من الصندوق كيسا كبيرا يقطر منه الدم ثم أغلق الصندوق و خرج من الكوخ.

وما إن خرج حتى اتجهت الأرملة نحو الصندق مسرعة لتنظر ما بداخله ، و قبل أن تفتحه طمأنت نفسها و قالت أظن أن هذا الصندوق ملئ بلحم الحيوانات التي اصطادها هذا الرجل الغريب ، فتحت الصندوق بهدوء كي لا توقظ ابنتها من النوم … اللعنة ما هذه الرائحة النتنة و ما هذه الدماء المتخثرة … لكن الصدمة ليست هنا بل الصدمة لما فتحت الأرملة إحدى الأكياس التي في الصندوق صعقت من هول ما رأته .. أعضاء تناسلية لذكور وإناث و أيدي و أرجل بشرية ..

تماسكت الأم رغم انه كاد أن يغمى عليها من هول ما شاهدته ، أغلقت الصندوق و أسرعت تجاه الكوة لتنظر للرجل الغريب وهي تتمتم : اللعنة .. لا لا .. أنا في حلم .. أيعقل أن يكون هذا الرجل الغريب هو الغول شاركي آكل لحوم البشر الذي أرعب القرية لعقود ، ما أبشع هذا ، أنه يشوي طفل ليأكله ما الذي سأفعله الآن سوف يقتل ابنتي و يأكلها.
و للعلم الغول شاركي لا يأكل إلا الأطفال.

فكرت الأم طويلا و قالت ليس هناك إلا حل واحد ، كيس الخبز سأعطيه يأكل من هذا الخبز حتى يشبع كي لا يقتل ابنتي و يأكلها.
الأرملة طمأنت نفسها و قالت أنا محظوظة لأن الصندوق مليء باللحم و الغول لديه ما يأكله هذه الليلة .. وفيما هي تحدث نفسها وإذا بها تسمع الغول و هو يقول : اللعنة كيف آكل لحما نتنا مثل هذا و لدي وليمة شهية طازجة في الداخل؟! ..

أسرعت الأرملة بعد سماعها هذه الكلمات المرعبة و فتحت كيس الخبز و اتجهت نحو الكوة و بدأت ترمي كسرات الخبز واحد تلو الأخرى للغول و هو يأكل بشراهة حتى شبع من كثرة ما أكل و سقط أرضا و نام و هو يشخر مثل الخنزير ، و للعلم الغول شاركي ينام فورا بعد أن يشبع.

حمدت الأم الله و أسرعت وأيقظت ابنتها و قالت لها بسرعة هيا يجب أن نهرب و لا تسأليني أي سؤال.

خرجت الأرملة من الكوخ حاملة ابنتها على ظهرها و هيا تركض مسرعة و لا تنظر خلفها حتى ابتعدت كثيرا.

طلع الفجر وأشرقت الشمس ، الأم تعبت كثيرا و خارت قواها ولحسن حظها وجدت نهرا يجري فشربت هي و ابنتها و ارتوتا ثم جلستا على ضفة النهر لتستريحان قليلا ثم تكملان مسيرهما ، والأرملة تحدث نفسها بأصرار : يجب علي أن أكمل مسيري ، أظن أنه يبحث عنا الآن.

إستيقظ الغول شاركي من نومه العميق و اتجه مسرعا نحو الكوخ ، اللعنة لقد هربتا ، كيف تنطلي علي خدعة مثل هذه ، كيف لم يخطر ببالي أني عندما أشبع من أكل الخبز سوف أغط في نوم عميق ، لقد خدعتني تلك المرأة و لكن أين ستهرب سألحق بها و أقتل ابنتها أمام عينيها و آكلها بدون شوي.
إمتطى الغول شاركي حصانه و انطلق مسرعا باحثا عنها ، الغول شاركي لديه ميزة و هي تتبع الأثر بدقة كبيرة فيستحيل ان يهرب منه شيء.

في هذه الاثناء كان الأمير قمر الزمان ابن السلطان شاه قد خرج كعادته للصيد ، الأمير قمر الزمان شديد الوسامة و الشجاعة و القوة ، يلقبه الناس بالشمس الحارقة لجماله و قوته ، فالشمس جميلة و في نفس الوقت حارقة ، حتى أنه من شدة شجاعته يخرج لصيد وحيدا من غير حرس ، وكانت أحب البقع إلى قلب الأمير هو ذلك النهر فكلما خرج يصطاد مر عليه ليستريح قليلا على ضفته.

الأرملة : يا ترى من هذا الذي يتجه نحونا؟ يا إلهي أهو الغول شاركي؟ .. لا لا هذا شخص آخر ، الحمد لله ، ربي لك الشكر.

الأمير : من هؤلاء؟ ليس من عادتي أن أجد أناس على ضفة هذا النهر.

اقترب الامير من الارملة وابنتها وقال : من أنتن وكيف جئتم لهذا المكان؟

فقصت الأرملة قصتها على الأمير قمر الزمان و طلبت منه المساعدة و فرحت كثيرا عندما عرفها بنفسه و علمت أنه الأمير قمر الزمان ، وقالت متضرعة : الحمد لله ربي لك الشكر طلبت منك أن ترسل لي شخص ليساعدني فأرسلت لي الأمير بنفسه. وبكت الأرملة من شدة فرحتها.
وبينما هم كذلك وإذا بالغول شاركي يتجه مسرعا بفرسه نحوهم و لعابه يسيل من الجوع .. ما أبشع منظره و ما أنتن ريحه.

صرخت الأرملة : يا إلهي إنه الغول شاركي يا ربي إحمينا.

سل الأمير قمر الزمان سيفه و صرخ صرخة عظيمة من شدتها هربت كل العصافير التي على الأشجار و احمر وجهه و عيناه و امتطى فرسه و اتجه نحو الغول شاركي بسرعة رهيبة و ما إن اقترب منه قفز من فرسه بمهارة و ضرب الغول شاركي ضربة بسيفه من شدتها انقسم جسده الضخم نصفين.

الحمد لله لقد تم القضاء على الغول شاركي الذي أرعب البلاد بأكملها على يد ولي العهد الشجاع الأمير قمر الزمان.
أخذ الأمير الأرملة و ابنتها لقصر السلطنة و روى لأبيه السلطان شاه كل ما جرى من أحداث و استأذنه في خطبة ابنة الأرملة الجميلة فوافق السلطان على ذلك ، ليس هذا فقط بل تزوج السلطان الأرملة أيضا ، و بعد مرور خمس سنوات كبرت البنت التي سماها الأمير قمر الزمان بديعة و تزوجها و عاشا في سعادة و هناء.

تاريخ النشر : 2021-02-14

guest
18 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى