أدب الرعب والعام

هانكو سان

بقلم : أحمد محمود شرقاوي – مصر
للتواصل : [email protected]

كانت فتاة صغيرة شاحبة بشحوب الموتى!
كانت فتاة صغيرة شاحبة بشحوب الموتى!

“هيسا أيتها البدينة”
قالتها تلك الفتاة وهي تقف وسط صديقاتها منادية على فتاة كانت تسير في الممر في خجل كبير, ما إن سمعتها هيسا حتى اضطربت ونظرت أرضا وكادت الدموع أن تسقط من عينيها, كانت هيسا بدينة غير مهندمة الملبس لذلك كانت محط استهزاء كل طلاب الصف الرابع بلا استثناء..

خرجت هيسا إلى الفناء تبحث بعينيها عن مكان بعيد لتجلس فيه متحاشية اي شخص قد يسئ لها, وقبل أن تجد مرادها سمعت ضحكات قادمة من خلفها, التفتت في حذر لتجد هذا الطفل اللعين الذي لا يتركها تهنأ للحظات دون أن يتنمر عليها..
وبدأت الكلمات البذيئة تضرب مسمعها وروحها من الداخل في قسوة وألم, وارتفعت الأصوات وازدادت الضحكات..
بدينة..
ضخمة..
مترهلة..
قبيحة..

وثارت مشاعر هيسا أكثر وأكثر, وزادت الكلمات فظاعة وحدة حتى ركضت الفتاة مبتعدة ليضع أحدهم قدمه في طريقها فتتعثر وتسقط أرضا في عنف فتتأوه متألمة, وضج المكان كله بالضحك عليها, واشتد عليها الألم الجسدي والألم الروحي وامتزجا معا فجعلا وجهها يزداد إحمرارا ودموعها تقف على أبواب عينيها تطلب السقوط..

ونهضت الفتاة وركضت مبتعدة وهي تبكي ومن خلفها لم تتوقف الضحكات القاسية, المستهزئة.. في تلك الأثناء كانت قد ابتعدت كثيرا وذهبت إلى المبنى المهجور في المدرسة, المبنى الذي تم هجره منذ ستة سنوات لأسباب لم تعيها جيدا..

دلفت إلى المبنى سريعا ثم ركضت في الممر حتى رأت بابًا عن يمينها فدلفت منه سريعا, وانهارت الفتاة في البكاء وهي تسترجع كل ما حدث لها في الدقائق الماضية, تتذكر سقوطها أرضًا وتلك الضحكات القاهرة لكل مشاعرها, تراودها الكثير من الأفكار الساخطة..
لماذا أنا بدينة ؟؟
لماذا أنا قبيحة ؟؟
لماذا لست جميلة كبقية الفتيات ؟؟
لماذا يسخر مني الجميع دون غيري ؟؟
أنا لا أستحق تلك الحياة, يجب أن أموت..
أتمنى لو أموت الأن وأنتهي من تلك الحياة التعسة التي أحياها..

وسقطت وقتها في نوبة بكاء عنيفة, نوبة بكاء فجرت بداخلها كل طاقات الغضب والسخط على نفسها والجميع, الغضب الذي زرع بداخلها فكرة الانتحار التي راحت تنمو سريعا كنبتة شيطانية وتغلغلت جذورها في خلايا مخها..

ورفعت رأسها لتجد نفسها في حمام مهجور, قذر, نظرت في المرآة المتسخة فرأت نفسها, جسد بدين وملابس مهلهلة ووجه قبيح بدين.. ظلت لدقيقة كاملة تنظر إلى عينيها من خلال المرآة بعد أن نضبت دموعها وعم الصمت المكان كله..
أنا لا أستحق تلك الحياة, هكذا قالت وهكذا تطلعت حولها لتجد شيئا تنهي به حياتها, هناك قطعة زجاج على الأرض, ربما لو طعنت نفسها طعنة قوية فستنتهي حياتها كلها..
التقطت القطعة الزجاجية من على الأرض وقررت, ستمزق شرايين معصمها لتنتهي تلك الحياة إلى الأبد, قربت الجزء البارز من معصمها و..
والتقطت أذنيها تلك الهمسات الخافتة..

هيسااااا
انتفضت الفتاة وتراجعت إلى الخلف وأسقطت الزجاجة أرضا
هيسااااا
جاءها الصوت من جديد هامسا بصوت كفحيح الثعبان, ركضت ناحية الباب الذي أغلق من تلقاء نفسه في لحظة واحدة مصدرا صوتا قويا جعل قلبها ينتفض وينتفض..

هيسااااا
حاولت بكل ما تملك أن تفتح الباب ولكنه كان لا يستجيب إطلاقا..
هيساااااااااا

والتفتت للخلف لتلمح شيئا ركض من خلفها ليدلف إلى أحد الحمامات ويختفى بداخلها, لم تدرك ماهيته ولكنها تيقنت انها ستهلك عما قريب, وانهمرت منها من جديد الدموع, ولكنها لم تكن دموع القهر بل كانت دموع الرعب..

حاولت من جديد فتح الباب ولكنه أبى أن يفتح, وتطلعت من جديد على باب الحمام الصغير الذي يختبئ فيه هذا الشيء, وتقدمت بقلب مضطرب وأنفاس متسارعة ناحية الباب الصغير لترى ما بداخله, وارتجفت قدميها وزاغت عينيها وهي تقترب وتقترب..

وفجأة تراجعت صارخة حينما صدر صوتا من الداخل, كان صوت غناء فتاة!!..
” صديقتي الصغيرة, في حياة قصيرة, ترجو لعبة كبيرة, حتى تكون صديقة”

كانت تتغنى بالكلمات في براعة شديدة, مما جعل هيسا تسقط أرضا من الرعب وجسدها ينتفض وينتفض!.
” صديقتي الصغيرة, في حياة قصيرة, ترجو لعبة كبيرة, حتى تكون صديقة”
وظهر من كان يغني, وشهقت هيسا شهقة من ينازع الروح, كانت فتاة صغيرة شاحبة بشحوب الموتى, وجهها أزرق وعيناها بيضاء شاخصة, كانت ترتدي زي المدرسة بجسد هزيل جدا متصلب تماما..

وتراجعت هيسا بجسدها حتى التصقت بالحائط وراحت ترتجف بلا أي صوت وهي تراقب تلك الفتاة الغريبة, وانطلقت الفتاة تركض في انحاء الحمام وهي تغني وتدور حول نفسها, وهيسا تراقب وتكاد تفقد روحها من الفزع..
يرتفع صوت الغناء والفتاة تدور حول نفسها حتى بدأت تغضب وتحطم زجاج المرآة ثم تصرخ بصوتٍ عال “لقد قتلوني, لقد قتلوني”

وفجأة توقفت تماما ونظرت الى هيسا نظرة جمدت الدماء في عروقها, وبصوت آمر قالت لها:
– ادخلي إلى الحمام رقم 3
ونازعت هيسا لتنفذ الأمر على الفور, وقفت على قدميها وتقدمت ناحية الحمام وهي ترتجف, وجائها صوت الفتاة يقول :
– الباب
ونظرت هيسا إلى الباب الصغير ورأت تلك الكلمات

“هانكو المعتوهة” “هانكو القصيرة”
ثم صرخت الفتاة الشبح فنظرت هيسا إليها فرأتها تنظر إلى الكلمات وتصرخ أكثر وأكثر ثم أمسكت الفتاة قطعة الزجاج وجرحت معصم يدها
وفي هدوء تقدمت الفتاة من المرآة وكتبت بالدم
“لا يستحقون أن تنهي حياتك بسبب ما فعلوه بك, لا تكوني مثلي”

وفجأة فُتح الباب وخرجت هيسا تركض مبتعدة وهي ترتجف وترتجف..

في اليوم التالي دخلت هيسا إلى المدرسة ورأته, كان يختبئ وسط الطلاب ليضع قدمه لتتعثر بها, تقدمت في هدوء ليضع الولد قدمه في طريقها, ولكن هيسا ضربته بكل قوتها في قدمه فتراجع متألما, ولم تمهله هيسا وركضت ناحيته ودفعته بكل قوتها ليسقط أرضا متألما..
وقبل أن ينطق بكلمة واحدة كانت هيسا تردمه بالتراب وهو يصيح حتى هرب مبتعدا وسط نظرات الخوف والتردد من الأطفال الذين تحاشوا هيسا وركضوا مبتعدين..
وأخرجت هيسا ورقة صغيرة كانت قد كتبتها وقرأتها بابتسامة واسعة
“لا يستحقون أن تنهي حياتك بسبب ما فعلوه بك, لا تكوني مثلي” …

…………………………………………………
هانكو سان Hanako-san

– تدور هذه الاسطورة حول فتاة صغيرة تسكن دورات المياة الخاصة للبنات , في المدارس الإبتدائية , وتردي زياً أحمر , ولديها وجه شاحب , وهي عبارة عن روح طالبة إنتحرت بسبب التنمر والإضطهاد من زملائها , ويعتقد انها تسكن الكابينة الثالثة من مراحيض الفتيات , وتتميز بزوج من الأعين البراقة القاسية ويرعب الشبح أي شخص يضع عيناه عليه. ولا يعرف كونه خبيث أو عنيف بأي طريقة, ولكن عندما تدخل الفتيات الحمام فيجب عليهن قبل دخول الكابينة الثالثة أن يطرقن الباب ويسألن ” هانكو – هل أنت هنا؟ ) .. فإذا قالت نعم .. فيجب أن تهرب الفتاة , وإلا ستسحبها هانكو إلى الداخل وتقضي عليها !

تمت بحمد الله
……

يمكنك تحميل المجموعة القصصية نساء مخيفات كاملة من خلال جوجل, والمجموعة القصصية نساء مخيفات 2 ايضا من خلال جوجل
………..

أعمالي الورقية

إني رأيت
إن الله سيبطله
حتى زرتم المقابر
الميتة والدم

للطلب والاستفسار من خلال صفحة ببلومانيا للنشر والتوزيع على الفيس بوك..

تاريخ النشر : 2021-04-03

guest
9 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى