قطرة أمَل في بحر الآلام !
السعادة لا يجب أن نربطها بأشخاص بل بأهداف بنجاحات |
و بعد أن انتهت قررت أدرس و أجهز نفسي للامتحانات النهائية ، لكن توقف كل شيء بسبب بعض المشاكل العائلية التي لم أحزن فقط بسببها بل مرضت أيضاً ، و بعد فترة بدأت جائحة كورونا التي أوقفت كل شيء معها و زرعت في قلوبنا الخوف و معها توقفت المدارس لشهور طويلة ، أما كورسات التقوية فهي لم تُفتح إلا في شهر يونيو و يوليو ، و أنا طوال هذه الفترة لا أنكر أنني كنت أدرس لكن ليس كثيراً ، لم أكن أرغب في الدراسة أبداً بل كنت أقضي أغلب وقتي على الأنترنت ، و كان أهلي ينزعجون من ذلك كثيراً و يتشاجرون معي دائماً ، لكنني لم أكن أفهم و أهتم ، إلى أن جاء شهر يوليو عشت فيه تجربة قاسية كانت كافية لدميري بشكل كلي ، في الحقيقة لا استطيع الحديث عنها لكن سأكتفي بأنها سبباً في تغيري بنسبة 80% ، أجل ، و ذلك دون أن يعرف أحد أو يفهم ذلك ، و بعد ما عشته بأيام قليلة ضربني أهلي لأنني لا أدرس و كانت تلك التجربة و ضرب أهلي لي سبباً في استيقاظي من أوهامي التي كنت أعيش فيها و سبباً في عودتي إلى الدراسة ،
و على عكس ما مضى كنت أخطط للحصول علي مجموع يدخلني إلى كلية الصيدلة ، كان ذلك صعباً لأن التجربة التي كانت بمثابة صدمة بالنسبة لي كانت تسبب لي الحزن و الألم ، كنت حقاً أحترق دون أن يعلم أحد ، لكن رغم استمريت في دراستي ، هل تعلمون لماذا استمريت في الدراسة رغم كل ما أمر به حينها ؟ لأنني كنت أريد أن أفرح و أحقق هدفي ، كنت أعرف أن دراستي هي الشيء الوحيد الذي سيقودني إلى السعادة ، أجل كنت انتظر يوم إعلان النتيجة الذي سيدخل لقلبي الفرح ، و بالفعل دخلت الامتحان و أجبت بشكل جيد في جميع المواد ما عدا واحدة ، خرجت من الامتحان و أنا أشعر أنها ستكون سبباً في رسوبي ، كنت دائماً أدعو الله أن أنجح في تلك المادة و أحصل على المعدل الذي حلمت به ، إلى أن جاء يوم إعلان النتيجة السادس عشر من ديسمبر سنة 2020 م ،
كان ذلك اليوم هو اليوم الوحيد السعيد في تلك السنة ، في ذلك اليوم نجحت بتقدير ممتاز بنسبة 94% يمكنكم تخيل فرحتي في ذلك الوقت و رغم أني مررت بأشياء جعلتني أحزن و أضعف ، لكنني قررت أن أكون قوية و لا أسمح لبعض الأشياء أن تكون سبباً في حزني و ضياعي ، و الأن لقد سجلت في كلية الطب البشري و للأسف قررت الوزارة عمل امتحان قبول لنا كي يتم قبولنا في الكلية التي اخترناها و ذلك في أغلب الكليات ، و بما أنني وصلت إلى هنا لن أتسلم بسبب امتحان قبول ، و من خلال ما كتبته أود أن أقول لا تستسلموا أعزائي القُرّاء ليأسكم و أحزانكم و إحباطكم و مشاكلكم ، و تعلموا أن وراء كل تجربة قاسية تعيشونها درس مهم بل دروس ستجعل منكم أكثر قوة و أكثر نضج و أكثر وعي ،
أن السعادة ليست بوجود بعض الأشخاص في حياتنا ، السعادة لا يجب أن نربطها بأشخاص بل بأهداف بنجاحات ، السعادة يجب أن نربطها بعائلتنا ، بصحتنا ، ليس أكثر ، و تذكروا أن كل يحصل معنا من هموم و الأن و تجارب قاسية هي اختبار من الله على قدرة صبرنا ، و الأن أود أن أنصحكم بعض النصائح : أولاً لا تثقوا بأحد مهما كان إلا عائلتكم ، ثانياً توقعوا كل شيء من أي شخص ، ثالثاً إياكم والتعلق كثيراً بالأخرين ، صدقوني تلك من أكبر أخطائكم ، أنا كنت أتعلق بالآخرين كثيراً لكنني تعلمت أن ذلك خاطئ و لا يسبب لي سوى الألم و الوجع ، لا تعلقوا قلوبكم إلا بالله ، و لابد أن تكون لديكم القدرة على الاستغناء عن أي شخص جرحكم ، كسركم ، خان ثقتكم أو حتى غاب عنكم ، صدقوني الحياة لا تقف على أحد فالجميع راحلون بغض النظر عن الأسباب فلماذا نتعلق بهم ؟
رابعاً فكروا دائماً بعقولكم التفكير فقلوبكم ستقودكم إلى الضياع و الأوجاع ، فكروا دائماً في مصلحتكم و ليس في مصلحة غيركم ، لا تضحوا بسعادتكم لأجل أحد ، فأنا الأن أصبحت قليلة الحديث و التعلق حتى بأقرب أصدقائي ، لأنني أفكر في مصلحتي وهي أنني يجب أن أدرس و أحقق هدفي حتى و أن كان ذلك يستدعي غيابي عنهم و أنا ذلك لا يؤلمني أبدا كما كان يؤلمني من قبل ، لا أحد يشغل تفكيري مهما غاب أو غبت عنه ، لا شيء يستحق أن أفشل في تحقيق أهدافي لأجله ، أجل ، لا شيء يستحق إلا عائلتي ، هذا لا يعني أنني لا أحب أصدقائي ، على العكس أنا أحبهم جداً ، لكن حبي لهم لا يجب أن يسبب لي الحزن و الاشتياق و عدم القدرة على الابتعاد عنهم ، أنه مصدر قوة بالنسبة لي و ليس مصدر ضعف ، لأنهم يشجعوني علة تحقيق أهدافي و يتمنون لي الخير ،
خامساً لا تكونوا حساسين أبداً ، أغلب الأشياء في الحياة تحتاج منكم حكمة و برود و تفكير سليم و ليس اندفاع و دموع و وجع ، كونوا أقوياء ، لا أريد أحد منكم أن يكون كما كنت أنا في السابق ، سادساً لا تتأثروا بكلام أحد أو تصدقوه ، من أراد أن يثبت أنه يحبكم بالفعل فليثبت ذلك بالأفعال و ليس بالكلام ، الجميع يستطيع الكلام و لكن ليس الكل يستطيع أن يفعل ، تذكروا ذلك جيداً فإحدى علامات النضج ألا تؤثر فيكم كلمات الأخرين ، سادساً تعلموا كيف تكونوا سنداً لأنفسكم ، لا تعتمدوا على أحد ، و بدلاً من الثقة بالآخرين عليكم بالثقة بأنفسكم ، بقدراتكم ، بأنكم رائعون حتى لو كان الناس يرون غير ذلك ،
سابعاً أعزائي لا تغركم البدايات لأنها دائماً جميلة النهايات هي التي تحدد لكم مدى صدق وفاء الناس ، ثامناً لا تسمحوا لأي شيء أن يسقطكم في بحر اليأس و يجعلكم تتخلون عن أحلاكم و أهدافكم ، كونوا على ثقة بالله و بدلاً من الشكوى للناس أشكوا همومكم الله ، تاسعاً و أخيراً و ليس أخراً ، أنتم أقوى مما أنتم عليه و تستطيعون أن تغيروا من أنفسكم و تصلحوا اخطأ الأمس ، انسوا الماضي لكن لا تنسوا الدرس ، نحن لم نولد كي نيأس و نتألم ، بل كي نتغلب على الألم و نصبر على ألأمنا ، الحياة نعم قاسية جداً لكننا أقوى و سنتغلب على أحزاننا ، نحن لن نستسلم بهذه السهولة ، فقط علينا أن نقوي قلوبنا و نترك الماضي خلفنا و ننظر للمستقبل و نبني لأنفسنا أهداف و أحلام تقودنا إلى السعادة.
تاريخ النشر : 2021-04-11