تجارب ومواقف غريبة

العجوز و الرضيع و الحمل

بقلم : عبد الحكيم_رياح الشمال – تونس

و منذ لك الوقت جف ماء البئر و راى الكثير شبح تلك المرأة و الجدي الأبيض
و منذ لك الوقت جف ماء البئر و راى الكثير شبح تلك المرأة و الجدي الأبيض

 
بسم الله الرحمن الرحيم

اليكم أيها الزوار قصة من واقع طفولة جدتي نجوم – رحمها الله – قصتها علي و نُقشت في ذاكرتي.

كانت جدتي نجوم – رحمها الله – حينها تبلغ من العمر 12 عام و ترعى الأغنام بصحراء قفصة ، و هي ولاية في تونس كانت حينها تسكنها ما يُسمى البدو أو الطوارق أو الرحالة ، ينصبون خيمهم و يرعون الابل و الماعز و الأغنام و يتبعون الأمطار و مناطق الرعي.

في يومها خرجت جدتي هي و صديقتها لترعى الماعز كعادتها ، و في منتصف النهار أي عند القيلولة ، كانت تحتمي بنخلة من حر الشمس و اذا بها تلمح حملاً أبيض اللون جميل المنظر ، فنادت صديقتها أن تبقي عينها على القطيع لتمسك هي بالحمل الضائع ، فأخذت كما روت لي تلاحق الحمل و كان لونه أبيض ناصع ، فان توقفت توقف هو و إن ركضت ركض هو ، حتى وجدت نفسها في بئر ناشفة لا ماء فيها ، و كان أبوها و كبار البدو قد حذروا أولادهم من الاقتراب من تلك المنطقة ، و فجأة قفز الحمل في البئر ، فاقتربت جدتي من حافة البئر لعلها تنقذ الحمل و عندما نظرت إلى البئر لم ترى سوى الظلام الحالك ، و قد أقشعر جسدها و وقف شعرها و أحست كأن شيء يأمرها بالهرب

، و عندما رفعت عينيها عن البئر نظرت إلى شجرة جرداء قريبة من البئر واذا بها تلمح عجوزاً سابلة شعرها و هي  تصيح بصوت خافت تحمل بيدها رضيعاً و هي جالسة تحت الشجرة ( و كانت جدتي كلما و صلت لهذا الجزء من القصة تقول أن جسدها يقشعر مجدداً كأنها ترى الموقف مجدداً ) ثم تقول : كأن الرياح اختطفتها فاذا بها تجري و تبكي بسرعة حتى وصلت إلى الخيام و ارتمت في حضن ولدتها – رحمهم الله أجمعين – و قد أصفر وجهها و جرحت رجليها من الجري و قصت الواقعة ، فاسرع أبوها إلى صديقتها التي تركتها ترعى ليعود بها وبالقطيع ، و بعد أن أنبها عن الذهاب إلى تلك البئر التي كان البالغون يخافون التواجد فيها بمفردهم ، قصى لها قصة العجوز التي بالبئر فقد خرجت تلك ( العبيثة بلغتنا في تونس أي الشيطانة العجوز) للكثير ،

و سبب أن البئر مسكونة هو أنه في ماضي أن البئر كانت تنبض بالمياه و كانت بجانبها أرض خصبة مزروعة بالقمح و ذات صيف  كانت العجوز تجلس تحت الشجرة برفقة حفيدها الرضيع ترعى حملاً ، فاندلع حريق هائل في سنابل القمح و أحرق اللهيب العجوز و حفيدها و الحمل الذي قفز في البئر و احترقت العجوز و حفيدها و هي تصرخ و الرضيع يبكي من الألم و لم يأتي قومها لينقذوهم ، و بعد الحادثة بسنين جفت البئر و هُجر المكان فكانت تخرج تلك العبيثة المتشكلة بتلك العجوز و الرضيع يبكي و الحمل لمن يهيم قرب البئر وحيداً و كانت أكثر ظهورها إما ليلاً أو عند الظهيرة ،  و لم تعد جدتي و لا صديقتها إلى تلك المنطقة حتى ارتحلوا منها ، و من وقتها صارت تتكشف و قد قصت لي الكثير من القصص فصار عالم الجن جزء من اهتماماتي ، و قد كانت أمرأة شجاعة حنون ، رحمها الله في هذه الأيام الفضيلة.

تاريخ النشر : 2021-05-09

guest
15 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى