تجارب ومواقف غريبة

منزل جدتي المسكون

بقلم : مجهوله – مصر

منزل جدتي المسكون
إستيقظت مفزوعة على دوي قوي أشبه بانفجار قنبلة ..

أتيت وفي جعبتي قصة عن منزل جدتي الريفي المسكون الذي لطالما كانت أمي وخالتي تخفيان عنا ونحن صغار حقيقة ما يحدث به لتفادي إرعابنا .. حتى ولو كنا في منتصف الليل كنا نسمع خطوات أشخاص يمشون على سقف المنزل و طرقهم على الأبواب المغلقة .. كانت امي و خالتي تجدان أي تفسير غير التفسير الوحيد و للأسف الحقيقي .. وهو أن البيت يقطنه آخرون غيرنا .

في ليلة باردة من شتاء عام 2012 ، كنا أنا وأمي وإخوتي الأربعة وخالتي و أبنتها الوحيدة بالإضافة إلى زوجة خالي الأكبر ووليديها وبالطبع جدي وجدتي . إجتمعنا في العطلة الشتائية كالعادة في منزل جدتي الريفي الذي يقع في قرية صغيرة نائية بعيدة عن المدينة ، مر اليوم عاديا مملوءً بالضحكات و المزاح نحن البنات ، لكن كان مقدرا أن لا تكتمل تلك السعادة خاصة في تلك الليلة الرهيبة .

بعد أن تناولنا العشاء معا وقمنا بغسل الأواني ، أوينا إلى الفراش في وقت متأخر من الليل بسبب السهر مطولا في الفناء الأمامي للمنزل . أذكر أنني و على تمام الساعة الواحدة ليلا إستيقظت مفزوعة على دوي قوي أشبه بانفجار قنبلة بجانب المنزل ، لكن ما إن صحوت و طار مني النوم حتى علمت أن مصدر الدوي هو ضربة في باب الرواق الذي توجد به غرف النوم .

أمي وخالتي كذلك استيقظتا فورا و تبادلنا النظرات المفزوعة وكل واحدة منا ترتعش بالسر في فراشها . وقفت أمي وخالتي وقررتا الذهاب للتأكد ، ومن شدة خوفي على أمي فقد نهضت مسرعة ولحقت بها حتى أتأكد أن أي مكروه يصيبها سيصيبني أنا أيضا ، فتحنا الباب الخشبي المغلق بالمفتاح وخرجنا إلى الفناء الأمامي لتستقبلنا الظلمة الموحشة , فالقمر كان غائبا تلك الليلة .

خالتي تفقدت المكان سريعا لاعتقادها أن لصا مختبئآ في مكان ما ، و إنبهرت أنا لشدة شجاعتها فهي لا تحمل أي سلاح يحميها ، ثم أخدت طريقا و إختفت عن ناظري عند المنعطف الذي يصل الفناء الأمامي بالحديقة الخلفية . بينما أمي إتجهت نحو الحمام ـ أكرمكم الله ـ المعزول ببضع خطوات وأنا وقفت في الباب أراقب المكان بحرص والرعب يكاد يفتك بي , ولكن لم أشأ بل ولم أفكر للحظة بترك أمي الغالية وحيدة .

وحين فشلنا في العثور على مصدر الصوت ، عدنا فأوينا إلى الفراش بعد أن تأكدنا من إغلاق الباب بإحكام مجددا ، وبينما نحن الثلاثة نضع رؤوسنا على الوسائد حتى سمعنا دويا آخر في الباب حتى أنني شعرت بارتجافه ، وكاد قلبي ينفجر من شدة الرعب ، وسمعت أمي وقتها تتلو القرآن وتنفسها قد أصبح سريعا و خالتي حاولت بقدر المستطاع أن تخفي رعبها عني لكي لا ترعبني ، أشعلت أنا الَأضواء و رأيت وجوههن مصفرة رعبا ، لكن خالتي حثتني على النوم وقالت ربما هي قطط تحاول الدخول لتتدفأ . و بالفعل فقد قرأنا بعض القرآن و تغطينا جيدا بعد أن أغلقنا باب الغرفة التي ننام فيها لكي لا نسمع طرق الباب ، ونمنا ثلاثتنا أخيرا .

هذه الحادثة تبعتها العديد من الحوادث , ولم تستطع امي أو خالتي أن تخفي الحقيقة عني بعد الآن . في الصيف ، أذكر أنه يوم زفاف خالي و من شدة الحشود التي حضرت الزفاف امتلأت غرف المنزل السبعة بأكملها و اضطررنا نحن أهالي العريس أن نفرش في الفناء الأمامي و ننام هناك ، نمنا جميعا على الأرض ، وكان النسيم خفيفا و دافئا والسماء صافية والنجوم تتلآلا فيها . ليلة جميلة و يصعب التفكير أنها قد تتحول لأشبه بجحيم .

كان هناك سقف من الحديد مائل يغطي نصف الفناء و أنا نمت أسفله تماما و كذلك أمي ، و في منتصف الليل استيقظت كالعادة على طرق و اهتزاز للسقف الحديدي فوق رِؤوسنا ، صحيح أنني إرتعبت في بداية الأمر ولكن طمأنت نفسي أنها ليست سوى قطط مشردة ، أغلقت عيناي ، لكن الطرق عاد من جديد وهذه المرة كان اشد قوة من قبل .. كان يبدو كأن أحدهم يقفز ليصدر دويا قويا فيهتز السقف بقوة ثم يهدأ تدريجيا . أيقظت أمي و أنا أرتعش خوفا وحالما نهضت وأخبرتها بما حدث حتى نبهتني بالعودة إلى النوم مجددا لأنها القطط من جديد و هذا هو التفسير الوحيد الذي تملكه أمي لتطمئنني به .

وعاد الصوت من جديد فرأيت أمي تتململ في فراشها و ملامح وجهها تغزوها الحيرة بينما تحدق إلى السقف . إستمر الوضع بهذا الشكل وكلما عاد الصوت حتى يخفق قلبي بقوة بين أضلعي فأتخيله سيخرج من مكانه و كنت أديم النظر إلى السقف من مكاني وأراه كيف يهتز بذلك الشكل المرعب ، ولم أعد أوقن أن هذا من عمل القطط بعد الآن . ولم أشأ أن أدخل لأنام في الداخل وأترك أمي التي أحبها أكثر من نفسي و الباقين أيضا .. لم يدم الوقت طويلا حتى بدأت أبكي من شدة الرعب بينما راح الصوت يزداد قوة ، و نهضت خالتي و أبنتها بينما الباقون بشكل عجيب مازالوا نائمين . وقفنا في نقطة نستطيع أن نرى فيها ماذا يوجد فوق السقف لكن من شدة الظلام لم نرى شيئا .

افترضنا لو أنها كانت قطة أو قطتين فليس بمقدورها أن تصدر هذا الاهتزاز الكبير والصوت القوي ، أو حتى كان ريحا ولكن في الحقيقة لا يوجد سوى نسيم ليلي خفيف جدا بمقدوره تحريك سوى بضع بتلات من الزهور . و في الصباح الباكر استيقظت وأنا مطمئنة لأن ليلة البارحة قد انتهت على خير بعد أن تلونا القرآن وعدنا إلى النوم ، ومع ذلك أبقى أرتعب بشدة كلما أفكر في تلك الليلة المخيفة .

بالنهاية إعترفت لنا خالتي وأمي عن حقيقة أن المنزل مسكون وأخبرتنا أن المنزل بني فوق أرض كانت في الماضي و في وقت الاستعمار الفرنسي مستشفى مخصص للمجروحين والمقتولين من جيش الاستعمار الفرنسي ، جدي وجدتي لم يأبيا بترك المكان أبدا رغم المحاولات الحثيثة من طرف أبنائهم ، لأن المكان هو أول بيت قطنوه .. خالتي اعترفت أيضا أنها في ليلة نهضت لتذهب إلى الحمام ـ أكرمكم الله ـ و تفاجأت به مغلقا من الداخل و بعد محاولات كثيرة إنفتح الباب بعد أن سمت بسم الله و إنصدمت بأن لا أحد في الداخل .

كذلك حدثتنا أنها كانت نائمة وحيدة في غرفة الإستقبال و شعرت فجأة كأنها مراقبة فاستيقظت لترى إمرأة تجلس بجانب السرير و تحدق إليها ، كانت بشعر أشقر طويل ، فأغلقت خالتي عينيها وتلت القرآن وهي ترتعش من شدة الخوف و تفاجأت بإختفاء المرأة . زوجة خالي أيضا إنغلق الباب عليها وهي في غرفتها بينما كانت تهم بالخروج و أقسمت أنها لم يكن يوجد أي أحد في الرواق أو حتى أمام الباب ، و بكت بشدة في الغرفة وهي محجوزة و نحن في الخارج نحاول كسره والمفتاح البديل إختفى فجأة حتى جاء خالي و فتح الباب بمفتاحه .

هذه كانت قصتي التي لخصتها قدر المستطاع ، ودعوني أقول لكم أن هذه القصة حقيقية مئة بالمئة و لم أضف أي شيء عليها ولم أقتبس أي حوادث من أفلام أو ما شابه والله شاهد على كلامي .. أترك لكم في الأخير حرية التعبير و إبداء رأيكم .

تاريخ النشر : 2015-06-18

guest
18 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى