ما لم يره أحد
فتح عينيه ليجد مخلوق غريب شبيه البشر و يضع يديه على القارب |
يقول لنا : كان أبي فارساً مقداماً يحب التجوال و يعرف كل وادي في المغرب والجزائر ، ثم حاولت فرنسا استعمار الجزائر ، فذهب أبي (يقصد جده) ذهب إلى الجزائر برفقة مجاهدين مغاربة ( لم يذكر عددهم) لنصرة الأخوة الجزائريين ، و قُتل منهم من قُتل و أُسر من أُسر و فشلت المقاومة ، و قررنا العودة نحو المغرب لتسوية الصفوف والعودة لاحقاً نحو الجزائر ، لكن تعرضت المغرب للاحتلال هي الأخرى و كان علينا الدفاع عنها أولاً ، لكن فشلنا ، و تمكن أبي (هو يتكلم) برفقة بعض الأشخاص من الاختباء في الجبال بعيداً عن الفرنسيين و أعينهم المنتشرة مدة طويلة ، في البدء قلنا أيام و نستعيد قوتنا ، لكن لم يتغير شيء مع مرور الأيام ، مضت ثلاث سنوات و اليأس دب في قلوبنا و أخيراً سمعنا بأن المستعمر هُزم وعاد خائب لدياره ،
لكن أتضح بأنها كذبة ، تم إلقاء القبض علينا تباعاً واحداً تلو الأخر ، لم يبق غير أبي ، و علم أبي بالخبر و خرج من طريق بري خطير في محاولة منه للوصول نحو البحر حيث سوف يقوم بمغامرة تحفها المخاطر نحو موقع جديد للمقاومة ، وبالفعل وصل للبحر و وجد مهرب فرنسي سوف يهربه من أجل المال ، و تم الأمر و قام الفرنسي بإيصاله لنقطة معينة و أخبره بأن هذا أقصي ما يمكنه الوصول إليه و أنه أعطاه المؤن والماء وخريطة عليها المكان المنشود و ها نحن.
لم يعرف ما يفعل أو ما الذي يحدث له ، ظن بأنها أوهام بسبب الجوع والعطش ، فقام بإغماض عينيه مجدداً و بقوة كبيرة ثم فتحهم مجدداً ، لكن الأمر لم يختلف ، حاول فهم ما يجري ، حاول أن يمد يده نحو تلك المخلوقات بحذر لكي يلمسهم ، و الغريب انهم لم يخافوا من مد يده ، وبالفعل لمسهم ، كان جلدهم ناعم جداً و مبتل للغاية مع لزوجة بقت في يده ، ثم أعاد يده ، ظل فترة ينظر لوجههم بدون كلمة واحدة ، فجأة تركنه و دخلن في الماء مجدداً ، حاول أن يصرخ و يطلب منهم المساعدة حتى أنه بكى ، لكنه على وشك معرفة سبب ذهابهم،
كانت عاصفة قادمة و أدرك بأنها نهايته المحتومة ، و بعد صراع مع العاصفة فقد وعيه ، عندما أستعاد وعيه وجد نفسه في سفينة من سفن الفرنسيين مقيد والجنود ينظرون اليه باستغراب ، لكن تغير الوضع حالما جاءتهم الأوامر بحبسه و إعادته نحو الرباط حيث سيتم التحقيق معه ، مات الرجل في السجن مع بقية المغاربة الذين تم حبسهم ، لكن أسرته علمت به قبل موته و زارته و أخبرهم بقصته قبل أن يموت لكي تُحفظ في ذاكرتهم البشرية – رحمه الله.
تاريخ النشر : 2021-05-21