قتلة و مجرمون

لغز ماري جين : فتاة الخزانة

بقلم : مصطفى 2018 – الجزائر
للتواصل : [email protected]

قضية محيرة وغريبة مليئة بعلامات الاستفهام
قضية محيرة وغريبة مليئة بعلامات الاستفهام

قصتنا اليوم غريبة و محيرة عن الطفلة ماري جين باركر صاحبة الاربعة سنوات، و التي أصبحت فيما بعد قضية إختفائها و وفاتها الغامضة المليئة بالأسئلة المحيرة من اشهر القضايا الغير المحلولة في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية ، كما أن التفسير الرسمي للواقعة الأليمة من طرف شرطة ولاية نيوجيرسي لم يقنع الكثيرين من المهتمين بهكذا قضايا ..

فمن هي ماري جين ؟ و ما هي ظروف اختفائها ؟ و لماذا بقي سبب وفاتها لغزا حتى الآن رغم مرور عدة عقود من الزمن ؟ و ما سر ارتباط قضيتها بجريمة شهيرة جدا هي الاخرى بدون حل حتى الآن؟

بداية القضية

blank
الطفلة ماري جين باركر

ولدت ماري جين باركر في يوم 28 فبراير سنة 1953 بنيوجيرسي ، لأسرة مكونة من خمسة أفراد ، الوالدين و شقيقين أكبر منها ، كانت الاسرة تعيش حياة طبيعية جدا حتى أتى اليوم الذي تغير فيه كل شيء.

في العاشرة والنصف من صباح يوم الاثنين 25 فبراير 1957 طلبت ماري جين من والدتها أن تسمح لها بالخروج للعب و لم تكن الأم المسكينة تظن أنه آخر عهد لها بفلذة كبدها ، ذهبت ماري للقاء صديقتها ماريا فريتا ( 6 أعوام) التي تملك جرو كلب صغير ليلعبوا كالعادة في احدى الساحات القريبة و كانت المرة الأخيرة التي شوهدت حية فيها. عند الظهيرة ذهبت الام الى منزل ماريا فريتا لتسأل على ابنتها التي تاخرت بالعودة ، فأخبرتها والدة ماريا بأنها لم تأتي اساسا لمنزلهم.

تم اخطار رجال الشرطة حوالي الساعة الواحدة و النصف ظهرا باختفاء الطفلة ، و سرعان ما بدأت عملية بحث موسعة شارك فيها مئات المتطوعين من سكان المدينة و إنضم لهم رجال مكتب التحقيقات الفدرالي FBI و كانت النظرية الوحيدة المطروحة هي الاختطاف ، ليقوم والدا الضحية بتوجيه نداء عبر التلفزيون يترجون فيه المجرم بعدم الحاق الأذى بها و تركها في أقرب كنيسة.

في اليوم الثاني والثالث من الاختفاء ارتفع عدد المتطوعين للبحث عن الطفلة الى الآلاف حيث لم يدعوا حجرا ولا مدرا الا وقلبوه وخاضوا فيه وفتشوه في اكبر عملية بحث جماعي في تاريخ نيوجيرسي.

التحقيقات

لم تسفر تحقيقات الشرطة وعمليات البحث في ايجاد اي خيط يقود الى الضحية أو خاطفها سوى العثور على آثار أقدام لرجل وطفل صغير و كلب على ضفاف ساقية في مكان قريب من مكان اختفائها.

على صعيد آخر تم الاشتباه في مجرم سابق يدعى فيرن لوفرينج متهم بالتحرش بالأطفال و شوهد أمام منزل الضحية يوم الاختطاف لكن لم يتم العثور على اي دليل يربطه بالجريمة ، كما أن الشرطة تلقت اتصالا هاتفيا من شخص يدعي انه المختطف و يطالب بفدية قدرها 500 دولار ثم اتضح لاحقا أنه مجرد مقلب.

اكتشاف الجثة

blank
خزانة غرفة النوم هي حجرة صغيرة جدا من اجل الثياب

في يوم 03 مارس 1957 و بعد أسبوع من الاختفاء توجهت صديقة الضحية ماريا فريتا مع والدتها وخالها وزوجته لتفقد بيت حديث البناء كان خالها قد اشتراه مؤخرا لكن لم يسكنوا فيه بعد. البيت مجاور لمنزل ماريا.

داخل البيت ، وبالصدفة البحتة فتحت الطفلة ماريا خزانة ثياب في غرفة النوم بالطبق الثاني ليقفز كلبها المختفي اليها و بجواره في الخزانة كانت ترقد الطفلة ماري جين ميتة بنفس الثياب التي اختفت وهي تلبسها وكانت تتخذ وضعية الجلوس. يبدو أنها بطريقة ما دخلت الى الخزانة و انغلقت عليها مع العلم باب الخزانة لم يكن مقفل لكنه قبضة الباب كانت عاطلة ، أي أنه اذا غلق الباب فمن الصعب على طفل فتحه لأن القبضة لا تعمل ، وكانت هناك آثار خدوش على الباب من الداخل مما يثبت أن ماري جين حاولت فتح الباب دون جدوى.
العجيب في قصتنا ان البيت الذي وجدت به الجثة جرى تفتيشه سابقا ثلاث مرات و لم يعثر على شيء. صحيح لم يجري تفتيش الخزانة لكن تم دخول غرفة النوم التي فيها الخزانة في صباح اليوم التالي لاختفاء الطفلة من قبل فريق البحث .. العجيب ان الطفلة لم تصرخ طلبا للنجدة ولا الكلب نبح.

تشريح الجثة

blank
جرو صغير من نوع الكوكر .. نفس النوع الذي كان مع ماري جين

لم يجد الطبيب الشرعي أي أثر لعنف أو أذى جسدي مما ينفي تعرض الطفلة لأي عنف أو تحرش كما أن التقرير اشار الى أن معدة الضحية كانت خالية من أي طعام إلا من حليب بالشكولاتة تناولته يوم إختفائها ، وبحسب الطبيب فأن ماري جين تمكنت من العيش لثلاث ايام داخل الخزانة دون طعام ، وتمكنت من التنفس داخل الخزنة المقفلة من خلال ثقب صغير يتسرب منه الأكسجين.

الشيء الذي ادهش الجميع هو كيف تمكن جرو كلب عمره 4 اشهر من الصمود خمسة أيام دون طعام أو ماء فيما ماتت الطفلة؟ .. كما أن الشرطة لم تعثر على اي فضلات للكلب داخل الخزانة ، فكيف لم يتغوط الكلب لمدة 5 أيام؟ مما جعل الشرطة تشتبه في وجود أمر مريب في القضية ، فتم ارسال الكلب الى مختبر جامعة بنسلفانيا وتم قتله وتشريحه لمعرفة سر بقائه حيا ، وقد خلص التقرير إلى ان هذه الفصيلة من الكلاب ربما بامكانها الصمود لأيام امام الجوع ، أو ان الكلب اكل غائطه مما ابقاه على قيد الحياة وهو امر تفعله صغار الكلاب ، وهذا ربما يفسر عدم العثور على غائط للكلب داخل الخزانة.

النتيجة النهائية

رغم ظهور عدة نظريات تحاول تفسير الواقعة الغريبة و الأسرار التي أحاطت برحيل الطفلة ماري جين الا أن الشرطة و رجال مكتب التحقيقات الفدرالي لم يجدو اي دليل أو مشتبه به لديه دافع للتخلص من الضحية و أخيرا أعلن أن وفاة ماري جين طبيعية بسبب الجوع و الرعب و أسدل الستار عن واحدة من أغرب قضايا العصر الحديث.

أسئلة لا بد منها

blank
باب الخزانة لم يكن مقفل لكن القبضة لم تكن تعمل

بعد عرض القضية عليكم لا بد أن بعض الاسئلة أخذت تطرح نفسها رغما عنكم … صحيح أن الشرطة لم تجد اي مشتبه فيه أو دليل قوي و لا حتى دافع لكن هناك نقطة محيرة غير مذكورة في المصادر ماذا عن عائلة فريتا ؟

تذكرون ان ماري جين كانت ذاهبة لملاقاة صديقتها ماريا فريتا ، فلماذا بدل ان تطرق باب منزل صديقتها ذهبت الى المنزل المجاور الخالي وصعدت الى الطابق الثاني ودخلت خزانة الثياب! وهل من الصدفة ان يتم العثور على الجثة من قبل ماريا؟

نحن نعلم مسبقا أن عائلة فريتا و عائلة ماري جين جيران و أصدقاء و لكننا لا نعلم طبيعة العلاقة بين الأسرتين ولا نعلم ان كان هناك اي خلاف أو مشاكل أو أحقاد بينهم ، لكن طبيعة الوقائع المطروحة أمامنا تحتم وجود الضحية في آخر ساعات حياتها مع شخص تعرفه ، و الا فكيف تختفي من ساحة في وضح النهار و في مدينة صغيرة يعرف سكانها بعضهم بعضا ، ماذا لو أن من وضع المسكينة في تلك الخزانة كان شخص تعرفه و تثق فيه و اقنعها أنها تلعب لعبة الغميضة فقط؟ و لا يخفى علينا خوف الأطفال الطبيعي من الغرباء و من الأماكن الضيقة المظلمة . ماذا لو كان موتها مجرد انتقام رخيص من أسرتها؟ لن نعلم ابدا..

المفارقة الأخيرة

يبدو أننا لن نكتفي من غموض رحيل ماري جين و السبب أن الزخم الاعلامي الذي أحاط بقضيتها كان له سبب آخر و هو ارتباط قضيتها مع أحد أكثر القضايا غموضا و هي قضية الولد في الصندوق ، حيث أنه في يوم 25 فبراير 1957 جرى العثور على جثة طفل مخبأة في صندوق كارتوني بفيلادلفيا و هي قضية نالت اهتمام كبير من طرف الباحثين و سجلت ضد مجهول ، حيث أن بعض المهتمين حاولوا الربط بين القضيتين نظرا لأنهما وقعتا في نفس المدة الزمنية تقريبا ، حيث أن يوم اختفاء ماري جين هو نفس يوم اكتشاف جثة الولد في الصندوق ( 25 فبراير 1957 ) و للمزيد من الاثارة يكفي أن أذكر أن المسافة بين الضحيتين ( أي بين نيوجيرسي و فيلادلفيا هي 100 كم أي حوالي ساعة و نصف بالسيارة ) و زيادة على هذا فإن عمر كلتا الضحيتين هو اربع سنوات و كلاهما أبيض البشرة بشعر اشقر .
و رغم محاولات الربط بينهما و طرح نظرية القاتل المتسلسل و التحقيق طوال سنوات الا ان النتيجة واحدة والفاعل مجهول.

هناك امر محير اخر يجب التوقف عنده ، فالطب الشرعي خلص الى ان البنت ماتت بعد 3 ايام من اختفائها ، يعني في يوم 28 فبراير ، أي في يوم عيد ميلاد ماري جين الرابع ، فهل هي مجرد مصادفة ان تموت الطفلة في يوم عيد ميلادها؟.

الأمر الاخير الذي بقي بدون جواب هو ماذا عن اثار اقدام الرجل التي عثر عليها تمشي مع اثار اقدام الطفلة والكلب بالقرب من الساقية؟

في الختام

قصة الطفلة ماري جين فرانك و موتها هي قصة مؤثرة و حزينة فعلا خاصة أنه من الصعب علينا التفكير في ساعتها الأخيرة داخل الخزانة .. طفلة صغيرة شقراء جميلة من المفترض أن اي شخص عاقل يحاول ملاعبتها و ملاطفتها لكن أن توضع في مكان مظلم و تترك لتموت جوعا و رعبا فهذا من اغرب الغرائب و لا يمكن للفاعل الا أن يكون صاحب نفسية مريضة و مختل حقيقي.

كلمات مفتاحية :

– Death of Mary Jane Barker

تاريخ النشر : 2021-06-29

مصطفى 2018

- الجزائر - للتواصل مع الكاتب : [email protected]
guest
42 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى