دورة مياه جدة !
كان الصراخ يصدر من الحمام بصوت أمرأة تتألم |
أذن المغرب و قالت أمي بصوت صارم : هيا يا بنات كل وحدة تقوم تتوضأ ، و لأنني أصغر البيت ذهبت لأبحث عن مكان دورات المياه ، فوجدتها و عدت لأخبر أهلي بمكانها ، و ذهبت أنا و أمي و أختي وعند أول وهلة لدخولنا انقطع عقد الذهب الذي على صدر أمي بطريقه مفاجئة ، لم أعر لذلك اهتمام ! أخذت أمي العقد و وضعته جانباً لتكمل وضوئها و أنا أنتظرهن ، فجأة لفت انتباهي أن جميع المصابيح على طول صف (الحمامات) وسقف كل حمام مفتوح ، أي أن اذا أنار حمام واحد سيكفي بأن ينير جميع الحمامات التي بجانبه ، لأن سقفه مفتوح و سينتشر الضوء ! بمعنى أن نظام الإنارة مشترك ( أتمنى أن أكون أوصلت الفكرة بالطريقة المطلوبة) ، ما غريب في الأمر أن الحمام المنتصف مظلم ! لماذا و كيف ؟ لا أدري ، مع أنه جميع الحمامات التي بجانبه بأسطع و أقوى إضاءة منه ! لماذا النور محجوب عنه ؟
استغربت و أخذت بالتفكير لخمس دقائق لا أكثر ، و أنا أنتظر أمي و أختي أن تنتهيا لنخرج و نصلي ، أضرب رجلي بخفة على الأرض أمضغ علكتي و أحدق بعيني في الفراغ ، فجأة سمعنا صوت أنين قوي من ذلك الحمام المظلم الذي لفت انتباهي أول دخولي ! صوت أمرأة وكأنها تقطع عروقها بالموس ! صوت ألم إلى الأن في أذني ! نظرت أمي إلي بصدمه و قالت لي : هذه أمرأة بالداخل ربما تولد أو أنها تعاني (البواسير) علينا مساعدتها ، قلت لها : أمي قلبي سيتوقف و أذني ستفقد سمعها من قوه الأنين المدوي ، قالت لي : أمسكي عباءتي و العقد ، و أخرجت باقي ذهبها و تقدمت خطوات لتطرق الباب ، تقول أمي : أختي هل تحتاجين مساعدة ؟ و الصوت يزداد ألم و صعوبة ، طرقت أمي بقوة و قالت : أختي هل تستطيعين فتح الباب لسنساعدك ، ماذا يجري لكِ ،
و فجأة صُدمنا صوت يقول بالحرف الواحد: حرام عليكم ، حرام عليكم ، و بطريقه هستيرية و كأنها تخرج روحها ، أنا أنهرت بالبكاء ، موقف لا أُحسد عليه ، فقالت أمي : لحظة لأرى ما بها ، فدنت أمي و حنت جسمها لأسفل باب الحمام لتجد أن لا أحد بالداخل ! أرأيتم ! حدث ما لا يصدق ، و الصوت ما زل مستمر و الصراخ ، و قسماً بالذي رفع السماء بلا عمد صوت تطير منه العصافير و تتشقق الأرض منه رهباً ، إلى درجة أنني أغلقت أذني منه و أصبحت أصرخ : أمي تعالي إلى هنا ، هنالك شيء غير طبيعي و صوت المرأة و صراخها أعلى من صرختي لأمي ، عندما وجدت أمي الباب مغلق من الداخل و لا يوجد أحد هناك والصوت ! هنا أيقنت أن لا بد لنا من المغادرة فوراً ،
خرجنا و قصصنا ذلك للمتواجدين في الصالة ( و مقصدنا من ذلك التحذير و ليس التشهير) فقالت أمرأة لأمي : تعالي معي لنرى اذا اختفى أم ما زال موجود ، فوافقت أمي و ذهبن و أنا خلفهن لأن الفضول يقتلني ، عند أول دخولهن بدأت أمي تتلو البقرة بصوت عالي ، ففُتح الباب (باب الحمام المظلم) و أصبح يتردد بضرب عنيف يقفل و يفتح بصورة مريبة و كأن أحد خلف الباب ، هنا لم أحتمل و كففت عباءتي و ركضت إلى أن انقطعت أنفاسي و تركت أهلي خلفي ، كل ما كان يدور في مخيلتي أنني أريد أن أصل منزلي و ينتهي ذلك الكابوس !
جلست و فتحت على عجلة شنطة أمي و أخرجت المصحف و بدأت أحصن نفسي و أهلي و من معنا ، الدموع تنهمر شلالات مني ، فلمحت أمي وهي أتية من اتجاه دورات المياه وقالت لي الباب سيقتلع من مكانه من قوة الضرب و لم يتوقف أبداً إلى أن خرجنا ، تابعت حديثها قائلة : سأذهب إلى العساكر و الحراس ليتصرفوا بهذا الأمر ، فقلت لها : لا ، لن تذهبي ، أبقي الأمر والحال كما هو ، دعيهم يكتشفوا ذلك بأنفسهم ، لو أخبرتهم يمكن أن يلحق بنا ضرر بليغ من ذلك الشيء و نحن على طريق سفر ، لم أتمم جملتي حتى أتصل والدي وقال لنا : هيا أنا بالخارج ، و أخذنا أمتعتنا و خرجنا و أنا عيني على دورات المياه ! يا تُرى ما السر ! اللي هنا و انتهت تجربتنا.
تاريخ النشر : 2021-07-12