ألغاز تاريخية

الذين ذهبوا ولم يعودوا -3-

بقلم : يسري وحيد يسري – مصر
للتواصل : [email protected]

أعظم أحاجي التاريخ والماورائيات التي أرقت البشرية
أعظم أحاجي التاريخ والماورائيات التي أرقت البشرية

حينما يهيمن ضوء الشفق على الأفق…
ويغدو القمر حلما جميلا في السماء…
وتسبح النجوم في فضاء إلهي.. أبدى.. لا ينتهي…
عندئذ.. سيفتح كل باب…
ويكتب كل قلم…
ويتسع كل عقل…
ما يحدث…
و يكتب…
و يروي…
في الجانب الآخر من الأفق

البداية

blank
رحلة كريستوفر كولومبوس فتحت فصلا جديدا في تاريخ البشرية

حينما إنطلق البحار و المستكشف الإيطالي (كريستوفر كولومبوس) يشق مياه المحيط الأطلنطي في الثالث من أغسطس من عام ١٤٩٢م عازما على فتح أبواب التاريخ علي مصراعيه عبر إكتشاف طريق جديد إلى الهند بخلاف الطريق الذي يهيمن عليه المسلمون آنذاك ، مع الوضع في الإعتبار وجود أدلة تاريخية تعزز من الإيمان بوصول حضارات سابقة على كولومبوس إلى الأمريكيتين
لم يكن الرجل يدري إنه بتلك الرحلة سيوثق تاريخيا لبداية واحدة من أعظم أحاجي التاريخ والماورائيات التي أرقت البشرية ولا تزال إلى يومنا هذا.
لقد فتح الباب على مصراعيه…
دون أي سبيل نحو إغلاقه…

حينما وصل الرجل على متنه سفنه الثلاث سانتا ماريا (سفينة القيادة) إضافة إلى بينتا ونينتا إلى غرب المحيط الأطلسي وبالتحديد إلى جنوب الساحل الشرقي للولايات المتحدة الأمريكية حاليا، كتب كولومبوس في سجلات الرحلة ملاحظة غريبة ، إنه رأي وبحارته شعلة من اللهب تسقط في المحيط و بعد عدة أسابيع من تلك الواقعة ظهرت أضواء غريبة عند الأفق على بعد عدة أسابيع من سفن الرحلة ، فضلا عن إضطراب البوصلة و دورانها بجنون دون أي سبب

blank
رأى وبحارته شعلة من اللهب تسقط في المحيط

لم يكن لدي كولومبوس ورفاقه أي إجابة أو تفسير لما حدث…
شعلة من اللهب تسقط بالمحيط…
أضواء غريبة مجهولة المصدر تلوح بالأفق…
جنون البوصلة…
و ما مدى الإرتباط بين الأحداث الثلاثة؟

ظلت تلك الأسئلة معلقة في الهواء إلى أن هبطت بفضل جاذبية النسيان عبر الزمن، مضت السنوات الواحدة تلو الأخرى جاثمة على شهادة كولومبوس و رفاقه قبل أن يحل عام ١٨٤٠ ليطلق العنان لنهوض الأسطورة من جديد…
أسطورة مثلث برمودا.

٢٧ أغسطس من عام ١٨٤٠ بينما كانت السفينة الفرنسية روزالي تبحر من هافانا عاصمة كوبا صوب أوروبا إذ إختفت فجأة بالقرب من مثلث برمودا، راحت فرق البحث تجوب المحيط بحثا عنها، لكن روزالي لم تخلف شيئا ورائها سوي إسمها الذي يتردد على ألسنة الجميع ممن يبحثون عنها…
وبعد عدة شهور من البحث الذي لم يسفر عن شئ…
عادت روزالي للظهور من العدم…
تماما كما ذهبت إلى العدم…

blank
ثمة شئ واحد كان حيا على متن السفينة

حينما عثر عليها كانت روزالي خالية من طاقمها، على الرغم من وجود أمتعتهم الشخصية سليمة دون أن تمس، كما كانت في حالة جيدة للإبحار لم يكن هناك أي دليل على القرصنة إذن ، ولا يوجد بها تسرب للمياه، ثمة شئ واحد كان حيا على متن السفينة، عصفور يتضور جوعا…

كيف إختفت روزالي؟
و أين ذهبت بعد الإختفاء؟
و أين ذهب طاقمها؟
وما المصير الذي حل بطاقمها؟
ستكون تلك الأحاجي في الجانب المرئي من الأفق…
بينما الأجوبة ستكون.. هناك..
في الجانب الآخر من الأفق

إنه يجز أرواحنا

blank
كانت تبحر على مقربة من مثلث برمودا

إمتد المحيط الأطلسي على مرمى البصر أمام أعين بحارة الباخرة اليابانية (رايجو كومارو) التي كانت تبحر على مقربة من مثلث برمودا في شتاء عام ١٩٢٤ وكانت على إتصال مع برج المراقبة، كانت ثلاثة أشياء مؤكدة في تلك الليلة ولا غبار عليها وغير قابلة للتشكيك…
السماء.. البحر.. و رايجو كومارو..
لكن على إثر رسالة مروعة من الباخرة اليابانية إلى برج المراقبة فإن رايجو كومارو لم تكن وحدها رفقة السماء والبحر…
بل ثمة شئ رابع سيطغي وجوده على كيان الباخرة اليابانية..
شئ سيفتح أبوابه لها…
أبواب الذين ذهبوا… ولم يعودوا

إنه حاد كالخنجر.. تعالوا بسرعة ليس لنا مهرب.. إنه يجز أرواحنا.. تعالوا بسرعة دون إبطاء

كان ذلك نص الرسالة الذي تلي عدة إنذارات متتالية من رايجو كومارو إلى برج المراقبة، فور تلقى الرسالة أسرعت سفن الإنقاذ لنجدة رايجو كومارو، لكن عندما وصلوا إلى الموقع المفترض به وجود الباخرة اليابانية، لم يكن ثمة أثر لرايجو كومارو…
لم يكن هناك سوي السماء والبحر..

blank
اين ذهبت السفينة وما الذي رآه البحارة قبل اختفائهم

أين ذهبت الباخرة اليابانية (رايجو كومارو)؟
وما الذي رأه بحارتها قبيل إختفائهم مع السفينة؟
وما الذي جعل بحارتها ينسبوا الهجوم إلى( شئ)؟
فالرسالة كانت تنص علي وجود شئ حاد كالخنجر.. ويجز أرواحهم، فمن الواضح إنهم كانوا يتعرضون لهجوم مباشر وقت كتابة رسالة الإستغاثة، إذا كان هجوم من قراصنة ففي هذه الحالة ما الذي دعا كاتب الرسالة بإبهام الفاعل؟

يترائي لي الآن أن ما واجهه بحارة الباخرة (رايجو كومارو) شيئا لا يمت بصلة إلى عالمنا ولوقع المفاجأة عليهم لم يجدوا الوقت الكافي لوصفه أضف إلى ذلك إختفاء ( رايجو) الأبدي، لم تفلح أي تفسيرات في فك ألغاز القضية وهكذا أسدل الستار على واحدة من أعظم وأعقد قضايا مثلث برمودا..
فبين رسالة مروعة.. و هجوم مرعب.. و إختفاء محير..
طويت الصفحة الأخيرة في ملحمة (رايجو كومارو)…
لتكون فصلا جديدا.. ومثيرا من ضمن صفحات ملف سيظل هكذا…
يتأرجح بين غموض أزلي… و رعب لا نهائي…
ملف (ما وراء الطبيعة)

ما الذي حدث للرحلة التاسعة عشر؟

blank
اقلعت 5 طائرات حربية امريكية وطارت فوق المحيط

على الرغم من أن الغموض المحيط بمثلث برمودا بدأ تاريخيا منذ قرون عدة في رحلة المستكشف (كريستوفر كولومبوس) سالفة الذكر، وإمتد عبر مئات السنين يهيمن على كل شئ بحرا.. وجوا، واضعا آلاف علامات الإستفهام غير القابلة للحل، إلا أن حادثة واحدة جعلت أنظار العالم تتجه نحو تلك المنطقة المحرمة من المحيط الأطلسي وليدرك الجميع أن العلم لا زالت تفصله مساحات شاسعة عن تفسير كل الظواهر الماورائية..
ففي الخامس من ديسمبر عام ١٩٤٥ وبعد إنتهاء الحرب العالمية الثانية بعدة أشهر أقلعت الرحلة التاسعة عشر المكونة من ٥ طائرات تحمل على متنها ٥ طيارين و٨ مساعدين في رحلة تدريبية بقيادة الملازم (تشارلز تايلور) لم يكن ثمة شئ يلوح بالأفق يمكن أن يعترض السرب الطائر أضف إلى ذلك إعتدال درجة الحرارة ومثالية الأجواء الجوية التي وصفت في ذلك اليوم بالمثالية.

إنطلقت الرحلة في الثانية ظهرا من قاعدة فورت لودرديل بولاية فلوريدا لتستهدف الطيران لمسافة ١٢٠ ميل شرقا ثم ٧٣ مسل شمالا ثم العودة للقاعدة من جديد، وعلى مدار ساعة وربع منذ إنطلاقها كان قائد الرحلة تشارلز تايلور يتواصل لاسلكيا مع برج المراقبة ويسجل ملاحظات حول المهمة التدريبية لكن عند تمام الثالثة والربع أرسل رسالة ذات مغزى غامض إذ قال فيها : “هناك شئ عجيب يحدث.. لم نعد على مايرام.. لا يمكننا حتى أن نرى الأرض”

وهنا طالبه برج المراقبة بتحديد مكانه ليرد عليهم بمزيد من الغموض قائلا : “لا أستطيع تحديد المكان.. البوصلة لا تعمل.. ولا أدري أين نحن الآن.. نحن ندخل المياه البيضاء.. لا شئ يبدوا على ما يرام.. المياه خضراء وليست بيضاء.. أعتقد أننا فقدنا في الفضاء”

blank
طافم الطائرات المختفية

لينقطع الإتصال بعدها بين الرحلة ١٩ و برج المراقبة إلا أن برج المراقبة تمكن من سماع بعض الرسائل المتبادلة بين طياري الرحلة مفادها: أن ليس أمامهم سوي ٧٥ ميل لينفذ الوقود، وهنا أصدر قائد القوات الجوية أوامره بضرورة البحث عن السرب المفقود لتقلع الطائرة الحربية العملاقة (مارتين مارينز) وعلي متنها ثلاثون شخصا…

ولكن (مارتين مارينز) أصبحت في عداد المفقودين فبعد مهمتها بوقت قليل إختفت (مارتين مارينز) تماما و كأنها تبخرت في الهواء دون إرسال نداء إستغاثة واحد، لتطلق البحرية الأمريكية أكبر حملة إنقاذ في التاريخ في ذلك الوقت في سبيلها لإستعادة السرب التاسع عشر والطائرة (مارتين مارينز)، والنتيجة كانت لا أثر للجميع بل لا أثر لأي شئ…
مادي كان… أم بشري…

السيناريو الغريب لإختفاء الرحلة التاسعة عشر ومارتين مارينز كان كافيا جدا لإن يتخطى مثلث برمودا حدود الجغرافيا إلى نطاق الأسطورة ومن هنا أيضا أدرك العالم مدى خطورة الطيران والإبحار في تلك البقعة الغامضة من المحيط الأطلسي..

blank
الطائرة الحربية مارتين مارينز .. ذهبت للعثور على المفقودين فضاعت هي الاخرى

و مصطلح مثلث برمودا صكه الكاتب الأمريكي فنسنت جاديس في عام ١٩٦٤ بمقالة نشرت بمجلة أرجوسي argosy تحت عنوان مثلث برمودا القاتل، ومن هنا ولد المصطلح الأشهر في عالم الماورائيات… مصطلح مثلث برمودا، ويمتد مثلث الرعب هذا من فلوريدا إلى بورتوريكو إلى برمودا شمالا ويغطي مساحة نصف مليون ميل من المحيط.

لم يضع لغز السرب المفقود أوزاره بعد، ففي العام ١٩٧٤ وبعد ما يناهز الثلاثون عاما على إختفاء تشارلز تايلور و رفاقه، أدلى أحد مراقبي الطيران ممن عاصروا واقعة إختفاء الرحلة التاسعة عشر بحديث إلى أحد البرامج التلفزيونية قائلا أن القوات الجوية أخفت عبارة أرسلها تايلور قبل الإختفاء مباشرة نصها : “لا تتبعونا… يبدوا أنهم من الفضاء الخارجي”

اللغز الذي كان يعتقد أن إجابته لا تتخطى حدود كوكبنا أصبح ربما كانت إجابته في غياهب الفضاء أضف إلى ذلك عدم نفي القوات الجوية الأمريكية لشهادة مراقب الطيران ليعد ذلك إعترافا ضمنيا بصدق ما قاله الرجل.

ترى هل يكون حل اللغز والرعب المحيط به في أعماق الفضاء؟
إذا كان ذلك صحيحا فهل يمكننا إنتظار يوما يعلن فيه الفضائيين عن أنفسهم لنا؟
وما الداعي لتلك الإختطافات الكونية؟
أم أن تلك البقعة من عالمنا فجوة بين عالمين؟
وما تفسير ما قاله تايلور قبل إختفاءه…
لا يمكننا أن نرى الأرض…
المياه خضراء وليست بيضاء…
البوصلة معطلة…
ما الذي كان يعنيه بتلك الجمل المبهمة؟
وما الذي دفعه لرؤية الأرض؟
ولماذا تعطلت البوصلة في كل الطائرات؟

وهل يمكن تفسير الإختفاء بما أبلغت به سفينة تجارية كانت تبحر من نطاق طيران الرحلة التاسعة عشر و مارتين مارينز بأنها شاهدت أنفجارا في تلك المنطقة حوالي الساعة السابعة والنصف مساء يوم الاختفاء لكن المحققين أستبعدوا أحتمال انفجار طائرات الرحلة لان هذا معناه أن الطائرات كانت تطير بعر نفاذ الوقود واذا كان الانفجار يخص مارتين مارينز فأين ذهب الحطام …

لم تعد التساؤلات تجدي نفعا …
لان الذين ذهبوا ..ولم يعودوا …
تركوا ورائهم حقيقة وحيدة …
أن الحقيقة قد تركض أسرع من الأسطورة …
و أقوي من الخيال

كلمات مفتاحية :

– Bermuda Triangle
– Rosalie, French ship found adrift and deserted in 1840
– Bermuda Triangle Flight 19

تاريخ النشر : 2021-08-24

guest
44 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى