قتلة و مجرمون

جرائم غريبة وحلول مدهشة

بقلم : تامر محمد – مصر

بعض الجرائم قد تحل بواسطة ادلة غير متوقعة من الشرطة
بعض الجرائم قد تحل بواسطة ادلة غير متوقعة من الشرطة

يشهد العالم جريمة جديدة، بصورة يومية، لكن من بين العديد من الجرائم، اشتهر بعضها بشكل كبير لما تضمنته من غرابة لدرجة تجعل الناس تعتقد أنها مجرد قصص من وحي الخيال لا تمت للواقع بصلة إلا أنها بالفعل حدثت في الحقيقة.

من داخل قرار بئر مهجورة، عثرت الشرطة المصرية على ثلاث عظام ولمعرفة فقط ما إذا كانت هذه العظام آدمية أم حيوانية؟ جرى إرسالها إلى الطب الشرعي، وبعد كتابة كبير الأطباء الشرعيين حينها في مصر عام 1917، سيدني سميث، التقرير الجنائي، تفاجأ وكيل النيابة من المحتوى، وفقًا لإحدى مقالات الكاتب نبيل فاروق.

توصل سميث إلى أن هذه العظام الثلاثة لفتاة يتراوح عمرها بين 22 – 25 عامًا، وأنها أنجبت مرة واحدة وكانت مصابة بمرض السكر الوراثي وفقر الدم، وحدد أيضًا كبير الأطباء الشرعيين فصيلة دمها “A+”، وأنها أصيبت برصاصة عن طريق الخطأ لم تتسبب في وفاتها فورا لكنها ماتت بعد أسبوعين بسبب تسمم الجرح.

راود ذهن وكيل النيابة أن ما جاء في التقرير استنتاج أو عمل من أعمال السحر، ما جعله يطلب من سميث أن يأتي إليه من أجل استجوابه، وبالفعل ذهب إليه كبير الأطباء الشرعيين رغم شعوره بالضيق ليس لأنهم يستفسرون عما كتبه ولكن لأن ذلك يعتبر إهدارًا للوقت كونه يعشق عمله.

blank
السير سيدني الفريد سميث .. من ابرز علماء الادلة الجنائية .. عمل مستشارا جنائيا لدى الحكومة المصرية مطلع القرن العشرين ومحاضرا في جامعة القاهرة لعدة سنوات .. لديه عدة قضايا جنائية مشهورة حول العالم قام هو بحلها

“سيدي.. لا أشك في تقريرك، ولكن لا أستطيع إدراكه، فهل ممكن أن تخبرني كيف عرفت كل هذا من ثلاث عظام فقط” : سأل وكيل النيابة الدكتور سميث بدهشة ، وهذه الدهشة لها ما يبررها ، فالشرطة توصلت إلى الجاني وتم التأكد من صدق ما جاء في تقرير الطبيب سميث.
فعندما أجرى رجال الشرطة تحرياتهم بناء على تقرير “سميث”، اكتشفوا اختفاء أرملة في الرابعة والعشرين من عمرها، توفى زوجها منذ عام ولديهما طفلة وحيدة، وكانت هذه الأرملة الشابة تعيش مع والدها.

الأب كان يعيش في حزن وندم منذ 4 أشهر، لذلك سرعان ما اعترف وهو في حالة من الانهيار أنه أثناء تنظيفه بندقيته غير المرخصة خرجت طلقة عن طريق الخطأ وأصابت ابنته في فخذها.

قرر الأب علاج ابنته في المنزل لخوفه الشديد من القبض عليه لامتلاكه سلاحًا غير مرخص، إلا أنها توفيت بعد أسبوعين، ما جعله يحملها ويذهب إلى بئر مهجورة ويلقي بها، ولم يتبق منها سوى بضعة عظام بعد أن التهمت الذئاب جسدها.

بعد استماع سميث لتفاصيل الجريمة من وكيل النيابة، رد عليه موضحًا أنه ليس ساحرًا ولكن هذا هو العلم الجنائي الذي يجعل الجميع في دهشة باستنتاجاته ونتائجه، وبدأ يشرح له تحليل الطب للعظام الثلاثة التي وصلته وهي عظمة ساق، وعظمة فخذ، وعظمة حوض ، حيث علم من الأخيرة أنها لامرأة واستطاع معرفة العمر من التحاماتها.

كما توصل أنها حملت وأنجبت مرة واحدة نتيجة التغيرات التي تصنعها الولادة الطبيعية في رحم المرأة وحوضها، وعلم سميث من نخاع العظم فصيلة دمها، وأنها أصيبت بالسكر الوراثي وفقر الدم، ووجد في عظمة الفخذ موضع الإصابة الناتجة من الرصاصة، واستطاع معرفة أنها بالخطأ لأن موضع خروجها أعلى من الدخول، كما ظهرت تغيرات باثولوجية في موضعي دخول وخروج الرصاصة تدل إنها لم تموت إلا بعد أسبوعين بسبب تسمم الجرح، وهي عمر التغيرات التي أصابت العظام.

وأنهى سميث حديثه لوكيل النيابة قائلا: “هل وجدت الآن إنها ليست سوى مجموعة من النتائج البسيطة في علم الطب الجنائي”، ليرد عليه : “أنها غير بسيطة ولكنني أمام عبقري”.

وفي عام 1928 عملت نظارة الحقانية على إنشاء إدارة للطب الشرعي، وشكّلت الهيكل العام للمصلحة، وكان ذلك بمعرفة الطبيب الإنجليزي سيدني سميث، كبير الأطباء الشرعيين في مصر حينها.

قصة الببغاء الذى كشف لغز جريمة قتل

تنتشر جرائم القتل فى كل مكان بالعالم؛ ويسعى رجال الشرطة جاهدين إلى الوصول السريع إلى الجاني؛ وذلك من أجل أن ينال عقابه وألا يهرب من جريمته، وتركت الجرائم بمختلف أنواعها وأدائها أثرًا سيئًا على النفوس، وهناك العديد من الجرائم التى باتت لغزًا بلا حل، وهناك من نجح رجال الشرطة فى الوصول إلى الجانى خلال فترة زمنية قصيرة للغاية .

يوجد أيضًا ما هو غريب فى عالم الجريمة، ومن أغرب القضايا التى شهدها المجتمع الأمريكي؛ قضية مقتل أحد مواطنيها؛ وليس مقتل الشخص هو الغريب؛ ولكن الغريب فى الأمر هو أن يقوم ببغاء بكشف لغز جريمة قتل ذلك المواطن بعد عامين من وقوع الجريمة؛ حيث كان يعيش معه فى البيت.

blank
صورة القتيل وزوجته

قد عثرت السلطات الأمريكية على مواطن يُدعى “مارتن دورام” مقتولًا داخل شقته؛ نتيجة تلقيه خمس رصاصات اخترقت جسده، ولم يكن يوجد فى مسرح الجريمة سوى المجنى عليه وزوجته والببغاء الذى يُطلق عليه اسم “بود”؛ وهو الذى شهد اللحظات الأخيرة فى حياة الضحية .

كان الببغاء يردد الكلمات الأخيرة التى جاءت على لسان القتيل قبل وفاته بلحظات؛ مما أدى إلى سهولة الوصول إلى القاتل عن طريق ذلك الببغاء الذى ساعد رجال الشرطة فى كشف حقيقية مقتل مارتن .

استطاع رجال الشرطة التأكد من أن زوجة القتيل والتى تُدعى “جلينا دورام”، هى التى قامت بتنفيذ جريمة قتل زوجها؛ بإطلاق خمس رصاصات متتالية باتجاه جسده، كما أثبتت الشرطة أن القاتلة حاولت أن تنتحر بعد أن انتهت من جريمتها باستخدام نفس المسدس الذى قتلت به زوجها؛ غير أن محاولة الانتحار قد باءت بالفشل.

كانت محاولة انتحار الزوجة قد جعلت السلطات تعتقد في البداية أنها ضحية لهجوم غاشم؛ أطاح بزوجها وكاد أن يقتلها؛ مما جعل الشبهات المتعلقة بالجريمة تبتعد عنها، كانت القاتلة تؤكد براءتها من دم زوجها القتيل، ولم تفكر مُطلقًا أن الشرطة ستقوم بالوصول إلى حقيقة إدانتها بسبب ذلك الببغاء .

كانت المفاجأة صادمة وساحقة بالنسبة للقتيلة؛ التى وجدت نفسها مدانة فى قبضة رجال الشرطة؛ الذين قاموا بتوجيه الاتهام إليها بقتل زوجها مع سبق الإصرار والترصد، لم يكن يخطر ببالها أن الببغاء الذى كان زوجها يربيه منذ سنوات؛ قد حفظ كلمات زوجها الأخيرة واستمر فى ترديدها .

كان الببغاء يكرر فى نهاية كلامه عبارة “اللعنة لا تُطلقي..” ، ومن الواضح أنها العبارة التى كان يأمل بها القتيل العفو من زوجته؛ مما جعله يتوسل إليها بعدم إطلاق النيران؛ غير أنها لم تخضع لتلك التوسلات البائسة؛ وقامت بتنفيذ جريمتها بلا تردد، ولكن الجريمة كانت غير كاملة لأنها حدثت فى وجود ببغاء ذكى يردد الكلام .

لم يتراجع رجال الشرطة فى قرار القبض على القاتلة وتوجيه الاتهام إليها اعتمادًا على كلام الشاهد الوحيد الذى حضر وقت وقوع الجريمة؛ وهو الببغاء، وبالفعل أخذت المحكمة بشهادته، وتم التأكد من أن الزوجة هى القاتلة بالفعل.

blank
البغبغاء الرمادي الافريقي يعد من اذكى فصائل البغبغاء ومنتشر كطائر اليف حول العالم وتربيته رائجة في عالمنا العربي

وقد كان لزوجة مارتن السابقة ، أي طليقته “كريستينا كيللر” دور كبير في القضية ، فبعد موت مارتن أخذت الببغاء ليعيش معها؛ من أجل أن تعتنى به، فلاحظت ما يقوله الببغاء وما يردده من عبارات تدل على طريق الوصول إلى الجانى فى قضية مقتل مارتن، لم تتوانى السيدة كريستينا فى الذهاب إلى السلطات الأمريكية المسئولة عن ملف القضية، وهناك قام الببغاء بترديد الحوار الذى دار قبل وقوع الجريمة، وكان هذا الحوار بين شخصين يصرخان على بعض ، وكان واضحا أن صوت الرجل يعود لمارتن وصوت المرأة يعود لزوجته جلينا ، وذلك ما أثبت تورطها؛ مما أدى إلى القبض عليها؛ لاتخاذ الإجراءات المناسبة لتنفيذ العقوبة القانونية التى تستحقها .

أصبحت شهادة الببغاء من أغرب الأمور التى حدثت تاريخيًا؛ فى واحدة من جرائم القتل الأمريكية، وذلك يدل على أن معظم الجرائم فى العالم غير مكتملة الأركان، ودائمًا يوجد الدليل الذى يصل من خلاله رجال الشرطة إلى القاتل؛ مهما طالت الفترة الزمنية على حدوث الجريمة.

مصادر :

Sydney Smith (forensic expert)
Woman convicted of husband’s murder after parrot witness

تاريخ النشر : 2021-09-07

guest
32 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى