أدب الرعب والعام

الحب الملعون

بقلم : امل شانوحة – لبنان

الحب الملعون
انت لي يا حلوة .. انت لي مدى الحياة !! ..

كنت اُذاكر بكل نشاط لإمتحان الغد .. لكني شعرت ببعض التعب فأغمضت عينايّ لأريحهما .. و عندما فتحت عينايّ , شعرت بدوار و ضبابية في الرؤية .. ففركت عينايّ لكن دون جدوى , فالرؤية مازالت غير واضحة ! حتى انني لم استطع رؤية عقارب الساعة التي عُلقت فوق طاولتي ..

فجأة !! انتبهت ان لديّ العديد من الأصابع .. يالهي ! مالذي يحدث معي ؟ ثم سمعت صوتاً في رأسي يقول لي : لا تفزعي !! انت الآن تحلمين … فقلت في نفسي : كيف ؟! فأنا ما ازال امام طاولتي , و لا اذكر انني كنت نعسة ! فعاد الصوت من جديد يقول لي : انظري اذاً الى كرسيك .. فنظرت الى حيث اشار .. فرأيت كرسي يطفو على الأرض .. و بثواني وجدت جسدي يطير حتى اقترب من سقف غرفتي ! و هنا فقط ايقنت انني احلم ..

لكنه لا يشبه ايّا من احلامي ! فأنا كنت اشعر بكل ما حولي .. فأنا اشتمّ الآن رائحة البخور قادمة من خلف غرفتي ! واستطيع فعلاً لمس السقف الذي وصلت اليه ! لكن لحظة !! لما بيجامتي التي كنت البسها قبل قليل , مرمية على سريري بالقرب من ملابسي الفخمة التي كنت احتفظ بها للمناسبات ! من الذي بعثرها هكذا ؟! و لما عدّة مكياجي متناثرة فوق تسريحتي ؟ هل اختي الصغيرة استغلت نومي المفاجىء لكي تلعب بأغراضي ؟ ان كانت فعلت !! فسأشكوها لأمي فور استيقاظي من هذا الحلم الغريب .. و هنا !! عاد ذلك الصوت يحدثني من جديد قائلاً : دعك الآن من اختك , و استغلي هذه التجربة الفريدة ..

فسألته : و ماذا تريدني ان افعل ؟ فقال : افتحي النافذة و طيري الى الخارج .. فصرخت فزعة : لاااا !! هكذا سأموت ! فقال لي مطمأناً : بل ستطيرين كما تفعلين الآن .. هيا لا تكوني جبانة , حاولي قبل ان تستيقظي ..هيا !!!! و بالفعل !! استجمعت قوايّ و خرجت من نافذتي .. و لا استطيع حقاً ان اصفّ لكم غرابة التجربة و جمالها في نفس الوقت .. فقد حلّقت عالياً بالسماء , حتى انني زرت عدّة اماكن بلمح البصر ! لكن التجربة انتهت سريعاً .. و استيقظت و انا مازلت امام كتبي المفتوحة فوق طاولتي ..

لكن لحظة !! لما البس هذه الثياب الفاخرة .. و غرفتي ! كانت تماماً كما شاهدتها بالحلم .. فكل شيء مُبعثراً هنا و هناك ! لكن قبل ان اعيّ ما حصل .. انتبهت الى ضوضاء قادمة من المطبخ .. ففتحت باب غرفتي ليتناهى الى سمعي صراخ ابي الغاضب , و صوت امي تحاول بصعوبة تهدأته .. و الأغرب ان ابي كان يشتمني انا ! لماذا ؟ فأنا كنت بغرفتي اذاكر ! مالذي حصل ؟ و هنا اقتربت مني اختي الصغيرة و قالت لي : ادخلي بسرعة الى غرفتك و اقفلي الباب عليك , قبل ان يقتلك ابي ..هيا !! و كنت سأظنها تمزح , لولا علامات الخوف البادية على وجهها .. فقلت لها : حسناً سأدخل , لكن تعالي معي و اخبريني بما حصل ؟ و رغم ان كلامي فاجأها .. الاّ انها فعلت ذلك ..

وبعد ان اقفلنا باب الغرفة علينا .. قالت لي بغضب : يا مجنونة !! مالذي فعلته قبل قليل .. فقلت بدهشة : انا كنت نائمة و .. لكنها قاطعتني بغضب : لا تتغابي عليّ !! فصراخك على العريس الذي احضره ابي معه من الجامع , اغضب الجميع !! فصرخت بدهشة : عن ايّ عريس تتكلمين , انا حقاً لا افهم شيئاً ! و رغم ان اختي لم تصدق كلامي , الاّ انها رضخت الى الحاحي عليها بإخباري القصة منذ البداية .. فقالت لي : ان ابي التقى بإبن صديقه القديم في الجامع .. و بعد ان تكلما قليلاً في طريق العودة ..فاجأ الشاب ابي بأنه ينوي ان يخطبك .. فقال له ابي : لما لا تأتي الى بيتي و ترى ابنتي قبل ان تُحضر اهلك , فأذا اعجبتك حددنا موعد لقدوم اهلك .. فوافق الشاب و حضر معه ..

فسألتها و انا مازلت مندهشة من هذا الكلام (الذي لا اذكر منه شيء) وقلت :و ماذا فعلت انا ؟ فقالت بغضب : لا ادري لما تدّعين النسيان ! انظري حولك !! لقد دخلتي الى غرفتك ثم بعد قليل خرجت بهذه الثياب التي تلبسينها الآن , و قد وضعت المكياج على وجهك .. الم تنظري الى المرآة ؟ فقمت بسرعة نحو المرآة , و كان كلامها صحيحاً .. فوجهي مُزين بشكلٍ جميل ! ثم اسرعت الى اختي و قلت : انا حقاً لا اتذكر ايّ شيء , احلف لكِ !! و قبل ان تجيبني , سمعت طرقات عنيفة على بابي , و كأن ابي يحاول تحطيمه , و كان يشتمني بقسوة (من خلف الباب) و كان يصرخ قائلاً : اتحاولين اذلالي !!! اتحاولين ان تجعلي صيتنا على كل لسان يا عديمة التربية !!!! افتحي الباب قبل ان اكسره على رأسك !!

لكن امي حاولت ببسالة تهدأته , لكنها نالت نصيبها من الشتائم : لأنها برأيه لم تحسن تربيتي .. و بعد قليل .. كان صوته يبتعد , الاّ انه كان يهددّ بأنه لن يرسلني مجدداً الى الجامعة , التي كانت السبب بغروري … و هنا امسكت يد اختي (بخوف) و سألتها : هل فعلاً دخلت على العريس و شتمته ؟! فابعدت يدي بعنف و قالت : شتمته ! و الله لو لم يخرجك ابي من الصالة , لكنت على وشك ان تضربي الشاب .. و المسكين تفاجىء جداً بتصرفك , و خرج مسرعاً من البيت …

لماذا فعلتِ ذلك ؟ لما لم تجلسي معه لخمس دقائق , ثم تخرجين بأدب .. و بالنهاية لن تأخذي الا نصيبك ..اتظنين ان هذا الشاب لن يخبر اهله بما حصل .. و اكيد امه لن تسكت على اهانتك ابنها , و ستخبر عنا كل معارفها ..و بهذا يصبح صيتنا على كل لسان .. و ابي معه كل الحق ليغضب منك ..و انا ايضاً احاول ان امسك نفسي , كيّ لا اخنقك الآن .. فأنت بتصرّفك الأحمق لم تقضي فقط على مستقبلك , بل على مستقبلي انا ايضاً .. فمن سيتزوجني , و انا لديّ اخت مجنونة مثلك .. كم اكرهك يا غبية !! ثم خرجت من غرفتي و هي تبكي ..

و انا بعد ان اقفلت الباب خلفها (خوفاً من ابي الغاضب).. تراميت من هول الصدمة فوق ثيابي المبعثرة على سريري و صرت ابكي , و عبثاً حاولت تكراراً و مراراً تذكّر ما حصل , لكن لا شيء في ذاكرتي ! و بعد ساعة من البكاء المتواصل نمت من التعب و انا مازلت البس ثيابي الفارهة .. و في المنام : رأيت من كان السبب في كل تلك المشكلة .. كان مخلوقاً مخيفاً , اخضر اللون بعينان تشبهان القطط .. و قد اقترب مني ضاحكاً و قال : يبدو ان خطتي نجحت .. لقد الهيت عقلك بتخيلاتٍ الغبية , بينما سيطرت انا على جسدك .. و في الوقت الذي كنت تطيرين فيه بالسماء , كان لساني انا , ينهال بالشتائم على ذلك الشاب الوسيم الذي اراد ان يأخذ زوجتي مني ..

صرخت باكية : انا لست زوجتك ايها اللعين !!! فأسرع ذلك الجني و خنقني بيديه , حتى كدت اموت خنقاً ..ثم همس في اذني بلؤم : انت لي يا حلوة .. انت لي مدى الحياة !!!!!

تاريخ النشر : 2015-07-11

guest
36 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى