أدب الرعب والعام

ليلى والذئب (بتصرف)

 
بقلم : يقضان الجزيرة
للتواصل : [email protected]

 

ما الذي يثير انتباهك أكثر ذئب متوحش في غابة أو امرأة متزينة في ساحة معركة ؟

في مدينة من مدننا العربية حيث يسود الاضطراب وعدم الأمان والقتل و السرقة وكره الناس بعضهم لبعض فقط لأنهم مختلفين عن بعضهم البعض في الدين أو العرق.

عاشت فتاه جميلة اسمها لبنة .. كانت فتاة ذكية و جميلة وكانت مطيعة لوالديها وكانت في العاشرة من عمرها وكان والداها ينصحانها دائما عند الذهاب إلى المدرسة والعودة بعدم الحديث مع الغرباء إن كانوا رجال أم من النساء على حد السواء وكانت لبنة تحفظ نصائح والديها و تطبقهما دائما.

وفي يوم من الأيام عند عودتها من المدرسة حدث قتال عنيف بين رجال العصابات في طريق عودتها إلى المنزل وكان الناس يهربون في كل اتجاه رغبة في السلامة وكانت لبنة خائفة جدا من أصوات الرصاص وصراخ الجرحى وأنينهم … وفي خضم هذه الأحداث من صراخ الناس ودوي المدافع كان هناك رجل في عقده الرابع يحتمي بشجرة ويصرخ بلبنة قائلا : ” هلمي إلي ” .. لكن لبنة لم تذهب إليه .

ورأت لبنة امرأة جميلة وأنيقة في ملبسها وواثقة الخطى غير خائفة مما يدور حولها من قتال فبدأت تركض بأتجاه تلك المرأة وعند وصولها إليها أمسكت بيدها وقالت : ” أرجوكي يا سيدتي أن توصليني إلى بيتي ” .

فنضرت المرأة إلى لبنة وقالت : ” هل أنت خائفة ؟ ” .

فأجابت لبنة بلا تردد : ” نعم يا سيدتي ارجوكي ان تساعديني ” .

فقالت المرأة : ” هل شعورك بالخوف أوصلك إلي ؟ ” .

فقالت لبنة : ” بكل تأكيد ” . وظلت ممسكة بيد المرأة تحاول الابتعاد عن الخطر .

فضحكت المرأة وقالت : ” هيا بنا إلى منزل اهلك ” . ففرحت لبنة كثيرا لكلامها .

وهم في طريقهم إلى منزل لبنة سألت تلك المرأة لبنة : ” ما أسمك يا جميلة ؟ ” .

فأجابت : ” اسمي لبنة ” .

فسألتها المرأة : ” هل أنت مجتهدة في دروسك ؟ ” .

فقالت لبنة بكل ثقة : ” أنا الأولى بين زميلاتي ” .

فقالت المرأة : ” يجب أن أسالك لكي أتأكد مما تقولين ” .

فكان رد لبنى : ” اسألي ما شئت ” .

فسألت المرأة لبنى : ” ما اسم الكائن الذي يمشي على أربع ثم بعد ذلك يمشي على اثنين ثم بعد ذلك يمشي على ثلاث ” .

بعد تفكير أجابت لبنى : ” انه الإنسان في طفولته يحبو بيديه ورجليه و في شبابه بقدميه وفي شيخوخته بثلاث بقدميه وعصاه ” .

سرت المرأة من ذكاء لبنة فسألتها مرة ثانية : ” ما هو الحيوان الذي ينام بعين واحدة ؟ ” .

بدأت تفكر لبنة أكثر من ذي قبل لكنها توصلت للإجابة وقالت : ” انه الذئب ” .

فقالت المرأة للبنة : ” أصبت .. لكن إن أجبت عن سؤالي الأخير شهدت لكي بالذكاء يا لبنة ” .

فقالت لبنة : ” أنا لها فسألي ” .

فقالت المرأة : ” ما الذي يثير انتباهك أكثر ذئب متوحش في غابة أو امرأة متزينة في ساحة معركة ؟ ” .

هنا بدء شعور غريب يسري في جسد لبنة وبدأت تنظر لما حولها ووجدت أنها ليست في طريق بيتها بل في مكان مهجور , هنا خافت لبنة ونظرت إلى المرأة وقد تحولت إلى وحش كاسر تنبعث منه رائحة كريهة , هنا ركضت لبنة الصغيرة والمرأة خلفها .. عفوا اقصد الوحش .. فاستغاثت لبنى بربها قائلة : ” يا ربي إني ضعيفة فأغثني ” .

في تلك اللحظة سمع رجل كان يحرس هذا الجزء من المدينة الجلبة فرأى الوحش فأطلق عليه الرصاص فأرداه قتيلا وأوصل لبنة إلى بيتها..

تعلمت لبنة الصغيرة أن المظاهر قد تخدع الإنسان وان الذئب قد يكون بريء كما كان الذئب بريء من دم أبن يعقوب.

 

تاريخ النشر : 2015-07-22

guest
29 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى