تجارب ومواقف غريبة

حسد الإخوة

بقلم : أبو عبد الله – اليمن

هل تصدقون بأن إخوة يحسدون أخوهم؟

سأسرد لكم قصة عجيبة حدثت لصديق والدي قبل مدة، ولولا أنه محل ثقة لما أخبرتكم بها لما لها من أحداث عجيبة، قصة مطولة لكن لنأخذ منها العبرة، وهي المحافظة على علاقة الأخوة فيما بين العائلة الواحدة، وأن لا يفرقنا لا مال ولا بنون.

القصة تبدأ منذ لحظة تقسيم الميراث بعد وفاة الأب، فكانوا أربعة إخوة، أخ كان متغربا عن وطنه يعيش في حياة مستورة وموفقة (سأرمز له م .ب.)، وحين وصل نصيبه من الميراث انتعش أكثر، فكثر ماله، أما البقية فقد أضاعوا أموالهم في التفاهات ولم يعد لديهم الكثير.

فحسد الإخوة الثلاثة أخوهم لكثرة ماله (هل تصدقون بأن إخوة يحسدون أخوهم؟ لم لا ولنا في قصة سيدنا يوسف أكبر مثال)، فحاولوا بشتى الوسائل أن يضيقوا عليه وأن يجعلوه يضيع أمواله مثلهم. ففي إحدى زيارات الأخ (م. ب.) لبلده، قام إخوته في حين غفلة منه بإحراق جواز سفره لكي لا يتمكن من العودة وإدارة أمواله من جديد. لكنه اتصل بصاحب العمل وأخبره بأنه فقد جوازه وأنه يرغب في العودة من جديد. وبالفعل أعيد ترتيب أوراقه من جديد واستخرج جواز (بدل فاقد) وعاد من جديد لعمله.

بدأ إخوته بالتفكير في حيلة جديدة (ويا ليتهم لم يفكروا)، فقد فكروا بإصابة أخوهم بالعين وبالسحر، وبالفعل بدأوا بتطبيق فكرتهم. وبدأ (م .ب.)، يشعر بأنه ليس بصحة جيدة، رغم أن الأطباء أكدوا بأنه لا يشكو من مرض عضوي ولا نفسي. فتوجه إلى شيخ كبير وقرأ عليه بعض الآيات وعرف ما به، فقال: لا عليك، فهذه عين أصابتك وسأقرأ عليك إلى أن يشفيك الله سبحانه وتعالى. وظل محافظاً على زيارته للشيخ حتى شفاه الله وعافاه. ولكن إخوته لم يهدأ لهم حال، فعادوا الكرة من جديد، وأحس أيضا بتعب وعاد من جديد إلى الشيخ نفسه فقرأ عليه حتى شفاه الله وعافاه، ونبهه إلى ضرورة المحافظة على الأذكار دوما وأبدا.

ضاق الإخوة ذرعا ولم يعلموا ما يفعلون تجاه أخوهم الذي لم يقدروا عليه أبدا، فنصحهم أحد شياطين الإنس بالتوجه إلى ساحر مشهور يعمل لهم سحر لا ينفك أبدا. أعجبتهم الفكرة وذهبوا إليه وأخبروه بخبرهم، فقال لهم: تعالوا إلي بعد يومين.

بالفعل ذهب الإخوة إلى الساحر بعد يومين حسب الموعد المتفق بينهم، وأخبرهم بأنه عمل سحر شديد الصعوبة، وأن الشيخ الذي يذهب إليه أخوهم لن يستطيع عليه. ففرحوا بذلك وقالوا له: ابدأ بتطبيق السحر. فقال لهم: قبل أن أبدأ، يجب علي أن أخبركم بشيء هام، هذا السحر ينتهي بالموت. إن تمكن السحر من أخوكم فسيموت، وإن تمكن أخوكم من السحر ستموتون. فسألوه: هل أنت واثق من سحرك؟ فقال: نعم إنه شديد الصعوبة وقد وضعت فيه كل طاقتي. فوافق الإخوة على تطبيق السحر.

بعد أيام أحس الأخ بتعب شديد، وعرف إنه سحر جديد عمل له، فتوجه مباشرة إلى شيخه، وقرأ عليه القرآن، فتوقف الشيخ وقال له: هنا أقف. لا أستطيع أن أعالجك. فقد عمل لك سحر قوي جدا. لا أستطيعه، وكل ما أستطيع قوله أن ابقى في المسجد ما بين المغرب والعشاء، لا تخرج أبدا. وهذا كنوع من التخفيف وليس العلاج، وعليك بسرعة إدراك نفسك بأية طريقة وإلا فإنك ستموت.

خرج الأخ (م. ب.) حزينا مهموما لا يدري ماذا يصنع وماذا يفعل، ومن الذي يساعده. فبدأت آثار السحر تظهر عليه، فبدأ يخسر أمواله، واحترق المطعم الذي كان يمتلكه، وولدت ابنته وهو لا يملك مالا يذهب بها إلى المستشفى. ومرض بالقلب واضطر لعمل عملية بالقلب، واتصلت زوجته تسأل عن مساعدات من أهل الخير. لم يدم الأمر طويلا، فقد ساقه الله لأمر لم يطرأ في باله. تعطلت سيارته واضطر لأخذها للورشة، وفي أثناء تصليح السيارة، لاحظ العامل أن وجه (م. ب.) يميل إلى الكآبة والسواد، فسأله من باب الفضول، فحكى (م. ب.) قصته باختصار. فابتسم العامل وقال له: إن أمرك هين يا رجل، اذهب إلى الشيخ الموجود بداخل الورشة سيعالجك حتما. دخل (م. ب.) فإذا به يرى رجلا ضخم وعليه لحية طويلة من الجنسية (الباكستانية)، فحكي له قصته، وقال: اجلس. وبدأ يقرأ عليه القرآن. فقال له: يجب أن تأتي كل يوم عندي، ولا تخلف يوما واحد. وتابع الرجل قراءته للقرآن يوميا، وكان الشيخ نفسه يقرأ القرآن ويبكي، يقول: لم أعلم بإن إخوة بهذه القسوة. لكن ويلهم من الله ثم مني.

بعد فترة اشتهى (م. ب.) أن يزور مكة وأن يعتمر، فأخبر الشيخ بأمنيته، فقال له: الشيخ إياك أن تذهب في الوقت الحالي إلى أن أخبرك. فإن نارا محاطة بك من جميع الجوانب، إن خرجت من هذه المدينة ستموت، اصبر قليلا. في يوم من أيام قراءة الشيخ القرآن على (م. ب.) قال له: هل تعلم شخصا في قريتك يمتاز بالقوة ولا يخاف شيئا، والأهم بأن إيمانه بالله تعالى قوي جدا؟ قال له: لم يا شيخ؟ قال: إني مرسله إلى مكان معين لينجز عملاً لك، فإن أنجزه فإنك بعده صحيحا سليما معافا ويذهب كل ما بك. فقال له: ما هذا المكان؟ فقال الشيخ: هناك مقبرة قريبة من قريتك وما زال يدفن فيها الأموات الجدد، وإن أحد الأموات هؤلاء دفن معه سحرك، سأدله على المكان الموضوع فيه السحر ويخرجه، وحين يخرجه سيسمع صرخات أبوه وأمه يناديين عليه، فلا يلتف أبدا ويمضي وبعد أن يتجاوز المقبرة يرمي السحر في أي مكان وينتهي كل ما بك، وهذا الشخص لن يصيبه أي أذى إن شاء الله. ففكر (م. ب.) من سيقوم بهذا، فقال: لا أحد، فقال الشيخ: إذن اصبر.

بعد مدة قال الشيخ لـ (م. ب.) لقد فتحت لك الجهة الشرقية، يمكنك فقط الذهاب تجاه الشرق. وبعد مدة قال له: فتحت لك الجهة الجنوبية يمكنك الذهاب للجنوب. وبعد مدة قال له الشيخ تستطيع الذهاب للشمال، وبعدها قال له: فتحت لك جميع الطرق وذهب عنك السحر بكامله، اذهب إلى مكة واعتمر الآن. فقال له (م. ب.): ماذا صنعت بشأن المقبرة؟ فقال الشيخ: أرسلت شخصين من قبلي، أرسلت شخصا فحفر فخرجت نار من القبر واضطررت أن أرسل شخصا آخر، فالأول يتابع الحفر والثاني يقوم فوق رأس القبر يأذن إلى أن انطفأت النار وأخرجنا السحر من هناك. فانتابه الفضول فسألهم (م. ب.): من هؤلاء الذين أرسلتهم؟ فقال الشيخ: لا تسأل.

الطريف في الأمر، أن (م. ب.) احتفالا بشفائه ذهب إلى بلاده وأخذ أولاده معه، لكن في يوم من الأيام جاءت امرأة عجوز وأهدت هذا الشخص حزمة من (الملوخية الخضراء) فطبخوها للغداء، فعاد إليهم السحر من جديد، لكن أخف من الأول. عاد (م. ب.) إلى الشيخ الجديد فرأى أن الورشة قد أغلقت بالكامل ولم يعد لها أثر أبدا، وأن جميع العاملين عادوا إلى مواطنهم الأصلية. لكنه ذهب إلى شيخه القديم، وبالفعل عولج تماما.

بعد مدة مات اثنين من الأخوة، والثالث مات بعد فترة من موتهم، والأخ (م. ب.) مات هو الآخر قبل سنة موتة طبيعية.

تاريخ النشر : 2015-12-23

guest
25 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى