أدب الرعب والعام

الجارة !

بقلم : ابنة الليل – المغرب

تبدو مرهقة و اثار الضرب بادية على وجهها

كان الجوّ في الخارج عاصفاً و بارداً .. و في منزلٍ بأطراف الحيّ , استلقى الرجل (المستأجر الجديد) على الكنبة في الصالة ليشاهد التلفاز , و هو مُغطّى بلحافٍ دافئ ..
فجأة !! سمع طرقاً عنيفاً على بابه ..
و صوت امرأة تتوسّل برعبٍ شديد , و هي تجهش بالبكاء :
– ارجوكم افتحوا الباب !! زوجي يريد قتلي !! ارجوكم ساعدوني !! لا اريد ان اموت !!!!
فارتعب الرجل , و قفز ناحية النافذة و نظر للخارج ..فلم يرى سواها ! ففتح لها الباب بقلق :
– هيا ادخلي بسرعة !!

و ما ان دخلت المرأة .. حتى هدأت تماماً ! و ذهبت ناحية الكنبة و استلقت عليها , بعد ان تغطّت باللحاف ..فاقترب الرجل منها بدهشة ليسألها عن سبب قدومها , الا انها كانت تغطّ بنومٍ عميق !
فأطفأ التلفاز .. و هو مازال يتمعّن في ملامح وجهها , و يقول في نفسه :
– تبدو مرهقة , و اثار الضرب بادية على وجهها ! .. سأتركها ترتاح الآن , و غداً اسألها عن مشكلتها ..اتمنى ان لا يلحقها زوجها الى هنا !

في الصباح .. تفاجأ بعدم وجود السيدة في المنزل .. لكنه لم يهتم كثيراً , و ذهب الى عمله ..

في المساء و في نفس الساعة , عادت الأحداث من جديد .. طرقٌ عنيف , مع توسلات ذات المرأة لفتح الباب .. و عندما فتح لها , دخلت بهدوء الى المطبخ .. فتحت الثلاجة , و الرجل مازال يراقبها باستغراب ! ثم دخلت غرفة نومه .. فلحقها , ليجدها تغطّ في النوم !
..فأتى اليها غاضباً :
– ما هذا يا سيدة ؟ اتمثّلين عليّ ؟ هيا اخرجي فوراً من منزلي !!
لكن لا شيء فعله , جعلها تفيق من النوم ..فذهب غاضباً الى الصالة و نام على الكنبة , و هي يقول في نفسه :
– يبدو انها سيدة متشرّدة .. تضع بعض المكياج الرخيص على وجهها , لتبدو و كأنها مضروبة .. غداً سأذهب الى الشرطة , و ابلّغ عنها

في الصباح .. لم يجدها في غرفته و لا في كل المنزل .. فتساءل باستغراب :
– غريب ! انا نمت قريباً من الباب الخارجي , و مع هذا لم اشعر بذهابها !

و قبل ان يذهب لعمله , ذهب الى الشرطة و ابلغ عنها .. فنظر الشرطي اليه بفزع .. ثم بحث لبعض الوقت في درجه .. و اخرج منه ملفاً , و فتحه امام الرجل .. و هو يسأله بقلق :
– هل هذه هي السيدة التي تأتي الى بيتك ؟
– نعم هي !!
– هذه السيدة كانت تعاني من تعذيب زوجها الساديّ .. و في احد الليالي ..لم يكفِه كل الضرب الذي ضربها ايّاه .. بل لحقها بالمنشار الكهربائي في الشارع , يريد قتلها ..فركضت المسكينة لأول بيت وجدته امامها ..و صارت تطرق عليه بعنف , و هي تتوسّل ان يفتح لها الباب .. لكن المستأجر القديم كان رجلاً عجوزاً ..و كان حينها نائماً , و واضعاً سماعات اذنه جانباً , فلم يسمع ايّ شيء !
– و ماذا حصل لها ؟
– لحقها زوجها و قص جسمها بالمنشار الكهربائي , فخرّت نصفين عند عتبة بيتك
– ماذا تعني ؟! …هل كنت ارى شبحها ؟!
– بل اسوء من هذا .. فهي لم تكن تعرف : من كان يسكن البيت في تلك الليلة
– اتقصد انها تظن ..انني انا من لم ينقذها من زوجها ؟!
– بالظبط !! و لهذا الأفضل لك , ان تخرج من ذلك المنزل فوراً !!
– و لماذا ؟!
– الرجل العجوز بعد ان انتبه الى قدوم الشرطة , فتح بابه ليتفاجىء بالجثة المشوّهة امام منزله ..فأصيب على الفور بنوبةٍ قلبية .. و مات في الصباح التالي
– لم تجيبني على سؤالي … هل هذه الشبح خطرة ؟!

فأخرج الشرطي من درجه : شريط فيديو ..و وضعة بالتلفاز الصغير فوف مكتبه و هو يقول :
– احكم بنفسك !! هذا حصل بعد اسبوع من مقتلها ..

و حينها شاهد المستأجر : زوج القتيلة (السجين) يرتفع لوحده بالمقلوب , ليصل الى سقف الزنزانة و هو يصرخ برعب .. ثم ظهر صوت منشار كهربائي من العدم ! و صار جسده يتقطّع في الهواء الى اشلاءٍ صغيرة , و هو ما يزال حياً , و كان يصرخ بشكلٍ مؤلم و هستيريّ .. اما رجال الشرطة , فقد تجمّدوا خارج الزنزانة من هول المنظر !
– يا الهي ! ..
– قلت لك : هي لا تعرف من ذلك الشخص الذي لم ينقذها .. و بما انها وصلت اليك , فهي حتماً تظنّك انت .. و اظنه جاء دورك
– حسناً سأخرج من هناك !! لكن عليّ اولاً ان آخذ اوراقي الرسمية , و كمبيوتري لأن كل اعمالي عليه.. ثم أهرب فوراً

و خرج الرجل من مركز الشرطة سريعاً .. فنادى الشرطي مساعده :
– يا عسكري !! اجمع الرجال , فلدينا عمل بعد قليل

و ما ان دخل المستأجر المنزل .. حتى وجد كل شيءٍ به محطّم و مكسّر ! ..ففزع و حاول الخروج مجدداً , الا ان الباب الخارجي قُفل بإحكام ! .. و فجأة !! صارت تطير كل الأغراض و اوراق عمله هنا و هناك !! و الأنوار تضيء و تطفىء , و ابواب الغرف تفتح و تغلق ..
و هو يصرخ بفزع :
– توقفي !! انا لست المستأجر القديم !! انا لست المستأجر القديم !!!!

و اذّ بجسمه يرتفع فجأة عن الأرض ! فصار يصرخ و يبكي و يتوسّل لها .. ثم خفَتَ صوته , مع ارتفاع صوت المنشار الكهربائي الخفيّ !

———
تنسيق : امل شانوحة

تاريخ النشر : 2015-12-27

guest
49 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى