تجارب ومواقف غريبة

حارس البيت و اختفاء أحمد

بقلم : محمد مكي – السعودية

حارس البيت و اختفاء أحمد
لليوم ظل لغز تلك الأفعى يحيرني ..

البعض منا سمع بما يدعى بحارس البيت ولا اقصد هنا حارس البناية الذي يقف على بوابتها إنما المقصود هو حارس من نوع آخر !! فكثير ما سمعت بروايات عن حارس البيت والبعض يجزم ويؤكد انه رأى هذا الحارس بأم عينه كما حدث في قصتنا والتي روتها لي جدتي ( رحمة الله عليها ) ..

تقول جدتي : قبل سنوات طويلة وعندما كنت في سن الطفولة كنا نعيش في بيت العائلة والذي ورثه والدي وأعمامي عن والدهم والمكون من ثلاثة طوابق وزعت بالتساوي بين أبنائه الثلاثة وورثته ، وكنت أعيش مع أسرتي في الطابق الأول وعمي الأوسط وعائلته في الطابق الثاني وعمي الاصغر وعائلته في الطابق الثالث ، وكان للبيت قبو ( بدروم ) تنزل له بعدة سلالم وقد كان مغلق بباب خشبي قديم وضعت عليه سلسلة من حديد واحكمت بقفل غليظ ، وكان ايضاً للبيت مدخلان احدهما مدخل رئيسي يستخدمه جميع سكان البيت والآخر مدخل خلفي يستخدم في حالات نادرة و شبه مهمل خاصة انه يطل على خلفية البيت وعلى زقاق ضيق ومن خلفه جبل ..

كنا وقتها صغاراً نلعب سوياً أولاد وبنات أمام بيتنا وفي شوارع حارتنا حفاة الاقدام بكل أريحيه ولم نكن نخاف من أحد فجميع الجيران يعرفون بعضهم البعض والغريب بينهم معروف ، وكان أهلنا دائماً ما يحذرونا إذا خرجنا للعب بعدم النزول إلى القبو أو اللعب أمام فسحته الصغيرة !! ..

كان لأصغر أعمامنا ابن يدعى احمد عمره آنذاك لا يزيد عن خمس سنوات ، كان طفلاً جميلاً وحيوياً يحب اللعب والضحك شأنه شأن كل الاطفال في سنه وغالباً ما ينزل مع اخوته وقت العصر لنلعب جميعاً امام باب بيتنا ، وفي يوم من ايام الصيف لعبنا ولهونا حتى شعر احمد بالتعب وقال انه عطشان ويريد الصعود الى بيته كي يشرب فقامت اختة الكبرى بأدخاله الى رواق العمارة وتركته على اول السلالم وقالت له اصعد الى البيت وعادت لتكمل اللعب معنا ، فأكملنا لعبنا حتى اقترب وقت صلاة المغرب وكان محرماً علينا المكوث في الشارع في ذلك الوقت فكنا نسمع اصوات تصفيق الامهات يأتي من جميع الرواشين (الروشان هو شباك قديم) وكأنك تسمع تصفيق في مسرحية لعادل إمام فكل الأمهات يصفقن دفعة واحدة ويعتبر ذلك بمثابة جرس الإنذار للجميع كي نصعد الى بيوتنا ، فيذهب الجميع الى بيته دون تردد .

في مساء ذلك اليوم وقبل صلاة العشاء طرق عمي الاصغر الباب علينا وسأل والدي : أين أحمد ؟ ، فنادى والدي الجميع قائلاً : نادوا على ابن عمكم احمد كي يصعد الى بيته ، فنظرنا الى بعضنا البعض نتسائل عنه وقلنا انه ليس هنا لقد صعد الى بيته منذ وقت طويل !! ، فرد عمي وقد بدى عليه القلق : لا لم يصعد الى البيت وقد مررت على اخي في الطابق الثاني ولم اجده عندهم !!

فبداء الخوف والهلع يسري بيننا واستنفر الجميع في البحث عن أحمد ، وتقول جدتي والله يا بني لا تتخيل اننا بحثنا في كل ارجاء البيت لم نترك زاوية او دهليز ( ممر صغير تحت الدرج ) في البيت الا بحثنا عنه ( فص ملح وذاب ) .

ذهب والدي واعمامي الى مركز العسا ( الشرطة ) وبدأ الجميع يبحث فلم نجد الولد كأنه تبخر في الهواء ، بحثنا في كل البيوت و الحواري القريبة منا فلم نجد له اثرا ، وأصبح قلب زوجة عمي معلقاً بذلك الولد ولا تتخيل مدى الحزن والخوف الذي خيم على عائلتنا بعد اختفاء أحمد ونحن لا نعلم اين ذهب فتارة نعتقد انه خطفه شخص ما وخرج به من الباب الخلفي واخرى نتخيل ان الجن خطفه ، وهكذا استمرينا على ذلك الحال سنين طويلة وضلت زوجة عمي تبحث عن ابنها حتى قبل وفاتها وصت أبنائها وهي على فراش الموت وتقول لهم ابحثوا عن اخوكم أحمد ولا تنسوه ..

وتكمل جدتي قصصها لمجرد انها تحكي قصصاً ولم يكن في نيتها ربط الامور ببعضها البعض ، فقالت : في احدى السنوات وبعد أن اصبحت شابة بدأت أكلف ببعض أعمال البيت الشاقة ومنها نشر الغسيل فوق سطح البيت وكان من عادتنا أن ننشر الغسيل في الليل ونلتقطه في اليوم التالي بعد صلاة العصر ، وفي إحدى الليالي هطل المطر فصاحت بي والدتي قائلتاً : يا فتو ( فتو اسم الدلع لفاطمة ) اصعدي فوراً الى السطح واجمعي الغسيل قبل ان يتلف من ماء المطر ، فصعدت الى السطح وبيدي سلة الغسيل اجمع الملابس و المطر يهطل على رأسي والهواء من شدته يكاد يقتلعني ويهوي بي من فوق سطح البيت حتى تمكنت من جميع الملابس وفي طريق عودتي وأثناء نزولي من السطح تفاجئت بشيء لم أتخيله في حياتي !! علماً بأني سمعت امي وزوجات اعمامي يتحدثن عنه ولكني لم اره من قبل ولا تتخيل يا بني شكل تلك الأفعى السوداء التي يصل طولها لأكثر من خمسة امتار وعرضها بحجم رجل بالغ تقف على فسحة درج السطح وتهم بالصعود الى السطح ، فتسمرت في مكاني انظر الى تلك الافعى وحجمها الرهيب ومن اين اتت والى اين تذهب ؟؟ ولكن الله منحني القوة بأن ارجع الى الخلف رويداً رويداً حتى عدت الى احدى زوايا السطح واختبأت بعيداً عن المدخل فخرجت تلك الافعى إلى سطح البيت واخذت تزحف حتى وصلت الى أحد الاعمدة في زواية السطح الاخرى والتفت عليه ونزلت من فوق السطح ، فألقيت بسلة الملابس ونزلت السلالم اجري بكل ما أوتيت من قوة حافية القدمين لا اعقب ولا انظر خلفي حتى وصلت الى شقتنا ، فنظرت الي امي بتعجب وتقول : ما بك يا فتو لماذا وجهك اصفراً ، فألقيت بنفسي عليها واخذت ابكي واجهش في البكاء ، وأمــي تهدئني وتقول ما بك يا بنت ماذا حدث ؟؟

عندما هدأت حكيت لها ما رأيت ووصفت لها شكل الافعى ، فضحكت امي مني وقالت لا تخافي يا فتو ذلك هو حارس البيت !! فقلت لها وما هو هذا الحارس ومن اين أتى ؟ فقالت لا عليك منه فأغلب بيوت مكة القديمة يوجد بها حارساً وهو من سكان البيت ولا يؤذي أهل البيت أبداً بل هو مكلف بحراستها من اللصوص !! ..

فقلت لجدتي : ومن اين أتتكم تلك الثقة في افعى بذلك الحجم وكيف لحيوان مفترس مثل الافعى التي وصفتيها وحسب واعتقادي انها من نوع الاصله التي تبتلع فرائسها ومعتقدين انها حارساً لكم ، وكيف ستميز اللص من الضيف الغريب او من احدكم !!!

قالت : والله يا بني هذا ما كنا نسمعه من اهلنا وامهاتنا ولم يكن متاح لنا في ذلك الزمان ان نبدى رأينا أو نناقش اهلنا كما يحدث الآن معكم ..

فقلت لها : يا جدتي أليس من المنطقي ان تكون تلك الافعى و التي تعتقدون انها حارساً لكم قد صادفت الطفل أحمد اثناء صعوده الى بيته وقامت بابتلاعه !!؟؟ فهو كطفل صغير الحجم و بالنسبة لأفعى بذلك الحجم يعتبر وجبه سهلة المنال ..

فنظرت إلي جدتي واطرقت تفكر ملياً وقالت : والله يا بني انكم جيل غريب ، فتخيل انه لم يخطر ببال احداً منا طوال هذه السنين مثل هذا التفكير ( جيل مجرم ) ، على الرغم ان زوجة عمي لم تدع طريقاً الا وسلكته كي تجد من يدلها وينير طريقها لتعرف مكان ابنها حتى أنها ( غفر الله لهم جميعاً ) سافرت خصيصاً الى إحدى دول افريقيا والتقت بكاهنه ، فقالت لها الكاهنة إن ابنك في البيت ولم يخرج منه !!

أعزائي ما رائيكم هل تؤيدوا وجه نظري خاصة ان أحمد هذا لم يظهر حتى اليوم ولم يجدوا له اثراً كما أن ذلك البيت هدم لتوسعة الحرم المكي عام 1396 هـ / 1976م ، وحسب روايات شهود عيان واثناء هدم المنازل المحيطة بالحرم المكي خرجت لهم من تحت الأنقاض كميات كبيرة من الأفاعي و بأحجام مختلفة !! ..

تاريخ النشر : 2016-01-13

guest
45 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى