أدب الرعب والعام

تصفيق .. تصفيق 2

بقلم : روان – سوريا
للتواصل : [email protected]

صوت التصفيق في المنزل المهجور !

-توقفوا عن التصفيق !!!!!
صرخت الزوجة بأعلى صوتها بعصبية

– عزيزتي اهدئي قليلاً
قالها الرجل محاولاً جهده إخفاء خوفه.. فقالت له زوجته :

– ألم تسمع كل هذا التصفيق ؟ أنهم ليسوا بشراً .. و لا نعرف كم عددهم ! .. ماذا نفعل الآن ؟ .. فلتنقذنا يارب !!
– عزيزتي .. دعينا ننزل إلى الأسفل , و نرى ماذا سنفعل

– و ماذا لو كانوا ينتظروننا هناك ؟ ماذا لو قاموا بأذيتنا ؟ لا , و ألف لا !! انا لن أتحرّك من مكاني
– اذاً أبقي هنا .. و انا سأذهب لأتفقّد المكان

– لا أرجوك , لا تذهب !! لا تتركني لوحدي !!
– سأعود فوراً , لن أتاخر .. أغلقي الباب فور خروجي

و خرج الرجل من الغرفة بخطواتٍ مُتثاقلة خائفة , ثم توجه نحو السلالم الخشبية ..و أخذ ينزل درجة تلوّ اخرى ببطء ..و صوت صرير الخشب تحت قدميه , يبعث في نفسه الخوف و القشعريرة .

و عندما وصل لأسفل السلالم ..أخذ يجول بنظره في المكان .. ثم قام بالتجوّل في أنحاء الكوخ , ليطمئن نفسه بأن كل هذا ماهو الا مزحة ثقيلة سمجة من شخصٍ ما , و أن ما من شيءٍ يدعو للخوف .

و فجأة !! سمع صرخةً زوجته المدويّة , التي هزّت لها أركان الكوخ !

دبّ الرعب في قلب الرجل , و ركض مسرعاً للأعلى , و الأفكار تتصارع داخل رأسه :

(ماذا حصل ؟! هل رأت شيئاً ؟ هل سمعت صوتاً أخافها ؟ هل هي بخير ؟! هل كل هذا كابوس مرعب سينتهي قريباً , لنستيقظ في سريرنا الدافئ بمنزلنا ؟! يا الهي , مالذي يحدث معنا بالضبط ؟!)

عندما وصل إلى باب الغرفة , مدّ يده بتردّدٍ و خوف , و فتح الباب .. و عندما دخل , جحظت عيناه و تجمّد الدم في عروقه مما رآه !

كان السرير غارقاً بدماء زوجته , التي اختفت و كأنها تبخّرت بالهواء !
جثا الرجل على ركبتيه , و أخذ يبكي بحرقة ..

ثم صرخ بأعلى صوته :
-من أنت ؟!!! و ماذا تريد ؟! و أين هي زوجتي ؟!!!

و اذّ به يسمع صوتَ تصفيقةً عالية ..
فعاد و سأل من جديد : ماذا فعلت بزوجتي ؟ تكلّم !!

لكن ما من مجيب ..و فجأة ! تذكّر كلمة الموت المكتوبة على جدران الكوخ ..

و أخذ يبكي بحرقة أكبر , قائلاً لنفسه :

(هذا خطئي انا .. كل شيءٍ حصل بسببي .. لما اصرّيت على هذه الرحلة اللعينة !!
.. آه ! يا إلهي ساعدني)

ثم نزل الرجل إلى الطابق السفلي , و صرخ بحزنٍ شديد :
-أجبني أيها الوغد !! مالذي حصل لزوجتي ؟!!

و سكت قليلاً , ثم أردف قائلاً و الدموع تملأ عيناه و وجهه :
-هل .. هل قتلتها ؟!

تصفيق !!

الرجل يحدّث نفسه : (تصفيقة واحدة : يعني نعم .. اللعنة !!)

ثم صرخ بغضب :
-لماذا قتلتها ايها اللعين ؟!!! مالذي فعلناه لك ؟ ما الخطأ الذي ارتكبناه ؟!!

و مرّت بعدها دقيقة سكون .. فهدأ الرجل قليلاً ..

ثم قال بحزنٍ و خوف :
-و هل ستقتلني أنا أيضا ؟!

تصفيق !!

و رغم تمزّق قلبه حزناً على زوجته , الاّ ان تلك الإجابة مجهولة المصدر , جعلت جسده يرتعد رعباً و ارغمت عقله على التفكير بطريقة للنجاة :

(ماذا أفعل الآن ؟ إن خرجت في هذا الظلام الحالك , لن أستطيع رؤية شيء , و بالتأكيد لن أنجو في الخارج .. و إن بقيت هنا مع هذا الشيء .. فأنا ايضاً لن … آه يا إلهي … مالعمل ؟! .. هيا فكّر !! مالحلّ ؟)

نظر الرجل في انحاء المكان , علّه يجد أيّ شيء يستطيع أن يدافع به عن نفسه .. لكن ما من أمل !

و بعد مرور بعض الوقت , أحسّ الرجل بأنه وصل إلى طريقٍ مسدود ..

فمشى نحو كرسي خشبي قديم الموجود في احدى الزوايا .. و جلس عليه بهدوء , و كأنه استنفذ كل طاقته , بعد ان خارت قواه و تملّكه اليأس .. و قال بحزن :

– إذا كنت تريد قتلي , فهيّا أفعل .. أفعل أيها الوغد !! لم أعد أستطيع تحمّل هذا الكابوس أكثر من ذلك ..

ثم انهمرت دموعه بغزارة

و فجأة !! أحسّ بشيءٍ يزحف قربه ببطء , لكنه لم يلتفت اليه من شدّة خوفه ..و اكتفى بالقول بيأس :
– أأتيت ؟

تصفيق !!!

.. النهاية

تاريخ النشر : 2016-01-30

روان

سوريا
guest
13 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى