أدب الرعب والعام

الماضي

بقلم : شهيدة فلسطين – فلسطين
للتواصل : [email protected]

انا هو انت

الإحساس بالدفء وسط هذا الجوّ البارد , كما صوت تساقط المطر , يولّد لديّ الرغبة الشديدة في النوم ..رغبة لا استطيع مقاومتها ..

أريد النوم لوقتٍ قصير…فأغمضت عينايّ ..لكنه لم يمضي وقتٌ طويل حتى تلاشى ذلك الشعور الدافئ , و بدأت البرودة تجتاح جسدي ..و حينها أختفت رغبتي في النوم ..

لحظة ! .. من أنت ؟ و كيف دخلت الى هنا ؟!!

-أنا هو أنت.
-ماذا ؟! ما هذا الهراء !

-أنت لا تذكرني , لكنني أذكرك .
-ما هذا الكلام ؟ و كيف تعرفني ؟!

-أنا جزء من ماضيك .
-الماضي ! عن ايّ ماضي تتحدّث , فنحن لم نتقابل من قبل .

-ماضيك قبل أن تبلغ العاشرة .
-العاشرة ! لكن أنا لا أذكر اي شيء قبل سن العاشرة , فقد تعرّضت لحادثٍ افقدني ذاكرتي .

-أعلم هذا .. و أنت هو نفسه أنا قبل ذلك الحادث.
-ماذا ؟! هل أنت مجنون ؟ ثم كيف دخلت غرفتي ؟ .. لحظة ! أين انا أصلاً ؟!!

-هذا غرفتك.
-لا مستحيل !! هذه ليست غرفتي , و هي حتى لا تشبه غرفتي !

-بل هي نفسها غرفتك عندما كنت في العاشرة , لكنك للأسف لا تذكرها

-اسمع !! انا صحيح لا اذكر شيئاً عن ماضيّ .. لكني اعلم تماماً انني بعد الحادث , استيقظت بغرفة مختلفة تماماً عن هذه !!
-بالتأكيد !! لأنها تغيرت .

-و لماذا تتغير اصلاً ؟! قلت لك اننا تعرّضنا لحادث , فمن سيتفرّغ لتغير اثاث المنزل في مثل ذلك الظرف ..كلامك غير منطقي بالمرّة !!!

-اهدأ قليلاً , و دعني اسألك سؤالاً
-ماذا الآن ؟!

-اخبرني كل ما تتذكّره عن الحادث ؟
– ابي اخبرني بأننا تعرضنا لحادثٍ اليم

-والدك , هآ ؟
-نعم والدي !! فبالتأكيد لن اقود السيارة , و انا في العاشرة

-أقلت حادث سيارة ؟!
-نعم !! و ماذا كنت تظن ؟

-طيب .. و ماذا عن امك ؟
-كانت معنا ايضاً , لكن الحمد الله والدايّ لم يصابا بأذى

-يعني فقط انت
-نعم فقط انا !! مالغريب في الموضوع ؟

-لا هذا يكفي !! لما تحاول انكار ما جرى معك ؟!
-عن ماذا تتحدّث بالضبط ؟!

-عن والدينا اللذان قتلا في ذلك الحادث .. و انا !! او الأصح انت !! كنا سنموت ايضاً , لولا ما فعلته امنا لحمايتنا ..امعقول انك لا تذكر شيء عن تلك اللحظة ؟!

-ماذا تقول يا مجنون ؟! لم يقتل احد في ذلك الحادث.. و والدايّ مازالا على قيد الحياة ..و هما عائلتي انا !! و لا دخل لك بهما !

-حسناً , اسمع هذا !! …في السابع من نوفمبر , كان هناك مجرماً طليقاً .. دخل منزلنا .. او لنقل منزلك , و قتل والدك ..و عندما رأت امك ذلك , اسرعت الى غرفتك و القت بجسمها فوقك , فأطلق المجرم النار على ظهرها , و بذلك حمتك منه .. و في صباح الثامن من نوفمبر , وجدتك الشرطة تحت جثة امك .. و قد ادّت تلك الصدمة النفسية الى فقدانك لذاكرتك .. و قد قرّر عمك و زوجته ان يربيانك على أنهما أهلك , لأنهما لم يرزقا بالأبناء.. افهمت الآن !!

– اسكت !! هذا يكفي !! انا لا اريد ان اسمع المزيد ..هيا اخرج من بيتي .. امي !! ابي !! دعوه يخرج من هنا !!

-يا بنيّ .. هيا استيقظ , لقد نمت كثيراً
-أمي.. اهذا انتِ ؟

-أجل .. و من عساها تكون ؟ .. هيا جهّز نفسك , فوالدك في انتظارك
-حسناً .. قادم

و بعد ان ذهبت .. اخذ يفكّر بقلق :

-هل كان مجرّد حلمٌ عابر , أو أن هذا ما حدث فعلاً ؟!

تاريخ النشر : 2016-02-20

guest
30 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى