أدب الرعب والعام

اخذوا صديقي اشرف

بقلم : نسيم الليل – المغرب

اخذوا صديقي اشرف
رأيت مخلوقين غريبين برؤوس كبيرة !

كانت الساعة الثانية و النصف بعد منتصف الليل , عندما دخل ” أيوب ” مسرعاً الى مركز الشرطة , و كانت ملامح الخوف ظاهرة على وجهه !

ساد الصمتُ فجأةً بين أفراد الشرطة و هم ينظرون إلى ” أيوب ” باستغراب , و يتساءلون عن الذي حصل معه .. ذهب المحقق إلى أيوب و طلب منه أن يذهب إلى مكتبه , كيّ يروي له ما حصل

و بعد ان دخل أيوب المكتب ..جلس على الكرسي , و يداه ترتجفان من الخوف .. فدخل خلفه المحقق , و أغلق باب مكتبه وراءه ..ثم جلس على كرسيه و أشعل سيجارته , و رمق أيوب بنظرةٍ باردة , ثم قال :

-تبدو مرتبكاً جداً ، ما الذي حصل معك ؟ و ما هو اسمك ؟
-اسمي أيوب سيدي .. و انا لم أمرّ بموقفٍ كهذا طوال حياتي .. عذراً , لكن هل يمكن أن تمدّني بسيجارة ؟

-نعم .. تفضل
-أعتذر سيدي .. لكن الموقف الذي مرّرت به , جعلني أرغب بالنيكوتين .
-أيّ موقف ؟

-في كل ليلة سبت , كنت اتسكّع مع صديقي ” أشرف ” لنتناسى أسبوعنا الطويل في العمل .. و قد ركنا السيارة فوق الهضبة المطلّة على حقول الذرة الواسعة , و بدأنا نشرب الجعّة سويّاً .. و كانت السعادة تغمرنا إلى أن ظهر شعاعٌ أحمر من خلف حقول الذرة ! و كان يتحرّك يميناً و يساراً كأضواء المنارة , سيدي .

-شعاعٌ أحمر ! و من أين ظهر تحديداً ؟
-غرب مصنع الإسمنت القابع خلف حقول الذرة , سيدي .
-حسناً , أكمل روايتك .

-عندما ظهر هذا الضوء من العدم , تملّكنا الفضول لنعرف السبب الكامن وراءه ..فترجّلنا من السيارة و ذهبنا نتبع ذلك الشعاع , شاقين طريقنا عبر حقول الذرة , متجهين نحو الشعاع ..

و كنا كلما اقتربنا من الشعاع أكثر , كلما سمعنا صوتاً أشبه بهدير المحرّك ..و كان الصوت يتصاعد تدريجياً مع اقترابنا من المكان ..

و عندما وصلنا إلى مكان الضوء وجدنا فوهة في الأرض بعمق أمتار , و كانت تحيطها حجارةٌ كبيرةٌ تصدر منها الشعاع الأحمر ..

فاستغربت انا و صديقي بما رأيناه أمامنا ! فقد كانت الحجارة باردة كالجليد , و منظرها يخطف الأبصار كمعدن الألماس ..

ثم اقتربنا منها اكثر فلمحنا على سطحها نقوشاً غريبةً , تشبه شكل الأرقام على الآلة الحاسبة لكن بطريقةٍ غريبة !

و بدأنا نتمعّن في هذه النقوش الغريبة التي ملأت الصخرة من كل جانب , و منها كان يظهر الشعاع ..

ثم قمنا بإخراج جوالاتنا من جيوبنا , و بدأنا بتصوير الأحجار الغريبة , و السعادة تغمرنا لهذا الإكتشاف العظيم ..

لكن ما إن بدأت بالتصوير حتى شعرت بخدرٍ يتسلّل إلى جسمي , و كان قوياً لدرجة أنني واجهت صعوبة في تحريك يدي !

فنظرت إلى أشرف و وجدت العرق يتصبّب منه , و كان يبدو عليه الإرهاق ! فتملّكني الخوف و الهلع , حتى سقطت مغشياً عليّ .

-المحقق باستغراب : مغشياً عليك ؟!
-أجل سيدي , و لا أعرف السبب !
-حسناً أكمل

-بقيت غائباً عن الوعي مدّةً الى ان استيقظت من جديد , و كنت لا أزال أشعر بالخدر في جميع أنحاء جسمي !

و حينها سمعت صوت ضجيجٍ بجانبي , ففتحت عينيّ بصعوبةٍ , لأرى جسماً معدنياً بحجم ملعب كرة قدم معلّقاً بالهواء !

و رأيت مخلوقَينِ غريبَينِ يشبهان البشر من حيث المظهر , لكن رؤوسهما غريبة جداً !
و كانا يحملان صديقي أشرف إلى داخل ذلك الجسم المعدني .. أردت الصراخ بهما , لكني لم أستطع ! ..

و بعد ان أدخلا صديقي إلى المركبة , و بطرفة عين اختفت تلك المركبة , و كأنها تبخرت بالهواء ! و ما إن استعدت كامل وعيّ , حتى اتيت مسرعاً اليكم لكيّ تساعدوني

-حسناً أيوب .. يبدو أنها كانت ليلة حافلة بالمغامرات .. لكن قبل كل شيء , هل تتعاطى المخدرات ؟

-( باستغراب ) : لا سيدي ! لا أتعاطها لأنني على رأس عملي .. لما هذا السؤال ؟!

-لأنه يأتينا الكثير من الأشخاص الذين يتعاطون المخدرات , و يبدأون بسرد القصص الغريبة عن المخلوقات الفضائية , و هذا يحصل معنا كل أسبوع ..
فهل تتفقون سويّاً يا ترى ؟

– أيوب غاضباً : و هل تظنني أحمقاً كيّ أضيع وقتي ووقتك في سرد قصة من نسج خيالي ؟!!
..هل أفهم من كلامك أنك لا تريد مساعدتي ؟

-أوووف !! يبدو أن صديقك تركك نائماً , بعد حفلتكم السخيفة تلك ..
-تباً لك !! سأحرص أن لا تبقى في وظيفتك .. هذا وعد !!

-المحقق بعد أن نادى على الشرطي : أغرب عن وجهي , هيا !! .. أيها الشرطي !! اقتاده إلى خارج مركز الشرطة …
و انت !! احمد ربك لأنني لم ازجّ بك في السجن , لتطاولك على الضابط .. هيا اذهب !!

فيخرج أيوب من مركز الشرطة و الغضب ينهش بدنه , و هو يردّد في نفسه :

-سأحرص أن لا تبقى في مكانك أيها الأرعن !! .. ادعو فقط ان لا اجد صديقي مقطّعاً لأشلاء , و الاّ و الله سأقوم بمقاضاتك !!

و عندما وصل أيوب إلى الحيّ الذي فيه منزله , رأى من بعيد شخصاً جالساً لوحده في الزاوية المظلمة , قبالة منزله ..

فاتجه أيوب نحوه ببطء , ليتفاجأ بأنه صديقه أشرف ! و هنا دبّت الطمأنينة في نفس أيوب و غمرته السعادة .. و اسرع إلى صديقه قائلاً :

-أين كنت يا صديقي ؟ لقد قلقت عليك جداً !
-أشرف (بدهشة) : أنت الذي اختفيت فجأة ! و قد بحثت عنك في كل مكان ..

-لا , بل انت !
-اسمع !! ما رأيك ان تأتي لبيتي , و تخبرني بما حصل معك ؟

و هنا !! لاحظ أيوب الشحوب البادي على وجه صديقه , بعد ان تحوّلت نظراته الى باردة بشكلٍ مخيف !

فتذكّر كلام المحقق ( و هذا يحصل معنا كل أسبوع ، فهل تتفقون سويّاً يا ترى ؟ )

و في هذه اللحظة !! فهم أيوب لعبة المحقّق ! فاغتنم أقرب فرصة , ليولّي هارباً .

اشراف :
حمزة عتيق

تاريخ النشر : 2016-03-02

guest
24 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى