أدب الرعب والعام

الضمير

بقلم : اميرة الأحزان – مصر

بين عقلي و قلبي من اختار ؟!

في ليالي الشتاء الباردة , جلست فتاةٌ شديدة الجمالِ و قد بدا على وجهها علامات الحزن الشديد , بدموعٍ تخفيها قطرات المطر .. و كان الهدوء يعمّ المكان لخلوّه من ايّ احد بسبب البرودة القارصة ..

ثم بدأت الفتاة تحدّث نفسها :
– سيتزوج عليّ ! طيب لماذا ؟! فأنا لم أفعل له شيء .. لماذا يا ربي ؟ … و ماذا افعل الآن ؟

– القلب : أكيد لن يتزوج غيري ، هذا مستحيل !! أنا احبه و هو أيضاً يحبني ، يستحيل أن يتخلّى عني ..

– العقل : كفى !! ما هذا الهراء ؟ لقد تزوجك لرغبة أهله و ليس لأنه يحبك .. لقد قال لكِ هذا اكثر من مرّة , و لم تعنيه مشاعرك , كما انه حطّم كرامتكِ كثيراً .. و أنتِ ما زلت تحبينه ! كوني عاقلة و اذهبي لبيت اهلك , محتفظة بما تبقى من كرامتك ..و إذا لم يأتِ ليعتذر لك , أطلبي منه الطلاق فوراً !!

– القلب : لا !! أكيد هو يحبني .. لا أستطيع أن أنسى كل الأيام الجميلة التي كانت بيننا .. لا أستطيع تركه , الا تفهم ؟!!

– العقل : يبدو انك تريدين أن يبعثر كرامتكِ مرةً أخرى ؟ أتحبين الإهانة لهذه الدرجة ؟! و ان كنت تتذكرين الأيام الجميلة معه , فكيف نسيتي الأيام المشينة التي كان يضربكِ و يشتمكِ بها ؟!

– القلب : و حسن !! ابني حسن , ماذا أفعل به ؟ هل أحرمه من والده ؟ هل أجعله ينقسم إلى قسمين ، قسمٌ لي و الآخر لوالده ؟!

-العقل : و منذ متى يسأل عن ابنه ؟! سيتركه يذهب معكِ إلى بيت اهلك , هذا مؤكّد !!

ثم استيقظت من شرودها على صوت هاتفها المحمول و هو يرن ..
-ما هذا الرقم الغريب ؟! هل أردّ أم لا ؟ .. لا !! لن أردّ

فرنّ الهاتف مرة ثانية و ثالثة , الى ان قرّرت اخيراً أن تجيب ..
– مرحباً !
– زوجك يخونك !!

– ماذا تقولين ؟! .. من أنتِ ؟ أنتِ كاذبة !!
– ان لم تصدقيني , فيمكنك التأكّد بنفسك .. فزوجك الآن في ..

و انتهت المكالمة بعد أن أعطتها المتصلة العنوان .. مما جعلها حائرة ! هل تذهب و تتأكّد من الموضوع ام لا ؟!

– القلب : لا تذهبي إلى هناك .. أكيد أنها تكذب .
– العقل : لا أعتقد هذا ، يجب أن تذهبي إلى هناك .. و تتأكدي بنفسك !!

و كان النصر حليف العقل , فانصاعت لأوامره ..

وصلت إلى ذاك العنوان , لكنها وقفت متردّدة في الخارج ..
– أأدخل أم لا ؟ ..لا !! سأنتظر حتى يخرج من هذا البيت , و أرى ما سيحصل بعدها .

فابتعدت عن البيت بضعة أمتار في مكانٍ مخفي عن الأعين ، و انتظرت هناك ساعتين من الزمن حتى رأته خارجاً من البيت و هو يضحك برفقة فتاةٍ , بعد ان طبع على وجنتها قبلةً حنونة , ثم ودّعها و مشى .

– القلب : لا !! مستحيل أن يكون ما رأيته حقيقة .. لا !! لماذا يخونني , لماذا ؟!
ثم بدأت بالبكاء

– العقل : اخيراً عرفتي الجبان الخائن على حقيقته !! الم اقل لك الف مرة انه تزوجك تحقيقاً لرغبة أهله فقط !! و الآن صار الوقت لتبتعدي عن هذا الأحمق !!

– القلب : لا !! انا لن ابتعد كالمنهزمة المنكسرة .. عليّ ان اقتله , بعد ان أعذّبه كما عذّبني !! يجب ان انتقم منه اشدّ الإنتقام !!

– العقل : ماذا ؟! ..لا طبعاً لن تفعلي هذا !

لكنها لم تعطي لعقلها ايّ فرصة ليثنيها عن تهوّرها القادم ..و توجهت مسرعة إلى بيتها الذي لم يعد اليه بعد ..و اخذت ابنها و اعطته لأهلها ..ثم عادت لمنزلها , و اسرعت بتجهيز العشاء و كأنه يوماً عادياً آخر , لكنها وضعت فيه قرصا منوم..

و ما إن انتهى من طعامه حتى غطّ بنومٍ عميقٍ ..ثم أخذت السكين الذي أعدته لقتله , و بدأت تطعنه بغضب ..و دموعها تنهمر على خديها , و هي تصرخ عليه بقهر :
-أكرهك !! أكرهك !! أكرهك !!

حتى كادت ان تخرج احشائه من بطنه .. ثم توقفت عن طعنه , بعد ان هالها منظر الدماء الذي عمّ المكان ! فسقطت السكين من يدها المرتجفة , و صارت تتراجع الى الخلف بذهول ..الى ان لامس ظهرها الحائط , فوقعت على الأرض منهارة , و صارت تبكي بقهرٍ شديد

– الضمير : لماذا فعلتي ذلك ؟! لما لم تستمعي لكلام العقل ؟ لماذا مشيت وراء قلبك ؟ كيف ستنظرين لوجه ابنك بعد اليوم ؟

الفتاة و الدموع تنهمر من عينيها : ليتني لم اسمع كلامك يا قلبي , ليتني لم افعل !! ..آه كم انا نادمة !

اشراف :
حمزة عتيق

تاريخ النشر : 2016-03-10

guest
20 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى