لا تترك امك
وداعاً ذات الثمانين !! |
***
– تعلمين أن أمي مريضة و تحتاج لرعايةٍ خاصةٍ ، و مع ذلك لا تلقين لها بالاً و لا تعيرينها اهتماماً !! .. ماذا دهاكِ ؟؟
– لم تقل لي أنكَ تريد خادمة لا زوجة عندما طلبت يدي !! منذ عام و أنا أخدمها و أعمل على راحتها و أطعمها ، حتى أني كنت أغير لها الحفاضات .. لكن الآن لا أستطيع ؛ فلدي طفلٌ صغير يحتاج إلى رعاية أكثر من أمك ، لقد تحملت فوق طاقتي ، سأذهب إلى منزل أهلي ، تستطيع وضعها في دار المسنين أو عند أحد إخوتك الذي لا يلقون بالاً لها .. أما أنا فقد نفذ صبري ..
– تعلمين أن إخوتي مسافرون خارج البلد ، كما أنهما غير متزوجين و يوجد لديهم أشغالهم الخاصة ، فكيف لي أن أطلب منهم رعايتها ؟؟
– هذه مشكلتك لا مشكلتي ، لن أعود قبل أن تجد مكاناً آخر لأمك .
***
– ألو ، أحمد أرجوك احضر عندي حالاً ؛ أحتاج لاستشارتك في أمرٍ مهمٍ جداً ..
– ما بكَ يا رجل ؟؟ لقد أقلقتني ..
– زوجتي تركت المنزل يا أحمد ، و هي تطلب مني أن أطرد أمي و أتخلص منها ، أنا مشتت الأفكار حالياً و في مأزقٍ كبير ؛ فأنا لا أستطيع إجبار زوجتي على القيام بواجباتي تجاه أمي ، لكن في الوقت ذاته أنا أعمل و ليس لدي الوقت الكافي لرعاية أمي ، و أنت تعلم بحال إخوتي ..
– لم يبقى لديك سوى حلٍّ واحد ، أن تتركها في دار المسنين ، لا يكلف الله نفساً إلى وسعها ..
– تباً يا أحمد !! أتطلب مني أن أترك والدتي بدار المسنين كما الابن العاق يضع والدته هناك و ينسى أمرها و قد يكون قتلها من دون أن يدري !!
– و هل تجد حلاً آخر يا ياسر ؟؟ .. اسمع سننظر إلى الأمر بحيادية ، أولاً هذه مشكلة أسرة لا مشكلة فردٍ واحد ، بل الأصح أن نقول أنها مشكلة مجتمع بأكمله ، لكننا سننظر لها الآن من خلال أسرتك ، إخوتك مسافرون لكن عليهما تحمل جزء من المسؤولية ، إن لم يتمكنوا من الحضور فعليهم أن يساهموا بمبلغٍ من المال كل شهر ، بحيث يكفي هذا المبلغ لإحضار خادمة تقوم باحتياجات والدتك ، أو حتى خادمتين حتى يتقاسمان الوقت فيما بينهما ، و طبعاً يتم ذلك تحت رعاية زوجتك التي قامت بهذا الدور لمدة عامٍ كامل حتى تدخلت ظروفها و أصبحت تنفر من ذلك العمل ، هذا الحل يرضي جميع الأطراف ، ما رأيك ؟؟
– هذا حلٌّ جيد ، سأتفاهم أنا و إخوتي مع أنهم لن يقصروا بشيء إذا طلبت منهم ذلك ، شكراً لك يا أحمد ؛ فقد أزلت عبئاً عن صدري ، التفكير أرهقني جداً و أنا أفكر بحل لتلك المشكلة ، شكراً لك ..
و في صباح اليوم التالي وافت المنية والدة ياسر و قد ارتسم على وجهها ابتسامة هادئة لان ابنها لم يتخلى عنها ..
***
بدأ ياسر يبكي كما الطفل الصغير لأنه تذكر والدته العاجزة و بات يشتاق لها جداً ..
تاريخ النشر : 2016-03-26