تجارب ومواقف غريبة

طنطل الجبهة

بقلم : ماجد – العراق

الطنطل كائن خرافي في التراث البغدادي القديم

طنطل الجبهة

• ماجد – العراق
في أواخر عام 1990 كنا جنودا في مركز تدريب الهندسة الآلية الكهربائية المسماة آنذاك ب( الحامية) في قضاء المسيب جنوب غربي العاصمة بغداد و كان المعسكر يقع خارج بلدة المسيب على بعد مسافة شمالا منها و كنا استأجرنا أنا و أربعة من زملائي الجنود بيت قديم جدا عبارة عن غرفة و باحة داخل البلدة كسكن بعد الدوام .

في ذلك الوقت كان الحصار الاقتصادي الدولي قد بدء منذ أشهر مما تسبب في شح و غلاء كل المواد الغذائية و الاستهلاكية بما فيها السجائر و بما أننا كنا أغلبنا من المدخنين كنا نضطر إلى طريقة قديمة لصنع السجائر يدويا أسوة بكثيرين غيرنا و هي عبارة عن حشو ورقة رقيقة مصنوعة خصيصا على شكل دفتر صغير وبعد قطع إحدى أوراق الدفتر تحشى بالتبغ ثم تلف بإحكام و تشد إحدى نهاياته حتى تصبح سيجارة يدوية الصنع ثم تدخن و كان احد زملائنا بارعا في لف هكذا سجائر .

المهم في إحدى الليالي الشتوية كنا جالسين في البيت-  الغرفة – زارنا شخص من أهالي البلدة يكبرنا سنا تعرف من قبل على صديقنا الماهر في لف السجائر و قد جاء لكي يلف له بعضاً من هكذا سجائر .

وعندما كان صديقنا منهمكا في لف السجائر له تجاذبنا مع الزائر الجالس أطراف الحديث و بالطبع كان موضوع العسكرية و معاناتها هو الغالب ، فتحدث الزائر عن متاعبه و ما شاهده من أهوال عندما كان جنديا في فترة الحرب  و قال :

 كنت سائقا في الجيش لإحدى الشاحنات العسكرية المعروفة ب ( ايفا) و كنت في إحدى القطاعات العسكرية في الجبهة الوسطى ، في إحدى الليالي كنا نسير في رتل سيارات عسكرية خلف خطوط الجبهة وكانت الأوامر تقضي بعدم إشعال مصابيح السيارات بتاتا لكي لا ترصدنا القوات المقابلة على الجانب الآخر من الجبهة .

 و أضاف قائلا : أنا عندما كنت صغيرا كنت قد سمعت حكايات ” الطنطل ” و هذه الاشياء( الطنطل كائن خرافي في التراث البغدادي القديم و مناطق أخرى كان يستعمل كمادة في حكايات الكبار والجدات لتخويف الأطفال لكي يناموا مثلا ) و بينما نحن نسير ليلا و أنا أقود سيارة ” الايفا ” و بجانبي كان جندي آخر من الأخوة المسيحيين و في طريق مظلم كان جانب من الطريق عبارة عن سلسلة من التلال و الجانب الآخر وادي منخفض و إذ بنا نلمح أمامنا على حين غرة رجلا عملاقا ينزل مهرولا نازلا من التلال و بدأ يركض أمام الشاحنة .

كان ضخما بحيث أن قامته كانت أعلى من الشاحنة ذاتها و بعد مسافة من الركض أمامنا غير اتجاهه وانحرف تجاه الوادي على الجانب الآخر و نزل فيه مسرعا و اختفى , طبعا أنا و زميلي الجالس بجانبي في الشاحنة صعقنا من ظهور هدا الرجل الضخم فجأة أمامنا نازلا من التلال و راكضا أمام الشاحنة  و بعد برهة مختفيا في الوادي و لم ننبس ببنت شفه و بقينا صامتين و متسمرين و مذعورين و تمكنت من إكمال قيادة الشاحنة إلى أن وصلنا إلى ثكنتنا.

 عند وصولنا و أنا مذهول أثرت الصمت خشية عدم تصديق زملائي لما رأيت و كنت أظن بأني رأيت الموقف لوحدي و لكن عند وصولنا بدأ زميلي المسيحي التحدث لبعض زملائه بلغتهم ( السريانية ) و كان مذعورا و يصرخ ، عند ذاك تأكدت بأني لم أكن وحدي رأيت ما رأيت بل أن زميلي رآه أيضا لذا بدأت أنا أيضا بسرد واقعة ما رأيت لزملائي الجنود في الثكنة .

أعزائي القراء نقلت لكم حرفيا ما حكاه الرجل لنا عن تجربته الغامضة والله اعلم ماذا كان هذا الكائن أو ماذا جرى و أنا أثرت أن أسميه طنطل الجبهة للجمع بين ما يقال عن الكائن المعروف بطنطل و الذي بإمكانه التشكل بأشكال شتى سواء حيوانا أو إنسانا أو جمادا و بين مكان الحادثة ألا وهو إحدى جبهات الحرب السابقة .

و دمتم في رعاية الله و حفظه

تاريخ النشر : 2016-04-10

guest
25 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى