أدب الرعب والعام

المعركة

بقلم : Ola mansour والليل المقدس

المعركة
وقف الفارس ليحمى الملكة بكل إخلاص وتفانى

امتطي جوليان جواده ، و انطلق بسرعة البرق دون أن يلتفت خلفه فقد كان على يقين أن فرسان الملك في إثره ، و أن أي عثرة ستقابله سوف تضع نهاية للمطاردة بأن يقع بين أيديهم 

و هذا ما لم يخطط له في الوقت الحالي، انعطف الطريق أمامه ففكر أن يسلك الطريق الوعر بين الأشجار ، و يتركهم يبحثون عنه بعد المنعطف في حين يكون ابتعد عنهم مسافة تؤمن له الرجوع إلى مخبئه

دلف جوليان إلى هذا الكهف الذي يحفظ سراديبه كحفظه لأسمه  ، وما إن وجدها أمامه ركع على ركبتيه مخاطبا إياها:
– مولاتي..لم أستطع الوصول للملك هذه المرة.. رجال جولييت اكتشفوا أمري ، و كادوا أن يمسكو بي.. اعذريني يا مولاتي نفذت مني الحيل

اتجهت فلورا نحو الفارس الملكي ، و اوقفته قائله:

– انهض جوليان لا مجال لليأس أو التراجع.. يجب أن نعيد المحاولة مرة أخرى يجب أن نصل للملك

– يجب ان يعرف حقيقه تلك اللعينه التي تعيث فسادا في قصره  ،ومملكته يجب ان يعرف اني مازلت علي قيد الحياه ،واني لم امت كما ظن!!

– لكن الوصول اليه اشبه بالمستحيل سيدتي لقد احكمت جولييت الحصار علي الملك جيدا وقيدته باتباعها ، وجعلتهم وزراء له والأدهي من ذالك انه يثق بهم تمام الثقه ، وتارك لهم مقاليد التحكم في كل شئ

– اعرف ان الأمر ضرب من المستحيلات لكن ماذا عساي ان افعل ؟ الا التشبث بالامل وبك جوليان ايها الوفي

 – سيدتي اشكر ثقتك .. لدي فكره ربما قد تمكنكي من لقاء الملك وجها لوجه لكنها مختلفه هذه المره.

 – قلها ولا تتردد،ماذا تنتظر ؟

 – تعلمين جيدا ان الملك من عادته التنزه والصيد بمحمية المملكة كل اربعاء  ،وهذا توقيت مثالي جدا لنراوغ فيه رفقائه ، ومن ثم تدعين انتي انكي بائعه برتقال  ،وانتي تعرفين كم يحبه..ثم تستدرجينه بعيدا عنهم بحجه انه يوجد شجرة برتقال نادره لا يأكل منها الا الملوك .. وتلك حجه مقنعه خصوصا ، وان اسطوره الشجرة الملكية التي تسعد اكليها مدي الدهر معروفة لدي الجميع
اظنه سينصاع لطلبك  ، وسيلحق بك فضوله سيدفعه لذالك حتما ، وهنا اشترطي الاّ يلحق بكما احد  ،وتمسكي بقولك وان تشبثوا بالبقاء معه،وحينها بإمكانك ان تخبري( ريتشارد )بكل الحقيقه ،وعن تهمه الخيانة التي وجهت لك بغير ذنب اقترفتيه ، وعن تلك اللعينة التي دبرت للتخلص منكي  ،وانتي بسجن القصر، وانك لم تموتي كما زعمت بل هربتي بعد محاوله اغتيال غادره علي يدها الأثمة

اشرق وجه ( فلورا)  كشمس ليل اشرقت بعد طول ليل اطله السهاد..تلألأت فرحا ،واقتربت تحيي (جوليان) علي خطته الحصينه ورأيه الحصيف
          
وجاء صباح الاربعاء المنتظر ..

وتوجه الأامير كعادته مع حشد من طاقم جنوده  ، ووزرائه ليمضي يومه في البريه للصيد واقتربت ( فلورا ) من الملك الذي احاط به رفقائه متوشحه بلثامها الذي استطاعت ببراعة ان تجعله يخفي ملامحها  ،ويظهر عليها بعض الشيب ، واقترحت عليه ما أملاه عليها (جوليان)..فإبتهجت سريرته، وظن انه اخيرا سيأكل من الشجرة الأسطورية ، وتبعها بعد ان صرف  اعوانه علي مضض منهم  ، ومضيا معا حتي بلغا طرف النهر ،فأزالت ( فلورا) لثامها

فتفاجأ( ريتشارد) من كونها حية  كما تفاجأ بخيانتها له مسبقا ،وعقد حاجبيه ، و الغضب بادي من صوته الأجش الذي تغير لنبره القسوه فجأه قائلا:

– اهي حيلة اخري من حيلك يا(فلورا) ماذا تردين بعد  الم تكتفي بما فعلتي حتي الآن ام تطمحين لقتلي الحين ثم كيف خطتي بكل تلك الحنكه بأن تقنعيني انك مت ؟

فأجابته ( فلورا ) قائله :

-اسمعني اولا كان في السجن معي سجينة تقبع في الغرفة المجاورة كانت كل يوم تحفر فجوة بحائط السجن علي امل ان تهرب من القمع، والتعذيب الذي مورس عليها من قبل زبانيه (جولييت) كانت مشعة بالأمل في حين سلمت انا امري لبارئي استسلاما

ظلت تحفرخندقا في حائط السجن الخلفي حتي اذا بلغت النور،  فاذا به نور حجرتي المجاورة لها ليس الاّ كانت تظن انها ستلتقي بنور الشمس  ،وليس بنور سجن آخر اصابتها تلك الصدمة بالإعياء ، واليأس بعد الأمل  ، وامتنعت عن الطعام  ، والشراب بقيت علي هذه الحاله حتي وافتها المنيه بنفس ذات اليوم الذي اخبرني فيه الجندي الباسل الوفي (جوليان) بخطة زوجتك للتخلص مني مطلقا مما جعلني اتخذ ردا دفاعيا ، فأجلست السجينة بحجرتي  ، وجلست انا بحجرتها الي حين جاء الطبيب ، وكنت قد اتفقت مع (جوليان) علي ان لايزيح الغطاء عن الوجه بحجه اني من العائله الملكية ، وهذا مظهر مهين لجلالتي ، وفعل وتأكد الطبيب من نبض يداي ، وصرح بموتي بعد الفحص ، وترك الحجرة ، وتولي  (جوليان ) مراسم جنازتي و امر دفني الذي لم يحدث 

وقد اكتشفت زوجتك خدعتي فيما بعد لكنها اكدت علي موتي ، وظلت تبحث عني لتقضي علي لكن (جوليان) اواني الي كهف بعيد عن توقعاتهم اني قد اكون فيه لبثت فيه حتي التقيتك اما بالنسبه للوثيقه التي ظننت انني انا من كتبتها للتخلص منك كما اقنعتك (جولييت) فلدي الدليل الذي يكشف زيفها  ،وهو المسك الذي لا يفارق راسائلي بل دوما ما كنت تسخرمن اصراري الشديد علي وضعه بكل رسالة

.وايضا لي دليل اخر الحرف الأكبر من اسمي اختمه بحبري السري، وانت تعرف هذا جيدا ، ولا تكاد تخلوا رسالة من رسائلي منه ليتك استعمت لي حينها لكنت اثبت لك برائتي وادله ادانتها منذ وقت طويل 

ووفرت علي معاناتي لكنها خدعتك وفي اقرب اقربائك.اني لأسفه عليك (ريتشارد)

يجثو( ريتشارد) علي ركبتيه متمنيا العفو من (فلورا )علي اثم ظنه مؤكدا علي وضع حد لطغيان ،ومكر زوجته ،وما ان عاد حتي عزل كل وزرائه وجنده المنافقين ،وزج بجولييت بالسجن شر رميه بعد ان اشهر افعالها، وعابها امام الخلق 

وهنا يحق الحق ويبزغ الفجر مسلما علي الضوء الذي لايشوبه سواد البغي
وتتزين المملكه بأبهي حلتها لإستقبال( فلورا) بحفاوة النصر فلطالما عانوا من 
الإستبداد علي يد (جولييت) الساديه التي لم ترحم احد، واستعبدت الجميع ، وفرضت عليهم الضرائب الباهظة
ولاشك ان في نهاية( جولييت) بداية لرخائهم ، ونذير بالبشر لهم اصبحت( فلورا) اسطورة الزمان التي لطالما تداولتها الألسن في محفل الرواية ،فما بات لسان الاّ وعدد مزايا تلك البطلة الهمامه التي تخطت الصعاب ،وانقذت مملكتها.

ولا ننسي ايضا (جوليان) الذي اصبح زوجا( لفلورا ) ، ورئيس الحرس الملكي، وانه حقا لتكريم يستحقه علي حسن صنعيه، ووفائه وتعريض نفسه للخطر اكثر من مرة، ومواجهته الموت بشجاعة.

تاريخ النشر : 2016-06-11

guest
18 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى