أدب الرعب والعام

فعلتُ ما بوسعي

بقلم : اسيّل نااجِ – السعودية
للتواصل : [email protected]

عمك يتعاملُ بالسحر ويتعاملُ مع كبار الجن

فتحت عينايّ في إحدى تلك المُستشفيات الخاصة ، الضوء ساطع جداً هنا وها أنا أفتح عيناي جيداً ، هنالك امرأة أمامي ورجل يقفُ بالزاوية ، رأسي يؤلمني جداً ماذا يجري ؟ أصبحت تلك المرأة تقبلني وتقبل رأسي وتحمد الله على استيقاظي ، لكنني لا اعرفها ! ولا استطيع الرؤية جيداً ، أصبحت تسألني عن حالي وهل أنا بخير ؟ لم أستطع أن أجيب فجسدي ورأسي يؤلمانني حقاً ولساني ثقيل ، لا أعلم ماذا حصل لي ، أصبحت أرى جيداً و وضّحت الصورة أمامي ، تلك أمي ! نعم أمي كيف لي أن أنسى ، احتضنتُها و أجبت أنني بخير ولكن ماذا حصل لي ؟

فقالت " أريدك أن تصبح بخيرٍ تماماً وسوف أخبرك بجميع ما حصل ، الآن أخبرني هل يؤلمُك أي شيء ؟ " ابتسمت لها وقلت أنني بخير ولا احتاج شيء فقط الآمٌ بسيطة ، نظرتُ إلى ذلك الرجل هناك ؟ أنا مريض ومن المعتاد أن يأتي ليُسلم أو يقول شيئاً ، لمَ لم ينطِق بحرف و كأنّه ليس موجوداً ؟؟ نظرت إليه متعجباً فرمقنِي بنظرة غريبة وابتسم لي ؟ ابتسمت له والتفتُ لأمي وسألتها مَن ذاك الرجل ؟

التفتت أمي إلى المكَان و أجابت "  أين ! " قلت لها إنه واقفٌ هناك ! ، فضربتني على رأسي وقالت " ما بك ! – بابتسامة – الألم قد أثر على رأسك لا يوجد أحد غيري وغيرك ؟ " ضَحكت لها وقلت بأنني كُنت أمازحها ولكنني كنت جاداً ! ، انهُ واقف هناك إلى الآن و تعابيير وجهه لا تتغير ، استعذتُ بالله في داخلي ونظرت وها هوَ قد اختفى !! ، رأت أمي ملامح الدهشة علي و أنا انظر إلى تلك الزاوية فسألتني " ما بك ؟ و ماذا رأيت ؟ " قلت لها لاشيء يا أمي ..

أصبحت تحادثني قليلاً وسألتها مجدداً ماذا حصل لي ؟ فبدأت ترويّ لي الذي حدث ، لقد صدمنِي أحدهم بسيارته وقد تشاجرتُ معه ، وضربني بحديدة على رأسي حتى افقدني الوعي ومنذ ذلك اليوم و أنا هُنا و لم استيقظ ، يا للعجب ؟ إذن لمَ لا أتذكّر شيئاً !! ، فقالت لي أمي أن تلك الضربة كانت قوية وقد أفقدتني بعضاً من ذاكرتي ، أو بالأحرى آخر ما حصل لي ، فقلت لها أريدُ أن أعود إلى المنزل فسرير هذا المستشفى قاسٍ جداً ، فضحكت أمي و قالت " لن نذهب إلى أي مكان حتى نتأكد من سلامتك تماماً ."

سألتُها عن الوقت ؟ فأجابت بأن الوقت متأخر ، وسألتها منذ متَى وهيَ هنا تنتظر !!! ، لقد انتظرتني كثيراً لِـأستيقظ ، كم أنا محظوظ بها ، أقنعتها بالرجوع للبيت و أخذ قسط من الراحة و أنا سأكُون بخير هُنا ، وحقاً اتصلت بأخي الأكبرُ مني بسنة اسمهُ فهد ، وقالت له أن يأتي ويأخذها ، سرحتُ في أفكاري ففُتح باب الغرفة وها هوَ أخي الأكبر فهد ، أتى سريعاً و أصبح يسلُم علي و يحمد الله على سلامتي وما إلى ذالك و أنهم سيأتُون غداً جميعاً لزيارتي ..

 قليلاً حتى أخذ أمي وذهبَ بها ، قلت في نفسي ، جميعاً ؟ لا استطيع تذكر أي احد غير أمي و أخي ، و لكن من الأكيد عندما أراهم غداً سَأتذكرهم جميعهم ، أغلقت عيناي للاسترخاء ومحاولة النوم ، ولكن لم استطع ، على أي حال لقد نِمت كثيراً ، فتحت عيناي وها أنا أرى ذلك الرجل مجدداً جالس عند نهاية السرير !!!! ، لا أنكُر أنني قد خفت قليلاً ولكن لما اشعر أنني اعرفه جيداً ؟ ولكني لا استطيع معرفة ما هي قرابته لي و ما هو اسمه أو أي شي عنه ؟ أعرفه فقط !!

قاطع تفكيري بقوله " ألم تعرفني يا خالد ؟" تلك النبرة !! ذلك هوَ صديقي سُوراي !! ، ناديته باسمه " سوراي ؟. " فأجاب بتلك الإجابة الغريبة " من كان السبب فيما أنت فيه هو الآن مريض وستكون نهايته قريبة " وبلمحة بصَر اختفى ، كما فعل في المرة الأولى ، دُهشت ولكن تذكرت شيئاً هدأ من اندهاشي ، تذكرت أن سوراي ذاكَ ليس من بنِي البشر ، نعم لي صديقٌ من الجن !! ، فأصبحت اقل اندهاشاً ..

فـهذا اقل ما يمكن أن يفعل ، سأذكُر لكم قصته ، تلك القصة التي لن أنساها يوماً ، في يومٍ من تلك الأيام التي كنت فيها حزيناً ولكن لا استطيع تذكر لماذا ، ليس ذلك المهم ، حسناً كنت امشي في شوارع حيّنا ، فرأيت بعض الأطفال يرمون حجراً على قطة سوداء !! ولكنها كانت على وقوف صلب ولم تخفّ ، تعجبت ولكن لم استطع السكوت عن ذلك فذهبت إليهم وصرخت بهم أن يدعوها وشأنها ، هه نعم أذكر أيضاً أن جميع الأطفال يشعرون بالفزع مني ، حتى أطفال عائلتي لا اعلم لماذا ؟ ولكن ذلك الشيء جعلني استفيدُ كثيراً ، وبعد ذلك رأيت القطة تنظر إلي بنظرة غريبة وقد عطفت عليها وذهبت إلى المتجر لشراء الجبن والحليب لها وتلك كانت أول مره يحزنني ويحرك فيها عاطِفتي أي حيوان ، ولكن عندما ذهبت إلى نفس المكان لم أجدها ، أحسستُ بغباء فعلتي فأخذت الجبن والحليب وذهبت إلى البيت غاضباً ، وعندما دخلت و أقفلت الباب سمعت صوت قطة من خارجه !

فتحت الباب قليلاً .. نعم هي القطه ذاتُها لا أعلم كيف وصلت إلى هنا ، بالأحرى كانت تتبعُني ، سُررت لوجودها مرة أخرى ، ووضعت لها الحليب و الجبنة و أكلت قليلاً و أصبحت تتمسح بي ، لم استطع تركها خارجاً فحملتها وقد سمحت لي بذلك بدون أذيتي أو الخوف مني ، و أدخلتها لغرفتي وقلت في نفسي حينما تستيقظُ عائلتي سأقنعهم بها ،لا يمكنني ترك قطة بهذا اللطف، ومع مرور الأيام اكتشفت انهُ من الجن وقد كانت لهُ قدرة الطيران والقوة في بدنه وكان في أول شبابه حيث كان يبلغ من العمر ١٢٥ خريفاً ..

 كنت أحب عالمهم و أحب معرفة كل شيء عنهم ،ولكن لم يمنعني ذلك من الخوف والفزع فكُنت أحاول طرده بجميع الطقوس ولكن لم ينفك يزعجني بمجيئه ولم تستطع الطقوس طرده، حتى بدأت اعتاد عليه وبدأت تحدث بيننا محادثات وعلمت بأنه لن يؤذيني لأنه يردُ جميلي ، نعم هذا فقط .. ولكنيّ لم افهم ما قاله قبل قليل ؟ هل من المعقول أنهم لم يقبضوا على الشخص الذي فعل بي ذلك ؟ ، أقفلت عيناي وفي ظلِ أفكاري ومع أنِي نِمت كثيراً إلا أنني لم استطع مُقاومة الهدوء ونِمت مرة أخرى ، استيقظت في فجر اليوم الثاني وها أنا أرى أمي مجدداً مع أخي فهد ووجوه كثيرة معهم ، ومن بينهم سوراي ينظر إلي بابتسامة ..

 ابتسمت لهم وهم يهنئونني و أمي على سلامتي وأنه يمكنني الذهاب للبيت اليوم ، نعم لقد تذكرتهم جميعاً هذه أمي و أخي الأكبر فهد ، و أختي الصغيرة لينا وهي تبلغ من العمر عشر سنوات ، وهناك ابن خالي رائد ، وخالي رائد وخالي راشد ، ولكن أين عمي ؟ نعم نسيت أن أذكركم بأن لدي فقط عمٌ واحد ، ولدى أمي أخّان فقط ، أبي تُوفي قبل ثلاث سنوات واذكر انه كان يحذرني من عمي دائماً لا اعلم لماذا ، تعجبت من عدم وجوده وبعد أن سلمُوا علي سألت أمي بعيداً عنهم ، أين عمي عادل ؟ سمعنِي سوراي ورمقني بنظرة حقد وكأنه كان غاضباً من سؤالي ، أجابتني أمي بأتهُ مريض جداً ولم يستطع المجيء ؟ سألتها ما هو مرضه ؟ أجابت بأنه قد مرض فجأة و أصبح غير قادرٍ على الحراك !! تعجبت وتذكرت كلام سوراي بالأمس ، ابتسمت ودعيت له بالشفاء لكي لا تشعر أمي بالمزيد من الغرابة ، نظرت إلى مكان سوراي ولكن لم أجده ، أين ذهب ! لدي الكثير من الأسئلة له !! .

 هل من المعقول أن يكون عمي هوَ من كان يقصده بكلامه ؟ وانه سبب ما اشعر به من الم الآن ، حامت الأسئلة و الأفكار في رأسي وعلمت انه لن يجيب على كل هذه الأسئلة إلا هوَ ، حتماً سيجيبُني .

قاطعت تلك الأفكار أمي وهي تمسح على رأسي انه قد حان وقت الرجوع إلى المنزل ، ابتسمتُ لها وقد أتوا بملابس الخروج وبعد جميع التجهيزات للخروج من هذه المشفى الكئيبة وصلنا البيت ، ها هو بيتي ولكن اشعر انه تغير قليلاً أم انه يخيّل لي .. حسناً لقد دخلنا وقد أتى الجميع فقد كان العشاء لدينا بسبب شفائي ، وبعد أن انتهى كل ذلك وانتهى ذلك اليوم الطويل دخلت إلى غرفتي .. يا إلهي لقد اشتقت إليها حقاً وإلى سريري المريح ، استلقيت و أغمضتُ عيناي بكل استرخاء وسكينةٍ وأذكر تلك الأريكة بالزاوية هيَ لسوراي ، وبعد قليل من التفكير به فتحت عيناي فوجدته واقفاً أمامي ، رمقني بنظرة وقال لي ماذا تريدُ الآن بعدما سألت عن الذي فعل بك ذلك ؟

– أتقصد عمي ؟ .. نعم عمُك أخ أبيك هوَ الذي تشاجرت معه وهو الذي ضربك على رأسك و أفقدك وعيك لمدة شهور .. لا أعلم لماذا لا أتذكر شيئاً ولكن لا استطيع أن اصدق انه هو ..

– كيف لم يكتشفه احد غيرُك ؟؟ .. اقترب سوراي مني وأصبح قريباً مني وقال لي : هل تعلم بأنه كانت لديك خطيبة ! .. وقبل أن أرُد عليه بحرف .. دخلت أختي الصغيرة وابتعد عني سوراي وجلس على تلك الأريكة يراقبّ ، جاءت أختي لينا  و احتضنتني بكل حنان ، نعم أذكر أنها كانت حنونة جداً وتحبني كثيراً ، أصبحت تقول لي أنها اشتاقت لي و أن هذا المنزل فارغٌ بدوني و أنها تريد النوم اليوم لدي ، قبلتها وحملتها ووضعتها بجانبي وابتسمت لها ولكن لكي أتأكد من شيء ما .. اقتربت من أذنها وهمست بإذا كانت ترى شخصا جالسا على الأريكة أم لا ؟ فأجابتني بِلا ، ف اطمأننت لكي لا تكشف أمر سوراي ، قبلت جبينها مره أخرى وغطيتُها جيداً وقد أغمضت عينيها ، أغمضت عيناي و أنا اشعر بقرب سوراي مني ، لم انفعل ولم أتحرك حتى لا تشعر أختي بشيء ..

 اقترب من إذني وقد شعرت حقاً بذلك و أصبح يقول لي : لقد كان لديك خطيبةً وقد كنت تحبها جداً ومن فرق بينكم هو عمُك !، لم يخبروك شيئاً من هذا الموضوع لأنك مريض وسيُؤثر عليك ذلك نفسياً وقد علمُوا بأنك لن تتذكر ، لقد أتت و أنت فاقدٌ الوعي في اليوم التالي لتخبر عائلتك بأنها ترفضُ الزواج بك و أنه قد انتهى ما يربطكم ..

 لا أعلم لمَ قد آلمني قلبي في حينها ! لا اعرف من تلك ولا أتذكر ولكني تألمت ! ، أصبح يكمل حديثه .. : عمك يتعاملُ بالسحر ويتعاملُ مع كبار الجن وهو خبيث ..  لم أستطع تحملَ المزيد وقبضت يدي وصرخت باسمه و أن يكف عن الكلام !! ، استيقظت أختي من صرختي ، تمسكتُ بملامحي وانفعالي و أصبحت مبتسماً وقلت لها انه كان حلماً سيئاً وسوف نعود إلى النوم الآن ، عادت غلى النوم و أنا بقيتُ أفكر في كل حرف قاله سوراي ، ولماذا اشعر أنني أتذكر بعضاً من هذه الأشياء ؟ وأنه قال الحقيقة ! ، تعهدتُ بالذهاب إلى بيت عمي والتأكد بنفسي ف هذا شيءٌ لا يتوجب علي السكوت عنه !

اختفى سوراي ونمتُ مع أختي ورأسي امتلئ كثيراً بالأسئلة و الأفكار ، استيقظتُ في عصر اليوم التالي و أنا أتذكر كل حرف قاله لي بالأمس ، جاءت أمي مبتسمةً تلك الابتسامة التي تشعرني بجمال الحياة و أصبحت تقول أنني ولأول مرة أستيقظُ وحدي ، ابتسمت لها وسألتها عن عمي فقالت لي أن حالتهُ تزداد سوءاً ، قلت لها أنني أريد أن أزوره ، رمقتني بنظره غضب وقالت لي " أأنت مجنون ؟ لن تذهب إليه " ، تعجبت و سألتها عن السبب ولكن لم تُجب وخرجت من الغرفة ..

أقفلت عيناي وحاولت تذكر مكان بيته ولكن لم استطع التذكُر جيداً فرأسي يؤلمني جداً ويجب أن اذهب إليه ، ناديتُ سوراي ففتحت عيناي ووجدته جالسٌ على الأريكة وقد وصف لي مكان بيته وقال " حسناً يمكنك الذهاب إليه ورؤية ما فعلته به " ، قلت له بأنني لا أريد منه شيئاً بل أريد أن يدع عمي وشأنه ، غضب سوراي جداً وقد تبيّن ذلك عليه وقد اختفى مرةً أخرى دون أي رد ، خرجتُ من غرفتي وقلت لامي بأنني ذاهب إلى مكان قريب وسآتي بعد قليل ، أصبحت تمنعني وان هذه الأيام الأولى بعد المشفى ويجب أن أريح جسدي أكثر من ذلك ، وبعد وقت طويل أقنعتها بأنها مسافةٌ بسيطة وسآتي بعد ذلك حتى وافقت ..

 خرجت من المنزل وركبت سيارتي ، اشعر انه مر وقتُ طويل منذ أن ركبتها ، حسناً سميت بالله وقد كان الوقت غروباً بعد العصر ، وبعد نصفِ ساعة تقريباً وصلت .. تلك منطقة غريبة حقاً لا توجد الكثير من البيوت ، وجميعها متباعدة وبعضها مهجورٌ منذُ سنوات وبيت عمي يتوسط البيوت وقد كان كبيراً وشكله غريب من الخارج ، لا اعلم لمَ أحسست بخطّر ولكنني عزمت على الذهاب وقدّ حصنت نفسي، خرجت من السيارة و أصبحت أنادي عليه و أطرقُ النافذة ولكن لا أحد يجيب ، وبعد ذلك لاحظت أن الباب مفتوح ولكن يحتاج إلى الدفعِ قليلاً !! ، ذلك غريب حقاً ولكنِي سأدخل فأنا لست بغريب ! ، دفعت الباب وفتحته ووضعت قدمي اليمن على أول منزله ودخلت ..

 شممتُ رائحة كريهة جداً وكأنها رائحة جُثث وقد كان هناك بعض البخُور ، ومنذ أن رأيت دخان البخور علمت بوجود احدهم ، فليس هناك نارٌ بدون مُشعِل ، سميتُ بالله ودخلت و أصبحت أنادي عمي ، وقد سمعت بعض الأصوات الـخفيفة في تلك الغرفة المقابلة لعيناي ! ، كان البيت كبيراً ومكونّ من دورين ، كان غريباً ومخيفاً و أريد أن أعلمكم أنني لم أقم بزيارة عمي أبداً في حياتي فقد قلت لكم أن أبي كان يحذرني منه وأنه لا يحبه و أظنني سأكتشف السبب ! ، اقتربت من تلك الغرفة وكلما اقتربت زاد الظلام لا أعلم لمَ !!

مع أن الشمس كانت موجودة خارج المنزل ولكن بالداخل الظلام شبه حالك؟ ، اقتربت وفتحت الباب ببُطء ، وها أنا أرى عمي ، يال ذلك المنظر ! لقد ارتعبت وعدت إلى الوراء ، ولكن عندما عدت اصطدمت بأحدهم ! ، تملك الخوف قلبي وعندما التفت إلى الخلف رأيت عجوزً بشعة جداً ولكن عندما نظرت جيداً.. نعم تلك زوجة عمي ، نَظرت إلي بنظره حقد ، أردت أن أقول لها أنني وجدت الباب مفتوحاً ولكنّ أصبحت أتلعثم في حديثي .. ابتعدت عني وقاطعتني وسألت لماذا أتيت إلى هنا ؟

قلت لها بأنني أريد زيارة عمي ورؤيته ، ابتسمت لي ابتسامه غريبة وخبيثة وأقفلت باب الغرفة الموجُود بها عمي ولكن قبل أن تقفل الباب وجدت عمي ينظر إلي وهو في السرير و كأنه يريد أن يقول لي شيئاً ! ،  حسناً لا بأس سأزُوره لاحقاً ، وضعت يدها على رأسي فابتسمتُ لها بخوف واعتذرت وخرجت من المنزل بدون أي تفسير لعدم رؤيتي له الآن ، ركبت سيارتي مره أخرى ، كان ذلك غريباً حقاً ، الغرفة التي فيها عمي كانت مظلمة جداً ، و كانت هناك شموع مُشتعلة في كل مكان ، ومنظره قد كان بشع جداً !! ماذا حدث له ، هل من المعقول أن سوراي حقاً هو من جعله في هذه الحالة ولماذا رفضت زوجته أن أراه الآن مع انه كان مستيقظاً ، فضولي يزداد بشكل كبير و أصبحت الأسئلة تغزو فكري وحقاً أريد إجابةٍ لكل ذلك ..

عدتُ إلى المنزل مع كل تلك التساؤلات التي في رأسي و أحضرت معي بعض الأشياء لكيّ ترى أمي باني ذهبت مكاناً قريباً للشراءِ حقاً ، ابتسمت لها وقبلتُ رأسها ، فقلت لها ما سبب مرض عمي ؟ فأصبحت تقول لي لما السؤال المتكرر عنه ؟ فقلت لها أنهُ مجرد فضول و أردت معرفه ما حصل ، فقالت لي أن أبتعد عنه فأمرُه مشكوك فيه ! ، فهوَ يتعامل بالسحر ويشرب المحرمات ، تعجبتّ فسألتها وزوجته كيف تستطيع الاحتمال ؟ قالت أنها مثلُه ومن الممكن أن تكون أسوأ ، بيتُهم قذر مليء بما يسمى الجن لذا نحن لا نقترب منهم ولا من منزلهم ! ، هل عرفت الآن سبب تحذيري لك منهم ؟ فأجبتها بسؤالي " هل كان لي خطيبة ؟" فتعجبت و سألتني " هل تتذكر كل شيء الآن ؟ "

دمعت عيناها وعمّ الصمت قليلاً وذهبت وجلبت صورة لها وأرتنِي الصورة .. يا الله كم هي جميلة ! حقاً وكأنني اعرفها منذ زمن ؟ ماذا حصل ؟ تشوشت أفكاري وذهبت إلى الغرفة بدون ردٍ مني أو تعليق ، فقط تركت أمي ، دخلت واستلقيت على السرير أفكر، فقلت بعض الكلمات التي يأتي بها سوراي و أغمضت ولكني ما إن أغمضت عيناي حتى شعرت باختناق شديد !! ، وكأن أحداً يحاول خنقي ، تنفست وفتحت عيناي ورأيت منظراً لا أتذكر أنني رأيت مثله ، كان أحد الجن الطائر وقد كان ضخماً اسوداً بشعاً ويقول لي عند أذني و أنا اشعر بهمساته التي جعلت بدني ينتفض ! "حذر صديقك اللطيف سوراي كيّ لا أنهي حياتك وحياته" ..

 أصبحت أقرأ المعوذات و أحكمت إغلاق عيناي و أحسست بالاختناق أكثر وبحرارة كبيرة في جسدي ، قرأت بصوت عالٍ ودعوت الله في داخلي حتى ذهب عني ، فتحت عيناي وتعوذت بالله !!، ذهبت لغسيل وجهي وإحضار سوراي ولكنه لم يأتِ ! ، لم يضعف ذلك من عزيمتي على معرفه الحقيقة وسأُكمل حتى اعرف كل شيء ولكن ماذا فعل لهُ سوراي ليفعل ذلِك ، قاطع تفكيري تـنبيه هاتفي للرسائل .. رسالةُ من عمي !!! ، فتحت الرسائل بتعجّب وقد كان محتوى الرسالة " ساعدني أرجوك ! " لم اعلم كيف أُفسر هذه الرسالة ولا كيف استطاع إرسالها ومن يقصد ؟ ولمَ يطلب مساعدتي تحديداً !! ، أحسست بصداع كبير في رأسي ولكني أريد معرفة ماذا يقصدُ بذلك ! أريد الذهاب إلى بيته ومقابلته مهما كلفنيَ الأمر !

 أصبح المكان مُظلماً أمام عيناي تدريجياً .. أفقت و أمي تقرأ علي وتضع على وجهي وصدري ماءً وتتعوذ من الشيطان ، لساني ثقيل لم استطع النطق بشيء وضعونّي على السرير ، وقد أحسست بألم شديد وعجز في جسدي ، لم استطع الحراك أبداً وجل ما كان في رأسي تلك الرسالة ، جاهدتُ حتى نطقت وقلت لها أريد الذهاب إلى عمي ، صفعتني !!! وقالت أتريد أن تقتل نفسك ؟؟؟ ألم يكن كافٍ علينا فقدانك عندما حصل لك ما حصل ؟ ..  توقفت عن المحاولة فقط ، اكتفيت بالنظر إلى أمي وهي تقرأُ علي و أنا أتألم ، فقدت الوعي مرة أخرى ..

استيقظت في يومٍ الشمس كانت فيه تغلغل إلى أطراف شعري ، أفقت و أحسست بنشاط ولكني مازلتُ اشعر بألمٍ بسيط في متفرقات جسدي ، لم اشعر بذلك النشاط منذ زمن ، نظرت إلى الساعة وقد كانت التاسعة صباحاً ، تذكرت الرسالة !! ، فتحت هاتفي ووجدت رسائل كثيرة من عمي ؟ جميعُها ساعدني من نفس الرقم المجهول !!! حاولت الاتصال بالرقم ولكن لم يكن هناك رنين الإتصال وكأن الرقم لا وجود له !! أصررت على الذهاب إليه حالاً !!! ، خرجت من الغرفة وتناولتُ مفتاح سيارتي وذهبت إلى منزله مرة أخرى دون أن أقول لأحد فالجميعُ نائمٌ  ..

عند بابِ منزله ، أقفلت السيارة وخرجت وسميّت بالله وحصنت نفسي من الشر والجن ، وهذه المرة فُتح الباب لي دون ان أطرُق شيئاً !، وقد كانت زوجته ، قالت لي ماذا تريد ؟ قلت لها بأنني أريد رؤيته ! ، لم توافق وقد خفت منها حقاً ، أقنعتها قلت لها أنني سأقابله لمده دقيقتين فقط ويمكنها أن تحسِب ذلك ، وافقت وأدخلتني ؛ وقد كان البيت في نفس السوء والرائحة و كأنه لم يُنظف منذ قرون ، دلتني على غرفته وذهبَت ، لا أعلم لما رجفَ قلبي ولكني تمسكت وفتحت الباب ببطئ وقد كان نائماً ، دخلت بكل لطفٍ وهدوء ، ما اشد غرابة هذه الغرفة ؟ حقاً وكأنني دخلتُ مكانً للسحرة والمشعوذين ..

 أصبحت اسمي بالله في قلبي كل ثانيه ، وصلت لسرير عمي الذي كان في منتصف الغرفة ، أردت مناداته لكني لم استطع ، اقتربت منه أكثر وعندما أردت مناداته فتح عيناه وكانت حمراء بلون الدم ! واخذ بيدي وأصبح يشد عليها بكُل قوته ويقول ساعدني ، خلصني من هذا الهلاك يا خالد أتوسل إليك!! ..  تفاجأت و تشوشت فابتعدت عنه وقد كان متمسكاً بيدي فسقط مِن على السرير !! ، لم اعرف ماذا حصل فجأة!! ، فقط فُزعت و أردت مساعدته ولكنني ترددت !!

 ستأتي زوجته ولن تنهي الأمر بسهوله يا الهي ساعدني … اقتربت منه وقلت له دعنِي أساعدك و أضعكَ على السرير مرةً أخرى ..  و أنا خائف و أحاول التماسك ، سقطت بعض الشموع بشكل مفاجئ ! أصبح يتمسك بي مره أخرى ويقول أخرجني من هنا أرجوك!! ، تركت كل شيء و تشجعت وسألته إن كان هو السبب في إدخالي المشفى فقال نعم أنا ..  وكلما يُقال لك صحيح ولكني نادم وقد تبتُ عن كل ذلك !! أتوسل إليك ولكنهم لا يريدون تركي وشأني وزوجتي تكملُ عني فلا يجوز نقض عهدٍ بين انسي وجني ! وقد تعمقنا في هذا العالم ولا نستطيع الخروج منه ، الآن أرجوك خلصني ساعدني ! سيقتلونني إن حاولت وسيقتلون زوجتي إن لم تطعهم ! ..

 نظر خلفي و أصبح يذرفُ دموعاً ويقول ساعدنا أرجوك يا خالد !!، نظرت خلفي ببطئ فإذا بنفس من خنقني ذاك اليوم واقفٌ خلفي !! فوجئت فزعاً وتركت عمي وابتعدت عنه إلى الوراء فسقطت شمعةً وبعض التماثيل إلى أن رأيتُ ضوءا قوياً أعمى كل شيء أمامي وشعرت بدفعه قويه ..  فقدت الوعي واستيقظت و أنا خارج المنزلّ !  أصبحت أطرق الباب بشدة و أنادي ولكن لا احد يستجيب ، أصبحت هموم الدنيا فوق رأسي لا اعلم ماذا افعل ! يا الله ساعدني فأنا أتعاملُ مع سحره وجن !! ، أصبحت أسمعُ صراخاً شديداً ،شعرت بألم شديدٍ في جسدي ولكني تماسكت مرةً أخرى ووقفت على قدماي و أصبحت اطرق الباب على أمل أن يُفتح لي ، لا استطيعُ تركهم هكذا يجب أن أساعدهُم ! ..

لكني سأفتحُ عليَ بابً من الممكن أن لا استطيع الخرُوج منه !!  أخذتُ نفساً عميقاً ووجدت انه يجب عليَ الذهاب للبيت أولاً وعندما أصل سأفكر بحلٍ ما لهذه الكارثة !، دخلت سيارتي وقدتُ في وسط النهار ولكن كأنني كنت في عتمةٍ وظلمَة ، طوال الطريق و أنا اقرأُ المعوذات و أدعو الله أن أجد حلاً وطريقة أساعدُ بها عمي ، بعد قرابةِ نصف ساعة وصلت للمنزل منهكاً متثاقلاً ، دخلت ورفعت رأسي لأجد أمي واقفةً أمامي بغضب ! اقتربت أمي مني فابتعدت عني فوراً وقالت لي أن اذهب للاستحمام وبعدها ستتحدثُ معي ، حاولت أن اشرح لها ما حصل ولكنها أصبحت تصرُخ بأنها لا تريد سماعَ شيءٍ ..

 ذهبتُ للاستحمام وبعد أن خرجت وجدت سوراي على الأريكة فقلت له ماذا فعلت لتُغضب ذلك الجنيّ ؟ فقال لي وما شأنُك أنت ! ، لم استطع الاحتمال وصرختُ بأن يدعني وشأني وان لا يتدخل في حياتِي أبداً ، دفعني على الأرض بقوةٍ وقال لي بأنني سأندَم حتماً على ذلك واختفى فوراً ، شعرت بألم دفعته في صدري ولكنني تجاهلتّ ما قال ، أعلم بأنه لا يستطيع إيذائي ، ارتديتُ ملابسي وخرجت لامي فجلست أمامها وعندما أردت الحديث قاطعت حديثي وقالت لي " ماذا تريد من عمك  و لمَ السؤال المتكرر عنه ؟ "

قلت لها بأنه يحتاج للمساعدة ويجب أن أساعده ، صحيحٌ انه يتعامل بالسحر ولكنه تابَ عن ذلك الآن ! دُهشت لجرأتي ولم تنطِق بحرف ورايتها تذرف الدموع خوفاً .. آلمني قلبي ولكن ماذا فعلت ؟ قالت إذن كنت تذهب من ورائي وكذبت علي أولاً ؟ وثانياً هل تريد الموت ؟ هؤلاء سحرة ويعيشون في عالمٍ ليس كعالمنا أبداً هل تفهم ؟؟؟ هل تعلم كم كانوا يُؤذون أباك قبل أن يموت ؟ هل تعلم أنهم قادرين على أذيتك وفعل كل شيء بك بسُهولة ؟ قاطعتها بأنه لا يمكن أن يُؤذيني شيءٌ و أنا في حصانةِ الله !

 صرخت بأنني لن أساعدهم في شيء ولن اذهب إليهُم بعد الآن وذلك لمصلحتي وهم يجب أن يتحملُوا عاقبة أفعالهم وذهبت غلى غُرفتها بدون سماعِ أي شيءٍ مني ، ولكن ماذا يُهدئ ضميري الآن ؟ كيفَ لي ان أنسى كيف كان منظرُ عمي ودموعه لكي أساعده ! ، ولكن لنفكر ؟ حسناً فعلاً يجب ان يتحمل ما جاء من صنع يده فهو من جنى على نفسه وزوجته و أنا ليس لي دخلٌ بالموضوع ، ذهبت إلى غرفتي واستلقيت قليلاً وقد محوتُ كل الأفكار وقررت فعلاً أن لا أتدخل وليحصُل ما سيحصُل ..

 أخذت هاتفي ومحوت جميع الرسائل التي أتت من عمي و أصبحت أتصفح الانترنت بهدوء ، قليلاً حتى رأيتُ نفسي ابحث عن طرق لإبعاد وطرد الجن والشياطين ، سحقاً فكأنه هوسٌ فعلاً ، ولكني لا استطيع التوقُف ، نهضت واتيت بورقه وقلم وأصبحت اكتب جميع الطرق باختصار و ما الذي ليس متوفراً لدي لأُوفره ، أصبحت كالمجنون أفكر في حلول لكي أخلصهم من الذي هُم فيهِ ، فكرت في أن اتصل بأحد الشيُوخ ليساعدني ولكن شعرت بان ذلك صعب و أمي ستعلمُ بذلك وحقاً ستغضب وستُثير المشاكل ، أصبحت مشوشاً لا اعلم أي طريقةٍ سأتخِذ !! ، ابتعدت عن كل شيء واستلقيت و أغمضت عيناي و أصبحتُ أفكر بهدُوء  ..

قررت أن أستعين بأحد الشيوخ ولكن سيكون الأمر في غاية السريّة ، أصبحت ابحث عن رقم ويكون احد الرقاة المعرُوفين ، وجدت احد الأرقام وحادثته عن طريق " الواتس أب " ولكن اخبرني انه مشغول وانه لديه الكثير من الجلسات و الأمور الأخرى ، أصبحت ابحث حتى وجدتُ رقماً آخر ولكن لأول مرة أسمعُ باسمه وعرفت انه ليس معروفاً فتوكلتُ على الله وحادثته واخبرني انه مشغول ولكن سيحاول مساعدتي، أخبرته بأن الموضوع متعلقٌ بالجان والسحر،فقال لي هذا مجالي فأخبرني ما لديك ؛ ، أخبرتهُ بكل شيء وبكل ما حصَل ، و أنني لا أريد أن تعلمَ أمي بشيء ، قال لي يجبُ أن اتصل بك ، ثانيتين حتى اتصل بي و أصبح يخبرني ماذا افعل حسناً سأختصر لكم ماذا قال ..

اخبرني بأنه يملكُ شقة في وسط المدينة و أنها مُخصصة فقط لجلسَات الرقى وما إلى ذالك ويريد مني فقط إحضارهم إلى هناك وسيكُون موجوداً ولن يستطيع أن يفعل أكثر من ذلك ، ويجب علي أن احرِق كل كتابٍ متعلق بالسحر ، و أن أدعَ الشرطة تتعامل بعد ذلك وتغلق ذاك المنزل تماماً فهو ليس مُهيأ للسكَن أبداً ، أخبرته بأنني لا استطيعُ فعل كل ذلك وحدي !! فاعتذر لي بشدة ، أقفلت خط الاتصال محبطاً و أصبحت أبحث عن أرقامٍ أخرى ولكنني لم أجد فماذا افعل ؟ يبدو أنه ليس لدي حل غير أن افعل ما قالهُ الشيخ لي ..

تشوشتُ مرة أخرى ، نهضت و توضأّت وصليتُ ركعتين لله ، دعوتُ فيها أن يصبح كل شيء بخير واستطيع أن أساعدهم !! ، نظرتُ إلى الساعة فرأيتها التاسعة مساءً ، توكلتُ على الله و أخذت الورقة التي كتبت فيها تلك الطُرق ، وحصنت نفسي بِأتم التحصين ، ودونَ علم أمي ذهبت ، اتصلت بالشيخ حتى أتأكد من موقع الشقة فأخبرني ، فقلت له بأنني سأفعلُ ما قال ، دعا لي بالتوفيق واخبرني بان انتبه جيداً وقد سألني عن موقع المنزل فأخبرته ، أقفلت وفتحت القرآن في هاتفي قليلاً حتى وصلت إلى هناك ، قررت أن أتحدث مع زوجة عمي أولاً وأخبرها بما سأفعل بهدوء ، خرجت من السيارة ..المكان مُظلم فعلاً ومخيف !

ترددت فعلاً و أردت الرجُوع للسيارة ولكني تقدمت وخطوت ، طرقتُ الباب عليهم بهدوء ولكن لم يُجب احد ، وفي ذلك الهدوء وتلك العتمة سمعتُ صرخةً قوية !! ، فُزعت وعلمت أن الصرخة آتيةٌ من الداخل ، أصبحت أطرق الباب بشدة واصرخ بأن يفتحُوا لي واني سأساعدهم ، أصبح الهدوء يعم المكان وحقيقةً أصبحت اشعر بالخوف ، و أصبحت اشعر بأنني لستُ وحدي في هذا المكان ، طرقت الباب ولكن لا فائدة ، أصبحت أبحث عن مدخلٍ للبيت أو مكانٍ استطيع الدخول منه حتى وجدت إحدى النوافذ ولكنهُا مليئة بالغبار وكأنها لم تمس من قبل أحد أو أتى عليها طيرٌ منذ آلاف السنين ..

 نفخت على النافذة حتى أرى ما بالداخل ولكن المكان كان مُظلم ولم أستطع أن أرى شيئاً ، تشجعت و أخذتُ حجارة من الأرض وحطمت النافذة ، سميتُ بالله ودخلت منها وقد كانت النافذة في مطبخ المنزل ، دخلتُ بكل هدوء ولم أعلم أين أذهب ، حقاً كان منزلاً كبيراً متسخاً كريه الرائحة ، سمعت صوتاً خفيفاً يصدر من إحدى تلك الغرف الغريبة ، أصبحت أخطو بكل هدوء متجهاً إلى تلك الغرفة ، وصلت عند الباب و أمسكتُ بالمقبض و أصبحت أحاول الدخول ولكن كان البابُ ثقيلاً أو أن هناك شيئاً ثقيلاً وراءهُ !!
 دفعت الباب بقوة فشعرت بأن الشيءَ قد انزلق ، دخلت ويا ليتني لم أدخل ، وجدت عمي ينزِفُ دماً من رأسه ولا يستطيع الحراك فقط يتنفس بصعوبة !!!!! ، لا أعلم بما اصف شعُوري ولكني كنت مفزوعاً جداً ، أصبحت أصرخ باسمه و أحاول أن أجعله يتحدث بما حصل له و أين زوجتُه ، جعلته يتمددُ على الأرض و أمسكتُ هاتفي واتصلت بالإسعافِ فوراً ، أخرجتُ ماءً من حقيبتي ومسحتُ على وجهه ، ففتح عيناهُ قليلاً ، سألته عما حدث له بكل فزع ، كُل ما قاله لي " أنقذني " وفقد الوعي مرةً أخرى ، تركته و خرجتُ مسرعاً أبحث عن زوجته و أنادي باسمها ، كل شيءٍ أمامي مظلم ولا أرى شيئاً فقط أشعر أن هنالك احد معي ..

لكني لن افقد الأمل ولن أخاف ، أصبحت ابحث عنها في كُل المنزل حتى وجدت غرفةً في وسط المنزل !! ، وقد كانت الرائحة الكريهة تنبعُ منها لدرجه أني وضعتُ كمي على انفي ، أصابني الفضول لمعرفه ما يوجدُ هناك فتقدمت ببطئ وفتحت الباب ، يال بشاعةِ المنظر حقاً !!! ، حيواناتٌ مذبوحة وشعرٌ في كل مكان !! ، لم استطع احتمال الرائحة أو المنظر فأقفلت الباب بقوةٍ ، جاءني احتقان فأصبحت أسعل بشدة ورجعتُ إلى الوراء ، علمتُ بأنهم سحرةٌ فعلاً و كانوا يذبحون للجن لإطاعةِ أوامرهم !!

 لم اعلم أين ذهبت زوجة عمي ولا اعلم لمَ تأخر الإسعاف ، عدتُ ابحث عن الغرفة التي كان فيها عمي ، فوجدتها وكان على نفسِ حالته ، اقتربت منه وقد كانت رائحته كريهة جداً ، لم يكن لدي حل غيرُه ف حملته إلى بابِ المنزل للخروج وما إن أردت فتح الباب حتى سمعت ضحكاتٍ قوية تصدُر من كل مكان فوجئت وتركت عمي والتفت ورائي ولكن لم يكُن هناك احد ، أصبحت أتعوذ من الشيطان وحملتُ عمي مرةً أخرى وفتحت الباب و أخرجته ولكن فجأةً أصبح ثقيلاً جداً ، لم اعلم ما حصل ولكنه أصبح ثقيلاً فأنزلتهُ ببطئ وحاولت من جديد ولكن لم استطع ، الهي ساعدني السيارةُ قريبة ولم يتبقى شيء !! ..

لم استطِع فعلاً ، أصبحتُ أسمع أصواتاً من حولي و أنا لا اعلم ماذا افعل مع عمي ، و أصبحت الأصوات تزيد في كُل مرة  ، كانت أصواتُ نحيبٍ في الأغلب مع ضحكَات !! ، كنت اعلم بأنهم لن يدعوني أخرج من المكان بسهُولة ، حاولت الاتصال بالشيخ ليأتي ولكن لم يُجب علي ، حاولت حمل عمي مرةً أخرى وهذه المرة استطعت ، وقفت على قدماي بصعُوبة ، مشيتُ وقبل وصولي للسيارة أصبح عمي يخرج من فمه مثل مادةٍ سوداء !! ، خفق قلبي وعلمتُ أنها نهايته ولا أمل من مساعدته ، أدخلته السيارة بالمقاعد الخلفية ومددتهُ ببطئ ، أقفلت الباب ودخلت إلى السيارة وما إن أدخلت المفتاح فُتح الضوء الأمامي على طفلة !! ، فزعت ولكنها كانت فعلاً طفلة صغيرة أمام السيارة تبكِي ! ، فكرت جيداً  بأنه احد أفراد الجن ومجرد فخٍ لوقوعي ولكني لم استطع ، يجب أن أبعدها عن الطريق أقلهّ حتى استطيع التقدُم !! فكانت ثابتة أمامي مرتدية فستان ابيض وتبكي بكُل قوة !!! ، وحينما أردت فتح الباب لإبعادها رأيتُ سوراي ينقضّ عليها ويبعدها عن طريقي بكل قوة ..

فزعت ورأيت تلك الطفلة تتحول إلى إحدى الأشكالِ البشعة ، تذكرت عمي فتحركت بدون أي ترددٌ حتى قطعت بعض المسافة ونظرت للمرآة لأرى ذلك الجنيّ الأسود يرمق من بعيد ،حمدتُ الله لأنني نجوت وعلمت أن حصانتي بالله أبعدت أذاهم عني وقد ساعدني سوراي ، نظرت إلى عمي وكانت حالته تزداد سوءً ، فتلك المادة مازالت تخرُج من فمه و أصبح لونه يتغير ، وإلى الآن لم أعلم أين ذهبت زوجته ؛ فهُم ليس لديهم سيارة ولا يوجد أي متجر بجانبهم فأين ذهبت !!! ، قد كان نفسِي سريعاً و أريدُ أن أصل للمشفى في اقرب وقت ، تذكرت هاتفي فحملته وما إن أردتُ تشغيله حتى وجدتهُ فارغ الشحن ، كيف ذلك وقد كان ممُتلئ ، يا الهي حقاً أنا وحدي الآن في ذلكَ كُله ..

 خرجتُ من تلك العتمة و ما إن رأيت مصابيح المنازل والمتاجر ، و ما إن أصبحت أرى سياراتٍ كثيرة معي حتى شعرت بالأمان و أكملت طريقي و أنا أدعُو الله أن يمر كل شيءٍ على خير ، وصلت إلى اقرب مشفى ودخلتُ من مدخل الطوارئ .. وجدتُ أحد الأصدقاء القُدماء يعمل هناك فسلم علي وأصبح يسألني عن سبب وجودي وماذا حصل ، لم اجُب على أي شيء فقط طلبتُ هاتفه ، واتصلتُ على ذلك الشيخ واتصلت على أمي لكي تأتي ، لا اعلم أين ادخلُوه وماذا فعلوا به فقط جلستُ على إحدى تلك المقاعد انظر إلى المارة .

مر بعض الوقت حتى سمعتُ صوتاً معروف ؟ نعم صوت أمي ، أتت إلي وأخذتني لصدرها الدافئ وتسأل عن حالي بلهفة و أين كُنت وماذا حصل ، اكتفيتُ بالابتسامة حتى رأيت أحد الرجال المُلتحين يبحث !! ، شعرت بأنه هو الشيخ فناديته باسمه ورد علي !! ، قال لي أين هُم !! قلت له بان عمي فقط موجود ورأى حالتي فتركنِي وأصبح يبحثُ عنه حتى علِم انه تُوفيٍ !!!

 جاء واخبرني فانقبض قلبي ، لو أسرعت قليلاً لكُنت وصلت و أنقذته من تلك الحالة ولكن لم يستطِع النجاة .. سألني مجدداً عن مكان المنزل فأخبرته محبطاً حزيناً و أمي بجانبي مندهشة مما فعلت !! ، ذهب وأخبر الشرطة عن المكان و أخبرني بأنه سيذهب للمنزل وسيهتمّ بالأمر ، قلت له بأنني أريد أن أرى عمي ، رمقتني أمي بنظره غضب ونهضت ولم تكُن لي القوة على عصيانها ، فنهضتُ وراءها إلى السيارة ، طوال الطرِيق بقينا صامتين و لم استطع الاعتذار حتى ، وصلنا إلى المنزل فدخلت إلى الغرفة منهكاً ، استلقيت على السرير بكل حزن ، كل ما يشغلُني هو أين مكان زوجه عمي، ما إن دخلت في عمق الارتياح ، قاطعتني موسيقى هاتفي !! تعجبت فقد كان فارغ الشحن ! ، تجاهلتُ و أجبت وقد كان الشيخ وقال لي بأنهُم وجدوا زوجة عمي في المنزل في إحدى الغُرف العلوية وقد كانت حالتها مخيفة فقد كانت تفعل بعض الطُقوس ، وأكتشف أن الجن مُتلبسٌ لها وهي من قتلت عمك وقد نقلوها إلى إحدى المُستشفيات المعروفة وستتم معالجتها وأخذ عقابها المستحق ..

 أقفلت خط الهاتف دون وعِي ، وكأنني نادم على ما حصل لهم ، جاءت أمي وجلست بجانبي فأخبرتها بكُل شيء ، فوضعت رأسي عليها و أصبحت تمسحُ على رأسي و كأنني احد الأطفال ، تمسحُ بكل حنان ، و أصبحت تواسيني وتخبرني بأنني فعلت ما أستطيع و ما حصلَ ليس ذنبِي أبداً ، و أن كل شيء سيُصبح بخير ، حقاً محظوظٌ بها ، أزاحت كل همي بكلمتيّن بسيطتين ، عموماً ذهبنا اليوم التالي لدفنِ عمي وحرق بعض الأشياء في ذلك المنزل المرعب ، و أصبحت زوجةُ عمي تُرقى كل أسبوع وهيَ في تحسُنٍ للأفضل ولله الحمد ، و أصبح سوراي يأتيني يومياً على هيئة تلك القطة السوداء من جديد لا اعلم لمَ التغيير ولكن لا بأس .. مازلت مدينٌ له على مساعدتي ، قد كانت مغامرة حافلة والحمد لله على كل حال ، لن اعصي أمي بعد الآن بإذن الله فأنا أعتقد أن كل المشاكل انتهت ولله الحمد، حسناً هذه هي قصتي مع عمي والجن.

 

تاريخ النشر : 2016-06-15

اسيل نااج

السعودية
guest
18 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى