لم يكن قصدي

 تخرجت من كلية الطب منذ سنة بعد أن حصلت على شهادة الجراحة ، و وجدت عملاً  فور تخرجي لان علاماتي كانت جيدة ، وصرت بفضل الله جراحة دماغ في مستشفى راقي في لندن بدون مبالغة كنت مشكورة من كل من حولي فلطالما كانت كل جراحاتي ناجحة ، ولكن الأمر لم يستمر هكذا ، فذات يوم جاءني مريض يعاني من شلل في النخاع الشوكي لارتباط الأعصاب بشكل غير صحيح بالمخيخ ..

المريض كان عمره 16سنة ولا اعرف لما أحسست انه كان قريباً إلي جداً وكأني اعرفه من قبل ، وفعلاً أردت مساعدته وحددت له موعداً للجراحة وعندما حل موعد الجراحة جاء الولد مع والده وتحدثت معه قليلاً قبل الجراحة وبدا هادئ و تفاجأت بما قاله لي ، فقد قال : انه ليس خائفاً من العملية لكنه خائف على والدته التي لا تملك في هذه الحياة سواه طمأنته وقلت له أن نسبة نجاح العملية كبيرة وأدخلناه غرفة العمليات وبقينا في الجراحة  6 ساعات ..

خرجت بعدما طلبت من الممرضة نقله إلى غرفة خاصة وتوجهت لوالده وقلت : له أننا قمنا بواجبنا والآن سننتظر حتى يفيق وتلقيت بعدها اتصالاً من أختي أخبرتني أن ابن أريج  سيجري عمليته اليوم أريج هي أختي من الأب بعد وفاة أبي ، انتقلت للعيش مع أمها في تونس ولم نرها منذ ذلك الوقت وسمعنا أنها تزوجت وأخبارها مقطوعة ، لكنها كانت ترسل الرسائل لتطمئن علينا وساعدتني في فترة دراستي فقد كانت ترسل لي مصروفي لأننا لم نكن نملك المال بالمختصر لولاها لم تخرجت ، لكن لم أراها منذ 13  سنة اعلم أني مقصرة معها ، لكنها الظروف ، المهم توجهت إلى مكتبي لكن فجأة أوقفتني ممرضة وقالت المريض يحتضر صدمني كلامها وتوجهت إلى غرفته وكان يتنفس بصعوبة وصدره يرتجف  بالمختصر كان يحتضر ، اقتربت منه وحاولت ضبط  جهاز التنفس ،

–  فقال لي : لقد فات الأوان يا خالتي تفاجأت من كلامه ، والتفت إليه فوجدته يبتسم والدموع تملأ عينيه .

– وقال لي : كنت أرى صورك في البوم عائلتنا ، وأخبرتني أمي انك أختها الصغيرة .

– فقلت بصدمة : لما لم تقل لي ؟

فقال : لو قلت لك .. و لفظ أخر أنفاسه بين يدي . –

كانت تلك أخر جراحة أقوم بها لأني توقفت عن العمل وعلاقتي توترت مع أختي مع أن هذا لم يكن قصدي…. أو هذا ما أتمناه .