قتلة و مجرمون

إتصال و مأساة: صراخ الحياة

 
بقلم : أحدهم – كوكب الأرض

 

إتصال و مأساة: صراخ الحياة
تأتي لحظات قاسية تحاول سرقة نعمة الحياة منا 

 

لو نظرنا نظرة متجردة لموضوع الحياة من منظور الصدفة و الاحتمال نجد أننا – نحن البشر- كائنات محظوظة فعلاً ، إذ أننا لسنا إلا نتيجة لقاح فريد بين حيوان منوي واحد من أصل عُشر بليون حيوان منوي و بين بويضة تكون فترة حياتها بين نصف يوم و يوم كامل فقط في الشهر القمري ، إنها كتذكرة يانصيب تربحها مرة واحدة كل ١٩٠ سنة إذا ما أُجري نفس السحب كل دقيقة و بنفس الظروف و مع الإبقاء على الفرص الاحتمالية عشوائية و متساوية في كل مرة ، لذا الحياة هي نعمة حقيقية فعلاً ، لكن تأتي تلك اللحظات القاسية بغتة وتحاول سرقة هذه النعمة منا ، البعض منا يقاوم ويستغيث طلباً للحياة وآخرون يستسلمون في يأس نحو المجهول .

في هذه المقالة سندرج إليكم بعض المقاطع الصوتية التي سجلها مركز الطوارئ (٩١١ ) في أمريكا والتي تصور معاناة بعض الضحايا في مواقف مفزعة ، جميع الحالات المذكورة عاشت لتحكي تجربتها لكن بجروح غائرة في النفس والجسد ، بعض المقاطع تحوي مادة صوتية قد لا تصلح لصغار السن ، لذا وجب الحذر عند الاستماع لهذه المقاطع من فضلكم .

١.  ضحية حيوان هائج

إتصال و مأساة: صراخ الحياة
تشارلا ناش مع الشمبانزي ترافيس قبل الحادثة

في السادس عشر من فبراير/ شباط ٢٠٠٩م هاج قرد شمبانزي مدجّن يدعى ( ترافيس)  فجأة على صديقة صاحبته على الرغم من العلاقة الطويلة التي جمعتهم ، مزّق هذا الشمبانزي البالغ من العمر ١٤ سنة وجه ( تشارلا ناش – ٥٥ عاماً ) بوحشية حقيقية في حين كانت صاحبته ( ساندرا هيرولد – ٧٠ عاماً ) تحاول بيأس إبعاد جسده البالغ وزنه ٩١ كيلوغرام عنها بدون جدوى ، و لم تجد ساندرا حلاً سوى الاتصال بمركز الطوارئ (٩١١)  ، لم يتوقف ترافيس الهائج عن النهش والتمزيق ، و بمحاولة منها ضربت ساندرا الشمبانزي ترافيس مراراً بالمجرفة وطعنته بالسكين ، و لم يهاجم ترافيس ساندرا لكنه جفل ونظر إليها نظرة فزع وتعجب كمن يقول ( لماذا تؤذيني يا أمي ؟ ) على حد تعبير ساندرا نفسها ، بعد حضور شرطة الاستجابة خرج ترافيس من المنزل و هو مسعور و حاول مهاجمة الشرطي ، وكسر المرآة الجانبية للسيارة و حاول فتح بابها ، الشرطي لم يجد حلاً سوى إطلاق النار على الشمبانزي الهائج و قتله .

إتصال و مأساة: صراخ الحياة
 تشارلا ناش قبل وبعد الحادثة

المقطع الصوتي لدى مركز الطوارئ (٩١١) يظهر فعلياً فظاعة حادثة الافتراس هذه مع إمكانية سماع صراخ الشمبانزي الهائج في خلفية المقطع ، فقد مزّق ترافيس حرفياً وجه تشارلا وقضم بعضاً من فكها العلوي وأنفها وأذنيها وجزء كبير من يدها اليمنى ونصف ساعدها الأيسر وفقدت عينيها وشفتيها ، وتطلبت محاولة إنقاذها أكثر من سبع ساعات وأربع فرق من الجراحين خلال الثلاثة أيام ما بعد الحادثة ، بالإضافة إلى عمليات جراحية أخرى لأنسجة المخ المتضررة ، وأخرى لاحقة لترميم الوجه والأطراف خلال السنوات اللاحقة ، ولم تتمكن تشارلا من الظهور على شاشات التلفاز إلا في نوفمبر/ تشرين الثاني من نفس السنة عبر برنامج أوبرا ونفري الشهير ، وكانت ملامح وجهها خلال اللقاء المتلفز مشوهة بشكل مفزع للغاية تظهر طبيعة الحادثة المروّعة التي مرت بها ،  يذكر أنه في يونيو/حزيران من عام ٢٠١١م تمكن فريق من جامعة هارفرد من تركيب وجه و يدين لتشارلا ، لكنهم اضطروا إلى استئصال اليدين إثر مضاعفات جسدية لاحقة ، و على الرغم من الجهود الجبارة لترميم وجه تشارلا إلا أنها فقدت البصر وتجد صعوبة بالغة في نطق الحروف ، وذلك لتضرر شفتيها وفكيها نتيجة الحادثة ، إليك أجزاء من المقطع الصوتي الذي سجله مركز اتصالات الطوارئ (٩١١) من المكالمة الكاملة التي أجرتها ساندرا وقت الحادثة .

الترجمة

الطوارئ: ..
ساندرا: أرسلوا الشرطة .. أرسلوا الشرطة ( فزعة و زعيق الشمبانزي الهائج يُسمع في الخلفية )

الطوارئ : ما المشكلة هناك ؟
ساندرا :  الشمبانزي قتل ص .. صديقتي ( فزعة )

الطوارئ : ما المشكلة مع صديقكِ ؟ أريد أن أعرف
ساندرا : أرسل الشرطة ، مع مسدس .. مع مسدس .. لقد مزق وجهها  !!

الطوارئ : مزّق وجهها؟!؟
ساندرا : إنه يحاول مهاجمتي.. أرجوكم !! أرجوكم !!

الطوارئ: أريدك أن تهدئي قليلا ، إنهم قادمون
ساندرا : أرجوكم أسرعوا .. إنه يقتل صديقتي

الطوارئ: ( يوجه تعليماته إلى فرقة الاستجابة )
ساندرا : أسرعوا !!

الطوارئ: إنهم قادمون ، لكن أنا بحاجة لمعلومات إضافية ، من هو الذي يفعل هذا ؟
ساندرا: ( أرسلوا الشرطة ) مع مسدس

الطوارئ: من الذي لديه مسدس!
ساندرا : لا.. (قصدت) أحضروا معكم مسدسات.. يجب أن تقتلوا هذا الشمب.. الشمبانزي ( بأنفاس متلاحقة )

الطوارئ : ما المشكلة هناك؟
ساندرا : أسرعوا (تصرخ فيهم )

الطوارئ : أنا أحاول التحدث معك ، أريدك أن تهدئي، لماذا تريدين أن نحضر هناك؟
ساندرا: لماذا؟ ربي ساعدني (بصوت مرتجف)

الطوارئ: ما المشكلة هناك؟
ساندرا: إنه يقتل صديقتي

الطوارئ : من هو الذي يقتل صديقتكِ؟
ساندرا : الشمبانزي.. الشمبانزي الخاص بي

( جزء آخر من المكالمة )

الطوارئ : ..
ساندرا: إنها ميتة!! إنها ميتة!! ( بصوت جاف ويائس )

الطوارئ : ما الذي يدعوك لتقولي أنها ميتة؟
ساندرا : لقد مزّقها

الطوارئ : مزّق ماذا؟ وجهها؟
ساندرا : بل كل شيء !!

لكن لماذا هاجم ترافيس صديقة صاحبته بالرغم أنها مألوفة لديه ويعرفها جيداً ؟ فقد كانت تشارلا بالإضافة إلى كونها صديقة مقربة لساندرا هيرولد ، كانت أيضاً تعمل في شركة ألعاب الأطفال المملوكة من قبل عائلة هيرولد نفسها ، و كان ترافيس منذ طفولته يلعب بألعاب الشركة كطفل صغير من أجل الدعاية من جهة و كرعاية حقيقية تبنتها عائلة هيرولد لهذا الشمبانزي منذ كان في عمر ثلاثة أيام عندما فقد أمه ، و علاقته مع تشارلا كانت علاقة رعاية واهتمام قديمة ، الحقيقة أنه في يوم الحادثة خرج ترافيس خارج البيت وأخذ معه مفتاح السيارة ، وفي محاولة من تشارلا للفت انتباه الشمبانزي للعودة داخل البيت أخذت لعبة من ألعابه ولوحت بها كما تفعل الأم لإغراء طفلها للقدوم نحوها ، لكن ترافيس هاج مثل حيوان يحاول الدفاع عن منطقته ، فاللعبة التي في يدها هي لعبته هو ، رجع ترافيس في هياج وهجم على تشارلا ومزّقها بكل معنى الكلمة .

إتصال و مأساة: صراخ الحياة
تشارلا ناش اليوم

يقال بأن تشارلا كانت ترتدي باروكة شعر مختلفة وقت الحادثة ، ولعل ترافيس لم يتعرف عليها ، لكن هذا الطرح ضعيف إذ أن ترافيس كان ذكياً كفاية ليعرف تشارلا ، فقط جمعتهم علاقة طويلة ، إضافة إلى أن ترافيس كان في البيت معها ومع ساندرا قبل لحظات من أخذه مفتاح السيارة والخروج ، السبب الأكثر ترجيحاً هو أن ساندرا كان تحرص على إعطاء ترافيس عقار مهدئ من نوع (Xanax) للسيطرة على نوبات الهلع والغضب والمزاج المتقلب الذي تعاني منه قرود الشمبانزي على وجه الخصوص ، و هذا ما أثبته الطب الشرعي بعد تشريح جثة ترافيس ، بعد ذلك. يقال أن الاستمرار في تعاطي هذا النوع من المهدئات قد يتسبب في ردّات فعل عكسية ، فيثور الحيوان بصورة متطرفة ومفاجئة ، وهذا يعد أحد التفسيرات المقنعة لهذه الحادثة ، وقد اعترفت صاحبته ساندرا بإعطائه العقار المهدئ مع الشاي في يوم الحادثة .

على المستوى الجيني ، قرود الشمبانزي لا تختلف عن البشر إلا في ٢٪ فقط ، غير أن قوة قرود الشمبانزي بقوة أربعة أو خمسة رجال ، فهي فعلاً حيوانات قوية وسريعة ، هناك على الأقل ستة حوادث موثقة عن التهام قرود الشمبانزي للبشر ، فهذه القرود لاحمة وليست نباتية صرف كما قد يظن البعض ، فهي تتغذى على لحم السعادين بالإضافة إلى الحبوب والنباتات والحشرات ، وكثيراً ما تهاجم قرود الشمبانزي في أوغندا أطفال البشر ظناً منها أنهم سعادين .

٢.  ضحية عنف أسري

إتصال و مأساة: صراخ الحياة
شهدت مراراً أمها البائسة و هي
تُضرب بعنف من قبل زوج أمها

قد نعذر الحيوانات على ردّات فعلها الشاذة والمفاجئة اتجاه أصحابها ، فهي في النهاية دابة تتحكم بها غرائزها وفطرتها الحيوانية في الدفاع عن نفسها و منطقتها ، لكن ماذا عن البشر ؟ ماذا عن أقرب الناس إلينا ؟ كيف هو الحال عندما يدخل الوالدان في صراعٍ جسديٍ مستميتٍ أمام عيون أطفالهم الخائفة من هول الموقف ؟ العنف الأسري بين الوالدين هو من الظواهر القاتلة لشخصية الأطفال ومستقبلهم ، فغالباً ما يورّث هذا العنف الأسري من الآباء للأبناء عبر حلقة متواصلة من البؤس والضياع والذي يكون في الغالب سبباً للإجرام و الانتحار . ليزا فلُويد ( ٦سنوات – وقت الحادثة ) هي من ضحايا العنف الأسري ،  فقد شهدت مراراً أمها البائسة و هي تُضرب بعنف من قبل زوج أمها ، واتصلت ليزا عشرات المرات بمركز الطوارئ (٩١١) لإنقاذ أمها من موقفها المتكرر ، تقول ليزا عندما استمعت لأول مرة لمقطع الاتصال بعد سنين والذي أصبح أحد أشهر الوسائل لتوعية العامة بالتأثيرات السلبية للعنف الأسري على شخصية الأطفال ، تقول ليزا : ( أي طفولة كانت طفولتي ؟ دماء على الجدران وعراك في المطبخ ، و الإهانة والخيانة هو ما كانت تتلقاه أمي دائماً، وكنّا أنا وأخوتي نعيش في رعب متواصل ، واتصلتُ بالطوارئ مراراً و حضرت الشرطة مرّات عديدة ولكن كل شيء بقي على حاله ) .. عاشت ليزا بدورها نفس الحلقة من العنف والإذلال والخيانة بشكل متكرر من علاقة ظنت أنها مخرج من أزمتها الأولى في بيت والديها ، المقطع الصوتي يظهر تماماً مشاعر الخوف الذي عاشته ليزا في طفولتها ، إليك المقطع والترجمة .

الترجمة

تمهيد: ٢١ سبتمبر ١٩٩١، الوقت:٢٢:٣٠

الطوارئ : ما هي الحالة الطارئة (عندكم)؟
ليزا : أسرعوا !! ( تبكي )

الطوارئ : ما هي الحالة الطارئة (عندكم)؟
ليزا : حسناً، ماما وبابا يتعاركان ( تبكي )

الطوارئ : هل يضربها ؟
ليزا : ( تصيح )

الطوارئ :   …
ليزا : (تناديها أمها) ماذا ( يا أمي)؟

الطوارئ : ..
ليزا : (تطلب منها والدتها إغلاق سماعة الهاتف) أنا أتكلم مع الشرطة ماما..

الطوارئ : ..
ليزا : (ثم توجه ليزا كلامها لزوج أمها السكران) توقف ! ماما!

الطوارئ : ..
ليزا : (توجه كلامها لزوج أمها الذي يبدو أن يحاول التوجه لأخيها الصغير) توقف! اترك الطفل!

الطوارئ : ..
ليزا : (ما زالت توجه كلامها لزوج أمها) توقف! إنه يؤذي الطفل، توقف!

الطوارئ : ..
ليزا : هل ممكن من فضلكم أن ترسلوا الشرطة ( إلى هنا )

الطوارئ : حسناً سنكون هناك ، من أخذ الطفل؟
ليزا : ( توجه كلامها لزوج أمها وتصيح ) توقف !

الطوارئ : ..
ليزا : ( تصيح بلوعة وكلامها موجه لزوج أمها ) فقط .. فقط .. (تتنهد) اخرس!

الطوارئ : دعيني أتكلم مع .. أين أمك؟
ليزا : ماذا؟

الطوارئ : ما الذي يحدث؟
ليزا : إنهما (بابا وماما) يتعاركان بسبب.. هذا الوضع يتكرر مراراً ، هم على هذا الحال دائماً ، لأنه (زوج أمها) يذهب للحانة ودائما يشرب (الكحول) هناك ويأتي إلينا سكران، وأمي ..

الطوارئ : (مقاطعة) ما اسمه؟ ما اسمه؟ ما اسم أبيكِ؟
ليزا : بيير

الطوارئ : بيير؟
ليزا : نعم

الطوارئ : هل هو أسود البشرة أم أبيض أم أسباني؟
ليزا : أسود البشرة

الطوارئ : هل هو أبوك؟
ليزا : إنه زوج أمي

الطوارئ : حسناً، كم عمره؟
ليزا : لا أعرف

الطوارئ : هل معه سلاح (في يده)؟
ليزا : لا، لكنه يؤذي أمي، إنه يمكن أن (…) أمي (تصيح )

الطوارئ : حسناً، لا تبكي ، سنرسل (إليكم) الشرطة
ليزا : حسناً

الطوارئ : حسناً، أين.. أين هي أمك الآن؟
ليزا : أنها في الغرفة تتعارك معه (تتنهد )

الطوارئ : حسناً، الطفلة هي أختك؟
ليزا : لا، إنه أخي الصغير، مولود حديثاً

الطوارئ : حسناً، هل (زوج أمك) يحاول أخذ أخاك الصغير؟
ليزا : نعم ، لأنه سكران ويعتقد بأن أمي سكرانة مثله ، إنه لا يعرف شيئا ، ولا يستطيع التحدث ، لأنه سكران ، زوج أمي سكران ( تبكي )

الطوارئ : هل ما زالا في الغرفة؟ أين هما الآن؟
ليزا : في الغرفة

الطوارئ : في غرفة النوم؟
ليزا : نعم ، وأخاف أن يؤذي الطفل بأي طريقة غريبة ، لأنهم إذا أسقطوه …  إنه حديث الولادة وبنيته ضعيفة

الطوارئ : ما تقصدين بأي طريقة غريبة؟ ماذا تعتقدين أن سيفعل به؟
ليزا : أعتقد بأن سيأخذ الطفل ويؤذيه (بطريقة ما) ..  لأنه سكران ولا يدري ما يفعل

الطوارئ : كم عمرك؟
ليزا : ست سنوات، وأختي الصغيرة أربعة سنوات

الطوارئ : عمرك ست سنوات؟
ليزا : نعم ، أنا في الصف الأول ، و أختي في الروضة

الطوارئ : حسناً، ما هو اسمك؟
ليزا : نعم ( ماذا )؟

الطوارئ : ما هو اسمك؟
ليزا : (اسمي) ليزا، وأختي اسمها دريا (تتشحرج).. عذراً

الطوارئ : حسناً
ليزا : هل ممكن أن ترسلوا الشرطة من فضلكم؟

الطوارئ : إنهم قادمون إليكم، وستكونين معي على الخط حتى تصل الشرطة إليكم، حسناً؟ هل الباب الأمامي مفتوح؟
ليزا : لا

الطوارئ : هل ممكن أن تفتحي الباب حتى تدخل الشرطة، وتعودي للهاتف مرة أخرى
ليزا : حسناً، لحظة من فضلك ( تذهب لفتح الباب وتعود )

الطوارئ : حسناً
ليزا : (تعود باكية) لقد ضرب أختي و أسقطها أرضاً

الطوارئ : أي أخت تقصدين؟
ليزا : أختي الصغيرة ( دريا )

الطوارئ : التي هي ..
ليزا : التي عمرها أربعة سنوات

الطوارئ : ما تقصدين بأنه ضربها و أسقطها؟
ليزا : دفعها وأسقطها أرضا، وهي تبكي الآن ، (تبكي ليزا) أتمنى حقاً أن يتوقف عن فعل ذلك ، لقد صفع بيير أمي (كذلك )

الطوارئ : في أي غرفة هما الآن؟
ليزا : اسم أمي (سندي )

الطوارئ : حسناً.. في أي غرفة هما الآن؟
ليزا : غرفة النوم

الطوارئ : في غرفة النوم أو الغرفة الخلفية (تستفسر لتداخل اللفظ )
ليزا : غرفة ال.. (ثم تصرخ بعدها ليزا صراخاً عالياً) رباااه !!!

الطوارئ : ما الذي يحدث؟
ليزا : يحدث شيء ما الآن (تبكي) .. أرسلوا الشرطة من فضلكم ، انتظري لحظة من فضلك ، أريد أن اعرف ما الذي يحدث ..

الطوارئ : حسناً، الشرطة في طريقها إليكم، حسناً؟
ليزا : …

الطوارئ : مرحبااا ؟!؟
ليزا : …

الطوارئ : ليزا ؟!؟
ليزا : (ضوضاء في الخلفية) .. زوج أمي أخذ الطفل الصغير الآن ( تبكي )

الطوارئ : أخذ الطفل؟ أين هو الآن (زوج أمك)؟
ليزا : ماذا ؟

الطوارئ : ليزا ، أين هو الآن ( زوج أمك)؟ هل ما زال في الغرفة؟
ليزا : أنه ما يزال في الغرفة وقد أخذ الطفل ، وصنع علامات حمراء على جسد أمي .. في ذقنها وعنقها (كدمات من أثر الضرب)

الطوارئ : هو فعل ماذا.. ؟
ليزا : علامات حمراء ( كدمات )

الطوارئ : أين بالضبط؟
ليزا : على الجهة اليمنى من عنقها ، لونها غامق للغاية ، أمي في طريقها للخارج .. (توجه حديثها لأمها) أمي لا تذهبِ .. (تجيب عليها أمها: اخرسِِ ) الشرطة آتية .. ( ثم تأتي الأم البائسة لإنهاء المكالمة وليزا تصرخ ).. أمي  ( ينقطع الخط )

الطوارئ : سحقاً (متأسفة من وضع الأسرة )
ليزا  : …

مؤسف حقاً وضع هذه الأسرة .. تبلغ ليزا فلُويد ٣٢ سنة الآن ( وقت كتابة المقالة ) ولكنها ما تزال تعجز عن الاستماع لهذا المقطع الصوتي الذي يعيد لها مشاعر الخوف والألم من تلك الذكريات العالقة ، يذكر أن أخوها الأكبر دخل السجن وأختها كثيراً ما تتسبب في المشاكل ، وأخوها الصغير على الأرجح ليس أفضل من حالهم ، نتيجة متوقعة من تأثير العنف الأسري على شخصية الأطفال .

3 . ضحية اغتصاب

إتصال و مأساة: صراخ الحياة
يفترس أنثى وحيدة ضعيفة وخائفة

الأخطار تأتي من داخل البيت وخارجه ، فقد يكون الخطر على هيئة وحش آدمي يدخل بيوت الناس ليلاً في خلسة ، لا ليأكل ويسرق ويشبع فضوله و يذهب ، و لكن لكي يفترس أنثى وحيدة ضعيفة وخائفة تتصل بالطوارئ بيأس في اللحظات الأخيرة طالبة النجدة ، كحال ( كيرن ) المجهولة التي اتصلت بمركز الشرطة لطلب النجدة من دخيل دخل بيتها وافترشها بعد أن أغلق سماعة الهاتف في وجه موظف الطوارئ وصرخات كيرن اليائسة كانت ما تزال تُسمع ( لماذاا؟.. لماذا أنت هنا؟؟ لماذاا؟؟)، لا أحد يعرف من هي كيرن هذه إلا في أرشيف سجلات الشرطة ربما ، فالمقطع هذا قديم ، إليك المقطع والترجمة .

الترجمة

الطوارئ : هنا مركز الشرطة
كيرن : رجل يحاول اقتحام مسكني ، لا أعرف من هو .. وهو يطلب مني أن افتح له الباب ( بأنفاس متلاحقة )

الطوارئ : هو يفعل ماذا.. ؟
كيرن: إنه يقتحم المنزل (عبر الباب )

الطوارئ: ما هو عنوانك؟
كيرن: (محذوف )

الطوارئ : ما هو اسمك؟
كيرن: كيرن

الطوارئ : كيرن ، أريد منك أن تظلي على الخط
كيرن : حسناً

الطوارئ : أين أنتِ الآن ؟
كيرن : لقد أقفلت الباب الأمامي ،  و أنا في غرفة نومي في الطابق العلوي

الطوارئ : هل معكِ أحد؟
كيرن: لا .. فقط معي طفلي

الطوارئ : كيرن، هل ما زلت معي على الخط؟
كيرن: (لحظة صمت قصيرة) إنه داخل البيت الآن ، لقد اقتحم البيت (بأنفاس متلاحقة)

الطوارئ: داخل البيت؟
كيرن: .. ( تنصت )

الطوارئ : كيرن، هل ما زلت معي على الخط؟
كيرن: نعم (صوت في الخلفية يأمرها أن تفتح الباب )

الطوارئ: أقفلي الباب بالمفتاح ثم ارجعي للهاتف
كيرن: إنه خلف الباب (خائفة )

الطوارئ : ماذا؟
كيرن: إنه خلف الباب.. إنه هنا !! إنه هنا !! (بصوت مخنوق ومؤثر )

الطوارئ : هل ما زلتِ معي؟
كيرن: نعم

الطوارئ: اخبريه بأن الشرطة على الجانب الآخر من الهاتف
كيرن: (توجه كيرن حديثها للمقتحم) الشرطة على الجانب الآخر من الهاتف.. من أنت؟ لماذا أنت هنا؟ (تبكي بخوف )

الطوارئ : ..
كيرن : الشرطة على الجانب الآخر من الهاتف.. الشرطة على الهاتف.

الطوارئ : ..
كيرن : لماذا أنت هنا؟ لماذا أنت هنا؟ (خائفة).. لماذا (تفعل ذلك)؟ لماذا ؟ (تبكي بلوعة مع إمكانية سماع تمزيق أقمشة )

الطوارئ : كيرن؟
كيرن: (تبكي بيأس.. ثم ينقطع الخط )

استخدمت المغنية الأمريكية (ليزا روث جيرمانو) مقطع الاتصال هذا ضمن أغنيتها الحزينة (السيكوباتي) في تناغم مؤثر ومحزن ، كيرن هي واحدة من آلاف ضحايا الاغتصاب حول العالم التي تحدث حتى أثناء قراءتك لهذه السطور ، وأثره الأليم يبقي في النفس للأبد ، وكثير من حالات الاغتصاب لا يبلّغ عنها بسبب الخوف من الفضيحة ، وهي ظاهرة عالمية بالمناسبة ، ففي أمريكا أكثر ٦٠٪ من الحالات لا يتم التبليغ عنها .

إذا أردت الاستماع للاغنية اضغط هنا

٤ . ضحية دخيل منتشي

إتصال و مأساة: صراخ الحياة
من اليمين صورة منزل دونا جاكسون و من اليسار المقتحم بيلي رايلي

ربما كيرن لم تكن تملك السلاح للدفاع عن نفسها ، لكن العجوز دونا جاكسون (٥٧ سنة – ووقت الحادثة في ٢٠٠٩ م ) من بلدة لنكلن (أوكلاهوما) كانت تملك سلاحاً نارياً عندما اقتحم دخيل بيتها في منتصف الليل ، لعشر دقائق متواصلة كان الرجل يصرخ ويهدد ويحاول فتح الباب عنوة و استعمل طاولة الشاي في الخارج أخيراً لكسر الباب الزجاجي ، كانت دونا تتحدث مع مركز الطوارئ ، وكانت خائفة ومترددة ، لكنها اضطرت لإطلاق النار بعد دخول الرجل لبيتها من الباب المكسور ، إليك مقتطفات من المقطع الصوتي بحسب ما نشرته قناة أخبار التاسعة في أوكلاهوما ( بإمكانك الاستماع للمقطع الكامل على اليوتيوب ، اضغط  هنا )

الترجمة

المذيع : امرأة وحيدة تعيش في بيتها القروي اضطرت للتصدي لشخص حاول اقتحام منزلها
المذيعة : وعندها كان الموقف العصيب .. مبعوثتنا جاكلين جاءت للتو من بلدة لنكلن ( أوكلاهوما) وعادت إلينا بالخبر .. جاكلين!

جاكلين : نعم ” أماندا ” و ” كلي ” (المذيعان) لنحو عشرين دقيقة من اتصال مروّع يمكننا سماع (دونا جاكسون) خائفة على حياتها من شخص اقتحم منزلها .. لقد أخبرونا بأن الرجل كان يصرخ عليها ويهددها بالاعتداء عليها.

( مقطع من اتصال دونا بالطوارئ )
دونا : عليهم (أي الشرطة) أن يسرعوا .. هذا الرجل سيكسر الباب ويدخل .. وإذا دخل فأنا مضطرة لقتله سيدتي (موظفة الطوارئ) ، وأنا لا أريد فعل ذلك ..

التقرير : كان هذا هو اتصال دونا جاكسون لمركز الطوارئ (٩١١) في منتصف الليل ، عندما حاول هذا الرجل ( بيلي رايلي) اقتحام منزلها القروي .. (أصوات ضوضاء محاولة الاقتحام) وعندها كانت العجوز تحاول الحفاظ على رباطة جأشها ، وعلى الطرف الآخر كان فريق الطوارئ يحاول مساعدتها

موظفة الطوارئ : كانت تتوسل و مترددة ، قالت بأنها لا يجب عليها أن تطلق النار عليه..

( مقطع من اتصال دونا بالطوارئ )
الطوارئ: هل تفهمين شيئا مما يقول ( الرجل )
دونا : لا ..  يبدو أنه معتوه

التقرير : لنحو عشر دقائق استمر بيلي رايلي ( المقتحم ) في قرع الباب والصراخ و الشتم و يهدد المرأة ( دونا )

موظفة الطوارئ : استطعت أن أسمع الرجل يضرب الباب ويصرخ .. كنت خائفة عليها ( على دونا )

التقرير : استمعوا ( لهذه الضوضاء) عندما كسّر الرجل النوافذ بداية باستخدام الكرسي ، ومن ثم بطاولة الشاي (ضوضاء الحادثة)

( مقطع من اتصال دونا بالطوارئ )
الطوارئ : سيدتي؟
دونا : أسرعوا .. لطفك يا ربي .. لم أطلق النار بعد .. أسرعوا .. هل يمكنكم ( ضوضاء – ربما في هذه اللحظة اقتحم الرجل المنزل ) .. ( إطلاق نار )

الطوارئ : يا إلهي !!
دونا : ..

التقرير : عند هذه اللحظة أطلقت ( دونا ) النار على الرجل وقتلته

( مقطع من اتصال دونا بالطوارئ )
الطوارئ : ..
دونا : لقد أطلقت عليه النار .. سأخرج للخارج .. لقد أصبته .. ربي ساعدني ( نادمة ) .. يا ربي ساعدني ، أعتقد بأني قتلته .. رب السماوات ، ربي ساعدني ( نادمة لكنها مضطرة )

موظفة الطوارئ : (ضمن التقرير) كانت أفظع لحظة بالنسبة لي عندما استمعت إلى صلواتها وتوسلاتها للغفران (كونها نادمة على قتل الرجل) .. كونك تخوض لحظة صعبة وتجد نفسك مضطر لاتخاذ قرارات صعبة

جاكلين : نتفهم وضع العائلة التي رفضت التعليق على هذه الحادثة الآن .. ضابط الشرطة أخبرنا بأن بيلي رايلي ممكن أن يكون تحت تأثير المخدرات أو الكحول وقت الحادثة بحكم سوابقه في تعاطي المخدرات والكحول .. أماندا

المذيعة : ( أماندا ) إنه لموقف صعب حقاً ، أشكرك جاكلين .. ضابط الشرطة أخبرنا أيضاً أن التحقيقات جارية في هذه القضية و كل التفاصيل سترسل مباشرة للإدعاء العام بالولاية ، وحينها سيتم الفصل فيما إذا كانت هناك تبعات قانونية خلف هذه الحادثة ، قانونيا كان لدى دونا جاكسون الحق في الدفاع عن النفس في هذه القضية .

ختاماً

هل كان لدى العجوز دونا جاكسون خيار آخر غير قتل الدخيل دفاعاً عن النفس ؟ سنويا هناك نحو ٢٥٠ إلى ٣٠٠ حالة قتل تحت ذريعة الدفاع عن النفس باستخدام الأسلحة النارية في بلد يحوي نحو ٣٠٠ مليون قطعة سلاح أي نحو سلاح لكل مواطن ، هناك جدل كبير في أمريكا بخصوص قوانين تملك الأسلحة وخصوصاً أنها السبب في أكثر من ٨ آلاف جريمة قتل ، وأكثر من ٢٠ ألف جريمة انتحار و أكثر من ٥٠٠ حالة قتل غير متعمدة سنوياً .. الثمن باهظ و لكن ماذا بيد الضعفاء للدفاع عن أنفسهم ؟

مصادر

 Travis (chimpanzee) – Wikipedia
lisas-story – cdv
Breaking the Cycle of Domestic Violence
Woman Shoots, Kills Intruder in Lincoln County

 

تاريخ النشر : 2016-06-30

guest
70 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى