تجارب من واقع الحياة

أين أنت يا أبي

بقلم : سامية المغرب – المغرب
للتواصل : [email protected]

أين أنت يا أبي
لم يقهرني شيء سوى غياب والدي … أين أنت يا أبي ؟

السلام عليكم .. أرجو المعذرة فأنا سأطيل بكلامي فقلبي سينفجر ، و ليس لي ملاذ غير موقع كابوس ، فهنا لا يعرفني أحد ، و لأول مرة أستطيع أن أتكلم و أبوح بما يمزق قلبي ..

ولدت لأسرة ميسورة الحال ، أب و أم و ثلاث بناتٍ أنا أصغرهن ..
تزوجت أختي الكبرى و أنا ابنة 10سنين ، و كحال آخر العنقود فقد كنت الأقرب لأبي ، أنا من النوع المنطوي ، لا يوجد أي حوارٍ بيني وبين أمي ، لا أذكر مرة أنها حضنتني أو قبلتني ..

فقدت أبي بسبب السرطان في سن الحادية عشر ، بكيت و في نفس اليوم لعبت غميضة مع أبناء عائلتي ، فلم أشعر بحجم المصيبة ، لم أحس باليتم ساعتها .
أعيش في البيت مع أمي و أختي الوسطى ، أحبهما لكن كنت دائماً تلك البنت المنعزلة ، علاقتي مع أمي ليست كعلاقة أختي بها ، لدرجة أني أحسست أني لست ابنتها .

كنت دائماً من الأوائل في الدراسة ، لكن لم أرَ يوماً فرحةً أو تقديراً من أمي لنجاحي أو لتفوقي ، كنت أحس أني مذنبة طوال الوقت ، لا أعرف لماذا ؟!
فرق العمر بيني و بين أختي 6 سنوات ، و كلما حصلت خناقة بيننا تتدخل أمي لصالح أختي دون معرفة سبب الخناق من الاصل ! أحاول أن أتذكر فقط مرة واحدة أنصفتني أمي بها لكني والله لا أذكر ، دائماً هي في صف الغريب ضدي ، مع أني و الله و الله أحبها ..

مرت الأيام و أنا أبحث عن سندٍ لي كأبي ، عن أحد ينصفني و أهرب من واقعي إليه ، تعرفت على شاب ، أحببنا بعض كثيراً ، و عارضت أمي و أختي هذا الحب لأن الشاب كان فقيراً ، لكني وقفت إلى جانبه ضد الكل ، دافعت عن أبي الثاني بكل شراسة ، وقفت بجانبه ضد الأيام حتى حسن حاله و مرت 6 سنوات على حبنا تكللت بالخطوبة .

و ها أنا أعاني كل ليلة من الخوف .. الخوف من الغد .
أمي ترفض أن تتكلف بمصاريف عرسي مع أنها أعطت أختي منذ 3 أشهر فقط نقوداً كثيرة لتساعدها على شراء منزل ، مع أني أقسم بالله متأكدة لو طلبت أختي مصاريف لعرسها لأعطتها بنفسٍ طيبة ..
لم أهتم أبدا حينما أعطتها ، فلا مانع لدي أن تساعدها ، لكن لا يمكن أن أصف لكم مقدار الألم الذي أحسست به حينما قالت لي أنا .. لا

مع أني أحتاج أقل من المبلغ الذي أخذته أختي بأربع مرات ، و أنا أعرف أن أمي ميسورة الحال ، و لو أرادت لأعطتني .
أنا و الله عمري ما بخلت على أمي بشيء ، اشتغلت لفترة و كنت أعطيها أكثر من نصف راتبي لأنال رضاها ، و الغريب في الأمر هو أن أختي لا تحترمها ، و كم مرة أبكتها و قالت لها لو متِّ أنت و بقي أبي كان أحسن !! و كان يوجعني قلبي على أمي حينما أسمع أختي تقول مثل هذا الكلام ..
و الحقيقة تقال .. عمري لم أطلب منها دواء أو كتب أو طعام إلا و لبت ، لكن غير هذا لا .. فبيننا جفاف مشاعر ، و الله لا أعرف ما هو ذنبي ؟!

خطيبي يعرف وضعي ، و قال لي أنه سيساعدني بأكثر من نصف المبلغ الذي سيتطلبه العرس ، أصبحت أخجل أمام عائلة خطيبي ، انتهت قائمة أعذاري في تأجيل العرس ، من أين آتي بالباقي و أمي ترفض ، مع أنه في بلدنا عائلة العروس من تتكلف بالعرس ، أخاف من كلام الناس ، سيتكلمون و لن يرحموني إذا تزوجت بدون عرس ..

و الآن و بعد مرور 9 سنين على موت أبي تمنيت وجوده ، و كم مرة حسدت أختي الكبرى لزواجها في ظله ، و ذهابها لبيت زوجها و هي شامخة الرأس بعرس محترم ..
أين أنت يا أبي ؟ .. أصبحت أحسد كل من لها أب ، لا أقدر منع نفسي من الغيرة حينما أرى صديقاتي مع آبائهن ، و أقول لأي واحد يقرأ كلماتي .. حتى لو كان طبع أبيك صعب ، أو كانت هناك مشاكل بينكما إحمد ربك و استغل وجوده ، فغيرك يتمنى فقط نظرة من أبيه و لا يجدها ..

انقهرت و قلبي ضاق ، أحس بأني لوحدي ، و تعبت ..
آه لو أن أبي لازال على قيد الحياة لكانت تغيرت كثيرٍ من الأشياء …
و الله قلبي سينفجر .. ادعوا لي أرجوكم ، و الله مقهورة و أبكي كل ليلة ، الله وحده عالم بحالي ، لم يقهرني شيء سوى غياب والدي ، فقدت والدي و أنا بعمر 11 ، و فقدت مشاعر و حنان أمي منذ نعومة أظفاري ، و الحمد لله على كل حال .

تاريخ النشر : 2016-08-04

guest
34 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى