أدب الرعب والعام

لعنة قلم ج2

بقلم : شيطانة منتصف الليل – كوكب الظلام

وجدت نفسي قد انجذبت للقلم بطريقة عجيبة !

بعد سطوع ضوء القمر و ظهور ذلك الكلام حقاً تفاجأت كثيراً ، ما معناه و لماذا مكتوب بطريقة خفية هكذا ؟! لكني انجذبت إلى القلم بطريقة عجيبة جداً ، بحيث أن هناك شيء بداخلي يجبرني على الكتابة به !!
أمسكت به و رحت أكتب و لم ألحظ الوقت حتى انتيهت و نظرت إلى الساعة فوجدتها الثالثة فجراً ! حقاً أمر عجيب ، منذ قليل كانت تشير إلى الساعة العاشرة ؟! ربما تعطلت و لم انتبه .

خرجت إلى الصالة فرأيت الساعة تشير إلى الثالثة فجراً ، ماذا يحصل لساعات بيتنا !! أمر غريب ، هل حقاً بقيت أكتب لست ساعات متواصلة ؟! جلست على فراشي بعد أن رتبته ، و وضعت القلم في علبته لكي لا ينكسر و بجانبه دفتري الذي أدوّن به القصص و نمت … بعد لحظات استيقظت على صوت غريب كأنه مجموعة أناس يتكلمون و صخب أواني و ما إلى ذلك ، نظرت إلى الساعة رأيتها السادسة صباحاً ! تساءلت هل يعقل أن يأتي إلينا ضيوف في السادسة صباحاً ؟!
خرجت من غرفتي لأرى ممر طويل ، ماهذا ؟ لا أتذكر أن ممر بيتنا بهذا الطول ، أخذت أمشي و أنا أرى على الحائط لوحات كانت أغلبها لشياطين ، كانت مرعبة و سوداء جداً ، غريب ! و كأنه ليس بيتنا !

وقفت عند لوحة كانت كبيرة جداً و فيها شيطان عملاق له قرون كبيرة ، كان ضخماً و شكله بشع بكل معنى الكلمة ، شعرت بالخوف فقررت أن أخرج من هنا بأي ثمن ، لمحت بابنا الذي يؤدي للحديقة ، ذهبت باتجاهه مسرعة و عندها أمسك بي شيء ، إنها أغصان شجرة و من أين ؟! .. من لوحة بجانب الباب ، ماذا يحدث ..لوحة تتحول لحقيقة ! أمسكت الشجرة بي بقوة وتشكلت على هيئة قفص ، بحثت في جيبي عن أي شيء لكن لم يكن معي أي شيء لينقذني ، فبدأت أبعد الأغصان بيدي و كسرتها و استطعت الهروب بعد جهد ، و رحت أركض بأرجاء البيت الذي أصبح واسعاً بشكل غريب جداً ، و أصبحت اللوحات كلها حية ، فكل الشياطين خرجت من لوحاتها و ظلت تطاردني .

هربت منهم و دخلت بإحدى اللوحات التي كانت عبارة عن قصر ، مشيت بأرجائه ثم خرجت منه لا أعرف إلى أين ، فهاجمتني خفافيش عملاقة فركضت مبتعدة عنها لكنها لحقت بي فلم يكن أمامي إلا التعلق بإحداها فطار بي عالياً و سقطت بعدها في مقبرة ، لم أستطع الحركة فقد امتدت من العدم يدان سوداوان و شدتني نحو الأسفل لأرى نفسي في مكان واسع و موحش ، و حولي أناس ضخام جداً و مرعبين ، هربت منهم لكني لم استطع ففد أحاطوا بي من كل اتجاه و ربوطوني و أخذوني إلى سفح جبل بركاني ، و كان يمسكني شيطان عتيد جداً قال :
أنت قربان للشيطان … رموني في النار و صرخت بشدة و وجدت نفسي أسقط من على السرير .

جاء والداي عندما سمعا صراخي ، فهدأتني أمي ، و أبي لامني قائلاً :
– كل هذا بسبب قصص الرعب التي تكتبينها ، لو كنت تكتبين شيئاً أخر لكان أفضل ..
أجبته بعد أن هدأت قليلاً :
– أبي القصص التي أكتبها ليس لها علاقة أبداً
– بلى يا ابنتي ، إنها هي السبب .. ما الفائدة من الكتابة عن الجن و الشياطين و هذه المخلوقات ؟ عليك أن تتوقفي عن الكتابة عنها ، إن ظللت هكذا سوف تجنين يوماً ما ، و سيكون مكانك هو مستشفى الأمراض العقلية .
و خرج من الغرفة و بقيت معي أمي .. لم أستطع معاودة النوم بعد هذا الكابوس المرعب ، و في الصباح بعد أن انهيت فطوري خرجت إلى الحديقة و معي دفتري الذي أكتب به ، فتحته لأراجع ما كتبته أمس و هنا كانت الصدمة …

فكل ما رأيته بالحلم مكتوب هنا ! حقاً إنها صدفة غريبة جداً عندها اتصلت بزينة و طلبت منها المجيء ، و عندما جاءت قلت لها :
– زينة .. هذا القلم الذي أهديتني إياه ؟ إنه يبدو مسحوراً
عندها أجابت بانزعاج :
– ماذا تقولين ديفان ؟ هل تقصدين أنني عملت لك سحر ؟! أنا صديقتك كيف تشكين بي ؟
شعرت بالأسى فأنا أتهم صديقتي توئم روحي بأنها لعنتني :
– زينة حقاً لم أقصد ذلك ، ابقي اليوم عندي ، سوف ننتظر حتى الليل و نضع القلم تحت ضوء القمر و نرى إن كانت الكلمات ستظهر ، أكيد هناك سبب ..
و فعلا انتظرنا لليل و كان القمر بدراً والسماء صافية ففتحت النافذة و وضعت القلم مواجهاً للضوء لكن صدمتي أن لم يظهر أي شيء !! كان مجرد خشب عادي أسود اللون .
نظرت زينة إلي بانزعاج و قالت :
– أين تلك الكتابة ؟ قلت لك من البداية أن قصصك هذه تؤثر على دماغك
– أنا حقاً انصدمت ، الكتابة البارحة رأيتها .. أنا متاكدة زينة و لا أمزح و أيضاً لست أتوهم
نظرت إلي و قالت :
– لا فعلاً أنت جننتِ ، والدكِ محق عندما عاتبك و طلب منك التوقف عن كتابة قصص الرعب .. و بعدها رحلت

لم أجد أمامي سوى الذهاب لأختي الكبرى” دينا ” مع العلم أنه لم يسبق لي أن طلبت مساعدتها أو نصحها ، و لكنها بالنهاية أختي الكبيرة .
ذهبت اليها و طرقت الباب ، فسمحت لي بالدخول ، كنت مترددة لأني لست معتادة على طلب المساعدة من أحد . بقيت أختي صامتة إلى أن انهيت كلامي عندها قالت لي :
– ربما أنت متوهمة …
ثم نظرت إلي بابتسامة و أكملت :
– أنا أيضاً جربت مرة أن أكتب قصة رعب و حلمت بتفاصيلها لذا عزيزتي لا تهتمي كثيراً .. ما حدث معك كان صدفة .
خرجت من عندها و أنا أحسها قد قالت لي ذاك الكلام فقط حتى تطمئني .

في اليوم التالي كنت أكمل كتابة قصتي فدخلت علي أمي و قالت :
– صديقتك على الباب ..
فرحت و نزلت بسرعة ظناً مني بأنها زينة ، لكن للأسف كانت لجين ..
أدخلتها و قمت معها بواجب الضيافة ، حقاً كنت مستغربة ! ما الذي جاء بهذه المخلوقة إلى هنا ؟! لاحظت أنها كانت تحدق بي باستمرار ، ثم قالت :
– لقد ازدتِ جمالاً ديفان ، و حتماً زادت موهبتك في الكتابة
أجبتها بتوتر :
– نعم .. لكن كيف استطعتِ المجيء ؟ فمنزلي بعيد عنكِ
– لقد أصبحنا جيران ..
صدمت عندما علمت بذلك ، إذاً أصبح بيتها مقابلاً لبيتي ، لم أعد أستطيع التهرب منها ، طلبت المبيت عندي فلم أستطع الرفض ، كانت الفتاة مصرة على قرارها .
و عندما حل الليل و صعدنا إلى غرفتي بعد العشاء ، طلبت مني أن أقص عليها بعضاً من قصصي و أنا بصراحة لم أستطع تجاهل شكلها المرعب .
سألتني عن هديتها و إن كانت أعجبتني و في هذه اللحظة ندهت عليَّ أختي فخرجت من الغرفة تاركةً لجين لوحدها ، و عندما عدت وجدت لجين ممسكة بالقلم الذي كنت قد نسيته على الطاولة ، و كأني لمحتها تتكلم بشيء و هي تمسح ببدها على القلم بشكل مريب ، اندفعت إليها و سحبت القلم منها :
– إنه هدية من صديقتي و أنا أحب المحافظة عليه
– هل تستعملينه
– لا .. إنه مجرد هدية ، لا أعرف لمَ كذبت عليها !!

رحلت لجين في الصباح الباكر ، و في ذلك اليوم لم أرغب بكتابة شيء فخرجت إلى الحديقة و أخذت عدة الرسم -التي جلبتها لجين – معي .. لم أكن أفكر ماذا سأرسم ، و فجأة غبت عن الوعي قليلاً ، و عندما عدت إلى رشدي و جدت أختي و اقفة بجانبي و هي تقول :
– رائعة .. فعلاً تطورت مواهبكِ في الرسم .
نظرت إليها باستغراب ثم التفت خلفي لأجد لوحةً عجيبةً ، كانت عبارة عن امرأة نصفها أحمر و الثاني أزرق ، لها قرن واحد و جناح واحد ، و تلبس فستان مفتوح بلونين أبيض و أسود ، و تحمل وعائين .. حيث حركة يدها تشبه الميزان ، واحد يحتوي على ذهب و أحجار كريمة و الآخر جمجمة و بها دماء .

انصدمت .. من رسم هذه اللوحة ؟؟ رحلت أختي و هي تقول :
– واصلي حبيبتي ، لعل يوماً ما تصبحين مشهورة .
الذي أخافتي أن المرأة في اللوحة كانت بعين كبيرة بمنتصف جبهتها و تلبس تاج كبير ، بصراحة فزعت كثيراً ، لم أخطط لأرسم أي شيء ، فمن رسمها ؟!
دخلت فوراً الى غرفتي و رميت اللوحة في خزانتي و أقفلت عليها ، و أيضاً رميت بالعدة كلها ، و استلقيت على سريري و استغرقت بالنوم ..
استيقظت بالليل فجأة و أخرجت القلم و جلست أكتب أحداثاً مخيفة ، ظللت أكرر اسم ” سيفدازار ” حقاً ما هذا الاسم .. و لماذا اكتبه ؟ و ظلت صورة المرأة المرسومة ماثلة بخيالي بوضوح ، تلك المرأة التي لا أعرف كيف رسمت و من الذي رسمها ..

يتبع ..

تاريخ النشر : 2016-09-01

guest
29 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى