أدب الرعب والعام

لعنة قلم ج 3

بقلم : شيطانة منتصف الليل – كوكب الظلام

كنت أريد إفلات القلم لكنه أبى أن يترك يدي

بقيت أكتب أحداثاً كثيرة أنا نفسي لم أفهمها ، و كنت أكرر فقط ” سيفدازار ” هذا الأسم لازم لساني ، كانت حالتي مرعبة ، كنت أريد إفلات القلم لكنه أبى أن يترك يدي ، كان ملتصقاً بها بشكل غريب ، استمرت حالتي هذه لفترة طويلة ، كنت أجد نفسي فجأة أستيقظ من النوم لأجلس أكتب بلا وعي ، كنت أقرأ ما أكتبه و كنت أتفاجأ كثيراً من هذه الأسماء الغريبة الموجودة و اللوحات و الصور التي أرسمها !

ضقت ذرعاً بحالتي هذه فقررت التخلص من كل شيء و أولها هذا القلم ، كنت متأكدة منذ أن أتت لجين و أمسكته و أنا أعاني من هذه الحالة الغريبة ، فتخلصت من اللوحة و رميتها في مدفأة بالقبو ، و أيضاً رميت عدة التلوين و القلم بالقمامة ، و حاولت أن أواصل حياتي بشكل طبيعي فتركت كتابة الرعب ، و عندما نمت حلمت بأنني موجودة في قصر مهجور ، و رأيت أمامي فجأة شيطان ، كان عملاقاً و يحمل سوطاً و قال لي بصوت خشن : اتبعيني .. الغريب أني التزمت بكلامه و مشيت خلفه إلى أن وصلت إلى غرفة كبيرة جداً ، و كانت أمامي تلك المرأة التي رسمتها ، كانت تجلس بنفس الوضعية التي رسمتها بها ، و تحمل الوعائين أيضاً ، ارتعبت كثيراً منها .

طلب مني الشيطان أن أذهب إليها ، فذهبت و وقفت أمامها ، كانت ضخمة أضخم من الإنسان بضعفين ، قالت :
ـ أنا آمرك بكتابة المزيد
عندها أتى شيطان بحجم الإنسان العادي و هو يحمل القلم فرفضت رفضاً قاطعاً أخذه ، لكن الشيطان الذي يحمل السوط ضربني بقوة على ظهري حتى صرخت من الألم ، كررت رفضي فعاد لضربي فاستسلمت و أخذت القلم ، و سقطت على الأرض و الدماء تخرج مني بفعل ضربته ، قال لي ذلك الشيطان بالحرف الواحد :
– أنت الآن خادمة سيفدازار الملكة العظيمة و ويل لك إن خالفتِ أوامرها .
و لطمني على وجهي فاستيقظت و أنا مرعوبة ، جاءت إلي أختي و عندما رأتني صرخت ، فأتى أبي على صوت صراخها و تفاجأ كثيراً ، فلقد رأى ظهري ينزف دماً و هناك ضربة قوية على فمي ، أخذني للمشفى بالرغم من أني أخبرته بالحقيقة إلا أنه لم يصدقني أبداً ، لا أعرف لماذا ! عندما عدت رأيت القلم و عدة التلوين موجودة ، و اللوحة معلقة بمنتصف غرفتي !!

استغربت كثيراً فأنا متأكدة بأني رميت بالقلم و عدة التلوين في القمامة ، ما الذي أعادهما ؟! أمسكت بالقلم و رميته في المدفأة لكن النار انطفأت و لم يحترق ، فأخذته و وضعته في القبو بصندوقين و أغلقت عليه ، تطور الأمر بعدها .. أي شيء أفكر فيه أراه مكتوباً ، مره قررت أن أجلس و أكتب قليلاً فجاءت أفكار مرعبة في رأسي و قبل أن أكتبها وجدتها مكتوبة بالحرف الواحد ، صرت أخاف كثيراً ، كل محاولاتي بالتخلص من القلم لم تفلح ، إلى أن بدأت أتغير كثيراً ، كنت أشعر بنفسي مجبرة على الكتابة حتى أحسست أن القلم أصبح جزءاً من يدي ، و رأيت يدي اليمنى بدأت تتغير ، فجلدها أصبح خشناً و تميل للسمرة ، و كأن هذا القلم تملكني ! أحاول آلاف المرات أن أتخلص من أفكاري السيئة و أحولها إلى أفكار جيدة لصالحي ، لكن لم أستطع ذلك .

مرت سنتين و أنا على هذه الحال ، سافرت فيهما أختي لتدرس في الخارج ، و هذا القلم فعلاً أصبح جزءاً مني ، حتى مستوى دراستي تدنى بسببه ، فقرر أبي أن يعرضني على شيخ ليعالج حالتي ، عندما رأى الشيخ القلم قال أن السحر الذي عمل به هو سحر قوي جداً جداً ، فحاول أخذ القلم مني لكنه لم يستطع ، ظل القلم ملتصقاً بيدي و كلما حاول سحبه كنت أصرخ من شدة الألم فأعادني أبي للمنزل .

خلال هذه الفترة الطويلة انقطعت زينة عن المجيء إلي و لم أعد أعرف أخبارها ، و لجين أيضاً لم تعد تأتي إلي ، كل ذلك كان بسببها ، أصبحت خطرة جداً على اللذين حولي ، لم أكن أستطيع التوقف عن الكتابة أبداً ، صارت لنا أشياء سيئة جداً ، كنت فقط أريد التوقف عن التفكير بالجن و الشياطين لكن أفكاري الجديدة تتحول ضدي ، و تؤذيني .. تصعبت حالتي كثيراً ، مر أمامي شريط رأيت فيه عمي يموت بطريقة بشعة جداً ، و فعلاً بعد يوم كامل أتى خبر لأبي بأن عمي مات بحادث مريع كما رأيته بالضبط فأدركت أن الأمر خرج عن سيطرتي .

تركت أهلي و أخذت شقة تبعد عنهم بشارعين فقط ، لكي لا أتسبب لهم بالأذى ، هدأت نفسي و خرجت إلى الشارع ذات يوم فرأيت طفلاً يلعب مع كلبه ، و أباه يجلس في الحديقة ، عندها مرت أمامي رؤية أنه ستأتي سيارة و تسحق الطفل و لن يتمكن أباه من مساعدته ، و هذا ما حصل فعلاً خلال دقائق ، فارتعبت و ركضت إلى منزلي .
أصبحت مجنونة ، فأنا محاطة بمخلوقات مرعبة جداً ، كل يوم يضربوني ، بقيت لست أسابيع على هذا الحال حتى أتى ابي و جاء الشيوخ معه ، رأوا أن الشقة مليئة بأوراق و رسومات و علامات و طلاسم حتى على الجدران ، أما أنا كانت حالتي يرثى لها ، خلال ست أسابيع فقط تسببت بمقتل العديد بغير عمد ، كانت حالتي الصحية سيئة جداً ، أخذ الشيوخ كل الأوراق و الرسومات و تمكنوا أخيراً من انتزاع القلم مني ، و بدؤوا بالقراءة و التحصين و رقيتي كل يوم لكن لم يفد ذلك بشيء ، ففي اليوم التالي رأيت نفس الكلام الذي رأيته على القلم لأول مرة كان مكتوب على جسدي كله بنفس الخط و بنفس اللون ، عندها عرفت أن سحر القلم قد أصبح في جسدي ، أخذني أبي للمشفى لعلاج حالتي الصحية لأكمل بعدها الرقية كما يجب ، لكني قلبت المشفى رأساً على عقب ، أصبحت أتفوه بتعويذة بلغة أنا نفسي لا أعرفها ، نظرت للطبيب الذي أتى لعلاجي و قلت سوف تكسر رقبتك ، و هذا ما حدث له بالفعل بعد ثواني !

هربت من المشفى بعد أن تسببت بمقتل خمس ممرضات ، و قررت قتل نفسي لأتخلص من كل شيء ، ذهبت و سرقت سكين من أحد المحلات التي تبيع مستلزمات المطبخ ، و هربت لمكان بعيد و قطعت شرياني لكن لم أشعر بأي شيء !! بقيت أخدش بنفسي و أطعن لكني لم أشعر بشيء ، لماذا ؟ ماذا يحدث ؟! بعدها أصبحت أمشي إلى أن وجدت نفسي أمام بيت ، فطرقت الباب بلا وعي لتخرج منه صديقتي زينة ، تفاجأت برؤيتي و ضمتني إليها ، بكيت كثيراً و حكيت لها كل شيء ، عندها اتصل والدها بأبي و ربطاني بعد أن وضعا لي مخدر في كأس العصير الذي شربته ، آخر ما رأيته هو صورة أبي يقول : سوف ننقذك يا ابنتي … بعدها استيقظت و رأيت أمامي ” سيفدازار ” لقد احتجزتني عندها و قالت :
– أنت ستبقين هكذا ما لم تفكي سحرك بنفسك .
بكيت و قلت لها :
– كيف ؟! أنا لا أستطيع ذلك لوحدي أبداً ، لا أستطيع التحكم بنفسي
– تستطيعين إن قتلتها ..
و نظرت لها بخوف و قلت :
– ماذا تقولين ؟ من التي يجب أن أقتلها ؟
– أقتليها و ستتحررين ، إنها …

استيقظت لأجد نفسي لازلت مربوطة ، و بدأ الشيوخ يقرؤون علي ، فغبت عن وعيي لأرى رؤى مخيفة ، فتحت عيني فوجدت حولي منظراً دموياً ، و قيدي مفكوك ، لقد قتلت أبي و صديقتي !! حقاً لم أعرف ماذا أفعل ، هربت و قررت أن أقتل لجين ، لقد قالت لي ” سيفدازار ” اقتليها و ستتحررين ، صحيح لم تذكر لي من لكن بالتأكيد كانت تقصد لجين لذلك ذهبت إلى منزلها و عندما فتحت لي الباب هاجمتها بشراسة و خنقتها و أنا أقول لها يحب أن تموتي ، كله كان بسببك و لفظت أنفاسها الأخيرة بين يدي ، فجلست أبكي بشدة ثم نهضت و هربت لا أعرف إلى أين ! بقيت هائمة في الشوارع و الأزقة لعدة أيام ، تعبت بعدها و قررت أن أذهب إلى منزلنا لأرى ماذا حل بأمي بعد وفاة أبي ..

فتحت لي أختي الباب و قابلتني بابتسامة خبيثة ، أدخلتني و صعدنا إلى غرفتها ثم قالت لي :
– و أخيراً يا ديفان فقدتِ كل شيء و تحقق ما طلبته .
صدمت من قولها و قلت :
– أنتِ ؟! لماذا ؟ أنا أختك ، بماذا أسأت لكِ ؟!
أجابتني بغضب و كأنها ليست دينا التي عرفتها كل هذه السنين :
– لماذا ؟ سأقول لك لماذا ، لأنك منذ ولادتك و أنت تسرقين مني كل شيء ، أخذت مني والداي ، أخذت اهتمام الكل مني ، كان الكل يفضلك علي ، كنت أنا أكتب و أؤلف قصص لم ينتبه لها أحد ، جعلتني أحترق بنار الغيرة لمدى سنوات ، إلى أن اهتديت إلى طريقة تخلصني منك للأبد ، و هي هذا السحر …

قبل يوم من حفل ميلادك مررت ببيت صديقتك بعد أن رأيت أباها ينحت شيئاً ، حيث قطع جزء صغير من جذع شجرة ، فاستفسرت منها عما يفعله والدها فأخبرتني أنها ستهديك قلماً ، كانت هذه فرصة ذهبية لنقش الطلاسم و كل ما هو مطلوب ، أرسلتها إلى مكان حتى أشغلها و سرقت القلم ، و بعد أن أتتمت ما أردته أعدته إليها و هي بالتأكيد لم تشك بشيء لأنني أختك ، و هكذا أنت أخذته بكل غباء و تمكن السحر منك ، لقد جعلتكِ قرباناً للشيطان يا ديفان .
و أخذت تضحك ضحكات شريرة وسط ذهولي ، إذاً هي كانت السبب فيما حصل لي ، لقد ظلمت لجين و قتلتها ، لم أشك لحظة واحدة بأختي ، يا إلهي ماهذا ؟!
لم أحتمل ضحكاتها الشريرة فاندفعت نحوها و بدأنا نتعارك ..

***
في الصباح تم إلقاء القبض على فتاة شابة تبلغ من العمر ٢٢ عاماً أقدمت على قتل أختها الصغرى حيث أبلغت الأم عن سماعها مشاجرة الأختان و عندما صعدت للطابق العلوي رأت الابنة الكبيرة جالسة بقرب جثة أختها الصغرى البالغة من العمر ١٨ سنة ، و كانت في حالة هستيريا من الضحك ، و قد اتضح أنها استعملت أختها لغرض السحر .
تم سجن الأخت الكبرى في مصح للأمراض العقلية بعد أن ادعت أن شبح أختها يؤذيها إلى أن أقدمت على قتل نفسها بغرفتها في المصح بعد شهر على قتلها لأختها .

النهاية

تاريخ النشر : 2016-09-05

guest
55 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى