أدب الرعب والعام

يوميات محقق 1

بقلم : الامير الحزين – مصر
للتواصل : [email protected]

ترك المكان و ركب سيارته و اتجه إلى إحدى محلات بيع الجرائد

القضية الأولى

في صباح 20/ كانون الأول (ديسمبر) عام 2006 ، قبل عيد الميلاد بعشرة أيام و في مدينة لندن الجميلة ، عند أحد المنازل الموجدة في الضواحى ، اتجهت الشرطة نحو المنزل رقم 68 لصاحبه السيد “هنري جونسون ” البالغ من العمر 70 عاماً يقيم بمفرده ، بعد أن تلقوا بلاغاً بالعثور عليه مقتولاً في منزله ، و عندما وصل رجال الشرطة وجدوه بالفعل مقتولاً و ملقى على الأرض في غرفة المعيشة .

توجه رئيس الشرطة”ماركو” بسؤاله للرجل الذي أخبرهم بوقوع الجريمة قائلاً :
– أخبرني بما تعرف بالتفصيل و ما علاقتك بالقتيل ؟
– أنا عامل بإحدى المتاجر المجاورة ، و كنت آتي اليه كل يوم حتى أعطيه الطلبات التى كان متعود أن يطلبها عبر الهاتف من المتجر ، و عادةً عندما أطرق عليه الباب يتأخر بفتحه قليلاً بسبب ثقل سمعه ، و لكن اليوم عندما جئت له بالطلبات و طرقت عليه الباب ، وجدت الباب ليس موصداً فبقيت أناديه لكن دون استجابة ، فتشجعت قليلاً و دخلت خوفاً أن يكون مريضاً و يحتاج إلى مساعدة ، ذهبت إلى الداخل و لكني لم أجد أحداً ذهبت إلى غرفة المعيشة لأجد التلفاز يعمل و السيد “هنرى ” منكب على وجه على الأرض ، عندما وجدته في هذه الحالة جريت نحوه ظناً أنه في حالة إغماء ، و عندما نظرت إليه وجدت وجهه شاحب و عينيه مفتوحان على وسعهما و كذلك فمه ، فعرفت أنه قد فارق الحياة لذا اصلت بكم طلبت
– حسناً يا بنى ، و لكن سوف تذهب إلى مركز الشرطة حين انتهاء التحقيق
– و لكني يا سيدى لا أعلم شيئاً عن الحادث أرجوك ..
– آسف يا فتى هذه هي القوانين

و في وسط رجال الشرطة و فريق البحث الجنائي يدخل رجل في منتصف الأربعينات يرتدى بدلة سوداء أنيقة و قبعة على رأسه و يحمل في يده آلة تصوير و يقوم بتصوير الجثة و المكان و عندما رآه رئيس الشرطة قال له :
– لماذا حضرت اليوم أيضاً ؟ ألم أقل لك أن تأخذ إجازة و تقضى عيد الميلاد مع أسرتك !
– أنت تعلم أني لا أحب الجلوس في المنزل ، و عندما وصلت إلى مكتبي في الصباح أخبروني عن جريمة القتل هذه
– حسناً ليكن ، هناك مشتبه به أحد عمال المتجر يأتي إليه كل صباح يقول أنه دخل وجده هكذا
– أين هو ؟
– موجود في الخارج ..

ذهب إليه فوجده في قمة التوتر و الخوف ، جلس بجانبه و ابتسم له ابتسامة تدل على الطمأنينة و الراحة
– لا تخف يا فتى ، أنا أسمى المحقق (جون ولسون) و أريد فقط أن أسألك بعض الأسئلة ليس إلا
– أقسم لك يا سيدى أنا لم أفعل شيئاً
– لا تقلق أنا أصدقك ، و لكن أريد منك أن تخبرني بكل ما تعرفه حتى أساعدك ، هيا تحدث
– كل ما أعرفه عن السيد “هنري” أنه يعيش بمفرده و له ابن أخيه يسكن في المدينة و أنه شبه قعيد لا يخرج كثيراً و أنا يومياً أحضر له البقالة ليس أكثر
– هل هذا فقط ما تعرفه ؟
– و أيضا يا سيدى أعلم أن هناك بائع جرائد يمر عنده ، و بائع اللبن أيضاً و لكن لا أعلم هل يأتون باستمرار أم لا فأنا أحياناً أقابلهم يمرون عند المنزل
– شكراً لك .. لا يوجد أسئلة أخرى حالياً ..
نهض عائداً إلى رئيس الشرطة و قال له :
– الآن لدينا مشتبه بهما آخران ربما يعلمان شيئاً عن الجريمة ، سوف أذهب و أتحرى عنهما
– و ماذا عن هذا الفتى ؟
– خذوه إلى المركز سأكمل التحقيق معه لاحقاً

ترك المكان و ركب سيارته و اتجه إلى إحدى محلات بيع الجرائد ، سأل صاحب المتجر عن موزع الجرائد الذى يقوم بالتوزيع في هذا الحي ، أخبره أنه يقوم بالتوزيع الآن و أنه سوف يحضر عما قريب ، و طلب منه الجلوس لانتظاره و لكن أخبره المحقق أنه سوف يرجع لاحقاً ، ركب السيارة و اتجه إلى محل الألبان ، ذهب إلى الداخل قال له صاحب المحل
– بما أستطيع أن أخدمك سيدى ؟
تبسم له و قال :
– أنا هنا من أجل أمر هام
– حسناً .. تفضل بالجلوس بمَ أخدمك
– اليوم وقعت جريمة قتل في المنزل رقم 68
– 68 ؟ أليس صاحبها السيد “هنري” و متى قتل
– على ما يبدو أنه قتل مساء أمس ، و لكن ليست هذه هي القضية ، ما أريده الآن أن أتحرى عن عدة أشخاص ربما يكونوا متورطين في هذا الأمر ، و من بينهم موزع الألبان الذي يعمل فى هذا الحي
– من يقوم بالتوزيع في هذا الحي فتى يدعى “تومس” عمره 17 عاماً و هو يعيل والدته و أخويه الصغيران
– حسناً أين هو الآن ؟
– إنه يقوم بالتوزيع و سوف يأتي الآن ..

سمع بهذه اللحظة صوت جرس دراجة فقال صاحب المحل
– ها هو لقد حضر ، “تومس” تعال إلى هنا يريد السيد أن يسألك بعض الأسئلة
– نعم يا سيدى بمَ أخدمك ؟
– حسناً يا بني ، أنا اسمي المحقق “جون” و هناك أمر مؤسف قد وقع ، لقد قتل السيد “هنري” و قد علمت من أحد الاشخاص أنك كنت تتردد عليه باستمرار
– نعم يا سيدى كنت أتردد عليه لإحضار اللبن له ، فكنت أحضره له كل يومين ، و اليوم ليس موعده
– حسناً أذاً انت ذهبت إليه البارحة ؟
– نعم يا سيدى
– و ماذا أيضاً ؟
لا شيء كنت أطرق عليه الباب لفترة فكان يفتحه لي و هو على الكرسى المتحرك ، كنت أضع اللبن في المطبخ و كان يعطينى المال و لا يعطيني بقشيش فقد كان بخيلاً جداً
– إنه قد قتل مساء أمس أتعلم ذلك
– أقسم لك ياسيدى أننى لم أعلم إلا منك أنت الآن
– حسناً ربما سوف أطلب منك طلباً
– تفضل يا سيدى
– بعد انتهاء دوام عملك أريد منك أن تذهب إلى مقر الشرطة لتدلي بأقوالك هذه
– حسناً يا سيدى سوف أفعل

بعد ذلك تركه و اتجه إلى بائع الجرائد ليكمل حديثه معه ، دخل و أخبره عن الرجل هل عاد أم لا أخبره أنه عاد و لكنه كان متعجل في أمر ما و قال أنه سوف يغيب بضع ساعات و سوف يعود مجدداً ، من هنا سرح بعقله قليلاً عن سبب تعجل هذا الشخص ، بعد ذلك اتجه إلى مقر الشرطة جلس على مكتبه و ظل يبحث عن هذا الرجل و الدافع إلى قتله ، و ظل يحقق مع العامل في المتجر و الفتى الذي يعمل في محل الألبان و كان الاثنان لا يعلمان عن الجريمة أى شيء ، و هكذا تم إخلاء سبيلهما إلى حين انتهاء التحقيق .

لم يجد جون الكثير من المعلومات عن الضحية ، فقد كان رجل فى السبعين من العمر يقيم وحده في المنزل توفيت زوجته منذ أكثر من ثلاثين عاماً لم يتزوج بعدها ، و كان بخيلاً جداً من أقوال الشهود و له ابن أخ وحيد قام بتربيته لكنه الآن يقيم في إحدى الولايات قرب عمله ، و لا يتردد إلى عمه كثيراً ، يا ترى من قتل هذا الرجل ، ظل ينظر إلى أوراق التحقيق و أقوال الشهود ، يقول بعض جيرانه أنه كان منعزلاً عن الدنيا لا يختلط بأحد ، و الآخر يقول أنه كان غليظاً في تعامله و شديد البخل ، و الآخر يقول أنه كان لا يحب أن يتكلم مع أحد بسبب ثقل سمعه ، حسناً إذاً حتى لو كان يتصف بهذا فما الداعي لقتله ربما بسبب السرقة ..

لكن باستكمال التحقيق و بحث رجال الشرطة في المنزل ، لم يتم العثور على أي سرقة قد تمت في المنزل بل بالعكس كان المنزل كما هو ، و باب المنزل سليمرلم يتم اقتحامه ، أي أن الجريمة تمت بمهارة ، ما هذا التعقيد ليس من أجل السرقة و لم يكن هناك أحد قد اقتحم المنزل فماذا يكون هل يمكن أن يكون كيان غامض قد فعل ذلك ما هذا التخريف ، أنا أعلم أن الباحثين لم يجدوا أي شيء سوف أذهب أنا إلى موقع الجريمة .. هكذا حدث المحقق جون نفسه ثم نهض متجهاً ثانيةً لموقع الجريمة

استقل سيارته إلى منزل الضحية ليقوم هو بالبحث عن خيط حتى و لو كان ضعيفاً ليحل هذه القضية ، دخل إلى المنزل و ظل ينظر في أرجاء المكان ، نظر إلى باب المنزل ليس هناك أى كسر إذاً هل يمكن أن تكون الجريمة تمت من الداخل ؟ و لكن كيف هذا إنه يعيش بمفرده ، صعد إلى الطابق الأعلى ليدخل إلى غرفته و ينظر و يقوم بالتقاط الصور ، كل شيء مرتب و السرير أيضاً ، نزل إلى الأسفل و ذهب إلى المطبخ و ظل يلتقط الصور ليس هناك شيء ملفت قام بفتح الثلاجة وجد مخزون الطعام كما هو و اللبن لم يفتح ، إذاً هناك أمر غامض في هذه القضية ، تفقد بعد ذلك الجرائد اليومية وجد على ما يبدو أن هناك يوماً لم يأخذ فيه الجرائد و هو يوم وقوع الجريمة ، هنا الأمر يزداد شكاً ببائع الجرائد ، دخل بعد ذلك إلى غرفة المعيشة المكان الذى وقعت فيه الجريمة نظر على الكرسي المتحرك كان متجهاً صوب التلفاز حيث أنه كان يشاهد التلفاز إذاً من هاجمه فقد هاجمه من الخلف ، ظل يدور في الغرفة .. ليس هناك أى شيء يدل على وقوع اعتداء ليس هناك شيء مكسور أو شيء متبعثر ، و لكن الشخص الذي سوف يجيب عن هذا هو بائع الجرائد …

و فى اليوم التالى ، ذهب المحقق إلى مقر الشرطة و عاد إلى بحثة من جديد دخل عليه رئيس الشرطة و قال له
– ما بك يا رجل ؟ أنت لا ترتاح أبداً ، إذهب إلى منزلك و اجلس جنب ابنك “مارك” و ابنتك “جوليا” و زوجتك ، لا أعلم كيف تتحملك “كاري”
ضحك و قال : هي تعلم شغفي في القضاية و لكن هذه القضية و ضعتني في أمر محير قليلاً
– سيدي سيدي …
– ماذا هناك ؟
– هذا تقرير تشريح الجثة
– حسناً لنرى ، مكتوب هنا أن جريمة القتل قد وقعت بين الساعة الحادية عشر و الثانية عشر مساءً ، و مكتوب أيضاً أنه قد مات خنقاً باستعمال حبل ، و كتب بأن القتيل كان يقاوم الجاني بيده ، و وجدوا بضع أظافره مكسورة ، يبدو أنه كان يمسك بالجاني فكسر أظافره
و بعد أن انتهى من قراءة التقرير هم مسرعاً فسأله رئيس الشرطة :
– إلى أين سوف تذهب ؟
– إلى بائع الجرائد حتماً لديه أجوبة عن كل هذا

ركب السيارة و اتجه إلى محل بيع الجرائد ، سأل صاحب المحل فأخبره أنه لم يأتِ اليوم فأخذ منه عنوان المنزل ، ثم ركب سيارته مسرعاً إلى منزله ، طرق الباب و وجد شاباً يخرج إليه ألقى عليه التحية و دعاه إلى الدخول
– تفضل يا سيدى بالدخول
– شكراً لك لن آخذ الكثير من وقتك أنت تدري ماذا حل بالسيد “هنري”
– نعم فالخبر منتشر في كل مكان حتى في التلفاز
– لقد علمت أنك كنت تتردد عليه كل يوم صحيح
– نعم فقد كنت أعطيه الجرائد يومياً
– حسنا و لكن أنت لم تعطه الجريدة يوم وقوع الجريمة ، ما السبب في اعتقادك ؟
– حسناً في ذلك اليوم كنت أودع ابنتي في المشفى و لم أذهب إلى العمل فقد كانت تعاني من ارتفاع في درجة الحرارة
– و ما أخبارها الآن ؟
– هي بخير حمداً لله
– حسناً ، و لكن هل يمكنك أن ترافقني إلى مركز الشرطة لنكمل التحقيق
– (و فى توتر منه و ارتباك) ، حسناً يا سيدى تفضل
و هم في السيارة متجهين إلى مركز الشرطة كان الرجل ينظر إلى المحقق بارتباك و كان المحقق هادئ جداً ، وصلوا إلى المركز و صعدوا إلى مكتب التحقيق جلس الرجل و جلس أمامه المحقق “جون” و ظل يسأله عدة أسئلة
– حسناً أخبرني ما هو اسمك ؟
– “هيدسون” سيدي
– كم تبلغ من العمر ؟
– 30 عاماً
– ما هو محل عملك ؟
– أعمل في محل الجرائد أمام محطة الأتوبيس العامة
– أخبرني ما علاقتك بالسيد “هنري” ؟
– لا شيء .. لقد كان زبوناً كأي زبون آخر أقوم بتوصيل الجرائد له
– حسناً لقد قلت أنك في يوم و قوع الجريمة كنت غائب لماذا ؟
– كانت ابنتي مريضة فأخذتها إلى المشفى
– كم كانت الساعة عندما ذهبت بها إلى المشفى ؟
– كانت الساعة الثانية ظهراً تقريباً
– إلى متى بقيت في المشفى ؟
– حتى الساعة العاشرة مساءً
– و أين ذهبت بعد ذلك ؟
– كنت لا أملك مالاً فذهبت إلى أحد المعارف أطلب منه المال ثم توجهت إلى المشفى ثانية
– من الساعة كم إلى الساعة كم ؟
– تقريباً من الحادية عشر حتى الثانية عشر
– بمعنى قضيت ساعة تقريباً ، حسناً أتعلم أن الجريمة وقعت في هذه الساعة
– أقسم لك يا سيدى لا أعلم أى شيء
– أين هذا الذي قد استلفت منه المال
– لقد غادر المدينة و لن يعود قبل شهر و نصف
– هذا ليس مبرر لن يفيدك ذلك ، كل الشكوك تلتف حولك
– أقسم لك يا سيدى لا علاقة لي بذلك ، أنا حتى لم أكن أتحدث معه كنت أضع الجريدة عند الباب و أذهب لا أكثر
– حسناً و لكن سوف نقوم بحجزك بضعة أيام حتى ينتهى التحقيق

و بينما أعطى أوامره بحجز المدعو هيدسون ، جاء له ضابط الشرطة يخبره أن قريب المجني عليه متواجد و ينتظره في مكتبه ، اتجه جون إلى مكتبه و وجد الرجل جالساً بانتظاره فقال له مرحباً :
– مرحباً يا سيدى ، أنا المحقق “جون” الذي يعمل في القضية
– ادعى “ماركوس” ، أعمل في إحدى الشركات الكبرى
– أنت على صلة قرابة بالسيد “هنري” …
– (و في حزن يغمر وجهه) نعم لقد كان عمي الذى قام بتربيتي ، هل علمتم من القاتل ؟
– لا ، و لكننا على وشك أن نكتشفه ما حال رقبتك ، لما تضع الضمادات
– لا شيء ، لقد أصبت بجروح فيها مؤخراً بسبب كلبي الشرس
– أتمنى أن تكون بخير ؟
– شكراً لك سيدي ، لقد تركت عملي و جئت إلى هنا حتى اطلع على التحقيق و أيضاً من أجل فتح الوصية
– أعتقد أن التحقيق سوف يأخذ وقتاً حتى يظهر لنا الجاني
– و لكني لن أمكث هنا كثيراً من أجل عملي في الخارج
– لا تقلق لن يطول الأمر
– حسناً أنا متواجد في إحدى الفنادق و هذا رقم هاتفي إن احتجت إلي
– حسناً شكراً لك .

و بعد رحيل ابن أخ القتيل ، ظل المحقق جون في مكتبه يبحث و يطلع في القضية و ينظر إلى الصور و ينظر إلى تحليل المعمل الجنائي ، و تقرير المشرحة على أمل أن يجد حل ينهي به هذه القضية حتى بعد منتصف الليل ، و فجأة قطع تأمله صوت رنين الهاتف و كانت زوجته ..
– لقد تأخرت كثيراً لمَ لم تأتي حتى الآن
– آسف يا عزيزتي لقد شغلتني هذه القضية ، سوف أصل إلى المنزل قريباً
– حسناً و لكن أعلم أنك سوف تقضي معنا عيد الميلاد
– بالطبع و أين سوف أقضيه إذاً ؟
و بعدما أغلق الهاتف ظل يتثائب من التعب وقف و ذهب ليحضر كوباً من القهوة و جلس ليكمل باقي القضية ، نظر إلى الملفات و الصور و ظل يتمعن أكثر فأكثر ، تباً ما هذه القضية إن حدسي يقول أن هذا الرجل “هيدسون” بريء ، و لكن كيف أثبت ذلك لا أعلم ! لقد بحثت مطولاً على أمل أن أجد شيئاً و لكن لا شيء ، من قاتل هذا العجوز ، و كيف دخل المنزل دون أثر ، و ما هو هدفه إذا لم يسرق شيء من المنزل ، و لكن هناك شيء ربما لم أنتبه له ..

ركب سيارته مسرعاً إلى منزل القتيل ، دخل المنزل و ظل يبحث و يرى مجدداً و ينظر إلى أدراج مكتب القتيل لم يجد شيئاً مهماً سوى بعض الفواتير و بعض حسابات الشهر و طوابع و أظرف فارغة ، و أيضاً مذكرة صغيرة ، قام بفتح تلك المذكرة و ظل يبحث ، و فى لحظة ابتسم ، ياله من أمر غريب لقد عرفت من هو هذا الكيان المظلم القادم من الجحيم …

و في صباح 30 من كانون الأول (ديسمبر)
– مرحباً من معي على الهاتف
– سيد “ماركوس” معك المحقق “جون” تعال لقد اعترف أحد الأشخاص أنه قتل عمك
– حسناً يا سيدى أنا قادم في الحال
و بعد فترة ليست بالطويلة بعد انتهاء المكالمة …
– مرحباً بك سيد “ماركوس” تفضل بالجلوس
– أشكرك سيد “جون” هل حقاً اعترف القاتل
– نعم لن تتصور من هو
– من يكون يا ترى ؟
– إنه بائع الجرائد هو من قتل عمك لقد جعلته يعترف بعد عناء شديد
– حمداً لله يجب أن يأخذ جزاءه
– بالطبع سوف يأخذ جزاءه و لن يفلت من العقاب ، و بناءً على هذا اتصلت بالمحامى و سوف تذهب إلى منزل عمك لتستلم ممتلكاته و تتممها و سأذهب معك حتى أقوم بإغلاق القضية .

و عندما وصلا إلى المنزل و دخلا قال له المحقق :
– إنه أمر مؤسف حقاً ما حدث هنا
– (و فى حزن و بكاء) لقد كنت أحب عمي كثيراً جداً هو من كان يعتني بي و يراعاني في صغري سوف أشتاق إليه
– نعم معك حق … لهذا قتلته
– (و في تعجب) ماذا … ماذا تقول ؟
– لا تتعجب سيد “ماركوس” هذه الحقيقة
– (و فى غضب عارم) أي حقيقة لقد قلت أن بائع الجرائد هو من قتل عمي أليس كذلك
– نعم لقد قلت ذلك و لكن هناك أمر لم أقله لك
– ( و فى سخرية منه) و ماذا يكون يا ترى
نظر إليه المحقق و ابتسم و قال له :
– سيد “ماركوس” أنت تعمل في إحدى شركات الصناعة الكبرى بالولاية أهذا صحيح ؟
– نعم صحيح
– و أنت أيضاً تسكن بالقرب من العمل ، صحيح ؟
– بالطبع أسكن بالقرب منه ، و ماذا في ذلك
– لا شيء سيدي ، و لكن أنت تقول أنك تأتي لتزور عمك بفترات متباعدة
– نعم فبحكم عملي لا آتي كثيراً
– نعم صحيح ، و لكن نحن نعلم أنك أتيت إلى عمك منذ أسبوع فائت أليس كذلك
– (و فى توتر و قلق) نعم ، و لكن كيف عرفت ؟
– ليس هذا مهماً ، المهم أنك أتيت إلى عمك طالباً مبلغاً من المال صحيح ؟
– نعم صحيح ، و لكن ما المهم في ذلك ؟ لقد طلبت و هو أعطاني المال
– و فيما كان طلبك للمال
– كنت أسدد بعض الديون المتراكمة
– المتراكمة من ماذا ؟
– و ما دخل ذلك في الموضوع
– لا شيء إنه فقط سؤال
– كنت أسدد فواتير المنزل الخاص بي ، فأنا لم أدفع منذ مدة و كنت على وشك أن أطرد منه
– حسناً شكراً على الجواب
– (و فى ارتباك شديد) و لكن ما دخل هذا بقتل عمي و بأي حق توجه لي هذه التهمة
– سيد “ماركوس” أنا لم أوجه أي تهم بعد ، و لكن هل يمكن أن تقول لماذا تضع هذه الضمادة على رقبتك ؟
– (و في نبرة غضب) لقد قلت لك .. لقد هاجمتني قطة
– سيدي أنت قلت أنه كلب شرس أليس كذلك
– نعم نعم و لكن كلامك قد أربكني
– لا شيء يدعو إلى الارتباك و لكن هل يمكن أن أرى رقبتك فقط
و خلع الضمادات ليريه رقبته ..
– حسناً و لكن لا أعتقد أن هذه عضة كلب بل هي أظافر شخص
توتر ماركوس و قال :
– ماذا .. ماذا تقول ؟ هل تعتقد أنني قد …..
– أنا لا أعتقد شيء و لكن هذا ما حدث ، طبعاً تسكن في الولاية و حتى تأتي إلى هنا يجب عليك أن تستقل الطائرة صحيح ؟
– نعم و ماذا في ذلك

– لقد علمت أمرين في هذا ، الأول أنك أتيت إلى عمك الأسبوع الفائت و هذا عبر الاتصال بالمطار و معرفة الرحلات القادمة من الولاية و الأمر الثاني أنك قد أخذت إجازة لمدة أسبوع من العمل ، و ليس هذا فقط بل هناك أمر آخر و هو انك كنت تقيم في إحدى الفنادق القريبة من المنزل ، و هذا بالطبع بعد البحث و الكشف عن المقيمين في الفترة الأخيرة ، و هناك أمر آخر و هو جدالك مع عمك بشأن المال لقد جئت إليه طلباً للمال ، و هو بالطبع لم يعطك المال لسببين الأول و هو كما تعلم بخيل و الثاني أنك ستضيعهم في المقامرة ، و لكن هذا ليس الموضوع الأساسي ، المهم أنك جئت إليه اليوم التالي لتعتذر إليه عما بدر منك ، و خلال هذه الزيارة أخذت نسخة من مفتاح المنزل لتعمل مثله ، و لكنك كنت تنتظر الوقت المناسب فقد كنت تراقب تحركات المنزل من يأتي له و من يقوم بزيارته و هكذا ، إلى أن واتتك الفرصة المناسبة دخلت خلسة في الساعة الحادية عشر مساءً دون أن يراك أحد قمت بفتح الباب و دخلت دون أن يشعر بك مع العلم أنك تعلم أنه يعاني ثقلاً في السمع ، اقتربت منه و هو يشاهد التلفاز أمسكت به و لففت الحبل على رقبته حاول أن يقاومك و لكن لم يتمكن ، قام بجرح رقبتك و لكنك قد ضربته بشيء على رأسه حتى يكف عن المقاومة ، و بعدها بفترة ليست وجيزة خرجت من المنزل متجهاً إلى الفندق لتقوم بأخذ أغراضك و السفر و لكن هذه المرة لم تسافر عبر الطائرة بل سافرت عبر الطريق البري ، أليس هذا ما حدث ؟

– (و في سخرية من المحقق و بعض من التكهم) سيدي المحقق ربما أنت تشاهد التلفاز كثيراً أو تقرأ القصص الهزلية للأطفال
– سيد “ماركوس” لم تقتنع بعد حسناً إليك الأمر ، في الفترة القصيرة التي قد مكثت فيها هنا قد قمت بالتحري عنك و علمت أنك حقاً مقامر و أنك مديون إلى جميع معارفك حتى توقفوا عن إعطائك المال فقمت بأخذ مال من الشركة و لم تستطع السداد فكنت على وشك أن تفقد عملك حسناً و الأمر الأخير هو أن عمك كان يقوم بكتابة مذكراته و قد كتب قبل أن يموت أنك جئت إليه و طلبت المال و لكنه رفض و قام بطردك من المنزل و قبل أن تذهب أخبرته أنك ستقوم بقتله حتى ترث كل أمواله و لكن حتى لا تثير الشكوك جئت إليه في اليوم التالي تطلب منه أن يسامحك و لن تريد شيء منه

– هذا كذب ادعاء ليس صحيحاً .
– بغض النظر عن كل الكلام الذي قلته لك .. نستطيع بعد التحليل أن نعرف ما إذا كانت الجروح التي برقبتك هي بفعل ذلك الكلب الشرس أم بفعل مقاومة الضحية لك ..
عند هذا الحد انهار ماركوس و قال من بين دموعه :
– نعم لقد قتلته ، إنه رجل بخيل قاسي القلب ، هو السبب في ذلك لو أعطانى المال ماحدث كل هذا ، لقد خنقته بيدى فظل يضربني بأظافره و بقيتت أضغت عليه حتى مات

دخل رجال الشرطة فجأةً و على رأسهم السيد ماركو رئيسهم الذي قال :
– لقد سمعنا كل شيء .. و كل أقوالك مسجله عندنا …
ثم التفت إلى رجاله قائلاً : ضعوا الأصفاد بيديه .
و في مركز الشرطة ..
– حسناً هيدسون لقد ظهرت براءتك و سوف تقضي العيد مع ابنتك
– شكراً لك سيدي عل كل شيء
– لا داعي للشكر فقد كنت ستقع ضحية الظلم لولا تدخل القدر
– و تدخلك أنت أيضاً سيد “جون”
– حمداً لله لقد اقفلت القضية و تم إمساك المجرم و ستتم محاكمتة و إنقاذ مظلوم من تهمة القتل و لكن هناك أمر يتبادر في ذهني و هو هل القاتل ضحية من ضحايا البخل و القسوة أم المقتول هو الضحية ..ضحية طمع ابن أخيه أم هما الاثنان ضحية حب المال ؟!
كل هذا لا يهم الآن المهم عندي هو قضاء عطلة عيد الميلاد مع أسرتي .

مع تحياتي في الجزء القادم
الامير الحزين

تاريخ النشر : 2016-09-14

guest
20 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى