أدب الرعب والعام

الشقة

بقلم : عبير عبد الله – ليبيا
للتواصل : [email protected]

الشقة
من كان معي بالداخل

إنني خائف جدآ يا سمير

أعرف أنك ستصدقني؛ لأنك تحبني و ليس لأنك فعلآ تصدق . .

لكنني برغم كل شيء، سأحكي

أنت تعرف أن هذه الشقة مسكونة ؛ اخبرتك مراراً بما أراه و اسمعه ليلاً ، هذه ليست ظلالاً بشرية حتى ، اقسم انها ليست كذلك ، لو كان للخوف ظل لكان هذا ظله !.

منذ أول ليلة لي هنا رآيته ، كانت ليلة حارة من ليالي أغسطس  و كان زجاج نافذتي مغلقاً و الخشب مفتوحاً، فكان هناك نور ضئيل يأتي من عامود في الشارع و ينفذ عبر زجاج النافذة ، كنت ما بين اليقظة و المنام عندماً شعرت به؛عندماً يقف شخص ما خلفك فيستحيل ألا تشعر به حتى و لو كان لا يصدر آي صوت  الوجود ، الوجود في حد ذاته له صوت صاخب .

كنت نائماً على جانبي الأيمن فشعرت بوجود غامض في عتبة باب غرفتي،  هذا كابوس الطفولة يا سمير ، طوال طفولتي؛ و انا اخاف زوار الليل الذين يقفون صامتين في عتبة الباب ، لو هجموا علي لكان هذا افضل من وقوفهم صامتين هكذا !.

التفت بسرعة فرآيته . . كان ظلاً غير واضح المعالم لكنه ليس بشرياً  ، حاولت ان اصرخ؛ لكن الخوف ألجم لساني  استمر هذا ثوان معدودة، حتى استطعت الصراخ في النهاية و شرعت أقرأ آية الكرسي ، لكن الظل كان قد اختفى تماماً !.

كان من الطبيعي ان اعتقد ان هذه خيالات او كابوس فلم احفل او اهتم بالأمر كثيرآ،  لكن ذلك تكرر في الليالي التالية ، و بدأت اسمع اصواتاً غامضة . .

اعذرني يا سمير؛ لكن الذكريات تخنقني  هلا مددت لي كوب الماء من فضلك ؟ شكراً.

بعد هذا ببضعة ايام كنت في المطبخ اتناول عشائي عندماً سمعت صوت باب غرفتي يغلق  انتصب شعر رأسي و توقفت اللقمة في حلقي ، بخطوات حذرة توجهت نحو غرفتي،  كان الباب مغلقاً يا سمير ! لا تقل لي من فضلك انني اغلقته و نسيت فأنا طالب هندسة و ذاكرتي قوية . . اقتربت من الباب  و سمعت صوت حركة ما بالداخل ، لم أجسر على فتح الباب يا سمير  لست جباناً؛ لكن ذلك كان اقوى مني ، و هرعت خارج الشقة مذعوراً .

عندماً عدت لشقتي مع جاري عادل كان باب الغرفة مفتوحاً، ظن جاري انني جننت و غادر الشقة و هو يضرب كفاً بكف متحسراً؛ على شبابي الذي ضاع ، اما انا فشيء واحد كان يشغل بالي في تلك اللحظة،  كيف سأنام الليلة هنا وحدي ؟!

قمت بتشغيل جميع انوار البيت و نمت على الأريكة و أحمد الله ان الليلة مرت بسلام،  ان استثنينا الكوابيس التي زارتني في منامي.

تكررت تلك الحوادث كثيراً بعد ذلك ، بعضها لا اذكره  و البعض الآخر يستحيل ان انساه رغم رغبتي الشديدة في ذلك . .

ذات ليلة كنت نائماً بعد يوم شاق  كان ذلك في اوآخر اكتوبر؛ و كان الجو لطيفاً لذاً فقد غبت في نوم عميق عندهاً استيقظت فجأة على صوت صرخة ،  لا لم تكن صرخة امرأة ، ولا صرخة رجل  كانت صرخة عميقة مرعبة تشبه الصوت الصادر من النفخ في البوق ، استيقظت مفزوعاً و انا ابسمل و احوقل، شغلت ضوء الغرفة و انا ابحث في الأرجاء رغم انني كنت متأكداً انني لن اجد شيئاً . .

يمكنني القول أن حياتي اصبحت جحيماً ؛ من الصعب ان تعيش في شقة يشاركك فيها شخص لا تراه، تشعر به ولا تراه  خاصة لو كنت تشعر بأنه ينتوي لك شراً .

لذلك طلبتك يا سمير . . و لطفا منك انك استجبت لطلبي بتفهم مدهش ! اريد منك ان تقطن معي حتى حين ، كي لا أجن أو أرمي نفسي من الشرفة !.
لحظة ان جرس الباب يدق . . سأذهب لأرى من القادم

(يتجه نحو الباب و يفتحه) 

– سمير ؟؟!!!!

اذا من معي بالداخل ؟؟؟؟

تـــــــــــــــمـــــــــــــــت.

تاريخ النشر : 2016-09-30

guest
18 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى