أدب الرعب والعام

قطار الدمى المسكونة ج2

بقلم : Shadwoo Shadwoo – مصر

قطار الدمى المسكونة ج2
أخذ يحيطها بالبنزين من كل الجهات ثم أشعل قداحته وترك الأجواء تشتعل

ما إن دخل سيف البيت حتى رأى شهد تلعب بالدمية و والداها بجوارها ، أخذ يتلقط أنفاسه و هو ينظر لتلك الدمية بغضب و يريد أن يمزقها إرباً ، ربما يحب مشاغبة أخته الصغيرة لكنه لن يدع شيئاً ما يصيبها بأذى ، أسرعت خطواته تجاه الدمية ثم سحبها بقوة من أخته و ألقاها بنار المدفأة لكن والدته أسرعت لإبعادها وبالكاد احترق نصف وجهها ، لكن ما تعجب منه سيف أنها لم تتحرك أو حتى تحاول الابتعاد عن النيران ، ظل ينظر لها متسائلاً لماذا لم تبتعد ؟ ولم ينتبه حتى لشجار أمه معه وصراخها عليه عن مشاغباته تلك التي لا تنتهي ، صرخ بهم قائلاً عما رآه لكن بالفعل لم يصدقوه وتابعها هو بابتسامة سخرية منهم قائلاً:

– متى صدقتموني من قبل ؟

ثم دخل غرفته وأغلق الباب بقوة تاركاً خلفه والداه يتحسران عليه وشهد التي أخذت تبكي على دميتها ، حل الليل وشعر سيف بمن يحاول فتح غرفته وعلم أنها تلك الدمية عندما نظر لخيالها الصغير ، ابتسم ضاحكاً منها فقد علم بذلك وأغلق الباب مسبقاً من الداخل ، بعد لحظات توقفت الدمية عن المحاولة وابتعدت ، وما إن شعر سيف بلذة الانتصار حتى سمع تحطم زجاج نافذته و وجد تلك الدمية بوجهها المشوه تدخل من النافذة و تقترب منه وعلى وجهها رسم الشر ملامحه ، بالتأكيد فهي لن تدع ما حدث يمضي بسلام ، أسرع إلى الباب ليفتحه لكنها كانت أسرع منه ، وقفت أمامه لتمنعه ، أخذ يتراجع حتى اصطدم بالحائط وظل يراقبها وهي تقترب منه ،  لكنه لمح ذلك المضرب بجانبه فأسرع إليه وأخذ يوجهه إليها ليبعدها لكن تفاديها لتلك الضربات كانت سريعة ونظرتها تلك التي لا تتغير تؤكد أنها لن تدعه حتى تقتله ، أمسكته من عنقه متابعة:

– انظر إلى ما فعلته ، لا يهم فلن أظل كثيراً بهذا الجسد ، وقريباً سأمتلك جسد تلك الطفلة و للأبد.

– ماذا ؟ جسد من ؟ شهد ، أنت تحلمين أيتها المسخ لن ادعك تقتربين منها.

– حاول أن تمنعني إن استطعت ، ثم أخذت تضحك بهستيرية بينما سيف يحاول أن يبعدها عنه لكنها قوية جداً ، ما إن يأس من إبعادها حتى أخذ يصرخ بأعلى صوته ، وبالفعل استيقظ والداه على صوته لكن تأخرهم بفتح الباب سنح لها الفرصة لتغرز أسنانها بعنقه ، تمكن والده من فتح الباب قبل أن يفارق الحياة و وجده يرتعش على الأرض والدماء تسيل من عنقه ، أسرع والده بحمله وأسرع بالسيارة للمشفى ،  لكن هناك من كان الغضب يتمالكه وهو يراقبهم من النافذة لأنه لم يستطع إكمال انتقامه ، أنها تلك الدمية.

استطاعوا إيقاف النزيف ، لكن لم يستطع الطبيب معرفة لمن تنتمي تلك العضة هل هي لقط أم لشيء أخر ؟ لكن بالتأكيد لم يري شيئاً من قبل يمتلك تلك الأسنان ، حضر أصدقاء سيف للاطمئنان عليه فأخبرهم بما حدث لكنهم ظلوا يتبادلون تلك النظرات ، أنهم لا يصدقون ،  أراهم اثر العضة لكن شيئاً غريباً كان بها ، ذلك السواد الذي يمتد لعروقه منها شيئاً فشيئاً وهذا كان كفيلاً بجعلهم يصدقون. .

– أخبرنا ماذا تريد أن تفعل ؟

– سأخبركم ، لكن يجب أن نذهب للمكان الذي بدأ منه كل شيء ، القطار.

مرت الأيام وتعافي سيف أو هكذا ظن الطبيب ، فقد كان يخفي ذراعه وصدره الذي بدأ يمتد إليه ذلك السواد من اثر العضة ، لم يكن اهتمام سيف بما يحدث له أكبر من اهتمامه بما سيحدث لاحقاً لأخته .

عاد للمنزل مع عائلته وبدون أن يشعر به والداه غادر من النافذة واجتمع مع أصدقائه بذلك المكان وأخذوا يبحثون بالعربات لكن لا فائدة فلا وجود للدمى أو لأي شيء يتعلق بها ، نظر سيف إلى المعسكر و ركض نحوه ثم تبعه أصدقاؤه.

– سيف انتظر ، إلى أين تذهب ؟

– لا بد أن هذا المكان له علاقة بما يحدث.

– ولم أنت متأكد هكذا ؟

التفت له متابعاً :

– مدينة مسكونة ودمي تستيقظ وأناس يتحولون ، لابد أن كل هذا مرتبط بشيء ما ، ويجب أن أعلم ما هو ؟

أسرع سيف و أصدقاؤه و نزلوا للقبو و أخذوا يبحثون عن أي خيط يمكنهم من حل هذا اللغز لكن لا جدوى ، أصابهم الملل من كثرة البحث فجلس سيف واسند رأسه لكن لفت نظره كلمات على الحائط المقابل له ، كلمات حفرت بأظافر شخص ما ، وقف سيف وأخذ يتلمس تلك الكلمات متابعاً :

– أحترس ، أحترس أيها الدخيل ، ستحل لعنتي على الحاضرين

إن حل عليك ليلي ، فأنت من المفقودين ، سأعزف على أوتار ظلك  وتكون من التابعين.

نظر له صديقه متابعاً :

– ما معني تلك الكلمات ؟

– لا أعلم يا سمير ، لكن يجب أن نجد شخصاً ما يساعدنا على حلها ،  شخص يعلم بأمور السحر .

– أنا لدي الشخص المناسب ، جدي.

لم يستطع سيف الانتظار لليوم التالي كي يذهب لجد سمير فأسرعوا إليه ولم يهتموا لمغيب الشمس ، وقفوا أمام بيت قديم بابه تملؤه الشقوق وأسرع سمير بالطرق عليه ليفتح لهم رجل عجوز عيناه تسرد ملايين الألغاز ، دعاهم للدخول وأخذ سيف يتطلع لذلك المكان بطرازه القديم وتلك المدفأة وبجانبها مكتبة تمتلئ بالكثير من الكتب ذات النقوش الغريبة كالنجمة والحيات وغيرها ، ولم يأخذ وقتاً كي يدرك أن تلك الكتب هي كتب سحر.

قطع شرود سيف سؤال العجوز :

– بماذا أساعدكم ؟

– جدي نريد مساعدتك بشيء ما ، نظر سمير لسيف متابعاً : هيا أخبره.

تقدم سيف منه وتلا تلك الكلمات لتتغير ملامح الجد وكأنه كان خائفاً من سماعها ، لمح سيف كتاباً من بين الكتب عليه رسم يشبه تلك الدمية لكن بشكلها الشيطاني.

– ذلك الكتاب ، أنها تشبه تلك الدمية ( قالها مشيراً له ) ، وما أن نظر جد سمير ليده التي امتلأت عروقها بالسواد حتى سحب منه الكتاب الذي التقطه متابعاً :

– سمير ، أخرج صديقك من هنا ، ليس لدي ما أقدمه لكم.

خرج سيف من عنده ولا يعلم ماذا أصاب الجد ليفعل ذلك ، لكنه عزم على سرقة الكتاب فإن لم يرد مساعدته سيتكفل هو بالأمر ،

نظر سيف لغروب الشمس أمامه وشعر بألم يتسلل لجسده وشعر بذلك صديقه عندما سمع أنينه ليتابع قائلاً :

– ماذا بك ؟ هل أنت بخير ؟

– أجل ، لا تقلق أنا بخير.

حاول سيف النهوض فلم يستطع فأخذ صديقه بيده حتى عاد للمنزل وانتظر حلول الليل ، وما أن جن الليل وتأخر الوقت حتى تسلل سيف من منزله متابعاً خطواته لمنزل العجوز ، كان قد رسم المكان بعقله وأين تقع النافذة ، فلقد كان طابق أرضي وبالفعل قفز من النافذة  وأخذ يدور بنظره فلم يجد أحد ، لمح ذلك الكتاب وتابع خطواته إليه والتقطه وهو يتأمل صورة الدمية متابعاً

– سامحني أيها العجوز ، لكن الأمر يتعلق بحياة أختي.

ما إن سمع العجوز هذه الكلمات حتى ابتعدت خطواته ليختبئ بعيداً وترك له المجال للابتعاد بالكتاب ، خرج وهو ينظر إلى سيف يركض بعيدا بالكتاب متابعاً :

– كم أنت عنيد يا فتى !

عاد سيف إلى المنزل وأغلق غرفته ، لكنه هذه المرة أوصد النوافذ بإحكام ووضع خلفها الملح لأنه سمع انه يطرد الشياطين وبالفعل لم تستطع تلك الدمية الدخول بل كانت تصرخ عند اقترابها منه .

فتح سيف الكتاب وأخذ يتأمله ، انه عن سحر الفودو ولعناته ، لكنه لم يستطع أن يفهم ما يحتويه ، لم يشعر سيف بذلك الدخان الأسود الذي تسلل من النافذة تجاهه بل كان عقله منشغلاً بمعرفة ما يحتويه الكتاب ، أقترب الدخان أكثر من سيف ليشعر بالنعاس وما أن ترك جسده يسترخي حتى حمله ذلك الدخان ، لقد كان يرتفع وكأنه يطفو على سحابة سوداء بمنتصف غرفته ، أخذ يتصبب بالعرق ويتلوى وكأنه يرى كابوساً :

– كيف أتيت إلى هنا ، لا أذكر شيئا ؟

أخذ سيف يحدث نفسه بينما ينظر لذلك المكان حوله لقد كان بمعسكر الأشباح وكان الظلام يملأ المكان ، رأي تلك الظلال تتبع بعضها وكأنها مأمورة ، تبعها حتى نزلت القبو ، لكن لم يجد احد بالداخل عندما ذهب لقد كان فارغاً تماماً ، كيف ذلك وقد رآها ؟

سمع صوت عزف ما فتبعه حتى توقف أمام جدار لقد كان الصوت يصدر من داخله ، ما إن اقترب من الجدار حتى تحول لرماد بلمح البصر ليجد خلفه غرفة مظلمة يصدر منها بكاء ، تبعه حتى اتضحت له الرؤية لقد كانت طفلة ، بالرغم من أنها كانت تدير له ظهرها إلا أنه علم أنها شهد.

اقترب منها بخطوات هادئة وما إن لمس كتفها حتى نظرت إليه سريعاً بوجهها المشوه صارخة فيه : أستيقظ. .

استيقظ سيف وأخذ يلتقط أنفاسه من الرعب ، ويتابع بنظره حوله ، لقد كان السكون يعم الغرفة حتى النافذة كانت مغلقة.

أخذ ذلك الكتاب المفتوح بجانبه ووضعه بمكان لا يعلمه أحد ، كان يقضي سيف أغلب وقته ما بين مراقبة دمية شهد و ما بين قراءة ذلك الكتاب ، وما تعجب منه أن الحروف كانت تتبدل وتترجم كلما نظر إليها لكنه لم ينتبه لعينيه اللتين كانت تتحولان للأسود حينما ينظر لتلك التعاويذ ، كما انه علم أن تلك الدمية لا تستيقظ إلا ليلاً فقط لهذا لم تتحرك عندما ألقاها بالنار ، قرر أن يذهب للعجوز كي يعلم ما يحدث ، تعاويذ و أحلام غريبة و دمى متحولة لقد أصبح الأمر معقداً ، ما إن رآه العجوز حتى تنهد متابعاً :

– ادخل يا بني ، لقد علمت أنك ستعود.

– ولم أنت واثق هكذا ؟.

ابتسم متابعاً :

– لم تفهم الكتاب أليس كذلك ؟

تعجب سيف متابعاً:

– لا، بل استطعت قراءته ، و لم أدري كيف حدث هذا .

– هذا ما خشيت منه.

لم يستطع سيف معرفة ما يتكلم عنه العجوز ، سحب العجوز منه الكتاب و وضعه أمامه على طاولة ثم بدأ يفتح الصفحات ويحدثه عنها :

– هذه الرسمة تسمى دمية الفودو.

هذه الأنواع من الدمى والظلال تكون تابعة لساحر فودو .

– لكن من هو هذا الساحر الذي فعل كل هذا ؟

تنهد العجوز متابعاً :

– سأقص لك يا بني ، ذلك الساحر الذي تتحدث عنه ما هو إلا جندي أراد الانتقام ولم يكتفي فقط بسحره وتابعيه من الجن بل استعمل ظلام الفودو ، لقد ظن انه سيستطيع التحكم بهذا الظلام لكنه بالنهاية غرق به وأصبح شخصاً أخر يريد القوة و يطمع بجيش من التابعين .

– و ذلك العزف الذي سمعته وما كتبت عنه الكلمات ، ماذا يعني ؟

– إنها خدعته ليستحوذ بها على جسد المسحور كما فعل من قبل بآخرين و يحولهم لأتباع له ، نظر له العجوز متابعاً : لكن يبدو أنه لم يستطع التأثير عليك ، أمسك يده متابعاً : هذا ما يمنعه من ذلك ( يقصد الشيء الأسود بعروقه ).

تابع العجوز خطواته إلى النافذة وهو ينظر للشمس متابعاً :

– عليك المغادرة الآن قبل الغروب.

لم يهتم سيف بكلماته بل تابع قائلاً :

– وما هذا الشيء ؟

لم يبادله العجوز الرد بل امسكه من يده متابعاً :

– ستعلم بالوقت المناسب ، و الآن غادر لا يجب أن تظل لغروب الشمس .

كان ذلك الشيء الأسود يمتد لعروق سيف أكثر فأكثر عند كل غروب ، وهذا ما تذكره عندما أخبره العجوز أن يغادر قبل ذلك الوقت.

ابتعدت خطوات سيف حتى بدأ يشعر بالإنهاك ، لكنه تابع سيره حتى التقى بأصدقائه بطريقه ، و ما إن اقترب أصدقاؤه لتحيته حتى سقط على الأرض وأخذ يتألم وهو ينظر لغروب الشمس و السواد يمتد أكثر لعروقه وكأنه يحترق ، حتى التفوا حوله متسائلين عما يحدث له ، ساعدوه على النهوض حتى عاد لمنزله وما إن رأته والدته حتى أخذت تبكي متسائلة عن حال ابنها ، أخذته لغرفته حتى يستريح قليلاً ثم استدعت الطبيب الذي تعجب مما رآه ، جسده بالكامل ملأته العروق السوداء ، خرج الطبيب ليستدعي سيارة إسعاف وظلت معه والدته بالغرفة تنتظر ، لكنها سمعت صوت زوجها يستدعيها للخارج فذهبت إليه ، وما إن خرجت حتى أغلق الباب لتخرج من خلفه تلك الدمية متابعة :

– هل ظننت أنك ستستطيع الفرار مني ؟ الآن سأكمل ما بدأته ، ثم اقتربت من عنقه و هو ساكن ينظر إليها فجسده يتألم بالكامل ولن يستطيع حتى مقاومتها لو أراد ذلك ، ظهرت أنيابها تلك وقبل أن تقدم على فعل شيء سمعت صوت عزف ، نظرت للنافذة ثم التفتت إليه قائلة :

– سأعود لك فيما بعد لأكمل انتقامي.

ثم أسرعت للنافذة وقفزت منها ، بينما أخذ سيف يحاول النهوض و على وجهه ابتسامة سخرية متابعاً :

– ومن قال أني سأسمح لكي بالعودة.

تابع سيف خطواته حتى خرج من النافذة مستغلاً انشغال عائلته بالخارج ثم تبع تلك الدمية حتى ذهبت للعربة مجدداً ، لكن هذه المرة أخذ معه قنينة كبيرة مليئة بالبنزين من الفناء الخلفي لمنزلهم و أيضاً قداحة ، و يبدو انه يريد أن يشعل الأجواء قليلاً.

ما إن صعدت العربة حتى ألقى نظرة ، لقد كانت ممتلئة بتلك الدمى بملامحها الشيطانية ، أخذ يسترق السمع فوجدهم يتحدثون عن تبادل أرواح و أن الطقوس ستقام الليلة ، و ذكروا شيئاً عن ختم مرسوم على جبهة كل طفل تمكنهم من تبادل الأرواح معهم .

تذكر سيف ما حدثته عنه الدمية أنها ستمتلك جسد أخته و كيف انه لم يكن يجد تلك الدمية نهاراً ، فعلم أن كل دمية منهم قد اتخذت طفلاً كي تتبادل معه روحها ، كما فعلت دمية شهد.

لم ينتظر سيف أكثر من هذا فأسرع بإغلاق العربة وأخذ يحيطها بالبنزين من كل الجهات ثم أشعل قداحته وترك الأجواء تشتعل و ظل يستمتع بصراخ تلك الشياطين الصغيرة ، لكن سعادته لم تكتمل فقد وجد نفسه يصطدم بظلال تأتي من خلفه و تصيب تلك العربة حتى حطمتها ليجد نفسه محاصراً بتلك الظلال و الدمى المشوهة و يبدو انه أصبح هالكاً لا محالة ..

شعر بخطوات خلفه تقترب أكثر فأكثر ، التفت بهدوء ليجد شخصاً ما تخفي قبعته جزء من ملامحه ، رفع ذلك الشخص رأسه ونظر لسيف متابعاً :

– كيف تجرؤ على أن تخطو بقدمك هذه داخل أرضي ؟ اقترب متابعاً بصوت أعلى :  ثم تحاول إحراق أتباعي ، إما أنك شخص غبي أو لا تعلم من تتحداه ؟

تابع سيف بتوتر قائلاً :

– لا يهمني من أنت ؟ فلم آتي لأتعرف عليك .

– كم أنت وقح يا فتى ! ضحك بسخرية متابعاً : تعجبني وقاحتك تلك ، فأنت تذكرني بنفسي ، لكن إعجابي هذا لن يمنعني من قتلك.

ما إن نظر للدمى معلناً الإشارة حتى انقضت على سيف و تعالي صراخه و هذا ما جعل ذلك الشخص تعلوه الابتسامة ، لكنها سرعان ما اختفت عندما وجد أن الدمى تحترق شيئاً فشيئاً .

ما أن نهض سيف حتى تسلل السواد لوجهه واسودت عيناه تماماً ، اخذ ذلك الشخص يبتعد شيئاً فشيئاً عنه متابعاً :

– هذا التحول ، كيف أصبحت هكذا ؟

ابتسم سيف مشيراً للدمية خلفه :

– منها ، هل اعتقدت أني لا أعلم ماذا تعني ؟

لقد علمت من البداية أن ذلك كما يدعوه السحرة  ظلام الفودو ، لهذا أخفيته من البداية ، فأنا أردت القوة مثلما أرادها غيري.

ضحك متابعاً : هل تذكرت تلك الكلمات؟

– أنا أعلم من أتحدى لكن لا أستطيع أن أسميه تحديا فأنت لست نداً لي.

اقترب منه و ذلك الساحر يبتعد عنه أكثر متابعاً :

– فأنا دمائي الآن قد امتزجت بظلام الفودو ، أما أنت مجرد هاوي يتلو كلمات.

– و هذا الهاوي سيعلمك درساً لن تنساه.

هنا أشار للظلال و ما هي ثوان حتى أسرعت لتخترق جسده لكنها لم تضعف سيف بل زادته قوة فقد امتص طاقتها ، تلك الخدعة التي لم يستطع الساحر أن يؤديها لأنها فوق طاقته وربما تقتله وهذا بخلاف سيف .

استشاط الساحر غضباً فكيف لصبي صغير مثله أن يتغلب عليه ، من أرعب البلاد بلعناته يهزم على يده هو ؟ هكذا حدث الساحر نفسه متابعاً :

– لن يحدث أبدا.

حان الوقت ليستخدم ورقته الأخيرة ، استغل الختم المرسوم على رأس شهد و ما هي إلا ثوان معدودة حتى أصبحت بين يديه ، هنا انتاب سيف الذعر ، ما الذي سيفعله ؟

هكذا ظل يحدث نفسه ، نظر ليد الساحر ليجد شيئاً ما يلمع بيده، سكين عليها رمز لرأس دمية تتوسطها نجمة.

ما أن تلا الساحر بضع كلمات حتى أصبح نصل السكين أسودا ثم نظر لسيف متابعاً :

– قل لها وداعاً.

رفع الساحر يده وقبل أن يغرسها بصدر شهد حتى بدل سيف مكانه معها بتعويذة منه وغرست تلك السكين بصدره هو ، أخذ جسده يتحلل كدخان أسود يمتزج بالهواء وذلك الساحر تعلوه ابتسامة تستشعر لذة الانتصار ،

لكنه أراد المزيد فأخذ يتلو كلمات حتى تسللت قوة الظلام من جسد سيف إلى جسده.

شعر بتلك القوة لكنها كانت أكبر من طاقته ولم يستطع جسده تحملها ، انتقلت الابتسامة لوجه سيف الذي بدأ يتبخر وهو يرى جسد ذلك الساحر يحترق من الداخل حتى أصبح رماداً ، فكما يقال الطمع قل ما جمع.

عم الهدوء المكان بينما بكاء شهد على أخيها كان كالهمسات ، و ما هي إلا دقائق حتى وجدت و الديها يركضان نحوها ومعهما العجوز الذي أخبرهما انه بالتأكيد سيكون هنا أو بالأحرى كان هنا.

أنهى قائدهم القصة ثم حان موعد النوم ليعود كل شخص لخيمته ، تذكر طفل منهم انه ترك دميته بالخارج ، ليجد قائدهم ينظر للسماء بابتسامة تعلو وجهه ثم رفع ذراعيه و أغمض عينيه و كأنه يريد أن يضم القمر و فجأة تبخر بالهواء كسحابة دخان .

صبي صغير كان بطل هذه القصة فلا تدع صغر سنك أو ضعف جسدك يمنعك من أن تكون بطلاً بقصة ما ، فكل ما تحتاجه هو عقل يفكر و شجاعة لا تنتهي و لا تتعجب إن أصبحت كما تريد أن تكون ، فكما يُقال : يضع سره بأضعف خلقه .

تاريخ النشر : 2016-10-26

guest
31 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى