تجارب من واقع الحياة

في الخامسة عشر من عمري

بقلم : شهد – السعودية

في الخامسة عشر من عمري
أنا أختنق .. أختنق و أكاد أحترق

من أين سوف أبدأ ؟! نعم سوف أبدأ من ذلك اليوم الذي تحطمت فيه من غير أن أشعر ، لقد بدأت معاناتي منذ طفولتي ، فلقد تعرضت للتحرش لأكثر من مرة و من أكثر من شخص ، و الذي يقتلني إلى هذا اليوم أن أخي شخص من المتحرشين .. نعم أخي ، ففي النهاية سواء رضيت أو لم أرضى فإنه في الواقع أخي .. أخي الذي كنت أشكي له و أعتبره صديق إلى أن أتى ذلك اليوم المشؤوم ، اليوم الذي بدأت فيه استيعاب الحياة ، فلقد تذكرت كل شيء ..

كنت في حال يرثى لها ، لم أصدق ما حصل لي و أخذت أكذب نفسي .. لكن في الواقع أنه حصل ..

مرت الأيام و أصبح أهلي يضايقونني ، بدأ الضغط يزيد علي ، و بدأ أبي يضربني على أتفه الأشياء ، لم يكن ضرب إنسان واعي و عاقل .. و لم يكن الألم في جسدي بل كان في قلبي .

حصل نقاش حاد بيني و بين أخي الصغير ، فأتى أخي المتحرش و بدأ يضربني ، و فجأة بدأ يخنقني و يخنقني أكثر فأكثر ، بسرعة شديدة ، لم أعد أشعر بيده على جسدي ، و لم أعد أرى أي شيء أمامي ، لم أعد أشعر بألم ، كم هو جميل ذلك الشعور .. لثواني معدودة شعرت أنني أصبحت حرةً من ذلك الجسد ، فلقد كان جسدي بالنسبة لي سجن ، ذلك الإحساس بالحرية ، خروج الروح من الجسد .

فجأة و بدون أي مقدمات دخل أخي الآخر في لحظتها و دفعه عن جسدي ، ياليته تركني و لم يدفعه عني ، فلم أشعر أنني رجعت إلى الحياة ، بل شعرت أنني أصبحت جثةً باردة ، توفي أحدهم بداخلي لحظتها ، كنت في حاله مزرية ، و بكيت كثيراً .. يومٌ بأكمله و أنا أبكي كطفل يتيم يبحث عن أحدهم ليواسيه ، لم يكن حلقي يؤلمني ، لا تؤلمني يده التي خنقني فيها ، فهو في الواقع قتلني لأكثر من مرة في حياتي ..

بدأت المشاكل بالدخول إلى حياتي ، فلم يكتفي من محاولة قتله لي و لا من تحرشه ، فلقد بدأ أبي بضربي على أتفه الأمور ، لم يكتفوا من الألم الذي أعانيه ، بدأت أمي و إخوتي جميعهم بمضايقتي ، فلقد كنت أسمع كلام كالسم من أمي ، على أتفه الأمور تقول لي يا “زانية” !! عندما قالتها شعرت و كأن أحدهم أدخل سكين بقلبي ، نعم تلك الطعنة افقدتني الإحساس بأنها أمي ، لقد كنت أموت ببطء من غير أن أشعر ، لقد حاولت الانتحار لأكثر من مرة و مع الأسف كل محاولاتي باءت بالفشل ، لم يكتفِ المتحرش بقتل روحي بل رجع يضربني و يخنقي ، لم يؤلمني ذلك الجسد المليء بالعلامات و الدماء ، لم يؤلمني ظهور الشيب في شعري من الهم ، بل آلمتني روحي .. لقد مللت ..

أصبحت غير قادرة على التنفس جيداً ، و عندما أتضايق نفسي ينكتم بشكل لا شعوري ، أصبح أهلي يخجلون مني ، فأنا في متجتمع المرأة تغطي وجهها .. لم أعد أخرج من البيت إلا نادراً ، فقط من المدرسة إلى البيت لكي لا يرى الناس وجهي فأنا غير قادرة على تحمل غطاء الوجه لأنني أختنق بسرعة ، من بعد أن خنقني أخي لم أعد أتنفس بشكل عادي ، أحياناً بلا سبب فجأة أختنق و كأن جسدي يذكرني بالذي حدث معي ..

أصبحت مشتتة الذهن لست قادرة على التركيز في شيء ، أصبحت كثيرة النسيان ، درجاتي بدأت بالنزول ، استفدت شيئاً واحداً مما مر معي و هو أني تعلمت كيف أسقط و أقف لوحدي .. أن أنكسر و أقف بلا مساعدة أحدهم ، لكنني أحترق ، أحترق من داخلي و أختنق ، مللت الكذب على نفسي و قول أنني اعتدت على كل شيء ، فبالعقل .. هل هناك إنسان يعتاد على شيء كهذا ؟!

لم أعد أحتمل أي شيء ، أصبحت أشعر بأنني أذوب كالشمعة ، لم أعد قادرة على إكمال حياتي هكذا ، أحياناً أقف للحظة و أقول لنفسي .. كيف أنتِ قوية إلى الآن ؟!!

تاريخ النشر : 2016-12-08
guest
34 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى