أدب الرعب والعام

يتيمـــــة

بقلم : هبة – الجزائر

يتيمـــــة
أدركت أني أصبحت شبحاً !!

أنا الآن أجلس في الظلام وحدي ، لا أحد في هذا العالــــم المخيف سيرأف بي ، نعم .. فأنا مجرد فتاةٍ يتيمـــة في عالم الأرواح .. أنتم تتساءلون : ماذا حدث لي ؟ سأحكي لكم قصّـتـــــي ..

***

في ذلك اليــوم .. عدت للمنزل حاملةً محفظتي و علامات التّعب باديةٌ عليّ ، ارتميتُ مباشرةً على سريري و ذهبتُ في نومٍ عميـــقٍ .. فالمدرسة المحترمة التي بدأت من شروق الشمس قد نالت منّي فعلا ! و ما أنا إلّا طالبــــةٌ في سن الخامسة عشرة ، أعيش حياةً عاديةً مع عمتــــي و زوجها ، أصدقائي في الحي و المدرسة ينعتونني بـ “اليتيمــــة” ، والداي توفيا في حادث سيرٍ و عمري شهران فقـط ، لم أعرف ما معنى أن يكون لكَ أمٌّ أو أبٌ ، كل ما كنت أعرفه عنهما هو شكلهما الذي لم أره إلّا من الصــــور ..

زوج عمتي يذهبُ للعمل فجراً و يعودُ وسط الظلام الدامس ، نادراً ما أرى وجهه ، لكن ما أعرفه عنه أنه سيءٌ ، فعمتي تشتكي منه طوال الوقت ، صحيحٌ أن معاملة عمّتي لي لم تكن بمثابةِ لطف أمي و حنانها ، و لكن لا يمكن لي أيضا أن أُنكــــر فضلها عليَّ ، هي ليست بالقســـــوةِ التي تتخيلونها لكنها أيضًا ليست جيـــدة كما أريد أنا .. على كلٍّ ما أريدهُ غير مهم

أزعـج سباتيَ ذاك صوتُ مُنَــــادٍ :
– مروة .. تعالي إلى هنا و ساعديني
آه .. إنّها عمتـــي ، لم أنل بعدُ ما يكفيني من الراحة لكن ما باليــــد حيلةٌ ، انتفضتُ من فراشي و توجهت إلى المطبـــخ ، كانت العمة تنتظرني و قد جهزت أكوماً مكوّمـــةً من الصحون لأغسلها ، و بعد أُفٍ و آهٍ و ما إلى ذلك شرعتُ في هذا العمل الممـــل طبعاً ..
لم أتوقع أن المساء المشؤوم سيحل بهذه السرعــة ، لكن حدث ما حدث و وقعت المصيبةُ ، كانت الساعة تشير إلى العاشـــرةِ مساءً ، و كنتُ أجلـــس في غرفتي و أنا أحلّ بعض الواجبات رغماً عنِّـي ، و في الوقت نفسه أقراُ كتباً عن العالم الآخر و الأرواح بعد الموت ، فأنا أحب بل أعشق هذه الأشياء ، بينما عمتــي كانت تجربُ بعض الوصفات الطبيعية لشعرها و هي أمام المـــــرآة ، الجو هادئٌ و يخيم عليه سكونٌ رهيب ، كأغلبُ البيــوتِ الخاليةِ من الأطفال المزعجيـــن هكذا ..

سمعتُ – و أنا في غرفتي – طرقاً مزعجاً و مفاجئاً على الباب زعزع قلبي من مكانه ، تَبِعهُ أمرٌ من عمتي بفتح الباب لأنها مشغولةٌ ، فانتفضتُ مسرعةً لأرى من الطارق . نظرتُ من فتحة مفتاح الباب فلم أرَ أحداً هناك ، راودتني شكوكٌ أن أحد أطفال الجيــــران يحاول المزاح فهذا من عادتهم ، لم أكن أحب الأطفال كثيـــراً و هذا ما يعرفه عني الكثيرون ، إذ أنه ليس لدي إخوةٌ ، اشتعل بركان الغضب بداخلي و فتحتُ الباب و أنا أُردِّدُ صارخةً

– تعال إلى هنا أيها القـــردُ الصغير ، سأجعلك تدفعُ الثمـــن ..

لكن سرعان ما توقفتُ مندهشةً أمام ذلك المنظــــر .. زوجُ عمتي متَّكئٌ على الحائــط و تبدو عليه علامات التعب .. لم يهاجمهُ لصٌّ أو قاتلٌ أو تعرض لحادثٍ كما قد يخطر ببالكـــم . لكن هو المذنب ..

دخل للمنزل و هو يترنح هنا و هناك ، و يتمتم بكلماتٍ غير مفهومـــةٍ ، بل أقول ليس لديها معنى أصلاً ، دخل إلى غرفة عمتــــي فوجدها مع شعرها تهذبهُ ، لم تتدارك الأمــر حتى ضربها على رأسهـــا ، لم أرَ شيئاً في تلك اللحظة غير الدمـــاء المتطايرة على قميصه و قطع تلك الزجاجةِ التي بيده مكسورةً ، لمحت بعدها عمتي و هي تسقط أرضاً ، لم تكن تلك الأحـــداثُ بالبطء الذي يبــدو ، بل جرت بسرعة خاطفة ..

و سرعان ما التفت الرجل المجنــــون نحوي ، فهرعتُ للباب و كلّي أملٌ في الخروج سالمــةً ، و لكن على ما يبدو زوج عمتــي صارَ عدّاءً ماهراً ، فقــد سبقني إلى الـــــباب و أغلقه .. يا إلهـــي كم أرعبني صوتُ المفتاح عندما أغلــق الباب ، أحسست عندها أن نهايتي قد أتت ، فلـــم يكن لديَّ مخــرجٌ .. اقترب ذلك المجنــــون منِّــي شيئاً فشيئاً و أنا أرجع للـــوراء ، و باشرتُ بالهرب و الاختباء بغرفتي و إقفال الباب و أطرافي ترتعش ، و لكن تجري الرياح بما لا تشتهي السفــن فقد اختفى المفتاح .. سحقًا ما هذا الموقف ، أنا الملامةُ لأنني أُهْمِــلُ ترتيب غرفتي كما يجب .. على كلٍّ هذا ليـــــس وقت العتاب ، ما عساني أفعل في موقفٍ كهذا !؟

سمعتُ خطواته .. كان صوتَ خطواتٍ عالية تتجه نحوي مسرعةً ممزوجةٍ بضحكاتٍ و قهقهاتٍ عالية ، عرفتُ أنها نهايتي المحتومة ، فتح الباب و نظر في وجهي ، و هنا صرختُ بقوةٍ و دفعتهُ و عدتُ إلى غرفة عمتي ، لم يكن لديَّ حــلٌّ غير طلب النجـــدة عن طريــق الهاتف فلا أحد من الجيران سيسمعُ صراخي ..

أمسكتُ هاتف عمتي و أنا أرتعش خوفًا و الرجلُ قادمٌ نحوي ، و لكن هنا المشكلة ! عمتي تضعُ رمزاً سرياً لهاتفها لتأمن عليه مني – كما تزعَمُ هي – و كي أُركِّــــز على دراستي لم تشترِ لي هاتفاً ، فوق ذلك لم أكن لأحفظ رقماً واحداً من أرقام الطوارئ ، كنت أعدُّها سخافةً فمن سيحتاج لها يوماً ؟ و الآن حقًّا أنا في موقفٍ لا أُحسَـــــدُ عليه .. و أخيــراً استسلمتُ للأمـر الواقع ، وصل الوحش إليَّ فلم أرفع رأسي لشدة خوفي ، و انتظرت الضربة المؤلمة التـــي ستأتيني على رأسي أو في أيِّ مكانٍ من جسدي ، و لكن كان الأمــرُ مخالفاً ، فقد سمعتُ – و أنا متأكِّــــــــدَةٌ – صوت ضربٍ قويٍّ ، و أحسست بشيءٍ يلامس رأسي ..

و بطريقةٍ لم أفهمهــــــا وجدتُ نفسي واقفةً ، و رأيتُ جثتــي و الرجل يتلاعبُ بها ، لكن الغريب في هذا كلِّــــه أنهُ لم يلحظني .. لم أعـــد أفهمُ شيئــا في ما يحدثُ فأنا أرى نفسي !! و إذا كنتُ أرى نفسي فمن أنا إذاً ؟ أو ما الجســـد الذي أنا فيه الآن !؟؟ اختلطت عليّ الأمــور فذهبتُ في تفكيرٍ عميــق ، شعرتُ أنني أمام معادلةٍ صعبــةٍ كأني عدت لدروس الجبر .

ما حدث بعدها أغضبني فعلًا و لم أتمالك نفســــي ، قام ذلك الرجل اللعيـــن بحرق جثتي و جثة عمتي و هو يبتسم بمكــــرٍ .. و مجدداً اشتعلت نيرانُ الغضـــب بداخلـــي رغم أني لم أكـــن أعرف ما يحصل حقـــاً ، فلم أتمالك نفسي و تلقَّفْتُ المكنسة أمامي و رميتهُ بها فصرخ مُتَأَلِّمــاً .. طبعاً تفاجأ من أين أتت هذه المكنســة ، هو لم يكــــن يستطيــعُ رؤيتي لأنني ببساطةٍ صرتُ شبحاً أو بالأحــرى روحاً لشخصٍ ميت ..

لكنه أحمــقٌ بامتيازٍ فقد عدَّ هذا مجــرّد صدفةٍ و أن المكنسة لم تكن موضوعةً بشكلٍ جيدٍ ، هكذا هم البشر يحاولون إيجاد تفسيراتٍ منطقية للأشيـــاء الغريبة حتى لا يتعبوا عقولهم بالتحليـــل و التفكيـــر ..

دعوني من كل هذا فهناك ما يشغلني الآن ، أنا ميِّتَــةٌ !! انتهى وجودي في عالم البشــر ذاك ، لكن ما يحيرني فعلاً ليس هذا ، بل كيف صارت تصرفات زوج عمتي بهذه الفظاعة و الوحشية و “اللاإنسانية”
لا شك أن كلّ هذا من الكحول الذي يتعاطاهُ .. فقد زادت مشاكلهُ مؤخراً و تراكمت عليه ديونٌ كثيــــرة ، و عجز على تسديدها ، فلجـــأ إلى السعادة المزيفة – كما يقولـــــون – و علق بالوحل ، و بذلك لم يستطع الخروج منهُ و قادهُ إلى الأبشـــع و هو جريمة قتل ، ليست أيّ جريمة بل إنه قتل زوجَهُ و ابنة أخيها !

غط بعد ذلك في نوم كأنه سبات طويلٌ و أنا بقيتُ أراقبُ ، قلت لنفسي :

سأعطيه فرصةً أخيرةً علَّـــهُ يندم على ما فعل و يسلّم نفسه للشرطــة ، و سأسامحه بعدها ، فهو على الأقل أراحني من العذاب الذي كنتُ فيه ..

و عندما أقول عذاب فإنني أقصد هنا أنني كنت يتيمةً و مشاعري أصبحت جامدة ، أما هنا فلست يتيمةً و لن يقول لي أحد هذه الكلمة التي أمقتها بشدة .. بصراحةٍ الأمر رغم ضخامته لم يكن ليزعجني أو ينغّص عليَّ فرحتي ، فأنا حرةٌ الآن ! و بصراحـــةٍ زائدةٍ أنا ممتنّــــةٌ جداً لزوج عمّتي و لو أنه قد ” قتلنـــــي” .. و لكن لا فرار من الانتقام إذا لم ينـــدم على ما فعل .

حل الصبـــاح و استيقظ الزوج ، و رأى ما فعلهُ ، و بالتأكيـــــد أنا كنتُ أراقب ردة فعله ، لم يشعر بالندم قطُّ بل تعالت ضحكاته و أكمل طريقهُ للحمام و اغتسل ، غضبت جداً لتصرفه ذاك ، و قررت الانتقام الآن لي و لعمتي المسكينة ، و لكن مهلًا ! أتى رجلٌ بعد أن اتصل به زوج عمتي ، كان رجلاً ضخماً مفتول العضلات ذو ملامحَ لا تسرُّ الناظرين ، فهمتُ من حديثهما لاحقاً أنها صفقةٌ صغيرة قام فيها زوج عمتي ببيـــع البيت بطريقةٍ غير قانونيّـــةٍ لذلك الرجل ، و هذا يومُ استلام المنزل من قِبَلِ المشتري ، تصافح الرجلان و خرج الزوج و وجهُهُ تعلـــوه الغبطة ، لم أتدارك نفسي و قد قفزت إلى سيارته معهُ ..

انطلق بها و هو يظن أنه وحده ، فانتظرتُ وصوله إلى الطريق السريع و عطلت الفرامل و خرجت من السيارة و بقيت أراقب عن كثبٍ . حدث بعدها ما هو متوقع ، دوّى انفجارٌ عظيم إثر اصطدام شاحنةٍ بها سائل سريع الالتهاب بسيارة زوج عمتـــــي .. و أخيــراً ارتحت و هدأت شعلة الغضب داخلــي ، و رجعتُ إلى المنزل لأنتقم من الرجل الآخر ، فوجدته قد أحضـــر ضيوفاً معه ، و أحضر عائلتهُ بأسرها .. يا للعجب ! ألا يؤنبه ضميرهُ على ما فعل ؟!

لا بأس أنا صرتُ مختصَّة في تلقين الدروس للمبتدئين أمثاله و أمثال العجوز الخرف زوج عمتي ، ما كان عليّ إلا انتظــــار المساء حتى أبدأ ببعض اللــــــهو الذي أحببته على ما يبــــدو ، إنه شيءٌ مُسَـــلٍّ حقاً أن أخيف الجميع ، و لا سيما أولئك الأطفال الصغار الذين لم و لن أحبهـــم ..

و بمجرد حلول الظلام و خلــــود أهل البيت الجدد و الذين لن يطول مكوثهم للنوم ، ذهبت إلى المطبخ و بدأت أعبث بأثاثهِ ، تغيير أماكن هذه هنا و إصدار بعض الجلبة هناك و يفزع من في البيتِ ، و فعلاً هذا ما حصل ، فقد هرع الجميع للمطبخ ليروا ماذا هناك لكنهم لم يروا أحداً .. و استمر الأمر لثلاثة ليـــــالٍ متتاليات ، و في الرابعة قررت تغيير اللعبة قليلًا ..

زوجة الرجل كانت تنظر في المرآة التي توفيت عمتي أمامها و تتغنى بجمالها – الفظيع في نظري – و هي تغنّــي ، فقمت ببعض التغييــــــرات على شكلي و جعل شعري يبدو بشكلٍ مخيــــف كالأشباح التي كنت أراها على قنوات التلفـــاز ، فما إن رأتنــــي حتى تغير لون وجهها و خرجت من الغرفة بسرعة البــــرق و نادت زوجها ، بينما جلست أنا هناك أمشط شعري و أنظر للمرآة كملكةٍ متربّعـةٍ على عرشها ، فرأيت علامةً دائريّةً سوداءً وسط جبيني ، بالتأكيد لم تكن هناك عندما كنت حية ، إنها علامة مميِّــــزةٌ للأرواح “الحرة”..

عادت المرأة و معهـــــا زوجها فرأياني و رآني أولادهما ، لن أنسى ذلك الموقف المضحك ، لقد بَدوا كالفئـــران ، فقد افترقوا و جَروا في كل أنحاء البيت ، و خرجوا و وجوههم مصفرّة .. و ما هي إلّا فتـــــرةٌ حتى شاع بين أهل المدينـــة أن المنزل مسكـــون ، و لم يعد أحد يجرؤ على الدخول إليـــه ..

في إحدى المــــــرات كنت كعادتي أراقب الناس من شرفة منزلي كما اعتدت أن أفعل و أنا حيّــة ، فلاحظتُ شيئاً غريبــاً ، جاران من جيراني البشـــر قادمان للمنـــزل حيث أمكث أنا و بصحبتهما شيخ ، إنّها فعلاً مشكلة ، لا شك أنهم سيطردوننــــي من منزلـي ، منزلي الذي عشت فيه ذكرياتٍ مع عمتي التي هي بمثابة أمي ، دخل الثلاثة إلى الـــمنزل فأخذ الشيخ يرشُّ ملحاً هنا و هناك و في كلّ أركان البيت و يقـــرأ آياتٍ من القرآن ، بالطبــع أنا لم أكن لأبقى هناك فقد قفزت من النافذة و ذهبتُ ، قام الشيــخ بتحصين المنزل و غادر ، و بشّـــر أهل مدينتي أنهم لن يخافوا من “الروح الشريرة” كما يسموننـــي .

عدت إلى منــزلي و أنا أشعر بغضب لا حدود له ، و لكن رأيت حولهُ هالةً لونها أخضـــر ، تقدمت من الباب و أردت فتحه و لكن .. انتهى الأمـر ، خسرت منزلـي أيضاً ، فقد قام الشيخ بوضع أشياءٍ فيه تمنعني من الدخول إليــه ، أردت أن أنتقم من ذلك الشيخ ، لكنني تمالكت نفسي فأنا لست “روحاً شريرة” و سأثبتُ لهم ذلك .. بقيت مشكلةٌ وحيــــدة ، أين أذهب الآن ؟ أ أعيش في الشوارع ؟

يظن الناس أن الأرواح لا تحتاج للعيــــش في مكان آمن مثل معشر الأحيــاء ، لكن و في هذا العالم أيضاً يوجد لصوصٌ و أشرار ، ليس هناك قتلةٌ بالطبع فأصلاً نحن ميتـــون هنا ، لكن هناك نوعٌ آخرٌ من القتلــــة ، أرواح تسمى بملوك السجن .. لا شك أنكم تتساءلون : من ملوك السجن هؤلاء ؟ سأخبركم بما عرفته في الأيّــام السابقة عن عالم الأرواح هذا ، ملوك السجن يقبضون على الأرواح المتشردة – مثلي أنا – أي التي لا تعيــش في أُسَـرٍ أو عائلاتٍ أو لها بيوتٌ تأويها ، و يأخذونها إلى ما يسمّى بالسجن ، و هو أشبه بالميتــم عند الأحياء و لكنه أشدّ قسوةً ، إذ تُجبــر فيه الأرواح الصغيـــــرة على العمل ليل نهار ، و يسلبون منهم حريتهم ..

غرقتُ في أحزاني و أنا تحت ظلام الليـــل الحالك ، كنتُ يتيمةً في حياتي و أنا الآن يتيمةٌ حتى بعـــد مماتي !! حاولتُ أن أدخل إحدى المنازل لكن طيبــــة قلبي تمنعنــي ، لا أدري ماذا غيّـــرني فجأة ! لكن لا أستطيـع ، أنا كنت أريد منزلـــي فقط ، لم أكن “روحاً شريرة” قطُّ ، لكنهم فقط أساؤوا الظن بي ، عموماً لن أدخل منازل الآخرين و سأحافظ على أخلاقي حتى و أنا ميتــــــة ..

جلست في إحدى الزوايـــا المظلمـة و أنا أنتظــــر ملوك السجن ليأخذوني معهم ، هذا مصيري المحتــوم الذي آمنتُ به و صدّقت ، لا فرار منهـــــم ..

ضممت يدَيَّ لرُكبتَـــــيَّ و حصرتُ رأسي بينهما ، سمعت و أنا في تلك الحالةِ صوت أقدامٍ كأنه صوتُ أقدام جنــود و عساكر ، رفعت رأسي فإذا بأشخاص يرتدون الســـواد ، وجوههم مغطاةً تمامــاً ، أدركت أنهم الملوك ، أمسكوني من ذراعي و اقتادوني معهم و أنا أصرخ “دعوني .. لا أريــــــد أن أسجن .. أنا لست يتيمة ، لست يتيمة “

فرد أحدهم ببـــــرودٍ “بلى أنت يتيمــــة ، و ستبقيـــــن كذلك “

***

في النهاية عليّ أن أرضى بقدري ، فأنا يتيمة و مهما حاولت فسأبقى كذلك تماماً كما قال .. ظللت يتيمة و أنا راضيـــــة .. نعم أنا يتيمــــة إلى الأبــــــد .

تاريخ النشر : 2017-01-07

هبة

الجزائر
guest
32 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى