ألغاز تاريخية

ألغاز تاريخية بلا تفسير (1)

بقلم : فرح عبد المجيد – العراق
للتواصل : [email protected]

هناك اسرار كثيرة في هذا العالم بانتظار من يميط عنها اللثام

عالمنا كبير و واسع و مليء بالأسرار التي لا زلنا إلى اليوم نكتشف اجزاءا منها , ومنها ما سيبقى لغزا غامضا للأجيال القادمة. عبر السنوات ظهرت إلى الوجود العديد من الآثار المثيرة للجدل و التي قد تكون خدعا متقنة , أو لعلها تكون حقيقية, والقائمة التالية هي ملحق بمقالي السابق , لكن هذه المرة الآثار حقيقية وموثقة في المتاحف ولم يتمكن العلماء من تفسير وجدودها أو المعنى من وراء صناعتها و لهذا تبقى سرا مجهولا وغامضا.

 

مخطوطة غيغاكسCodex Gigas  

ألغاز تاريخية بلا تفسير (1)
مخطوطة عملاقة .. هل كتبت حقا خلال يوم واحد !!

وتعرف أيضا بـ ( كتاب الشيطان) لاعتقادهم ان الشيطان هو من قام بتأليفها وكذلك لوجود صورة الشيطان على صفحة كاملة منها, وهي عبارة عن مخطوطة ضخمة يعود تاريخ كتابتها بحسب التقديرات إلى القرن الثالث عشر الميلادي وقد كتبت في أحد أديرة الرهبنة البندكتية في بوهيميا (جمهورية التشيك) . وهي موجودة الآن في المكتبة الوطنية في ستوكهولم (السويد) .

الكتاب ضخم , يحتاج إلى شخصين لحمله , ومتكون من 160 صفحة مصنوعة من جلد الحيوانات.

بحسب الأساطير فأن هذا الكتاب الغامض تمت كتابته من قبل راهب خالف عهود الرهبنة وأقترف آثاما كبيرة فحكموا عليه بأن يوضع في حجرة ثم يسد عليه الباب بجدار , أي أن يدفن حيا داخل حجرة ليموت ببطء من الجوع والعطش . ويقال بأن الراهب لكي يتفادى هذا المصير الأسود التمس أن يمنحوه مهلة من الزمن قبل أن ينفذوا فيه العقوبة حيث وعدهم بأن يكتب لهم كتابا عظيما يضع فيه جميع علوم زمانه ويكون سببا في تخليد أسم الدير إلى الأبد . فوافق الرهبان على طلبه بشرط أن ينتهي من الكتابة في يوم واحد , وفي حال فشل في ذلك فستنفذ فيه العقوبة فورا.

الراهب شرع في الكتابة في الحال , ومر الوقت مسرعا , وعند انتصاف الليل لم يكن الراهب قد أكمل سوى بضعة صفحات , فأدرك بأنه من المستحيل أن يفي بوعده بكتابة الكتاب بيوم واحد , لذلك راح يصلي طالبا المساعدة , لكنه لم يصلي إلى الله , بل إلى الشيطان , طالبا منه أن ينقذه من المصير المفجع على أن يتنازل له عن روحه بعد الموت .

وبالفعل استجاب الشيطان للراهب , وساعده على أكمال الكتاب في بضعة ساعات , أي قبل طلوع الصباح , وكنوع من العرفان والشكر فقد رسم الراهب صورة للشيطان على صفحة كاملة من الكتاب .

في الصباح كانت هناك مفاجأة عظيمة بانتظار الرهبان عندما وجدوا زميلهم الراهب المذنب وهو يبتسم بخبث وبين يديه كتاب ضخم يحتوي على مختلف أبواب العلوم والآداب .

طيب ماذا حل بالراهب ؟ .. هل تم العفو عنه ؟ .. أم نفذت العقوبة فيه ؟ .. في الحقيقة لا نعلم .. لكن المعلوم أن هناك 12 صفحة ممزقة من الكتاب لا احد يعرف ماذا كانت تحتوي , وبحسب الأسطورة فأن تلك الصفحات كانت تحتوي على الصلاة الخاصة التي أبتهل بها الراهب إلى الشيطان لينقذه من الموت , ولعلهم مزقوا الصفحات لكي لا تنتشر ويلجأ إليها الناس في الشدائد بدل الابتهال إلى الله .

ألغاز تاريخية بلا تفسير (1)
اكتسبت المخطوطة اسمها من رسم كبير للشيطان على احدى صفحاتها

بعيدا عن الأساطير , فأن محتويات الكتاب غريبة حقا , خليط غير متجانس , حيث يضم نصوصا من النسخة اللاتينية للإنجيل يتخللها مقاطع من عدة كتب أخرى مثل كتاب (آثار اليهود القديمة) لـ (فلافيوس جوسيفوس) و نصوص طبية لكل من ابقراط و ثيوفيلوس وكذلك شرح تاريخ بوهيميا إضافة إلى كتابات عن طرد الأرواح و وصفات سحرية و رسم لمدينة سماوية.

والعجيب أن خط الكتابة ثابت ومستمر ومتشابه في كل صفحات الكتاب وكأنما بالفعل تمت كتابته من قبل شخص واحد وخلال فترة قصيرة من الزمن.

لكن هل يمكن فعلا كتابة هكذا كتاب بيوم واحد ؟ ..

الباحثين والمختصين بالكتابة والخطوط يقولون بأن كتابة هكذا كتاب من قبل شخص واحد سيحتاج إلى خمس سنوات من العمل المتواصل . ويرى بعض العلماء أن الكاتب استغرق حوالي 30 عاما لكتابته.

 

ألواح رونغورونغو في جزيرة الفصح The Rongorongo Writing Easter Island

ألغاز تاريخية بلا تفسير (1)
تشتهر جزء الفصح بتماثيلها العملاقة التي تثير الدهشة

كثير من الناس سمعوا بتماثيل (مواي) في جزيرة الفصح أو كما تعرف بالإنجليزية بجزر ايستر , وهي جزر تابعة لدولة تشيلي وتقع في عمق المحيط الهادي الجنوبي .

تماثيل المواي ضخمة وغامضة , عبارة عن رؤوس بشرية عملاقة تحدق إلى السماء بلا كلل , وهي شهيرة جدا , لكن الجزر تحتوي على أمور وأسرار أخرى أقل شهرة وقلما سمع الناس عنها مع أنها ليست أقل غموضا من التماثيل العملاقة . ولعل الألواح الخشبية الأربع والعشرون التي عثر عليها هناك هي واحدة من تلك الأسرار المحيرة.

الغريب في هذه الألواح التي تعرف بأسم ألواح رونغورونغو هو أنها تحتوي على رموز وعلامات يعتقد العلماء أنها نوع من الكتابة , لكن أحدا لم يستطع فك شفرة هذه الرموز ومعرفة كنهها رغم العديد من المحاولات .

ألغاز تاريخية بلا تفسير (1)
هل هي شكل من اشكال الكتابة ام مجرد نقوش ؟

وإذا ما ثبت أن هذه الرموز هي فعلا كتابة و ليست مجرد نقوش ورسوم , فسيمثل هذا إحدى المرات النادرة في تاريخ البشرية الذي تم اختراع الكتابة فيه بشكل مستقل ومن قبل مجتمع صغير, لأن هذه الجزر كانت معزولة عن العالم بالكامل إلى حين اكتشافها من قبل الأوربيين عام 1722 .

ويعتقد بعض العلماء أن فك شفرة هذه الرموز قد يعطينا أجوبة حول سبب انهيار حضارة سكان جزيرة عيد الفصح الأوائل ووصولهم إلى شفا الانقراض.

في الواقع جزيرة الفصح أو القيامة مفعمة بالأسرار والغرائب , وهناك من يربط بينها وبين حضارة متطورة حمل شعلتها مسافرون قادمين من عوالم أخرى , ولعل لهذا السبب تحدق تماثيل الفصح إلى السماء باستمرار , ربما تترقب عودة أولئك الغرباء الحكماء .

كوبيكلي تبه في تركيا Göbekli Tepe

ألغاز تاريخية بلا تفسير (1)
هل في العصر الحجري كانوا يبنون هكذا بنايات عملاقة ؟

آثار (كوبيكلي تبه) تقع أعلى قمة لسلسلة مرتفعات على بعد 15 كم جنوب شرق الرها , جنوب تركيا حالياً , وهي مكان غامض ومفعم بالأسرار بكل معنى الكلمة , بل هي في الواقع تعد بمثابة لحظة خارجة عن المألوف في تاريخ البشرية , فنحن هنا نتكلم عن مبنى أثري مشيد من الصخور العظيمة التي تزن أكثر من عشرين طنا للصخرة الواحدة والمزينة بنقوش نافرة رائعة .

طيب أين الغريب في ذلك ؟ .. هناك الكثير من الأبنية العظيمة في تاريخ الشرق الأوسط القديم .

الغريب هو أن هذا المبنى يعود لعصور سبقت ظهور الحضارة كما نعرفها في واديي النيل والرافدين , أي الحضارة السومرية والفرعونية , فهذه الجلاميد الصخرية عمرها أكثر من 9500 قبل الميلاد , أي أنها تسبق بحوالي 5000 عام بناء أحجار ستونهينج الشهيرة في انجلترا , بعبارة أخرى نحن هنا نتحدث عن مبنى يعود إلى العصر الحجري , لكن بدلا من منظر الكهوف المظلمة والفؤوس الحجرية التي عرفها إنسان العصر الحجري نرى هنا بناء عظيم يثير الإعجاب والدهشة.

ألغاز تاريخية بلا تفسير (1)
اخبرونا بأن انسان الكهف كان جاهلا يعيش كالحيوانات .. فمن الذي شيد هذه المسلات العملاقة إذن وزينها بالنقوش النافرة؟!

البناء عبارة عن جندل صخري , والجندل هو الصخر الضخم المجتمع , وقد عرفت أوروبا القديمة هذا النوع من البناء . والمحير هنا هو كيف تمكن إنسان العصر الحجري المتخلف والجاهل والذي لا يملك سوى عصا في رأسها حجر صوان .. كيف تمكن من زحزحة وصقل ونقل هذه الحجارة العظيمة ؟ .. ولأي غرض تكلف عناء بناء هكذا مبنى مهيب .

و لقد لاحظ العلماء انه لا يوجد نشاط سكني في هذا المكان , وهو مما يزيد من غموض الأمر برمته. وهناك من يرى أن هذا الموقع كان منزلا أو مأوى للمستوطنين الأوائل في المنطقة.

العلماء اليوم يعتقدون على نحو واسع بأن هذه الآثار تحمل قيمة دينية أو كانت مكاناً لإقامة الشعائر دينية , وأنه قد تم بناءها من قبل حضارة منقرضة عاشت قبل آلاف السنين , و هذا من جهة يقلب الخط الزمني الذي وضعه العلماء لمفهوم تطور الدين أو الديانات , ومن جهة أخرى يعزز ما تقوله النصوص الدينية من أن البشر من أحفاد آدم عرفوا الدين والعبادات منذ سحيق الأزل ثم غرقوا لاحقا في عصور الظلام .

 

متعدد الوجوه الروماني Roman Dodecahedrons

ألغاز تاريخية بلا تفسير (1)
ما هذه الاجسام الغريبة ؟ .. وما الغرض منها ؟ .. تبدو كأنها جزء من محرك سيارة أو آلة حديثة .. لكن عمرها في الحقيقة آلاف السنين 

متعدد الوجوه أو أثنا عشري السطوح هو مجسم غريب تم العثور عليه في أماكن كانت في فترة من الفترات تحت الاحتلال الروماني (الإمبراطورية الرومانية) , في الواقع تم اكتشاف حوالي 100 من هذه الأجسام غريبة الشكل و التي لا زالت تشكل لغزا يستعصي حله إلى يومنا هذا , فهي مجهولة الغرض و لا يعرف السبب من وراء صنعها , وهي معقدة بحيث تبدو كأنها غرض من أغراض الإنسان الحديث , ولعل من يراها للوهلة الأولى ويرى مقدار تعقيدها هندسيا ودقة وحرفية صنعتها قد لا يصدق بأنها مصنوعة قبل آلاف السنين .

ولقد سميت بـ (اثنا عشرية السطوح) بسبب شكلها الهندسي , فهي تشبه النرد المستخدم في ألعاب القمار , لكن لها 12 وجها وليس 6 فقط كما في النرد , و كل وجه  منها عبارة عن سطح خماسي الأضلاع ويحتوي على ثقب أو فراغ في وسطه , وهي مصنوعة من الحجر أو البرونز بقطر 4 – 12 سم , وتوجد بروزات صغيرة عند زواياها .

المحير هو أنه وعلى الرغم من كون الرومان دقيقين جدا في تدوين كل ما كانوا يفعلونه أو يقومون به أو يصنعونه من أغراض وأجسام .. إلا أنهم لم يأتوا أبدا على ذكر هذه المجسمات الغريبة في كتاباتهم .

هناك نظريات كثيرة حول ماهية هذا الغرض , البعض يعتقد أنه كان بمثابة النرد , أو مكان لتثبيت الشموع , أو أداة لقياس المسافات والأبعاد , أو لقياس سرعة تدفق المياه , أو لعبة للأطفال , أو أنها كانت تستعمل لحساب الوقت الأمثل لزراعة الحنطة في الشتاء , أو أنها كانت أداة تستعمل في الحرب  .. وحتى أن احدهم اقترح أنها أداة للحياكة .. وهناك فرضية قوية على أنها أداة ذات استعمالات فلكية ودينية و ذلك لأن العديد منها تم إيجادها في المعابد.

ولقد عثر العلماء على بعض هذه المجسمات في خزائن الأموال القديمة , مما يؤكد كونها من الأشياء عالية القيمة في ذلك الزمان .

في الواقع كل ما قلناه سلفا يبقى في حيز النظريات والفرضيات إلى حين إيجاد دليل مكتوب عنها, وبغير هذا ستبقى لغزا غير محلول.

هوامش

جزيرة الفصح أو جزيرة القيامة هي جزيرة تقع في المحيط الهادي الجنوبي، وهي جزء من تشيلي. تعتبر إحدى أكثر الجزر المعزولة والمأهولة بالسكان في العالم. وهي مثلثة تقريباً في الشكل، مساحتها 163.6 كيلومتر مربع , وعدد سكانها 3791 . الجزيرة مشهورة بتماثيل المواي الصخرية الموجودة على طول الأشرطة الساحلية , التماثيل عبارة عن نموذج بشري محدد , بعضها له غطاء مستدير حول الرأس يزن وحده 10 طن, وكل تمثال منها يمثل الرأس والجذع فقط وأحيانا الأذرع وبلا أرجل ولقد تم صنع هذه التماثيل من الرماد البركانى بعد كبسه وضغطه ثم صقله وتسويته ويبلغ وزن كل تمثال 50 طن وطول كل منهم 32 مترا بالضبط ولم يستطع العلماء حتى الآن تفسير لغز هذه التماثيل المتماثلة المنتشرة في كل مكان بالجزيرة خصوصا على سواحلها .

تم اكتشاف الجزيرة بالصدفة عام 1722م حينما عثر عليها المستكشف الهولندى (ياكوب روجينفين) , وسميت بجزيرة الفصح لأن تاريخ اكتشافها تزامن مع يوم عيد الفصح أو القيامة لدى المسيحيين .

فى عام 1914م زار الجزيرة فريق بحث بريطاني وتبعه فريق بحث فرنسي عام 1934م . نتائج الأبحاث أظهرت أن الجزيرة كانت مأهولة بالسكان من شعب غير محدد من العصر الحجري الأخير , أي منذ حوالي 4500 عام قبل الميلاد , وأنهم قاموا في القرن الأول الميلادي بصنع تماثيل صغيرة في حجم الإنسان ثم بعد ذلك بقرون أمكنهم صنع هذه التماثيل الضخمة .

ويدل التاريخ بالكربون المشع أن كارثة رهيبة أصابت الجزيرة عام 1680م فتوقف العمل في التماثيل فجأة ورحل الجميع عن الجزيرة أو اختفوا تماما ثم جاء بعدهم شعوب أخرى من جزر (ماركيز) الفرنسية التي تقع على بعد 5 آلاف كيلومتر ليستقروا في الشمال الغربي من جزيرة القيامة وهم الآن سكانها الحاليون كما كانوا يطلقون على تلك التماثيل اسم (مواى).

المصادر :

– 10 Authentic Historical Artifacts No One Can Explain

– Roman dodecahedron – Wikipedia

– كوبيكلي تبه – ويكيبيديا

– جزيرة القيامة – ويكيبيديا

– رونغورونغو – ويكيبيديا

– مخطوطة غيغاكس – ويكيبيديا

تاريخ النشر : 2017-01-08

guest
55 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى