أدب الرعب والعام

ســــــوبرمان

بقلم : أنور صابر – اليمن

ســــــوبرمان
رجل يمكنه التحليق , رفع أطنان من الجبال فوق كتفيه .. و ربما إنقاذ ما فشلت في إنقاذه

لا أعرف إذا كانت عيناي قد أصيبتا بالعمى أم أنَّ ألوان العالم بدأت تبهت , أو أنها مجرد علّة في عقلي تجبره على رفض تلوين ما أراه و لو بخربشات أطفال بسيطة .. أستيقظ من غيبوبتي متثاقلاً أتطلع إلى المرآة التي تواجه مرقدي لأجد العالم و قد تولى السيطرة على وجهي لينحت ما بدى له من تجاعيد الشيخوخة , مع إضافة بسيطة من الكحل الأسود الذي يحاصر عيناي الذابلة , أصبحت رسمياً تحفة من القرن الثامن عشر .. ضجيج مزعج يربك أذناي فجأة انبثق من هاتفي النقال , أدهس على زر الرد من دون اهتمام بهوية المتصل , فلا يوجد سواه تقريباً يعرف رقم هاتفي

– متأخر قليلاً .. أليس كذلك دكتور ستيف ؟؟
– كل شيء في سبيل عدم نسيانك لموعد الجلسة اليوم ..
– أريدك أن تقول لي سبباً واحداً يجعلك مهتماً بي لهذه الدرجة .. ألا يوجد مرضى في عيادتك غيري ؟؟
– يوجد الكثير .. لكنك المفضل لدي يا جورج
– حسناً حسناً .. سأحرص على المجيء .. ألقاك في العيادة

أغلق هاتفي ملقياً إياه بعيداً .. ستيف اللعين يظنني مجنوناً , كأنني سأمزق ملابسي و افقأ عيني إن لم أحضر لجلسته .. أرتدي معطفي و أهم بالخروج مسرعاً دون الاكتراث بتغيير ثياب الأمس التي نمت مرتدياً إياها أو حتى تمشيط شعري الذي أصبح كعش الغبار !!

الروتين اليومي يفرض جبروته علي .. نفس القهوة , و نفس الشرود الذي يزورني يومياً , كأنني وحيد في محيط سرمدي , أقف على سطح قارب مهترئ سرعان ما ينقلب على وجهه لأغرق عميقاً .. لا أكلف نفسي عبء الصراع من أجل الحياة , فربما أعماق هذا المحيط هي ما ستوصلني إياها .. أستمر في الغوص أكثر فأكثر , شعور الحنين يزداد قوة كلما استمريت في الهبوط ..

أصوات مبعثرة ترن في أذني , أطياف شاحبة راقدة في القاع تتطلّع نحو جسدي الساقط نحوها , لا أميز إذا كانت تلقي التحية علّي أم أنها تقوم بلعني لأنني كنت عاجزاً عن انتشالها من وحدتها .. ضعيف واهن وقف تمثالاً يراهم و هم يختفون الواحد تلو الآخر .. كم أكره المنطق الذي جعلني عاجزاً ، لم يتمكن من أن يصبح أقل من بشري حتى , بينما كان بالإمكان أن أصبح أكثر من هذا ..

رجل يمكنه التحليق , رفع أطنان من الجبال فوق كتفيه .. و ربما إنقاذ ما فشلت في إنقاذه .. دموعي تتساقط لكنني لا أستشعرها , أمد يدي محاولاً الإمساك بأحد , إلا أن أغلالاً قويةً تمنعني .. كالعادة , إنها تسحبني كلما اقتربت من القاع .. أنا عاجز مرة أخرى , أصرخ بمرارة و إصرار .. أي أحد , أي أحد .. لكن لا أحد .. أعود من رحلتي إلى طاولتي و نفس كوب قهوتي , لم أتحرك قيد أنملة , و لم يفعل الوقت كذلك .. هذه المرة صوت حنون يناديني بوضوح , ألتفت إلى الأعلى لأجدها تجلس أمامي و معها ملاكاي الصغيران , بيل و نورا .. نبرة طفل متلهف تصدر من حنجرتي ..

– كريستين !!
– لست مضطراً لفعلها يا جورج
– أتمزحين معي ؟؟ أتعلمين كم انتظرت هذا اليوم ؟
أحتضن يدها بقوة ..
– أعدك .. أعدك أنَّ كلَّ شيء سيعود كما كان .. هل تثقين بي ؟؟
– بالطبع و لكن ماذا عنك ؟؟ .. هل أنت واثق مما ستفعله ؟؟
طفلاي يتطلعان نحوي بشغف ، أنهض و قد أنهيت قهوتي متجاهلاً سؤالها فهي تعرف ماذا سأجيب مسبقاً !!

* * * *

هذه المرة لن أكون بمفردي .. أملك “سوبرمان” يقف مسانداً لي و غطاءً يحميني .. سئمت الوقوف على أطلال صامتة أقدم اعتذارات لأشباح لا أراها .. حتى لو اضطررت للاختباء داخل قوقعة خوفي ، لن أتردد في إعطائه السيطرة و إنهاء ما أنا لست بقادر على إنهائه .. أخيراً أخرج من مكب القمامة الذي أدعوه شقتي ، العالم يبدو ضبابياً متألماً .. لا ، أعتقد أن هذا أنا فحسب .. أمتطي سيارتي منطلقاً في رحلتي .. هل قمت بحجز تذكرة ذهاب و عودة ؟ أم أن تذكرتي لا تتسع إلا للشق الأول فقط ؟؟ أفتح مذياع سيارتي محاولاً إبعاد الأفكار الشاردة التي تحاول اقتحام عقلي .. بضع إعلانات قصيرة تمر قبل أن أسمع صوت مذيع الأخبار يفتتح نشرته المعتادة ..

( ألقى اليوم محافظ المدينة تصريحه بشأن عمليات الاغتيال التي اجتاحت المدينة خلال الفترة الماضية .. و قال بأن الجهات الأمنية تعمل جاهدة على تتبع أثر جماعة الصياد و محاولة تأمين المدينة من جميع مداخل .. )

أقفل المذياع .. لماذا كان عليه ذكر ذلك المعتوه أمامي ؟؟ ثلاثة أشهر قبل اليوم منذ أن بدأت الاغتيالات الجماعية تأخذ قضمة كبيرة من أمن هذه المدينة .. حوادث سيارات متكررة تستهدف أشخاصاً معينين و الكل يعلم تقريباً أن هذه الحوادث لا تمت للعفوية بصلة .. تخرج الحكومة بتصريحات تدين بها جماعة شخص مجهول سمته بالصياد ، لديه منهج فريد في القتل لا يتضمن تلويث يديه برصاصة مسدس أو شفرة سكين .. كأسطورة تليدة لم يشاهده أو يعرف هويته أحدٌ قط !

كل ما تدري عنه مجرد أحاديث مارة تلتقطها من هنا و هناك امتزج صحيحها مع كذبها .. لا أدري !! هل أصف نفسي بالمخلوق المميز الاستثنائي أم شخص تعس رماه حظه السيء ليكون الضحية الوحيدة من ضحايا الصياد التي ما زالت تطلق زفيراً !! ما زلت عالقاً في ذلك اليوم و لم أتزحزح منه ..

كنا عائدين سويةً من إجازتنا السنوية ، غيوم متوترة تسود سيارتنا طوال الطريق , سرعان ما تحولت إلى أمطار شجارٍ صاخب .. صراخ ، لوم ، إهانة .. تبادلنا كل شيء .. لم يشغل بالي في ذلك الوقت سوى الانتصار في ذلك الجدال بأي طريقة ، ربما كان علي الخسارة آنذاك .. لم أصحو إلا على صرخة مذعورة تطالبني بالاحتراس .. أقل من لحظة حتى استقبلنا صدمة عنيفة من شاحنة تعمدت اقتناص سيارتنا .. نعم ، لقد تعمدت ذلك .. أنا متأكد , انقطع وعيي لفترة قبل أن يعود للعمل مجدداً ..

ملقى على الأرض و ألم فظيع ينهش جسدي .. أرى حطاماً ، نيراناً ، دماءً ، جثةً !! .. كل محاولات نهوضي تصدى لها ذلك الوجع المرير .. حتى صوتي يخذلني و يأبى الخروج .. أزحف على الأرض محاولًا الوصول لما يمكن إصلاحه ، تباً أنا بطيء للغاية .. أقدام صارمة تقف أمام نظري ، ألتفت عالياً فلا أجد هوية .. ملامح سوداء لشيطان أشاهدها لأول مرة .. وجه نفث الرعب في قلبي لن يمحى من ذاكرتي طيلة حياتي .. أهذا هو الصياد ؟؟ أهو ما يبحث عنه الكل ؟؟ لماذا أنا ؟؟ من بين الجميع اختارني ؟؟

اجذب قدمه في محاولة يائسة لإيقافه إلا أن ركلة من قدمه الأخرى تقذفني بعيداً .. العالم يتلاشى من أمامي ، أين أنت يا سوبرمان ؟؟ أغمض عيني مستسلماً ، و أول مشهد يداهمني بعدها هو كوني ممداً في المشفى و قد خسرت كل شيء !!

شريط ذكرياتٍ دائماً ما يستحضر دموعاً طازجة تغسل وجهي .. أريده أن ينتهي لكنه دائماً ما يعيد نفسه مراراً و تكراراً ، الطريقة الوحيدة لتمزيقه إلى الأبد هي إنهاء سبب كل هذا ، الصياد !!

فترة طويلة لم أحسبها ظللت أقتفي أي أثر قد يوصلني إليه .. وجه الشيطان ذاك ينبض بالحياة داخل عقلي .. أجوب المدينة بحثاً عن أي خيط , لكن كل ما ألقاه في النهاية هو الفراغ .. اليأس بدأ يطرق بابي ، أشعر و كأنني أسقط في حفرة لم أصل إلى قاعها بعد .. في اللحظة التي رفعت بها الراية البيضاء معلنا انهزامي ، يقرر القدر أخيراً أن يحن علي ، يريدني أن أواصل القتال ، الثائر الذي سيحرر هذه المدينة ..

ألقاه يتناول طعامه على ناصية أحد المطاعم مثل بقية نظرائه العاديين .. ظننت أن الشياطين لا تأكل “السباغيتي” الحار .. موجة سخط تتلبسني، النقطة التي أرجعتني إلى الصفر تجلس هناك و كأنها حمل وديع .. أقاوم رغبتي الجامحة في القفز عليه و تحويله إلى كومة مفرومة من اللحم ، لكن لا .. ليس الأن يا جورج .. لمرة واحدة اترك تسرعك في سبيله و تصرف بتروي .. كل هذا في سبيل امتلاك انتقام مثالي ..

اختبئ منتظراً بشغف حتى أنهى وجبته و نهض مغادراً .. أبدأ بتتبع خطاه و هدفي معلق ببلوغ مسكنه .. ما زلت أجهل سبب تركه لي حياً لكنني أخطط لجعله يندم على هذا .. ككلب بوليسي أتقفى آثاره حتى أصل إلى منزلٍ عتيق في أحد ضواحي المدينة .. هنا خطط الصياد لإنهاء حياتي و هنا سأحرص على رد الدين له ..

كل شيء يقود لهذا اليوم و هذه اللحظة .. من الغريب أن يراجع عقلك كل أفعالك في غضون ثوان معدودة ، كومضات كاميرا تأتي و تذهب .. منقذي يجلس بجانبي صامتاً كاللوح .. هذه المرة لم يكن هنالك صدى صراخ يطالبني بالاحتراس .. صدمة عنيفة تفاجئني , تلقي بسيارتي على جانب الطريق بعد سلسلة من التقلبات .. أووه كم كنت غبياً يا جورج ، ظننت لوهلة أنك تستطيع هزيمة خبيرٍ في حرفته .. يتشابك العالم أمام حواسي قبل أن ينقطع المشهد تماماً إلى سواد حالك .. يا لهذه الـ Déjà vu !!

أفتح جفناي بتثاقل ، صداع ثقيل يجلس على رأسي .. شعاع شمس يقتحم عيناي عنوة ، أنوي حجب وجهي و تخبئته لكن ذراعاي ترفضان الحركة .. لا ، ليست ذراعاي فحسب بل سائر جسدي متجمد في مكانه .. أراني مصلوباً وسط مكان يبدو عليه كحظيرة حيوان .. القش يملأ الأرضية ، و رائحة روث الأنعام تعطر الجو مزكمة الأنف ، اأصرخ مفجوعاً طالباً النجدة ، أكرر طلبي توالياً لكن كل ما أتلقاه هو صوت خشن بارد النبرة يقول :

– صراخك يخيف الفئران التي تسكن هنا يا جورج

أثني رقبتي يساراً لأقابله مجدداً ، هذه المرة ستر وجهه بقناع أسود مع فتحتين لمقلتي عينيه ، يخطو بثقة حتى يقف أمامي مباشرةً و بين يديه تستقر بندقية عتيقة لم يجد الغبار مكانا له عليها .. صراخي يشتد قوة ..

– من أنت أيها الحقير ؟؟؟ مالذي تريده مني ؟؟
– ألم يكن أنت من كان يتتبعني في الأرجاء يا جورج ؟؟ من المفترض أن يكون هذا سؤالي ..
أثور ثورة ثور هائج محاولاً التخلص من أغلالي ، لكن لا فائدة
– سأقتلك شر قتلة يا ابن العاهرة !! لا تظن بأنني سأتركك ..
– عجباً .. يقول هذا من هو المقيد بيننا
– أنت لست برجل حتى !! أنت مجرد جبان مع خلل بعقله .. لم لا تخلع قناعك و تريني من أنت ؟؟ واجهني كرجل !!

عيناه إمتلأت بالسخط فجأة ، يتقدم نحوي جاذباً قميصي و بنظرة وحش يهمس ..
– هل أنت مستعد حقاً لترى وجهي ؟؟ هل يمكنك تقبله ؟؟ أنا و أنت متشابهان أكثر مما تتخيل يا جورج .. أنت فقط تجهل هذا
– أنا لست سادياً مثلك .. أنت فقط شخص وحيد يريد صحبة من أمثاله .. قتلة مختلون يشبهونه !!
نظراته الساخطة تبدلت تدريجياً إلى ضحكة ساخرة ..
– أنت غبي جداً .. أتعلم هذا يا جورج ؟؟ هل تظن حقاً أنك تستطيع الهرب من خطيئتك بأفعالك هذه ؟؟ دعني أزف لك هذا الخبر .. أنا لست الصياد يا جورج ! .. لم يكن الصياد من قتل عائلتك .. أنت وحدك فقط من اختلقت هذا

– ماذا تقصد ؟؟ ماذا تعني بأنه لم يكن الصياد ؟؟ إذا من تكون ؟؟ من تكون أنت بحق الجحيم ؟؟
يخرج سكيناً صغيرة من جيبه يقطع به الحبال التي تقيدني ..
– لم لا تكتشف هذا بنفسك ؟؟

كهيروشيما و ناغازاكي تنفجر قبضتاي في وجه المقنع .. موجة إدرينالين تحولني إلى وحش مسعور ينقض على فريسته من دون شفقة ، أتلقى لكمات و أنزف دماءً دون الشعور بألم يذكر .. و كأنما أحمل الكون بين يدي و أسقطه على الثقب الأسود الذي امتص حياتي كلها .. أحجية روحي تستعيد قطعها مع كل ضربة أوجهها .. هل تشاهدينني يا كريستين ؟؟ بركان غضبي يخمد أخيراً ، هدأ كل شيء ما عدا همسات أنفاسي المتسابقة ، تحول المقنع الغامض إلى جثة ساكنة تقبع أسفلي , ترى .. كيف سيصبح شكل ذلك الوجه الشيطاني بعد أن انقطعت الحياة منه ؟؟ أنزع القناع و نشوة النصر تسكرني ..

” هل أنت مستعد لترى وجهي ؟ هل يمكنك تقبله ؟؟ “

تندثر الملامح الشيطانية ليظهر خلفها وجه رجل أعرفه جيداً ، أراه كل يوم عندما أنظر إلى المرآة متحسساً تجاعيد شعره و أخاديد وجهه .. أنا ؟؟ .. جملة أفكار تعصف برأسي تدفعني للضحك بجنون ، كوميديا هزلية سوداء لها عنوان مختصر يدعى بـ”حياتي” .. أيجب عليك أن تكون متأخراً دائما حتى تدرك حقائق الأمور ؟!

* * * *

تنهض عيناي لأراني ممداً على الأرض ، الطريق خال باستثناء حطام سيارتي على يساري , و منقذي الملقى على يميني ، الوقت لم يتحرك ثانية .. تتكلل محاولاتي في الوقوف بالنجاح أخيراً .. لا أعتقد أن الأمر يتطلب فحصاً طبياً لأدرك أنني أعاني من أضلاع و عظام مكسورة في أرجاء جسدي ، أسير معاوناً سوبرمان على النهوض و راحلاً معه من مسرح الحدث .. لقد حان دوره أخيراً , دوره لينقذني !!

– مضى وقت طويل لم تزرنا به هنا يا جورج ..
– أعلم يا كريستين .. لكن هذه المرة أنوي البقاء ..
– هل أدركت الأمر أخيراً ؟؟
– لقد كان الدكتور ستيف محقاً .. أنا لست سوى مجنون ألصق جريمته بشخص آخر و أوهم نفسه أنه سيكون المنقذ ، بينما في الحقيقة كان هو القاتل .. أتعلمين أنني خسرت سيارتين في ظرف شهرٍ واحدٍ بسبب قيادتي السيئة ؟؟
– لا تقسو على نفسك يا جورج .. كلانا أخطأ في ذلك اليوم
أمسح دموعي المنسكبة وحيداً .. أقف أمام ثلاثة شواهد كتبت عليها شخصيات حياتي ” كريستين ، بيل ، نورا “

لطالما كان حبل الإعدام ملتف حول رأسي ، يجذبني كلما حاولت الابتعاد ، أخيراً سيتم قص هذا الحبل .. بسرعة يا سوبرمان افعلها افعلها !!

دوي صوت عنيف بعدها صمت تام !!

أعود إلى نفس المحيط السرمدي ، و نفس القارب المهترئ الذي سرعان ما ينقلب ليدعني أغرق مجدداً .. أغوص وصولاً إلى القاع حتى تلتقي عيناي بالأطياف الشاحبة الراقدة هناك ، وجوههم بدأت تتضح لي ، يا إلهي كم اشتقت إليكم .. لا أغلال تمنعني هذه المرة ، أسمع أصواتاً من الأعلى تقول بأنهم عثروا على جثة رجل يمسك مسدساً بيده .. ابتسم بارتياح و شغف , أصطدم بالأرض و أنام كالطفل الصغير بين أحضان عائلتي .. شكرا لك يا سوبرمان !

تاريخ النشر : 2017-01-09
guest
7 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى