أدب الرعب والعام

حبيبتي جنية تعذبني

بقلم : فتاة دموية – مملكة الدماء

" ستعاقب لأنك خالفت قوانين العالم الآخر , أختي أحبتك وأنت مثلها سيدمرك جنودي ويعذبوك . "

ذهبت إلى أحد الأحياء الفقيرة لمقابلة رجل يدعى سعد محمود والمعروف ب[سعد جنية ] ، أخبرني أحد زملائي عنه لأنني كنت أريد أن أكتب عن شخص حصلت معه أمور ماورائية , نصحني زميلي أحمد بهذا الرجل وأعطاني عنوانه ، وقف مجموعة من التلاميذ أمام أحد المنازل وأخذوا بقرعون الباب وهم يصرخون :

– ” سعد جنية , اخرج أيها المسن البشع “

فخرج لهم رجلاً في منتصف العمر مبتور الساق ولديه شق في عينيه الزرقاوتان ، وبادر بالصراخ عليهم :

– ” أيها الأوغاد سحقاً لكم .. فلتحل عليكم اللعنة .. اذهبو إلى الجحيم ، ألا يمكنني أن أعيش بسلام ؟؟ .. هل يمكن أن يمر يوم أعيش فيه بهدوء ؟ “

– ” على مهلك سيد سعد , إنهم مجرد أطفال “

نظر إلي بغضب وقال :

– ” ماعلاقتكِ أنتِ بالموضوع ؟ “

واستدار ناحية الباب , لكنني أوقفته قائلة :

– ” أرجوك سيد سعد .. أريد أن اجري معك مقابلة من أجل المجلة , اعرفك نفسي .. أنا مريم وأعمل كصحفية .. عملي هو …

– ” أه .. أعلم .. أخبركِ شخص ما إن أردتِ أن تكتبي عن قصص أناس غرباء الأطوار .. فنصحكِ أحدهم أن تزوري سعد جنية لأنه غريب أطوار ! لكن عليكِ أن تعرفي أنني لن اجري هذه المقابلة معكِ ، ولا تحاولي اقناعي لأنني لن أفعل , قال كلامه بغضب واستعلاء “

– ” سيد سعد كلامك نوعاً ما صحيح , لكن إن تركتني اجري المقابلة سأعطيك المال “

نضر إلي بغضب ورد قائلاً :

-” ههه .. أتظنين أنه بإمكانكِ أن تشتريني بلمال ؟ .. لا يمكنكِ أن تشتري كبريائي بلمال “
-” انتظر سيد سعد .. إن أجريت المقابلة معك التي مدتها ساعة سأوفر لك مكان معزول تعيش فيه حيث لا أثر للأطفال المزعجين أو صحفيين مثلي .. هل توافق ؟ “

توقف قليلاً واستدار ناحيتي وقال :

-” ههه .. يبدو أن لديكِ قدرة على الإقناع ، ادخلي “

تبعته إلى منزله بسرعة ، بدأت أنظر في مكان المنزل .. قديم وكئيب .. كما أنه غير مرتب ، لكنني سأتحمل هذا المكان ، وأيضاً هذا الرجل ذو الاسلوب الفظ ,  اجلسي هنا .. سأحضر لكِ شيئاً لتشربيه , انصرف السيد سعد من أمامي ، يبدو أنه شخص كسول  ليبقي منزله في هذه الفوضى العارمة ، نظرت إلى الارض ولمحت صورة التقطتها  كانت لشاب وسيم في العشرين من عمره , دخل السيد سعد ومعه كوبين من العصير وقال لي :

– ” تفضلي “

– ” شكراً , إذن سيد سعد .. هل لي بسؤال قبل أن نبدأ ؟ “

– ” نعم , تفضلي “

– ” كنت أتساءل عن هذه الصورة .. هل هو ابنك أو ما شابه ؟؟ “

– ” كلا إنه أنا “

تفاجأت من كلامه ! فالذي في الصورة شاب وسيم .. والذي أمامي لا يمد له بصلة , لكن ربما التشوهات في وجهه هي ما جعلته هكذا ، كما أنه له نفس العينان الزرقاوتان ..

– ” إذن سيد سعد .. لماذا تلقب بسعد جنية ؟ .. وسمعت بعض الإشاعات تقول أن لك موقف مع العالم الآخر , هل يمكنك أن تخبرني ما حدث معك بالتفصيل ؟ “

-حسناً , في شبابي كنت واقعاً في حب فتاة , لكن تلك الفتاة كانت جنية ! وقد بادلتني نفس الشعور ، كنت أحبها حباً جماً .. كانت هي ليلي ونهاري .. كانت هي حياتي , التقيت بها عندما كنت في ال17 عاماً ، لا أعلم .. لم أمتلك القدرة على رؤية الجن ! في الماضي لست كما أنا الآن ، كما رأيتِ في الصورة كنت وسيماً ، وكنت محبوباً من الجميع في البلدة .. الأطفال والكبار على عكس ما أنا عليه اليوم .. أشعر أنني أعيش الجحيم , كانت اسمها أران , كل يوم كانت تقف خلف الشجرة حيث كنت استريح بعيداً ، في البداية كنت أظنها فتاة عادية بشعر أحمر وعيون خضراء وبشرة بيضاء ذو نمش وبوجه تظهر عليه برائة الطفولة , كانت تقريباً بعمر ال12 وقتها, تقدمت نحوي بفستانها الطويل ..

– ” مرحباً صغيرتي .. هل تحتاجين شيء ؟ “

ابتسمت .. وكانت تلك الابتسامة أجمل شيء أراه في حياتي ، حينها مدت يدها وأعطتني صندوقاً صغيراً فتحته فوجدت عروس بيضاء تصدر منها الموسيقى وتدور, بعدها غادرت الفتاة المكان , والتقيت بها مرة في سوق البلدة وكانت تنظر إلى دمية شقراء فاشتريتها لها ، وأردت أن اعطيها لها لكن ما أدهشني هو ضحك الجميع علي ! أذكر أن أحدهم قال :

– ” مابه هذا الولد المجنون ؟! إلى من يعطي اللعبة ؟ “

 نظرت إلى المكان الذي كانت فيه الفتاة لكنني لم أجدها ! أين ذهبت ؟ متأكد أني رأيتها قبل قليل ، غادرت المكان وتركت الناس وهم يتكلمون عني ويسخرون .

********

مضى أسبوع لم أرى فيه تلك الفتاة , كنت ألعب مع أصدقائي كرة القدم , حينها ظهرت الفتاة في ساحة اللعب وبادرتها بالكلام ..

-” هذه أنتِ ؟ أين كنتِ  كل تلك المدة ؟ انتبهي قد تصدمكِ الكرة “
– ” هيي سعد .. مع من تتكلم ؟! هل تهلوس مع نفسك ؟ هيا “
– ما بك رائد ؟ ألا ترى هذه الفتاة ؟!
– ” أرجوك سعد توقف عن المزاح , لا يوجد أحد هنا ، ربما تعاني من الهلوسات “
– ” رائد لا تجعلني أظهر بمظهر المجنون , ألا تستطيع أن ترى هذه الفتاة ؟! “
– ” سعد بدأت تخيفني توقف عن هذا ، لما لاتعود للمنزل ؟ هل حرارتك مرتفعة ؟! “
دار شجار بيني وبين رائد لأنه يتهمني بالجنون , حتى بقية أصدقائي أكدوا أنهم لم يروا أحد ، قام أحدهم وكان يدعى سالم وقال لي .. هل تتكلم مع الجنية ؟؟ ومنذ ذلك الحين وهم ينادوني بهذا الاسم ، لكنني لازلت مقتنعاً أنني رأيتها , كانت تظهر كل يوم وتكلمني , حتى أهلي ظنوا أنني مجنون ! لذا قررت أن أتجاهلها , وبالفعل تجاهلتها , كان الأمر صعباً ، تقف وتنظر إلي لكنني تماسكت لأنني لا أريدهم أن يصفوني بالغريب أوبسعد جنية .

*******
بعد 5 أعوام مضت لم أرى فيها تلك الفتاة ، لكنني بدأت أشتاق إليها , في تلك الليالي كانت تراودني أحلام عنها , تمنيت لو أراها مرة آخرى .. من تكون ؟ أتمنى أن أراها فقط ، كل تلك الأسئلة أريد لها جواباً ؛ لكن ربما لن أراها إلى الأبد , يا إلهي ندمت على تجاهلي لها ، ليتني فقط أراها ، حينها بعد لحظات رأيتها أمامي ! يا إلهي هل أنا أحلم ؟!

-” أين كنتِ طوال تلك المدة ؟ “
– ” أسفة , ولكنك ستعاقب ! “
-” أعاقب !! لكن على ماذا ؟! هل فعلت شيئاً ؟ ” ظهرت من العدم فتاة طويلة وشعرها أسود بعيون مخيفة وبشرة شاحبة وقالت :

-” ستعاقب لأنك خالفت قوانين العالم الآخر , أختي أحبتك وأنت مثلها سيدمرك جنودي ويعذبوك . ” سحبتني تلك الفتاة إلى بوابة لكنني تماسكت ، ما كنت أراه هو أران ، بدأت أستنجد بها ..

– ” أرجوكِ أران ساعديني .. لا تتركيها تسحبني , تغير شكل أران وقتها وأصبحت تشبه تلك الفتاة التي تسحبني ! لم أعلم ما حدث بعدها ، استيقظت ووجدت ساقي مشوهة وتؤلمني لذا بترتها , منذ ذلك الوقت لم أقابلها .. لذا بقيت في عزلتي .

*****

– ” الآن سيد سعد اعذرني ساغادر , تفضل هذا الرقم لتعرف مكانك الجديد “

*****

خرجت من هذا المنزل ، أخيراً قد عرفت قصة أختي أران ! نعم أنا جنية ، وأنا أختها ،
لجأت إلى هذا الشكل لكي أعرف ما حصل , لأن ميساء لم تشأ أن تخبرني ، ميساء نفسها الفتاة التي سحبت سعد ، كان هدفي أن أقضي على سعد لأن بسببه أختي قد ضحت بحياتها لكي لا يتعذب لخرق القانون ، لكن ما رأيته أن سعد مخلص لحبه ، ومايعيشه الآن مثل عقاب بديل , أران لم أعرف أنه يمك لبشري أن يحب جنية هكذا , غيرت هدفي ، رغم شكل سعد إلا أن قصته تخبيء الكثير من المشاعر .

تاريخ النشر : 2017-04-13

guest
18 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى