أشباح و ارواح

أحترس من ذلك الصوت الغامض

بقلم : اياد العطار
للتواصل : [email protected]

أحترس من ذلك الصوت الغامض
ما الذي يجري أثناء نومك ؟

يعد الوسواس أمرا مزعجا في حياة الإنسان , فهو غير ملموس , مجرد حدس سيء يداهمك على حين غرة ليشغل تفكيرك ويجثم على صدرك كالحجر , يطيل المكوث حينا ويتحول إلى واقع , كما في حالة وسواس المرض الذي يتحول بالفعل إلى مرض , وتارة يكون آنيا قصيرا , مرتبطا بظرف أو مكان معين , كذلك الوسواس الذي يزورك في ظلمات الليل وأنت جالس لوحدك تطالع قصص الجن والأشباح على موقع كابوس , فما أن تنتهي من القراءة حتى تداهمك المخاوف من وجود شيء أو كيان ما موجود معك في الحجرة لكنك غير قادر على رؤيته وأدراكه بالحواس .. إنه مجرد إحساس , خوف داهم يحول أذنيك إلى ما يشبه الرادار ! فتراها تتحرك ذات اليمين والشمال , تلتقط كل شاردة وواردة من الأصوات , حتى الخافتة منها , كصرير السرير واصطكاك الباب ودبيب الحشرات .. أصوات لم تكن تلقي لها بالا بالسابق , لكنها الآن تغدو مفزعة أكثر من هدير الرعود .

أحترس من ذلك الصوت الغامض
ماذا لو كان هناك فعلا كيان آخر يشاطرك حجرتك

لكن ماذا لو كانت تلك الأصوات الصغيرة التافهة ليست مجرد مخاوف ووساوس ؟ .. ماذا لو كان هناك فعلا كيان آخر يشاطرك حجرتك أو منزلك من حيث لا تدري وقد يكون موجودا معك الآن جالس إلى جانبك يقرأ هذه الكلمات معك ويبتسم بخبث.

الدين يخبرنا بأننا تحت المراقبة طوال الوقت , كل واحد منا لديه ملكان يرافقانه لحظة بلحظة منذ ولادته وحتى مماته . وهناك أيضا الشيطان الذي يطاردنا بلا كلل ليوقعنا في الخطيئة , وهناك القرين .. والجن .. وعفاريت وشبح جدتك أو عمك أو خالتك! .. وعليه فأن الحجرة التي تبدو بنظرنا خالية الآن هي في واقع الأمر شديدة الازدحام.

أحترس من ذلك الصوت الغامض
هل تتكلم الاشباح والجن معك اثناء نومك ؟

شخصيا – ولحسن الحظ – لم أحظى بالعديد من التجارب الغريبة والخارقة للعادة خلال حياتي , لكن لي تجربة مع الأصوات الغامضة وقعت لي قبل بضعة سنوات .. ذات يوم كنت متمددا على سريري أستعد للنوم , كان الوقت نهارا , ولم يكن في المنزل أحد وباب الحجرة مغلق بأحكام , وكذلك الشبابيك . وكنت قد بدأت أغفو للتو حين سمعت صوتا واضحا جليا يهمس بأسمي قرب أذني : “اياد!” .. كررها مرتان كأنه يناديني , فانتفضت مذعورا ورحت أنظر حولي بفزع ولم يكن ثمة احد . ولا أنكر بأني شعرت بالخوف , لكن سرعان ما سكن روعي بعدما أقنعت نفسي بأنها مجرد وساوس لا أكثر ولا أقل.

لكن حكاية السيدة جيني مع الأصوات الغامضة قد تكون مختلفة , فالأمر بالنسبة لم يكن مجرد وساوس وخيالات .. بل كان حقيقة معززة بالدليل والأثبات .

لكن من هي السيدة جيني ؟ ..

حقيقة لا أحد يعرف من تكون على أرض الواقع , هي مجرد سيدة نشرت رسالة على موقع تريديت عام 2014 أكتفت فيها بتعريف نفسها على أنها “جيني” , وقد نالت تلك الرسالة تفاعلا واسعا من القراء لشدة غرابتها .

أحترس من ذلك الصوت الغامض
تعيش في المنزل مع ابنها الصغير

جيني قالت في رسالتها بأنها تعيش في منزل لوحدها مع أبنها الطفل ذو الثلاث أعوام , وبأن حياتها كانت تسير بشكل طبيعي جدا إلى أن جاء ذلك اليوم الذي قرأت فيه عن طريق الصدفة مقالا على الانترنت حول فائدة أن يراقب الإنسان نومه , فالأطباء يقولون بأن الشخير أو السعال أو الحشرجة أثناء النوم قد تكون دليلا أو عارضا أوليا لحالات خطيرة , وقد تؤدي لا سامح الله إلى ما يعرف بالموت المفاجئ خلال النوم . كما أن كثير من الناس يكونون مصابين باضطرابات تتعلق بمنامهم من حيث لا يعلمون , بعضها قد يكون محرجا , كالتكلم والهذيان أثناء النوم , وبعضها قد يكون خطيرا , كالمشي أثناء النوم.

باختصار معرفة ما يجري للإنسان خلال نومه فيه فائدة طبية واجتماعية – لتجنب الاحراجات مستقبلا عند الزواج أو عندما تحل ضيفا على شخص آخر – كما أنه يشبع الفضول البشري عما يجري خلال تلك الفترة الطويلة من اليوم التي يكون فيها المرء غائبا عن الوعي والأدراك .. أنا شخصيا لدي فضول كبير تجاه معرفة هذا الأمر.

لكن المشكلة أن الإنسان , خصوصا الذي يعيش بمفرده , لا يمكنه أن يشعر بهذه الأمور والأعراض ما لم يخبره عنها أحد يعيش معه تحت نفس السقف , فهو مثلا لا يستطيع سماع شخيره بنفسه , يجب أن يكون هناك شخص آخر معه يخبره بأن شخيره مزعج أو غير طبيعي . وكما قلنا آنفا فأن جيني تعيش لوحدها مع طفلها البالغ من العمر 3 سنوات والذي ينام في حجرة منفصلة .. فكيف لها أن تعرف ما الذي يجري خلال نومها ؟ ..

أحترس من ذلك الصوت الغامض
هناك تطبيقات عديدة لمراقبة النوم

الحل بسيط .. فهناك عدة تطبيقات للجوال متوفرة على النت تقوم بهذه المهمة بكل يسر وسهولة . كل ما على المرء فعله هو أن يقوم بنصب التطبيق على هاتفه ومن ثم يشغله قبل ان ينام . التطبيق طبعا لن يسجل ساعات النوم كلها , بمعنى أنك لن تنام ثمان ساعات ثم تستيقظ لكي تستمع لتسجيل طوله ثمان ساعات بحثا عن الأصوات الغريبة! .. هذا سيكون أمرا عبثيا ومضيعة للوقت .. لا عزيزي القارئ , هذا التطبيق ذكي , فهو يستشعر الصوت , ولا يسجل شيئا ما لم يشعر بوجود تغير في ذبذبات الصوت داخل حجرتك , أي أنه لن يسجل شيئا في حالة الصمت المطبق , فقط عندما يكون هناك صوت .. مثلا شخير أو كلام أو تنهيدات الخ .. حينها سيبدأ بالتسجيل تلقائيا , وعليه فأن مدة التسجيل ستكون قصيرة , لأنها ليست سوى خلاصة الاصوات التي صدرت عنك أو ترددت داخل حجرتك خلال نومك.

جيني عزمت على نصب واحد من هذه التطبيقات على جوالها لمراقبة نومها , ووقع اختيارها على تطبيق اسمه (Sleep as Android) يمكنك أنت أيضا عزيزي القارئ تنزيله إلى جوالك والاستفادة منه فهو يتضمن خصائص عديدة تتعلق بالنوم – مع أني شخصيا لم أتمكن من تنزيله لأنه غير متاح في بلدي – .

أحترس من ذلك الصوت الغامض
لعدة شهور دأبت على مراقبة نومها

ولعدة شهور دأبت جيني على تشغل التطبيق كل ليلة قبيل نومها , وفي اليوم التالي كانت تجلس وتستمع إلى خلاصة ما تم تسجيله, وفي الحقيقة لم تجد الكثير لتسمعه سوى بعض الشخير وصوت تقلبها في السرير , وأحيانا بعض الطقطقة الغامضة التي لم تلقي لها بالا.

 لكن ذات ليلة التقط جوال جيني أمرا في غاية الغرابة , ولندعها تحدثكم عن ذلك بنفسها كما كتبت في رسالتها :

“في ليلة 30 ديسمبر 2013 , الساعة الثانية وأربع دقائق بعد منتصف الليل , التقط تطبيق النوم على جوالي صوتا غريبا. في تلك الليلة كان أبني ذو الثلاث أعوام ينام معي في السرير لأنه كان خائفا من أن ينام لوحده في حجرته . ولم يكن هناك أحد غيرنا في المنزل. في بداية التسجيل يمكنكم ان تسمعوا بعض الطقطقة الخفيفة التي تعلو شيئا فشيئا , ثم فجأة تسمعون صوتي وأنا أقول : “ما الذي تفعله ؟” .. وبعدها بقليل يرد علي صوت رجل قائلا : “لا شيء” . ثم تعلو الطقطقة , وعند نهاية التسجيل نسمع صوت نفس الرجل يقول : “أنهم هم” . لقد شعرت برعب كبير عند سماعي لهذا التسجيل , فأنا لا أذكر بأني استيقظت أثناء الليل لأتكلم مع أحد , ولم يكن في المنزل سواي وأبني الصغير. التفسير المنطقي الوحيد هو أنني رددت على نفسي بنفسي في الحلم , لكن الصوت مختلف كليا عن صوتي ولا أظنني أستطيع محاكاته . وهو أيضا لا يبدو كصوت يمكن لأبني الصغير محاكاته”.

وقد أرفقت جيني مع رسالتها المقطع الصوتي الذي سجله جوالها , والذي أنا بدوري أرفقه لكم هنا :

 
المقطع الصوتي الذي نشرته جيني – يجب ان ترفع الصوت لكي تسمع الكلام –

في رسائلها اللاحقة قالت جيني بأن الصوت الغامض تكرر مرتين خلال الشهرين التاليين , وبأنه في كل مرة كان الصوت مصحوبا بتلك الطقطقة الغامضة التي بدأت تسمعها أثناء صحوها أيضا , وعبثا حاولت العثور على مصدرها بدون نجاح . وفي آخر مرة سمعت فيها تلك الطقطقة صرخت متوسلة : “أرجوك .. أيا من كنت .. أتركنا في حالنا أنا وأبني الصغير .. لقد زرعت الرعب في نفوسنا”.  

وبعدها اختفت الأصوات نهائيا ! ..

وكانت آخر رسالة لجيني على الموقع عام 2015 قالت فيها أنها انتقلت لمنزل آخر .

طبعا البعض شككوا بقصة جيني برمتها , لكن أحد المتابعين قام بتحليل المقطع الصوتي الذي أرسلته وأكتشف شيئا في غاية الغرابة , فصوت جيني المسموع في المقطع موجود على موجة صوت عادية , في حين أن الصوت الآخر , صوت الرجل , موجود على موجة أخرى منخفضة جدا بالنسبة لصوت إنسان طبيعي .. وهو ما عده البعض دليلا قاطعا على صدق القصة .

لكن على فرض أن المقطع صحيح .. فمن يمكن أن يكون ذلك الرجل الغامض ؟

ربما كائن من العالم الآخر .. موقع كابوس يغص بالتجارب الواقعية عن الجن العاشق الذي يهمس بكلمات العشق والغرام في أذن معشوقته البشرية .

أحترس من ذلك الصوت الغامض
الحجرة 502 المسكونة بشبح الممرضة

هناك أيضا اعتقاد قديم لدى بعض الشعوب بأن أرواح الموتى تستطيع التواصل مع أحباءها الأحياء خلال منامهم . وهنا أتذكر مقطع فيلم الحاسة السادسة الشهير (The Sixth Sense) حيث أن بطل الفيلم يكتشف بالنهاية أنه شبح ويستطيع التكلم مع زوجته أثناء نومها.

هناك قصص كثيرة عن أشباح ناطقة , سبق لي أن كتبت عن بعضها في الموقع , هناك مثلا شبح الممرضة في مصحة ويفرلي هيلز , حيث يقال بأنها انتحرت برمي نفسها من فوق المصحة عام 1928 , لكن شبحها مازال موجودا والعديد من الزوار لخرائب المصحة اليوم يقولون بأنهم يشعرون ببرودة غريبة في أوصالهم ما أن يدخلوا حجرتها الموجودة في الطابق الخامس وأنهم أحيانا يسمعون صوتها وهو يصرخ فيه بغضب : “أخرجوا في الحال!” .

جنوب انجلترا , بالقرب من بلدة بلوكلي في مقاطعة كينت , هناك مزرعة تعرف بأسم مزرعة إلفي , لها سمعة عجيبة . فصاحب المزرعة أواخر القرن الثامن عشر كان رجلا يدعى ادوار بريت , وقد مات منتحرا بعد مشاجرة مع زوجته , وكانت آخر عبارة تلفظ بها هي : “سوف أفعلها!” ثم أطلق النار على نفسه من مسدسه .. ولعشرات السنين زعم الكثير من زوار المزرعة بأنهم ما زلوا يسمعون العبارة التي قالها ادوارد قبيل انتحاره تتردد كالهمس في أرجاء المزرعة .

ختاما ..

لا اريد ان اخيفك أو أزرع الرعب في نفسك عزيزي القارئ .. لكن في المرة القادمة التي تكون فيها جالسا لوحدك , ويكون هناك سكون تام , ثم يتناهى إلى سمعك صوت طقطقة خفيفة مجهولة المصدر فربما لا يكون الأمر تافها كما تتصور .. ولعل هناك شيء أو كيان ما .. يتربص بك في بقعة أو زاوية مظلمة من الحجرة استعدادا للانقضاض عليك ! .

المصادر :

– Woman’s Smartphone Sleep App Records Terrifying “Ghost Voice”

– When your Sleep App records more than just your sleep

– Pluckley: the most haunted village in England?

تاريخ النشر : 2017-04-26

guest
132 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى