مذابح و مجازر

مذابح في مدارس! .. الجرائم التي هزت كيان التعليم

 
بقلم : نبراس – سلطنة عُمان

 

المدراس عرفت الكثير من الحوادث الدامية

 

عندما نشاهد أفلام متعلقة بالمدارس نجد أن هناك تصنيفات خاصة موضوعة طبقاً لشكل الشخص وهيئته وحتى أسلوبه ! تصنيفات لا فائدة منها إلا الإتيان بقلق نفسي وضغوطات داخلية لشيء لم يكن بقدرتهم أن يغيروه أو حتى يخلقوه! فمثلاً المشجعات هن من يجب أن يكن أجمل الفتيات في المدرسة والتي يرغب فيهن الجميع . أما الرياضيون فهم نظيروا الفتيات من جهة أخرى. هذه بعض التصنيفات “التافهة” التي ترونها في معظم الأفلام والتي يكون متعارف عليها . ولكن ماذا عن فئة الخجولين ؟ أو الانطوائيين ؟ أو ما يطلقونه عليهم باسم “غريبي الأطوار” ؟ هم الفئة الأكثر كرهاً في المدارس ومعظمهم من يتعرض للتنمر سواءاً لشكله أو لعدم قدرته على الدفاع عن نفسه.

في قصتي اليوم سأتحدث عن ضحايا التعذيب النفسي أو التنمر . ولكن هل انتحروا فقط؟ كما كان سيفعل بقية المراهقين في مثل عمرهم ؟ لا , بل قرروا الانتقام , قرروا أن ينتقموا ممن كان السبب في حالتهم النفسية السيئة والشعور بالضعف , قرروا أن ينتقموا من المدرسة بأسرها.

مذبحة ثانوية كلومباين الأمريكية

مذابح في مدارس! .. الجرائم التي هزت كيان التعليم
الطالبان ديلن كيبولد و اريك هاريس

في صباح العشرين من إبريل عام 1999 استيقظت ولاية كولورادو الأمريكية على فاجعة لم تكن متوقعة , إريك هاريس وديلن كليبولد قاما بقتل 12 طالب ومعلم مع أكثر من 20 جريحاً بواسطة مسدسات وأسلحة رشاشة في مجزرة عظيمة في مدرسة كلومباين الأمريكية , وبعد قتلهما للطلاب والمعلمين , انتحرا.

ولكن هل كان الأمر هكذا فقط؟ ماذا لو ذكرناه بدقة أكثر .

في صباح الثلاثاء العشرين من ابريل , قام هاريس وكليبولد بوضع قنبلة صغيرة مؤقتة على أن تنفجر في الساعة 11:14 صباحاً ,ووضعت بعيدة 3 أميال عن المدرسة وقد وضعت القنبلة بعيدة عن المدرسة بهدف التسبب بحريق وإشغال الجهات المسؤولة بالأمن والإطفاء لكي يحصلوا على وقت كافي للقيام بما خططوا له .

مذابح في مدارس! .. الجرائم التي هزت كيان التعليم
صور لضحايا الهجوم

11:10 صباحاً , وصل هاريس وكليبولد كلٌ على حدة ووضعا قنابل موقوتة على أبواب كافيتيريا المدرسة على أن تنفجر في الساعة 11:17 . في نفس هذا الوقت التقى هاريس بصديق له يدعى بروكس براون والذي كانت بينهما خلافات عديدة , بدأ براون بسؤال هاريس عن سبب تغيبه عن إحدى الامتحانات المهمة وقال له ” لا يهم بعد الآن” , شعر براون بعدم ارتياحه لرده هذا , بعدها قال هاريس : ” بروكس, أنا أحبك الآن , أريد منك الخروج والعودة للمنزل” ثم رحل براون . ولاحظ عدة طلاب كانوا في طريقهم إلى الكافيتيريا ان براون كان ذاهباً خارج المدرسة.

11:19 صباحاً , فشل الانفجار المخطط له في الكافيتيريا , فتسلح الشابان بما لديهم ودخلا ساحة المدرسة الخارجية وقاما بإطلاق النار على أول ضحية لهما في السابعة عشر من عمرها وهي رايتشل سكوت قتلت رمياً بالرصاص على رأسها وجذعها وساقها بينما كانت تتناول الطعام برفقة أصدقائها والذين قتلوا معها ايضاً , وتتالت الضحايا واحدة تلو الأخرى وذلك بإطلاق النار بعشوائية حيثما يذهبان , ولكن أتعلمون ما هو المؤلم؟ أن بعض الطلاب كانوا يضحكون وظنوا بأنه مقلب المتخرجين*.

مذابح في مدارس! .. الجرائم التي هزت كيان التعليم
صورة كاميرا المراقبة لهاريس وكلبولد اثناء الهجوم

11:22 صباحاً , رأى احد الشرطيين ويدعى غاردنر الفتاة رايتشل ملقاة بعيدا ومغطاة بالدماء في فناء المدرسة وحاول الاتصال بمسؤول الموارد الطلابية في المدرسة ظناً بأن رايتشل قد دهست بسيارة ولكن بعد سماع إطلاق النار عرف أنها ماتت بطلق ناري . حاول الخروج ولكن لم يفلح ثم صرخ عبر راديو المدرسة بإسم المسؤول قائلاً : “نيل , هناك مطلق نار في المدرسة!” , سمع هاريس هذا وأطلق بعشوائية نحو غرفة راديو المدرسة حوالي عشرة طلقات . تبادل الشرطي إطلاق النار مع هاريس حتى وصل لسيارته وقال عبر راديو الشرطة الخاص به : “إطلاق نار في المبنى , أحتاج شخصاً في الجنوب الآن”.

11:29 – 11:36 صباحاً , بدأوا بترويع كل من في المكتبة وتخويفهم بإطلاق النار , وكانت باتي أندرسون على إتصال مع خدمة الطوارئ 911 , وفجأة عندما صرخ هاريس : “قفوا جميعاً الآن!” اضطرت لأن تقفل الخط خوفاً من أن يكشفها وقام كل من هاريس وكليبولد بتهديد الجميع وإخبارهم بما فعلوه بهم وأنهم يستحقون هذا وأكثر لما فعلوه بهم من تعذيب وتنمر .

مذابح في مدارس! .. الجرائم التي هزت كيان التعليم
انتحرا باطلاق النار على نفسيهما ..

12:08 ظهراً , قام كل من هاريس وكليبولد بالانتحار . انتحر هاريس عبر اطلاق نار من بندقية من اسفل فكه و إنتحر كليبولد بإطلاق النار على نفس المكان ايضا .

مذبحة مدرسة يوكيلا الفنلندية

في السابع من نوفمبر لعام 2007 حدثت حادثة مشابهة لما حدث في مدرسة كلومباين الأمريكية ولكن هذه المرة لم تكن بواسطة شخصين بل شخص واحد فقط إنه بيكا إريك اوفينن ذو الـ 18 سنة .

مذابح في مدارس! .. الجرائم التي هزت كيان التعليم
بيكا إريك اوفينن

في حوالي الساعة 11:40 دخل بيكا المدرسة بسلاحه وظل واقفاً في الردهة الرئيسية للثانوية يصرخ ويهدد. ترجته مديرة المدرسة هيلينا كالمي ألا يؤذي أحد الطلاب وصرخت بأعلى صوتها في ممرات المدرسة تأمر الجميع بتحصين أنفسهم وعدم الخروج من الصفوف , ولكن بيكا لم يستمع لرغباتها فهي كانت أمامه مجرد حيوان ناطق , لا قيمة لحياتها ويجب التخلص منها لأنها عبء على العالم . شاهد بعض طلاب الصف التاسع أن المديرة كالمي هربت خروجاً لساحة المدرسة وأن بيكا أتى إليها بكل هدوء وأطلق عليها 7 طلقات رغم توسلها . رجع بعد ذلك إلى المدرسة وأخذ يطرق على ابواب الفصول بجنون يأمرهم بتدمير ممتلكات المدرسة وإشعال ثورة . أطلق النار على العديد من الطلاب وحاولت إحدى الممرضات مساعدتهم ولكنه قتلها.

أصبح مهووساً بالسيطرة وشعر بإنه يتحكم في حياة الطلاب وأخذ يرفع سلاحه عليهم بهدف تخويفهم دون إطلاق النار عليهم , ولكن أطلق النار على بعض الطلاب معظمها كانت في الجزء العلوي من الجسم والرأس . قتل بيكا 8 أشخاص بمفرده وجرح 12 آخرين .

وكانت المديرة كالمي قد أتصلت بالطوارئ في الساعة 11:43 , قبيل مقتلها , وذلك عندما شعرت بشئ مريب حول بيكا .

مذابح في مدارس! .. الجرائم التي هزت كيان التعليم
اثار اطلاق النار على نوافذ المدرسة

وصلت الشرطة الفنلندية في حوالي الساعة 11:55 وتم تعزيزها بـ 100 شرطي وجماعة كارهوروهما للمهمات الخاصة وقاموا بحصار المدرسة من جميع المخارج ظناً منهم بأن إطلاق النار تم بواسطة جماعة إرهابية ومن عدة أشخاص وليس شخص واحد , حاولت الشرطة التفاوض مع اوفينن لكن لم يرد عليهم إلا بإطلاق نار في الساعة.

دخلت الشرطة المدرسة في الساعة 1:53 بعد هدوء وتوقف إطلاق النار لمدة 40 دقيقة تقريباً .

أطلق أوفينن النار على نفسه في حوالي الساعة 12:24 في الحمام ولكنه لم يمت بل كان فاقداً للوعي , نقل اوفينن إلى مستشفى جامعة هنلسكي وتوفي في نفس اليوم في الساعة 10:15 ليلاً متأثراً بجراحه.

مذابح في مدارس! .. الجرائم التي هزت كيان التعليم
صدمة ودموع بعد الحادثة

جدير بالذكر أن بيكا كان من ممجدي هاريس وليبوليد مرتكبي مجزرة مدرسة كلومباين , حتى أنه كانت لديه عدة قنوات في اليوتيوب يُحمل فيها مقاطع وصور للحادثة وكان يُحمل مقاطع عنف أخرى مثل قصف الغزو الأمريكي للعراق وهجوم غاز السارين في طوكيو وغيرها من المقاطع , والمفاجأة الكبرى أنه قد حمل مقطعاً بإسم “مذبحة ثانوية يوكيلا 11/7/2007” معلناً عن المجزرة قبل ساعات من حدوثها . وكما صورت له بعض المقاطع عندما كان يتدرب على إطلاق النار من سلاحه الجديد.

عدة صحف وقنوات إخبارية تحدثت عن مدى تشابه مذبحة ثانوية كلومباين ومذبحة ثانوية يوكيلا الامر الذي جعلهم يجزمون بإن بيكا كان متأثرا بحادثة كلومباين وإستلهمها في فعلته.

الخاتمة

هل من الممكن أن يتحول مراهق عادي لوحش سادي ؟ هل إستحق هؤلاء المراهقون الموت؟ ما الاسباب التي دفعت بهم للاعتقاد بإن الموت والانتقام أفضل من الحياة والغفران؟ هذه هي نتيجة التنمر والتعرض لمضايقات , قتل , انتقام , ظلم . ظناً منهم بإنه لا يوجد حل أخر! لا للتنمر وألف لا للتنمر , اريد منكم أعزائي القراء أن تذكروا بعض المواقف التي تعرضتم فيها للتنمر سواءاً في المدرسة أو خارجها , وشكراً لقراءتكم لموضوعي أسأل الله أن يدخلنا وإياكم جنات الفردوس الأعلى.

*مقلب المتخرجين عبارة عن مقلب يقوم به الطلاب في آخر سنة لهم في المدرسة بهدف المزاح والاستمتاع بأخر سنة لهم في الدراسة وهو شيء متعارف عليه في الولايات المتحدة.

مصادر :

Jokela school shooting – Wikipedia

Columbine High School massacre – Wikipedia

Man kills eight at Finnish school

COLUMBINE HIGH SCHOOL SHOOTINGS

تاريخ النشر : 2017-08-25

نبراس

سلطنة عُمان
guest
45 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى